Sarah Khaled's Reviews > عمارة الفقراء

عمارة الفقراء by Hassan Fathy
Rate this book
Clear rating

by
F 50x66
's review

it was amazing
bookshelves: architecture

لأكثر من 15 عامًا ظل "عمارة الفقراء" قابعًا على أحد الرفوف السفلية لمكتبتنا لا يجد من يقرأه، اتذكر اننى قابلته عدة مرات أثناء بحثي عن شيئًا اقرأه فى هذه الرفوف التى كان علوها يتناسب مع طولى فى فترة الطفولة ولكن فى كل مره افتحه لا أفهم ما هذا فاتركه جانبًا وابحث عن شئ آخر. حتى جاءت الإجازة الماضية وذهبت إلى منزلنا باحدى المدن الجديدة وشعرت بكل القرف تجاه كل شئ وقعت عيني عليه على الطريق الزراعي بين مدينتي الحالية والمدينة التى أذهب لها، تركني أبي وذهب لعيادته جلست على الأرض أمام المكتبة وعدت لنفس الرفوف التى كنت أقرأ منها فى فترة إبتدائي واعدادي وجدت عمارة الفقراء فتحته فوجدت به Bookmark وضعها ابي فى احدى الصفحات ومن الواضح انه توقف عندها ولم يعد للكتاب مجددًا، بدأت فى القراءة وعلى غير المتوقع انهيت عدد كبير من الصفحات على الأرض مع ان الكتاب لا ينتمي للأدب وانا عادة لا أقرا بهذه السرعة سوى الكتب الأدبية، المهم اننى اخذته وذهبت لسريري - للأسف انا بحب القراءة على السرير- عندما عاد أبي كنت مازلت ممسكه به سألنى بابا ماذا تقرأين جاوبته عمارة الفقراء
بابا: اه الكتاب ده طب بتقريه ليه ده رخم انا معرفتش اكمله وزهقت منه استنى هنقي لك حاجه على ذوقي
انا: لا ده عاجبني هو كان وحش فى نظري زمان بس دلوقت عاجبني جدًا
وفى سري : انت بتحب الشعر والكتب الدينية ومراجعك وأطالسك اللى فيها ناس جربانين دي سيبوني احب فى الطوب اللبن والمباني بتاعتي 😂

ملحوظة/ الكتاب للمتخصصين في الهندسة إن كنت لا تدرسها وغير مهتم بها غالبا لن يعجبك الكتاب، ربما تفهم الجزء الأول منه الذي حكى فيه الكاتب عن حياته ودراسته والأسباب التى دفعته لمشروعه هذا لكن باقي الكتاب ملئ بالتفاصيل التي تحتاج أن تدرس الهندسة لتفهمها.

وصلت لجزء وبدأت أقرأ ببطء، وفى النهاية تركت الكتاب لاننى كنت أقرأ فى نفس الوقت عدة كتب فاختارت تأجيلة لحين الإنتهاء منهم والتركيز فيه، المهم اننى أخيرًا أنهيته بغض النظر عن الوقت وعن اني أجلت كتابة الريفيو لفترة بسبب انشغالي.

فى البداية الكتاب لحسن فتحي وهو معماري تخرج في كلية الفنون التطبيقية كما ذكر بنفسه فى كتابه - على الرغم من اننى عندما بحثت عنه كان المكتوب انه تخرج فى كلية الهندسة- وفى نهاية الكتاب كان يتحدث عن انه يحاضر فى كلية الفنون الجميلة، عموما المجال مشترك بين ثلاث كليات وفى هذه الفتره كان اى دكتور جامعي يمكنه أن يحاضر فى أى كلية تدرس نفس المواد، طوال الكتاب كان يذكر أسماء دكاتره جامعيين من كليات الهندسة معماريين ومدنيين ومن كليات الفنون ومن الواضح ان العلاقات ومعرفة كُلِ بحدود تخصصه كانت واضحة تمامًا فى هذا الوقت على عكس أيامنا هذه التى يخوض الإنشائي في تخصص العمارة والعكس بقلب بارد وكأنهم لا يرتكبون جريمة ودون أن يكلفون أنفسهم عناء محاولة دراسة مواد من التخصص الآخر بتعمق، اما ان تدرس كلا التخصصين لتدلي برأيك في كليهما أو أن تكتفي برأيك في تخصصك فقط.

حكى حسن فتحي فى كتابه هذا عن مشروعه لتطوير الريف المصري باستخدام الطوب اللبن وتقنيات للبناء قديمة تم توارثها فى صعيد مصر عبر السنين ومستوحاه من المصريين القدماء وهي طرق رخيصة جدًا ومناسبة للجو وللعوامل التى ستتعرض لها المباني وكافيه تمامًا.
سأحاول ان اتحدث بتلخيص عن كل ما جاء فى الكتاب، وانصح اى طالب للهندسة المعمارية او المدنية بقراءته وانا أعلم ان طلبة مدني لن يهتموا بكتاب كهذا لكن ربما بعد ان اكتب الريفيو يتضح سبب ترشيحي لطلبة مدني.

فى البداية أنا معجبة جدًا بشخصية حسن فتحي وطريقة تفكيره، فتحي لم يكن مجرد مهندس يبحث عن المال وانجاز العمل كما يريد من حوله، ولم ينفر من الريف كما يحدث فى العادي، حتى أهل الريف نفسهم يتركوا الريف ويبدأوا فى شراء بيوت فى المدن كلما توفر لهم المال والظروف، أهله كانوا أغنياء ولديهم عزبه يذهب لها يقضي الوقت فى تأمل الريف، كان يرفض المباني الخرسانية ويراها غير مناسبة لاحتياجات الريف ولا لجو الريف لانها قبيحة، انا أيضًا ارى الكتل الخرسانيه وسط الأراضي الزراعية على الطريق الذي أمر عليه عند سفري منفره للغاية وشاذة.
أراد فتحي تطوير الريف وبدأ بقرية القرنة وهي قرية فى صعيد مصر مقامه بطريقة عشوائية على مقابر أثرية يسكنها أناس يعيشون على سرقة الآثار وبيعها، لم يغفل أية تفصيلة فى القرية الجديدة وكان حريصا على توفير كل ما يلزم حياتهم ويلائمها ويوفر لهم حياة كريمة وعمل داخل القرية مما يجعلهم لا يحتاجون لسرقة الآثار.
وفر لهم مدرسة وقام بتخطيط البيوت بطريقة تتناسب مع كونهم يعيشون فى عائلات ويحتاجون لأحواش وأماكن للحيوانات بطريقة تفصل بين حياة الناس والحيوانات لتوفير مكان أكثر صحة ونظافة، مشكلة الصرف أوجد لها حل مناسب، ووفر فى جزء من القرية بحيرة صناعية ومتنزه، وقام بتدريب العمال لتعليمهم طرق البناء التى سيبنون بها قريتهم ثم يتخذوا البناء مهنة لهم ليعيشوا منها فيما بعد، حتى انه جلب من أسوان أحد كبار المعلمين الذين يعرفون سر بناية الأقبية بالطين ليعلمهم ، ومدرسة للصانيع فى القرية وبذلك وفر عمل للجيل القادم من شباب القرية بدلا من السرقة.
___

الكتاب مقسم إلى مقدمة ثم أربعة أقسام هي (لحن الاستهلال - لحن الترنيمة - لحن الترديد - لحن الختام) ثم مجموعة من الملاحق.
___
القسم الأول ( لحن الاستهلال )
تحدث فيه عن الطوب اللبن والمحاولات التي قام بها وفشل عدة مرات إلى أن تمكن من الوصول للتكنيك الصحيح في إستخدامه وفي صنع أقبية منه بمساعدة البنائين النوبيين. وذكر سرقة المقابر التى تسببت في البدأ في إنشاء قرية القرنة الجديدة.
___
القسم الثاني ( لحن الترنيمة )
تحدث فيه عن التراث وإحياء الحرف التراثية في القرية الجديدة وصناعة النسيج والفخار وتوفيره أماكن لتعليم هذه الحرف لأبناء القرية، وذكر الاعتبارات الإجتماعية التي أخذها في الإعتبار عند تصميمه للمنازل في القرية الجديدة ومراعاة طبيعة العائلات والقرابة، تكلم أيضا عن الإضاءة والتهوية في المنازل وعن المباني العامة ووسائل الترفيه التي حرص على توفيرها وعن توعية نساء القرية ومكافحة الأمراض فيها.
سأقتبس بعض الأجزاء المهمه في هذا القسم.


-دور التراث:
"لعل ما نطلق عليه حديث هو فحسب ما لا يستحق أن يبقى حتى يصبح قديما" دانتي اليجييري.
"على المهندس المعماري ألا يفترض أن هذا التراث هو عائق له. وعندما تكون كل قوة الخيال البشري مدعومة بثقل تراث حي، فإن العمل الفني الناتج يكون أعظم كثيرا مما يستطيع أي فنان إنجازه عندما لا يكون لديه تراث يعمل من خلاله أو عندما ينبذ عامدا تراثه. وجهد الإنسان الواحد قد ينتج عنه تقدم هائل تماما، إذا كان يبني عمله على تراث راسخ."

" الكمال من غير إكتمال له فائدته. والإنجاز دون إيفاء فيه ما يرغب." -لاوتزى.
الجملة الأخيرة دي المفروض تتبروز وتتعلق للناس بتاعت all or none :D
___
القسم الثالث ( لحن الترديد )
تحدث فيه عن المواسم التي عمل فيها على مشروع القرنة وعن المشاكل التي واجهها والبيروقراطية وتعنت الكثير من المسؤولين وتسببهم في تعطل المشروع أكثر من مره.

عندما ذكر المهندسين الذين احتاجهم للعمل معه جاء ذكر المرتبات التي تعطيها الحكومة للمهندسين والتي كانت أقل بعشر مرات من أجر أي مهندس في العالم يقوم بنفس العمل. وبالتالي المهندسين لم يهتموا بالعمل وكانوا يعطوهم عمل على قدر المال الذي يتقاضونه. نفس المشكلة القائمة في مصر في جميع التخصصات ليست في الهندسة فقط، تخصصات لا تقوم بأعمال ذات وزن أو أهمية كبيرة وتتقاضى مبالغ ضخمة وفي المقابل مهن كالطب والهندسة والتعليم أجورهم الحكومية متدنية مقارنة بالتخصصات الأخرى وبالتالي يقدمون عملهم بجودة أقل ويقضون باقي يومهم في العمل الخاص لتحمل نفقات الحياة.

أحد الأمور التي ذكرها حسن فتحي كانت عندما طلب أن يتواجد معه مهندسين للإشراف قاموا بإرسال أناس ليسوا مهندسين والمره الوحيدة التي بعثوا فيها مهندسا كان يتحدث طوال الوقت عن الراحة والطعام ولم يهتم لأمر العمل إطلاقا.

وأحد مساعدي حسن فتحي عند بناء قواعد المسجد لم يوجهه إلى مكة على الرغم من توافر الأدوات وتحجج بأنه فعل ذلك لينهي العمل سريعا ويبهر الحكومة، وأنه طالما مظهر المسجد جميل وسيبهرهم فلا أهمية لتوجيهه لمكة.
ببساطة هذا الموقف يتكرر ألف مره في مصر ولا يتغير، في المدينة التي أعيش فيها أنفقوا ملايين ليبنوا حمام سباحة كبير وينهوه سريعا ليأتي الرئيس ويفتتحه، بعد الإفتتاح بأيام تم إغلاق الحمام لأنه لا يصلح للإستخدام ويسرب المياه، وظل مغلق لسنوات عديدة ثم أعادوا بناءه مجددا وصرف ملايين أخرى وإفتتاحه مؤخرا. مال مصر مال سائب وجزء كبير من الناس حرامية وأي مشروع يتواجد فيه مهندس عنده ضمير مع ناس بيروقراطيين وأهم حاجه عندهم الفلوس وهيسرقوا كام من ورا المشروع بينتهي به الأمر أنه يزهق ويتقرف من الشغل.

حسن فتحي اتكلم عن إهدار المال العام اللي اتسبب المسؤولون فيه وشعار المصلحة اللي كان " يروحوا في داهية " وتسببهم في فشل المشروع على الرغم من كل الجهد اللي بذله حسن فتحي والمشاكل اللي كان بيلاقي لها حلول.
___

القسم الرابع ( لحن الختام )

تحدث فيه عن أسباب توقف المشروع والاتهامات التي وجهت لمشروعه ورد عليها، على سبيل المثال الناس التي تحدثت عن الطوب اللبن أنه لا يستطيع التحمل كانت إختبارات كلية الهندسة على العينات المرسلة لهم تثبت العكس. الطوب اللبن يتحمل حوالي ٣٠ كجم على السنتيمتر المربع في حين أنه سيتعرض فقط لحوالي ٢.٥ كيلو جرام على سم المربع أي أن معامل الأمان هنا أكثر من ١٠ أضعاف.
وذكر أحد المدارس التي بناها بطوب اللبن والتي كانت في منتصف وادي ونتيجة للأمطار الغزيرة غمرت بالمياه لارتفاع متر و ٢٠ سم طيلة شهر بأكمله إلا أن المدرسة لم تتأثر وظلت صامده. هذا دليل آخر على مناسبة الطوب اللبن للقرى والظروف التي كانت بها.

أغلب المشاكل التي واجههت حسن فتحي كانت مصطنعه وأغلبها كانت بسبب طمع الحكومة في المال وحبها لكل ما هو تقليدي.
____
في النهاية انا لا أقول أن تقنيات البناء القديمة مناسبة تماما للعصر الذي نعيش فيه لكن على الأقل يمكننا الإستفادة منها بشكل جزئي مع دمجها مع التقنيات الحديثة لنحصل في النهاية على مباني مناسبة وأقل في التكاليف.
الكتاب حتى وإن كان قديم نوعا ما لكنه مفيد جدا، واما عن ترشيحي للكتاب في البداية لطلاب الهندسة المدنية مع المعمارية فالسبب هو طريقة حسن فتحي في التعامل مع المشاكل والتي كان الكثير منها في التنفيذ وبالتالي فهي تعني مهندس المدني إلى حد كبير وأيضا طريقة تعامله مع العمال ومعرفة سر صنعتهم وحصوله على إحترامهم له وحرصهم على تنفيذ ما يطلبه منهم. أكثر من نصف مهارة مهندسين المواقع متعلقة بالأساس على علاقتهم بالمقاولين والعمال. وسيكولوجية هذه الفئة متشابهه إلى حد كبير ولا تتغير مع الوقت إلا بشكل طفيف. القرنة مشروع ضخم حتى وإن لم تستفد منه بالتكنيكات فحتما ستستفيد من الاطلاع على الطريقة التي يعمل بها عقل حسن فتحي وتعامله مع الآخرين وستفتح عقلك على ما ستجده من المصائب على أرض الواقع عند التعامل مع الهيئات الحكومية.
كانت تجربة جيدة وأعتقد أنني سأقرأ مجددا لحسن فتحي.
6 likes · flag

Sign into Goodreads to see if any of your friends have read عمارة الفقراء.
Sign In »

Reading Progress

January 30, 2017 – Started Reading
February 14, 2017 – Shelved as: to-read
February 14, 2017 – Shelved
February 18, 2017 –
page 148
27.51%
July 11, 2017 – Finished Reading
August 24, 2017 – Shelved as: architecture

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)

dateDown arrow    newest »

Ramy يا فندم انا مدني و بعشق العمارة و اصلا مكنتش عايز تدخل مدني و لما دخلته كرهته ، لأنه مفهوش تفكير او ابداع او تشغيل دماغ ، كل حاجة حفظ و كل حاجةابتة و كلنا لازم نطلع نفس النتايج زي بعض
حاجة فمنتهي التخلف


back to top