فايز غازي Fayez Ghazi's Reviews > الشيخ والبحر

- الشيخ والبحر، احدى افضل القصص التي يكون ظاهرها متيناً وباطنها امتن فعلى سبيل المثال فرواية مثل "مزرعة الحيوان" ظاهرها جيد وباطنها او مقصدها إبداع. اما "الشيخ والبحر" فجمال على جمال...

- قبل الشروع في الرواية لا بد ان اذكر شيئاً شخصياً، فأنا اكره صيد السمك، لأنني لا امتلك الصبر المناسب لذلك رغم اني حاولت: ففي المرة الاولى غفوت في القارب وفي الثانية تركت الأصدقاء وغادرت اما في الثالثة فذهبت الى مينا ابو ظبي واشتريت الأسماك والروبيان العماني وعدت مسروراً :)، لكنني اقدر "صيد السمك" كمهنة واحترمها جداً رغم عدم تفهمي او استيعابي لها كهواية، لكنها تبقى امور شخصية.

- القصة بظاهرها عن صياد سمك هرمٍ، يعاكسه حظّه لأكثر من 80 يوماً، لكن بعدها يحالفه الحظ بأكبر سمكة قد اصطادها يوماً بالإضافة الى قتله عدة أسماك قرش بطريقه. الوصف والسرد والحوارات الداخلية التي اقامها همنغواي كانت رائعة ودقيقة وترجمة منير البعلبكي كانت جيدة جداً.

- رغم ان "الصبر" يلوح كثيمة للرواية، لكنني استبعد ذلك كلياً، فحسبما ارى ان الثيمة هي "الكفاح" وليس الكفاح في سبيل الرزق او الربح المادي بل الكفاح من اجل اشباع الغرور الذاتي واثبات المثبت بالنسبة للصياد نفسه قبل اثباته امام الآخرين! وهذا يتضح في عدة اماكن حيث يصرّح الصياد بذلك. فالصياد الهرم الذي يمتلك بجعبته العديد من الحيل والتقنيات في مواجهة البحر اولاً وكيفية اصطياد السمك ثانياً اراد ان يثبت لنفسه انه لا زال ذلك "البطل" الذي عهده في شبابه وان السنين لم تضعفه وان المسألة من اولها لآخرها مجرد حظ عاثر لا بد ان ينجلي!

- الثيمة الثانية هي "الصداقة" وقد ابدع همنغواي في نسج هذه العلاقة بين الغلام وسانتياجو، علاقة المتدرب بالمدرب والصغير بالكبير، العلاقة التي تتأرجح بين المحبة والشفقة والإقتداء والثقة.

- القصة بباطنها أبعد من صياد واوسع من بحر! وتحتمل العديد من التأويلات: فهي قد تكون قصة الحياة ذاتها، حيث الصياد هو الإنسان بالمطلق، والسمكة-السيف هي الهدف المنشود، والقروش هي المصاعب، والسكين والحربة هي المعرفة والقوة وأدوات المواجهة. قصة الكفاح الإنساني واذا فقد الإنسان سلاحاً (فقد الصياد حربته، انكسر سكينه، فقد الهراوة لاحقاً) عليه بإبتداع حل جديد حتى يصل الى برّ الأمان.

- قصة مميزة أنصح الجميع بها.