الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان - دراسة وصفية تحليلية

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

Arab Journal of Sciences ‫مجلة العربية للعلوم‬

and Research Publishing ‫ون ـشـ ـ ـر األبـحـ ـاث‬


Volume (5), Issue (3) : 30 Sep 2019 ‫ م‬2019 ‫ سبتمبر‬30 : )3( ‫ العدد‬،)5( ‫املجلد‬
P: 43 - 51 ISSN: 2518-5780 51 - 43 :‫ص‬

The linguistics characterstics of Bni Sofyan`s dialect:


An analytic descriptive study
Afrah Mohsen Al-salmi
Faculty of Arabic Language & literature || Umm Al Qura University || KSA
Abstract: The study aims at monitoring the manifestations of the change in the dialects and trying to monitor the
vocabulary of the tone of Sufian and studying it in a voice، morphological، and sedative manner، and indicating how
different it is from the dialects in Taif، which is its original home. The study society is one of the tribes of Taif، The study of
the descriptive approach of the analytical structure، and the related literature as a method of study. The study reached
several results، the most important of which were: The tone of Bani Sufyan contains clear words، the dialect retained the
phenomena of language Which is characterized by classical Arabic، and this shows us that it is an integral part of the
language، and that its study reveals phenomena that are no longer used in contemporary classical، the geographical
environment of the region contributed to the preservation of the members of the tribe manifestations of the dialect،
contrary to the classical language in some words، That this difference to a particular development has an impact on its
origin may be revealed by the next studies، singled out the scar pattern، and attach E silence or E break as the old scientists،
compared to the dialects of the neighboring tribes، the linguistic phenomena observed in the dialect keep the sign Arab
Present verb p Colonic (written) and (planted)، a manifestation of the manifestations of classical Arabic، the study
recommended that many of the most important recommendations، language studies with interest apposition dimension of
knowledge of its importance and the growing interest of it.
Keywords: Arabic dialects - Beni Sufian tribe - Language studies - Tracative dimension.

‫ دراسة وصفية تحليلية‬:‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬


‫أفراح محسن الساملي‬
‫كلية اللغة العربية وآدابها || جامعة أم القرى || اململكة العربية السعودية‬
‫ ومحاولة رصد مفردات لهجة بني سفيان ودراستها‬،‫ هدفت الدراسة إلى محاولة رصد مظاهر التغير الذي مرت به اللهجات‬:‫امللخص‬
‫ تكون مجتمع الدراسة من إحدى‬،‫ وبيان مدى اختالفها عن اللهجات في الطائف وهي موطنها األصلي‬،‫صوتيا وصرفيا وتركيبيا ودالليا‬
،‫ وقبيلة قريش‬،‫ وقبيلة هذيل‬،‫قبائل الطائف التي تسكن منطقة (الشفا) الواقعة على جبال سراة الحجاز ويسكنها قبيلة بني سفيان‬
‫ واستعانت باألدبيات ذات الصلة كمنهج للدراسة وقد توصلت الدراسة للعديد من‬،‫استخدمت الدراسة املنهج الوصفي بشقه التحليلي‬
،‫ احتفظت اللهجة بالظواهر اللغوية التي تتميز بها العربية الفصحى‬،‫ اشتملت لهجة بني سفيان على ألفاظ فصيحة‬:‫النتائج من أهمها‬
‫ أسهمت البيئة‬،‫ وأن دراستها تكشف عن ظواهر لم تعد مستعملة في الفصحى املعاصرة‬،‫وهذا يدلنا على أنها جزء ال يتجزأ من اللغة‬
‫ ويمكن أن ُيرد هذا‬،‫ خالفت اللهجة الفصحى في بعض األلفاظ‬،‫الجغرافية الجبلية للمنطقة في حفاظ أفراد القبيلة على مظاهر اللهجة‬
‫ وإلحاق هاء السكت أو‬،‫ تفردت اللهجة بأسلوب الندبة‬،‫االختالف إلى تطور معين له أثر دال في أصله قد تكشفه لنا الدراسات القادمة‬
،‫ وقد أوصت الدراسة بالعديد من التوصيات أهمها‬،‫ مقارنة بلهجات القبائل املجاورة لها‬،‫هاء االستراحة كما يسميها العلماء القدامى‬
.‫االهتمام بالدراسات اللغوية ذات البعد التركيبي ألهميته املعرفية ولتعاظم الفائدة منه‬

DOI: https://doi.org/10.26389/AJSRP.F170719 )43( Available at: https://www.ajsrp.com


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬اللهجات العربية – قبيلة بني سفيان – الدراسات اللغوية – البعد التركيبي‪.‬‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫إن دراسة اللهجات العربية املعاصرة‪ ،‬وتطورها وتأصلها بالفصحى واالستفادة منها في دراسة اللغة‪ ،‬وفهم‬
‫تصرفاتها مجال خصب لإلبداع والتوسع‪ ،‬ولها فائدة عظيمة في إثراء البحث اللغوي وتقدمه‪.‬‬
‫ويكون ذلك من خالل دراسة مستفيضة لهذه اللهجات وقواعدها واشتقاقاتها ودراسة بعض النواحي‬
‫الصرفية والنحوية والخصائص اللغوية العامة لها؛ مما يؤدي إلى خدمة اللغة الفصحى في مد قواعدها‪ ،‬وتوسيع‬
‫أقيستها‪ ،‬ومعالجة مشكالتها من حيث املرونة‪ ،‬وسهولة التعبير‪ ،‬ودقة التصوير‪ ،‬وهذه كلها تعد عوامل نماء للغة‬
‫ال فصحى لتفي بحاجات العصر‪ ،‬السيما أن أي لغة ليس ساكنة بحال من األحوال‪ ،‬بل هي في تغير مستمر في أصواتها‬
‫وتراكيبها وعناصرها النحوية وصيغها ومعانيها؛ وذلك ألن الحياة املادية والفكرية والحضارية والسياسية نسيج معقد‪،‬‬
‫هو في النهاية املجتمع الذي تتعدد فيه وتكثر حاجات املتكلم باللغة‪ ،‬أو الذي يمارس الكتابة في هذا املجتمع‪ ،‬ومن ثم‬
‫تدفعه تلك الحاجات إلى البحث عن الكلمات التي يعبر بها عن األشياء واملعاني‪(.‬غالم نبي‪)2006 ،‬‬
‫ويسلط الضوء هذا البحث على رصد شكل من أشكال التنوع اللهجي في العربية من خالل دراسة لهجة‬
‫إحدى قبائل الطائف التي تسكن منطقة (الشفا) الواقعة على جبال سراة الحجاز ويسكنها قبيلة بني سفيان‪ ،‬وقبيلة‬
‫هذيل‪ ،‬وقبيلة قريش‪ ،‬وتتشابه هذه القبائل في الخصائص اللغوية‪.‬‬
‫ويركز هذا البحث على لهجة بني سفيان؛ ألنهم السكان األصليين للمنطقة‪ ،‬وملا يمتاز به سكانها من الحفاظ‬
‫على األبعاد اللغوية للهجة حتى مع مظاهر التمدن‪ ،‬كما ُجمعت النماذج من متحدثي اللهجة أنفسهم‪ ،‬ومن الكلمات‬
‫ُّ‬
‫التي ُرصدت في هذه اللهجة قولهم في (الظهر) (اللهر) بالم مفخمة‪ ،‬وقولهم (عشت آمس) أي (عشية قبل أمس)‪ ،‬ومن‬
‫ْ‬
‫التضاد أيضا يقولون (مح َرس) و(حارس) للداللة على ( ِّ‬
‫اللص)‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫إن البحث في اللهجات العربية وبيان خصائصها وسماتها ألمر مهم في الوقوف على أصول اللغة العربية‬
‫وجذورها‪ ،‬ومعرفة أسرار تطورها‪ ،‬وأثر األزمان والبيئات فيها‪ ،‬وإن كان البحث فيها أمرا ليس سهال ميسورا؛ إذ‬
‫يكتنفه كثير من الصعوبات؛ لفقدان كثير من الكتب التي ألفها القدماء‪ ،‬وحملت عنوان اللغات سواء منها ما تعلق‬
‫باللغات في القرآن الكريم أو باللغات عامة‪ ،‬ومنها كتب ألئمة اللغة‪ ،‬فلم يتنه إلينا من تراث القدماء دراسات‬
‫مستفيضة مستقصية للهجات‪ ،‬تجمع متناثرها‪ ،‬وتضم متفرقها‪ ،‬وتلم شتاتها في مؤلف مستقل مع الشرح والتحليل‬
‫لها‪ ،‬وعزوها إلى الناطقين بها من القبائل العربية القديمة‪( .‬كريم‪)1996 ،‬‬
‫فدراسة اللهجات العربية الحديثة دراسة مستفيضة في كل البيئات العربية ليس باألمر الهين‪ ،‬بل ليس هذا‬
‫من عمل فرد واحد‪ ،‬وإنما هو من عمل الهيئات والجماعات؛ ألنه يتطلب السفر إلى تلك البيئات واإلقامة فيها زمنا‬
‫كافيا للتعرف على خصائصها وما امتازت به‪ ،‬فهناك لهجات مصرية‪ ،‬وأخرى عراقية وثالثة شامية‪ ،‬ورابعة مغربية‪،‬‬
‫وأخيرا لهجات الجزيرة العربية في عصرنا الحالي‪ ،‬وفي كل بيئة من البيئات لهجات حديثة يتكلم بها الناس‪ ،‬وهي تشترك‬
‫في بعض الصفات‪ ،‬ولكنها تختلف في أمور مهمة تميز لهجة كل بيئة من األخرى‪.‬‬
‫وربما كان السر في تباين هذه اللهجات الحديثة أنها‪ :‬أوال انحدرت من لهجات عربية قديمة متباينة‪ ،‬فلم‬
‫تكن القبائل التي نزحت إلى هذه البيئات ذات لهجة واحدة‪ ،‬بل فقد وفدت إليها في عهود الغزو اإلسالمي وبعده‪،‬‬
‫ومعها لهجاتها املختلفة‪ ،‬وأقامت بها‪ ،‬وكل منها يحتفظ بخصائصه ومميزاته في لهجات التخاطب التي تأثر بها أهل‬
‫البالد املفتوحة‪ ،‬وبدئوا يحذون حذوها في لهجات كالمهم وتخاطبهم‪ ،‬ومع هذا فقد احتفظت هذه اللهجات الحديثة‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)44‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫ببعض اآلثار القديمة التي مكن أحيانا إرجاعها بسهولة إلى لهجات عربية قديمة‪ ،‬وأحيانا يصعب هذا إال بعد بحث‬
‫دقيق ودراسة عميقة‪( .‬أنيس‪.)1992 ،‬‬

‫ويمكن صياغة أسئلة الدراسة فيما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬ما الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان؟‬
‫‪ -‬ما مظاهر التغير اللغوي في اللهجة؟‬
‫‪ -‬ما الخصائص التي تميزت بها هذه اللهجة من باقي لهجات قبائل الطائف؟‬
‫‪ -‬ما مدى توافر الكلمات الفصيحة في اللهجة؟‬
‫‪ -‬ما أسباب تمسك أفراد هذه القبيلة باللهجة على الرغم من التطور والحداثة؟‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫‪ .1‬محاولة رصد مظاهر التغير الذي مرت به اللهجات‪.‬‬
‫‪ .2‬رصد مفردات اللهجة ودراستها صوتيا وصرفيا وتركيبيا ودالليا (ما أمكن)‪.‬‬
‫‪ .3‬بيان اختالفها عن اللهجات في الطائف وهي موطنها األصلي‪.‬‬
‫‪ .4‬بيان مدى ثبوت وتطور الداللة عن الفصحى‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫‪ .1‬دراسة اللهجات العربية املعاصرة وتطورها وتأصلها بالفصحى‪ ،‬واالستفادة منها في دراسة اللغة‪ ،‬وفهم تصرفاتها‬
‫مجال خصب لإلبداع والتوسع‪ ،‬وله عظيم الفائدة في إثراء املحتوى البحثي اللغوي وزيادة الدراسات املتخصصة‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة اللهجات العربية وقواعدها واشتقاقاتها‪ ،‬ودراسة الجوانب النحوية والصرفية والخصائص النحوية لها‪،‬‬
‫يسهم في خدمة اللغة الفصحى في مد قواعدها وتوسيع أقيستها‪ ،‬ومعالجة مشكالتها من حيث املرونة وسهولة‬
‫التعبير ودقة التصوير‪ ،‬وهذا كله يعد من عوامل نماء اللغة الفصحى؛ لتفي بحاجات الواقع املعاصر‪.‬‬

‫حدود الدراسة‪:‬‬
‫‪ ‬الحدود املوضوعية‪ :‬اللهجات العربية والظواهر الصوتية النحوية والصرفية والداللية فيها‪.‬‬
‫‪ ‬الحدود املكانية‪ :‬قبائل الطائف التي تسكن منطقة (الشفا) الواقعة على جبال سراة الحجاز‪ ،‬ويسكنها قبيلة بني‬
‫سفيان‪ ،‬وقبيلة هذيل‪ ،‬وقبيلة قريش‪.‬‬

‫مصطلحات الدراسة‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ‬
‫جة‪ ،‬وهي لغته التي ج ِّبل عليها‬ ‫اللهجة‪ :‬جاء مصطلح اللهجة في اللسان" يقال ‪ :‬فالن فصيح اللهج ِّة والله ِّ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫الص َفات اللغ ِّو َّية تنتمي‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫فاعتادها ونشأ عليها" (ابن منظور‪1414 ،‬ه)‪ ،‬وهي ِّفي ِّاالص ِّطالح العلمي الح ِّديث مجموعة من ِّ‬
‫َ‬
‫َْ‬ ‫ْ َ َ ْ َْ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫الص َفات َج ِّميع أف َراد‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِّإلى بيئة خاصة أو ِّه َي قيود صوتية تلحظ ِّعند أداء األلفاظ ِّفي بيئة معينة‪ ،‬ويشترك ِّفي ه ِّذه ِّ‬
‫لكنها تشترك َج ِّميعا ِّفي‬ ‫البيئة وبيئة اللهجة ه َي ُج ْزء من بيئة أوسع وأشمل تضم عدة لهجات لكل ِّم ْن َها خصائصها َو َ‬
‫ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َم ْج ُم َ‬
‫وعة من الظ َو ِّاهر اللغ ِّوية ال ِّتي تيسر ِّاتصال أفراد ه ِّذه البيئات بعضهم ِّببعض"(حسن‪.)1986 ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)45‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫مواد البحث وطرائقه‪:‬‬


‫منهجية البحث‪ :‬اعتمد على املنهج الوصفي التحليلي في هذا البحث‪ ،‬حيث تقوم املنهجية فيه على وصف‬
‫الظاهرة اللغوية في اللفظة مناط الدراسة‪ ،‬ومن َّ‬
‫ثم تحليل التغير الذي طرأ عليها داخل كل مستوى لغوي‪.‬‬

‫اإلطار النظري‪:‬‬
‫ُيرجع اللغويون أسباب نشوء اللهجات إلى العزلة التي تفرضها البيئات من وجود السالسل الجبلية‬
‫والصحاري الشاسعة‪ ،‬مما ُيسهم في نشوء خصائص لهجية في لهجة بمعزل عن لهجة أخرى في بيئة مختلفة‪ ،‬وكذلك‬
‫االحتكاك اللغوي الذي يكون نتيجة الغزو واالستعمار والهجرات‪ ،‬فضال عن العوامل االجتماعية‪ ،‬وخير مثال على ذلك‬
‫انقسام املجتمع إلى طبقات‪ ،‬وتميز كل طبقة بسمات لهجية أو لغوية معينة‪(.‬أنيس‪)1992 ،‬‬
‫ومتى انتشرت اللغة في مناطق واسعة من األرض‪ ،‬وتكلم بها جماعات كثيرة العدد‪ ،‬وطوائف مختلفة من‬
‫الناس‪ ،‬استحال عليها االحتفاظ بوحدتها األولى أمدا طويال‪ ،‬فال تلبث أن تتشعب إلى لهجات‪ ،‬وتسلك كل لهجة من‬
‫هذه اللهجات في سبيل تطورها منهجا يختلف عن منهج غيرها‪ ،‬وال تنفك مسافة الخلف تتسع بينها وبين أخواتها حتى‬
‫تصبح لغة متميزة مستقلة غير مفهومة إال ألهلها‪ ،‬وبذلك يتولد عن اللغة األولى فصيلة أو شعبة من اللغات‪ ،‬يختلف‬
‫كالم أفرادها بعضه عن بعض في كثير من الوجوه‪ ،‬ولكنها تظل مع ذلك متفقة في وجوه أخرى؛ إذ يترك األصل األول‬
‫في كل منها‪ ،‬آثارا تنطق بما بينها من صالت قرابة ولحمة نسب لغوي‪( ،‬باي‪ )1998 ،‬ومن هنا جاءت أهمية دراسة‬
‫اللهجات لرصد االختالف والصالت بينها‪.‬‬
‫ُ‬
‫وفي هذا البحث تدرس بعض النماذج من لهجة بني سفيان‪ ،‬التي تعد من قبائل ثقيف (السالمي‪،)1998 ،‬‬
‫وتسكن فيما ُيعرف بمنطقة (الشفا)‪ ،‬وهي منطقة على جبال سراة الحجاز التي تحيط بجبل غزوان‪ ،‬التي تقع عليه‬
‫مدينة الطائف‪ ،‬وتتميز القبيلة باأللفاظ النادرة من قبائل الطائف‪ ،‬التي وإن كان ظاهرها عامي إال أن جذورها في‬
‫الفصحى واضحة وبينة‪ ،‬وهي من القبائل القليلة التي حافظ أفرادها على إرثهم اللغوي ومظاهر لهجتهم‪ ،‬على الرغم‬
‫من التمدن والتطور الذي يقوم في املنطقة‪ ،‬واختالط أفرادها بالسياح بوصفها من أهم املناطق السياحية بالطائف‪.‬‬

‫اإلطار التطبيقي‪:‬‬

‫املبحث األو ‪ :‬الظواهر النحوية والصرفية‪:‬‬

‫‪ -1‬اشتراك صياغة اسم الفاعل بين املذكر واملؤنث ‪:‬‬


‫يقولون‪( :‬صائم) للمؤنث واملذكر‪ ،‬وفي العربية صفة (صائم) من الصفات املشتركة بين املذكر واملؤنث‪ ،‬ومنه‬
‫همت) للمذكر واملؤنث على السواء‪ ،‬وتشترك معهم‬‫أيضا اشتراك صيغة الخطاب للمؤنث واملذكر فيقولون مثال‪(َ :‬ف ْ‬
‫قبيلة هذيل في هذه الظاهرة‪( .‬يعقوب‪)1994 ،‬‬

‫‪ -2‬إلحاق هاء السكت ببعض األلفاظ املنتهية بياء املتكلم‪:‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫يقولون (واعظاميه)‪( ،‬واصباحيه) ِّ‬
‫و(مغدايه)‪ ،‬وكلها من أساليب الندبة‪ ،‬فاألولى للتوجع‪ ،‬والثانية للمتفجع‬
‫ُ‬
‫عليه‪ ،‬وتقال عند التعجب والدهشة من أمر غريب‪.‬‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)46‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫أما هاء السكت أو ما أطلق عليها بعض العلماء بهاء االستراحة‪ ،‬وهي ٌ‬
‫تلحق طائفة من الكلمات‬ ‫هاء ساكنة‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الوقف‪ ،‬وتلحق لبيان الحرف أو الحركة‪ ،‬وقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى‪َ ﴿:‬ما أغ َن ٰى َع ِّني َم ِّال َي ْه۝ َهل َك‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫عند‬
‫ْ َ‬
‫َع ِّني ُسلطا ِّن َي ْه ﴾ (الحاقة‪.)29 -28 :‬‬
‫َ َ َّ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ال الش ِّ‬ ‫وقد أورد األزهري بيتا من الشعر وردت فيه هذه الظاهرة "ق‬
‫مال َي ْه" (األزهري‪( )2001 ،‬الزبيدي‪)2010 ،‬‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫يامي َ‬ ‫َال بل ُكلي َ‬
‫ِّإن ال ِّذي أنفق ِّت من ِّ‬ ‫واست ِّأه ِّلي‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫الله َما َّكل ْمت َم ْس ُع َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫ود ْب َن َع ْمرو ُم ْنذ َعشر ِّس ِّن َين‪ ،‬والليلة‬ ‫ال‪ :‬و ِّ‬ ‫ود «ق‬ ‫يث عروة ْب ِّن َم ْس ُع ٍ‬
‫وجاء في النهاية‪ ":‬في َحد ُ‬
‫ِّ ِّ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُل َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫أك ِّل ُم ُه! فخرج فناداه‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا؟ فقال‪ :‬عروة‪ ،‬فأقبل مسعود وهو يقو ‪ :‬أطرقت عر ِّاهيه‪ ،‬أم طرقت ِّبداهيه؟»‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الع َرب" (ابن األثير‪،‬‬ ‫ان م ْن َجوابه َأ َّن ُه َل ْم َيج ْد ُه في َك َالم َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َْ َ‬ ‫َ َ ْ َ َْ ُ‬ ‫ٌ ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ال الخط ِّاب ُّي‪ :‬هذا حرف مشكل‪ .‬وقد كتبت ِّف ِّيه ِّإلى األزه ِّر ِّي‪ ،‬وك ِّ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هاء َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الهاء األولى ِّمن ع َراه َيه ُم ْبدلة ِّمن ال َه ْمز ِّة‪َ ،‬والثا ِّن َية ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪ )1979‬وكان تفسير ابن األثير أن " ُ‬
‫ركة"‬
‫السك ِّت زيدت لبي ِّان الح ِّ‬ ‫ِّ‬
‫(ابن األثير‪ .)1979 ،‬وقد تفردت اللهجة بهذا األسلوب مقارنة بلهجات القبائل املجاورة لها‪.‬‬

‫‪ -3‬ما جاء على صيغة فعالن‪:‬‬


‫َ‬ ‫ْ‬
‫يقولون(طيان) و(دركان)‪ ،‬أما طيان؛ فهي من النعت على معنى الجوع‪ ،‬ففي املعجم‪ ":‬رجل طاوي البطن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َشديد الطوى إذا ضمر َب ْطنه من ْال ُجوع‪َ .‬ورجل طيان إذا َك َ‬
‫ان طاوي ال َبطن من خلقة" (ابن دريد‪ُ .)1987 ،‬ويقال" رجل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ط َّيان ‪ -‬لم يأكل شيئا وقد ط ِّوي طوى" (ابن سيده‪ ،)1996 ،‬و(دركان) تطلق على الشخص املتعب‪ ،‬ولم أجدها في‬
‫ُ‬
‫املعاجم‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الظواهر الصوتية‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ -1‬إبدا الضاد والظاء الما مفخمة‪:‬‬
‫ُّ‬
‫يرد في هذه اللهجة قولهم (عيلة) بدال من (عيضة)‪ ،‬ويبدلون الظاء الما أيضا‪ ،‬كقولهم (اللهر) بدال من‬
‫(الظهر) ‪ ،‬و (عالمي) بدال من (عظامي)‪ ،‬وبتتبع هذه الظاهرة في كتب املعجمات ُوجدت إشارة البن جني إلى هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬وهي من اإلبدال الشاذ‪ ،‬فيقول‪ " :‬الالم حرف مجهور يكون أصال وبدال‪ ،‬وزائدا‪ ،‬فإذا كان أصال؛ وقع فاء‬
‫وعينا والما؛ فالفاء‪ :‬نحو لعب ولزم‪ ،‬والعين‪ :‬نحو قلب وسلم‪ ،‬والالم‪ :‬نحو شعل وجعل‪.‬‬
‫فأما قول الراجز‪:‬‬
‫ملا رأى أن ال دعة وال شبع ‪ ...‬مال إلى أرطاة حقف فالطجع‬
‫فإنه يريد‪ :‬فاضطجع؛ فأبدل الضاد الما‪ ،‬وهو شاذ‪(".‬ابن جني‪)2000 ،‬‬
‫َ َ َ َ َ ُ ُ نَ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يج َعلون الضاد الما‪ ،‬وكذ ِّلك يقولو ‪ :‬اضجع‬ ‫َّ‬ ‫وقال األزهري‪ ":‬من ال َع َرب من َي ُقول ِّفي اضطموا‪ :‬إلطموا‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ض َج ْع) ِّب ِّإظ َهار الالم‪َ ،‬و ُه َو ن ِّادر‪ .‬وربما‬ ‫(فال َ‬ ‫ضهم َي ُقول‪:‬‬
‫عده من النادر فيقول‪َ ":‬و َب ْع ْ‬ ‫والتطجع"(األزهري‪ ،)2001 ،‬وقد َّ‬
‫ْ َ‬ ‫ال َبعضهم‪ :‬الطراد ْ‬ ‫الضاد الما‪َ ،‬ق َ‬‫الالم ضادا َك َما أبدلوا َّ‬ ‫َّ‬
‫واض ِّطر ُاد‪ ،‬لطر ِّاد الخيل"‪(.‬األزهري‪)2001 ،‬‬ ‫أبدلوا‬
‫ويعد هذا اإلبدال صورة من صور الخروج عن تتابع صوتين مطبقين‪ ،‬هما‪ :‬الضاد والطاء فيبدلون الضاد‬
‫الما بوصفه أقرب املخارج للضاد‪( .‬سيبويه‪)1988 ،‬‬
‫أما إبدال الظاء؛ فراجع في أغلب الظن إلى مرحلتين‪ ،‬األولى إبدال الضاد ظاء‪ ،‬والروايات متعددة في ذلك‬
‫َ‬ ‫اش َت َكى َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫الضاد‬ ‫ض ْهري ِّب َم ْعنى ظ ْهري‪َ ،‬و ِّم ْن ُهم َمن ُيبدل‬ ‫بد ُل الظاء ضادا ف َي ُقول قد‬ ‫َ ُ‬
‫العرب من ي ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ومنه قول األزهري‪ِّ ":‬من‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الحرب بني ت ِّميم‪(".‬سيبوية‪( )1988 ،‬السيوطي‪ ،)1998 ،‬ثم جاءت املرحلة الثانية وهي إبدال‬ ‫ُ‬ ‫ظاء ف َي ُقول‪ :‬قد َعظت‬
‫الظاء الما‪.‬‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)47‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫ُ‬
‫وذهب األديب عاتق البالدي إلى أن هذيل تبدل الضاد والظاء الما مفخمة‪ ،‬وعدت إحدى الباحثات هذه‬
‫الظاهرة امتدادا لتلك اللهجة (آل غانم‪1403 ،‬ه‪ ،)،‬وقد أشرنا أن جماعة من هذيل تتشارك مع بني سفيان البقعة‬
‫نفسها‪ ،‬فربما أثرت إحداهما في األخرى‪.‬‬
‫وبعد تتبع الكلمات املشتملة على هذين الحرفين (الضاد والظاء) في اللهجة‪ ،‬وجدت أن ظاهرة اإلبدال هذه‬
‫ال تنطبق على كل الكلمات املشتملة على هذين الحرفين‪ ،‬فتجدهم ينطقون الضاد والظاء في الكلمات املشتملة‬
‫ُّ‬
‫عليهما‪ ،‬فيقولون‪( :‬الظلمة) و(الضحى)‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلدغام‪:‬‬
‫اللسان عنهما‬ ‫بحركة‪ ،‬أو وقف‪ ،‬فينبو ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ويعرف اإلدغام بأن تصل حرفا بحرف مثله من غير أن تفصل بينهما‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫نبوة واحدة‪( .‬األنباري‪ ،)1999 ،‬وهو على ضربين؛ األول‪ :‬إدغام حرف في مثله من غير قلب‪ ،‬نحو‪ :‬شد‪ ،‬ورد‪ ،‬وذلك‬
‫الجتماع حرفين متحركين من جنس واحد‪ ،‬سكنوا األول‪ ،‬وأدغموه في الثاني‪ ،‬واآلخر‪ :‬إدغام حرف في مقاربه بعد‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫القلب؛ وهو أن تبدل أحدهما من جنس اآلخر‪ ،‬وتدغمه في الثاني؛ نحو‪( :‬اسلخ غنمك)‪( ،‬وادمغ خلفا)‪ ،‬وما أشبه‬
‫(تتلوى)‪ ،‬وقد وردت هذه‬ ‫ذلك‪ ،‬وفي هذه اللهجة يقولون‪( :‬تلوى) بمعنى (تدور)‪ ،‬وفيها ُأدغمت التاءان‪ ،‬إذ هي باألصل َّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ َّ َ َ ُ َ ُّ َ َّ ُ ُ َّ ْ َ‬
‫اس َتق ُاموا ت َتن َّز ُل َعل ْي ِّه ُم‬ ‫الظاهرة في القرآن باإلدغام وبدونه‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ ﴿:‬إن ال ِّذين قالوا ربنا الله ثم‬
‫وح‬‫الر ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وع ُدو َن ﴾ (فصلت‪ )30 :‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬تن َّز ُل املال ِّئكة َو ُّ‬ ‫ْامل َالئ َك ُة َأ َّال َت َخ ُافوا َوَال َت ْح َزُنوا َو َأ ْبش ُروا ب ْال َج َّنة َّالتي ُك ُنت ْم ُت َ‬
‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ َ‬
‫ِّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِّفيها ِّب ِّإذ ِّن ِّرب ِّهم ِّمن ك ِّل أم ٍر﴾ (القدر‪)4 :‬‬

‫‪ -3‬تسهيل الهمزة‪:‬‬
‫يعد تسهيل الهمز مرحلة لغوية تالية لتحقيق الهمز في العربية‪ ،‬وهو ناش ئ جراء التطور في الحياة‬
‫ُ‬
‫االجتماعية‪ ،‬وانتقال العرب من البداوة إلى الحضارة‪ ،‬إذ تنسب ظاهرة تحقيق الهمز إلى القبائل البدوية‪ُ ،‬وينسب‬
‫التسهيل إلى القبائل الحجازية املتحضرة (سلطان‪ ،)2010 ،‬والتسهيل يكون إما بالحذف وإما باإلبدال‪ ،‬أما اإلبدال‬
‫فيكون بالياء أو الواو أو العين وهي لغة (العنعنة)‪.‬‬
‫ومن صور تخفيف الهمزة في اللهجة إحالل الياء مكانها‪ ،‬فيقولون‪( :‬جيت) بدال من (جئت)‪ ،‬وقد اشتهر أن‬
‫تخفيف الهمزة هي لغة الحجاز‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الظواهر الداللية‪:‬‬

‫‪ -1‬التضاد‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يقولون (حارس) و(مح َرس) للداللة على اللص‪ ،‬وقد كانت الداللة مجازية في الفصحى‪ ،‬يقول الزمخشري‪":‬‬
‫ومن املجاز‪ :‬فالن حارس من الحراس أي سارق‪ ،‬وهو مما جاء على طريق التهكم والتعكيس؛ وألنهم وجدوا الحراس‬
‫فيهم السرقة‪ .‬كما قال‪:‬‬
‫ومحترس من مثله وهو حارس ‪ ...‬فوا عجبا من حارس هو محترس‬
‫ونحوه كل الناس عدول إال العدول‪ ،‬فقالوا للسارق‪ :‬حارس‪ ،‬وقد رأيته سائرا على ألسنة العرب من‬
‫الحجازيين وغيرهم‪ ،‬يتكلم به كل أحد‪ ،‬يقول الرجل لصاحبه‪ :‬يا حارس‪ ،‬وما أنت إال حارس‪ ،‬وحسبناه أمينا فإذا هو‬
‫حارس‪ .‬ومنه‪ :‬ال قطع في حريسة الجبل‪ ،‬وحرسني شاة من غنمي واحترسني‪ ،‬وفالن يأكل الحرسات أي السرقات‪.‬‬
‫ومض ى عليه حرس من الدهر‪ ،‬ومضت عليه أحراس‪( ".‬الزمخشري‪)1998 ،‬‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)48‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َّ ُ ُ‬
‫قبل أن ت ِّص َل ِّإلى‬ ‫وقيل الحريسة السرقة (الحموي‪ ،.)2010 ،‬وقيل الشاة التي تسرق ليال‪ ،‬وال ِّتي ي ِّ‬
‫دركها الليل‬
‫ُمر ِّاحها‪ ،‬واالحتراس أن يسرق ش يء من املرعى‪( .‬الزبيدي‪)2010 ،‬‬
‫وقد تكون َ(محرس) متطورة عن (محترس)‪.‬‬

‫‪ -2‬ثبات الداللة من الفصحى للهجة‪:‬‬


‫(اللبدة) ويقصد بها الخرقة أو قطعة القماش القديمة‪ ،‬وفي املعجم الخرقة التي يرقع بها القميص‪،‬‬ ‫يقولون ِّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ َ‬
‫ساء ُمل َّب ٌد‪َ :‬م َرق ٌع‪ ،‬وق ْد ل َّب ْدته‪ِّ :‬إذا َرق ْع ُت ُه‪( .‬ابن سيده‪( )2000 ،‬الزبيدي‪)2010 ،‬‬ ‫ويقال ِّك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الو َسخ الل ِّز ُج من َد َس ِّم الل َب ِّن َيتراك ُب‬ ‫"الحش ُن‪َّ ،‬‬
‫محركة‪َ :‬‬ ‫وحشنة) وتعني البشاعة‪ ،‬وفي املعجم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويقولون (ح ِّشن ِّ‬
‫َ ْ‬
‫الحشنة الحقد (الفارابي‪ ،)2003 ،‬وجاء التغيير في الصوائت بينما بقيت‬ ‫داخ ِّل الوط ِّب" (الزبيدي‪ )2010 ،‬وقيل ِّ‬ ‫ِّفي ِّ‬
‫الداللة هي نفسها‪.‬‬

‫‪ -3‬توسيع الداللة‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫س‪ ،‬وهو ثو ٌب‬ ‫يقولون (الصدرة) للداللة على الثوب للرجل واملرأة على السواء‪ ،‬وفي املعجم الصد َرة التي تلب ُ‬
‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ْ ُ َ َ َ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫الصدار‪ :‬ثوب رأسه‬ ‫(الزبيدي‪" ، )2010 ،‬والعرب تقول للقميص القصير والدرع القصيرة‪ :‬الصدرة‪ .‬وقال الليث‪ِّ :‬‬
‫َ‬ ‫كلى إذا َف ْ‬ ‫ُ َ َ َ ْ َ ْ َ َّ َ‬ ‫َْ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫فأح َّدت َعل ْي ِّه‬ ‫ميمها َ‬ ‫قدت َح َ‬
‫واملنكبين تلبسه املرأة‪ .‬قلت‪ :‬وكانت املرأة الث ِّ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الصدر‬ ‫كا ِّمل ْق َن َع ِّة وأسفله ُيغ ِّش ي‬
‫ست ِّص َدارا من صوف"‪(.‬األزهري‪.)2001 ،‬‬ ‫لب ْ‬
‫ِّ‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫اشتملت لهجة بني سفيان على ألفاظ فصيحة‪ ،‬كما احتفظت اللهجة بالظواهر اللغوية التي تتميز بها‬
‫العربية الفصحى‪ ،‬وهذا يدلنا على أنها جزء ال يتجزأ من اللغة‪ ،‬وأن دراستها تكشف عن ظواهر لم تعد مستعملة في‬
‫الفصحى املعاصرة‪ ،‬كما أسهمت البيئة الجغرافية الجبلية للمنطقة في حفاظ أفراد القبيلة على مظاهر اللهجة‪ ،‬وقد‬
‫خالفت اللهجة الفصحى في بعض األلفاظ‪ ،‬ويمكن أن ُيرد هذا االختالف إلى تطور معين له أثر دال على أصله‪ ،‬قد‬
‫تكشفه لنا الدراسات القادمة‪ ،‬وقد تفردت اللهجة بأسلوب الندبة‪ ،‬وإلحاق هاء السكت أو هاء االستراحة كما يسميها‬
‫العلماء القدامى‪ ،‬مقارنة بلهجات القبائل املجاورة لها‪ ،‬وقد احتفظت اللهجة بالداللة املجازية املتطورة عن الداللة‬
‫األصلية في الفصحى‪ ،‬مثل تسميتهم (للص) بـ (حارس) و(محرس)‪.‬‬

‫التوصيات واملقترحات‪:‬‬
‫ضرورة االهتمام بالدراسات اللغوية ذات البعد التركيبي؛ ألهميته املعرفية‪ ،‬ولتعاظم الفائدة منه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االستزادة من الدراسات التي تهدف إلى الكشف عن الظواهر التي تنشأ في اللغات القديمة‪ ،‬وتتدفق في هذه‬ ‫‪-‬‬
‫اللهجات الحديثة‪.‬‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫إبراهيم أنيس‪ .‬اللهجات العربية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ :‬القاهرة‪ -‬مصر‪.)1992( ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ابن األثير‪ ،‬مجد الدين أبو السعادات املبارك بن محمد الشيباني الجزري (املتوفى‪606 :‬هـ)‪ .‬النهاية في غريب‬ ‫‪-‬‬
‫الحديث واألثر‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي‪ ،‬املكتبة العلمية‪ :‬بيروت – لبنان‪.)1979( ،‬‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)49‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫ابن جني‪ ،‬أبو الفتح عثمان بن جني املوصلي (املتوفى‪392 :‬هـ)‪ .‬سر صناعة اإلعراب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫لبنان‪.)2000( ،‬‬
‫ابن دريد‪ ،‬محمد بن الحسن األزدي (املتوفى‪321 :‬هـ)‪ .‬جمهرة اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬رمزي منير بعلبكي‪ ،‬دار العلم للماليين‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيروت‪ -‬لبنان‪.)1987( ،‬‬
‫ابن سيده‪ ،‬أبو الحسن علي بن إسماعيل (املتوفى‪458 :‬هـ)‪ .‬املحكم واملحيط األعظم‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحميد‬ ‫‪-‬‬
‫هنداوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪.)2000( ،‬‬
‫ابن سيده‪ ،‬أبو الحسن علي بن إسماعيل (املتوفى‪458 :‬هـ)‪ .‬املخصص‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم جفال‪ ،‬دار إحياء التراث‬ ‫‪-‬‬
‫العربي‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪.)1996( ،‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬أحمد بن فارس (املتوفى‪395 :‬هـ)‪ .‬مجمل اللغة‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬زهير عبد املحسن سلطان‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪-‬‬
‫الرسالة‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪.)1986( ،‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬جمال الدين أبي الفضل محمد بن مكرم(املتوفى‪711 :‬هـ)‪ .‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪1414‬ه)‪.‬‬
‫األزهري‪ ،‬أبو منصور محمد بن أحمد(املتوفى‪370 :‬هـ)‪ .‬تهذيب اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬مطابع سجل‬ ‫‪-‬‬
‫العرب‪ :‬القاهرة‪ -‬مصر‪.)2001( ،‬‬
‫آل غنيم‪ ،‬صالحة راشد‪ .‬اللهجات في كتاب سيبويه أصواتا وبنية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة أم‬ ‫‪-‬‬
‫القرى‪ ،‬العام الدراس ي (‪1403‬ه)ـ‪.‬‬
‫إميل يعقوب‪ .‬املعجم املفصل في املذكر واملؤنث‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت – لبنان‪.)1994( ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫األنباري‪ ،‬أبو البركات عبد الرحمن بن محمد (املتوفى‪577 :‬هـ)‪ .‬أسرار العربية‪ ،‬دار األرقم بن أبي األرقم‪ :‬القاهرة –‬ ‫‪-‬‬
‫مصر‪.)1999( ،‬‬
‫الجوهري‪ ،‬أبو نصر إسماعيل بن حماد(املتوفى‪393 :‬هـ)‪ .‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد‬ ‫‪-‬‬
‫عبد الغفور عطار‪ ،‬دار العلم للماليين‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪.)1987( ،‬‬
‫حسن‪ ،‬السيد محمد(املتوفى‪866 :‬هـ)‪ .‬الراموز على الصحاح‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي عبد الكريم الرديني‪ ،‬دار أسامة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫دمشق ‪ -‬سورية‪.)1986( ،‬‬
‫الحموي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي(املتوفى‪770 :‬هـ)‪ .‬املصباح املنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬املكتبة‬ ‫‪-‬‬
‫العلمية‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪.)2010( ،‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني(املتوفى‪1205 :‬هـ)‪ .‬تاج العروس من جواهر القاموس‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق‪ :‬مجموعة من املحققين‪ ،‬دار الهداية‪ :‬اإلسكندرية‪ -‬مصر‪.)2010( ،‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد(املتوفى‪538 :‬هـ)‪ .‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد باسل عيون‬ ‫‪-‬‬
‫السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت‪-‬لبنان‪.)1998( ،‬‬
‫السالمي‪ ،‬حماد بن حامد‪ .‬قبيلة ثقيف حياتها وفنونها وألعابها الشعبية‪ ،‬دار الطرفين‪ :‬الدار البيضاء – اململكة‬ ‫‪-‬‬
‫املغربية‪.)1998( ،‬‬
‫سلطان‪ ،‬أحمد طه ياسين‪ .‬الهمز والتسهيل في القراءات واللهجات‪ ،‬دار الكتب املصرية‪ :‬القاهرة‪ -‬مصر‪.)2010( ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫سيبويه‪ ،‬عمرو بن عثمان بن قنبر(املتوفى‪180 :‬هـ)‪ .‬الكتاب‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار التاريخ‪ :‬بيروت‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫لبنان‪.)1988( ،‬‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)50‬‬ ‫السالمي‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ المجلد الخامس ــ العدد الثالث ــ سبتمبر ‪ 2019‬م‬

‫السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن جالل الدين(املتوفى‪911 :‬هـ)‪ .‬املزهر في علوم اللغة و أنواعها‪ ،‬تحقيق‪ :‬فؤاد علي منصور‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت‪ -‬لبنان‪.)1998( ،‬‬
‫غالم نبي‪ ،‬أنجب‪ .‬اللهجات العربية املعاصرة والتأصيل اللغوي‪ ،‬كلية اللغة العربية‪ ،‬جامعة أم القرى‪.)2006( ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الفارابي‪ ،‬أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم(املتوفى‪350 :‬هـ)‪ .‬ديوان األدب‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد مختار عمر‪ ،‬مراجعة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫إبراهيم أنيس‪ ،‬مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر‪ :‬القاهرة‪ -‬مصر‪.)2003( ،‬‬
‫الفراهيدي‪ ،‬الخليل بن أحمد (املتوفى‪170 :‬ه)‪ .‬كتاب العين‪ ،‬تحقيق‪ :‬مهدي املخزومي وإبراهيم السامرائي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪ :‬بيروت – لبنان‪.)1988( ،‬‬
‫ماريو‪ ،‬باي‪ .‬أسس علم اللغة‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد مختار عمر‪ ،‬عالم الكتب‪ :‬القاهرة‪ -‬مصر‪.)1998( ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫الخصائص اللغوية للهجة بني سفيان‬ ‫(‪)51‬‬ ‫السالمي‬

You might also like