د.سيد (نصر برشومي)'s Reviews > أهالي دبلن

للمدن عشاق
وللبشر أشواق
ولكل لحظة علامة في الإدراك
وللجمال أوراق
وأنت تركت من نفسك أشباحا
تسري في خيالات ممتدة بلا نهاية
لكنها مغلقة
هناك
قراءة قصة قصيرة رحلة معرفية رائعة عميقة ثرية إذا كانت القصة لجيمس جويس
فن جويس في الكتابة ينطلق من استقراء تفاصيل موقف
لكن انتقاء التكوين الدرامي عملية دقيقة للغاية عند جويس
هذا التكوين بمجاله ومفرداته وتطوّر أحداثة القولية المتتابعة وظهور عناصره من خفاء الصمت المحايد المظلم لكهوف الكلام المنعكسة فيها مقاطع من
مساحات مادية غير منتظمة ورواسب من متخيّلات وهمية عير متجانسة ورغبات فضول فظ أخطبوطي التشكّل، هذا التكوين الخاص بجيمس جويس
يقيم علاقة جدلية بين الظاهر والخفي، أو بين الحسيّات المتراصة بسكينة والمشاعر المكتومة التي لا تفصح عنها الشخصيات بخاصة الراوي
جويس يضع في الفضاء التشكيلي نقاطا ارتكازية لمنطلقات اكتساب المعرفة في العالم
ليلاحظها القارئ ويقف عند أسلوب القاص في فتح جرابه الفني ليستخرج منه ما يمكن توقعه وما لا يرد في ذهن المار داخل مضمار الكلمات
العالم صامت، أو الظاهرة لا تعلن عن نفسها
هناك الشخصيات التي تظن أنها تدرك وتعرف
وهناك الراوي الشاهد الذي يرى الجهل ويتجاهله
ويرى الضعف ويتجاوزه تاركا الأصوات تستبطن مرئيات غير واضحة في الذاكرة
رحلة الذات من المواضعة المسبقة إلى التجريب المغامر
ومن الحدس الغامض إلى أضواء العلم التي تظل شحيحة حتى في مطلع الحداثة
واحتفاظ بأنثربولوجيا المدن التي تكاد تختفي في متواليات الغبار التي يثيرها قطار يحمل التقاليد إلى متاحف العصور
ويلقي بالعقول في مراكب عابرة للأرصفة التي تتجدد فتمحو آثار العابرين
تقابل الأجيال، هذا التقابل وتلك المقابلة
لقاء فيه التعلم والرغبة في التحرر
محاولة الخروج من أسر المكان بتقاليده الراسخة
نهايات تولد منها بدايات وعي جديد
لأساليب سردية تعرف كيف تبني نفسها
وهي تستغرق في تحليل جيولوجيا ثقافية مثقلة بخبرات تقاوم الفناء