Dina Nabil's Reviews > الخلود

الخلود by Milan Kundera
Rate this book
Clear rating

by
50169548
's review

it was amazing
bookshelves: best_ever


لماذا الخلود؟ لماذا كونديرا؟ و لماذا الادب؟

سؤال سيطرحة الذهن احيانا حين يستهلك بين رحايا الاستهلاك و التخليص و الملخصات و الاعلانات و السرعة ... لماذا يجب ان نخصص وقت لقراءة اربعة من المئات من الصفحات المتتاليه؟ ... ربما الاجابه الاكثر دقة و ابتذالا هى "لنفهم حياتنا و انفسنا اكثر" ... مهما اغضبتنا تلك الاجابة
يمتلك كونديرا قدرة هائلة على تحويل نظرتك للحياة الى جديد , يضع على عينيك عدسة تبهرك كمن يرى الحياة لاول مرة صحيح النظر , يحول احداثك المعتادة و عالمك التقليدى الى ملحمة متكاملة الاركان ...يمتلك كونديرا عينا ليست كعيوننا

علاقة متفردة بين كونديرا و شخصياته يرسمها ثلاثية الابعاد كبشر و ليست ابدا نماذج ادبية فيجعلها تحمل هموم و عادات غريبة و كثير من المخاوف ... و هو عادة ما يتجاوز دوره كراوى و مؤلف للعمل او حتى صانع للاحداث, تلك عادة كونديرا السحرية التى لم تتالق ابدا كما تألقت فى "الخلود" فهنا يمتزج الواقع بالخيال حد وضع كونديرا لنفسه كشخصية فى العمل

مجموعة متقطعة من الفصول يوعدنا الغلاف الخلفي للنسخة الورقية بانها "تتشابك بكيفية مدهشة و مؤثرة على مدار الحكاية" لكن هذا لم يحدث و لم يريده كونديرا من الاصل ان فهمت المغزى فهو يعشق الاحداث العابرة و يضرب بقاعدة تشيخوف الدرامية "اذا ظهر مسدس فيجب اطلاق النار" عرض اكبر حائط قد يجده و يذكرنا ان الاحداث العابرة قنابل اغلبيها الساحقة لن تنفجر ابدا , يعشق ان يدخل شخصية درامية للعمل فلا تفعل شيئا الا الخروج منه لاحقا, يعشق اثر الفراشة و يحتقره , و هو يقدس قيمة الحاضر و اللحظة و الزمن ولا يعتبرها ابدا مجرد وصل بين نقطتين
يأخذ كونديرا اروحنا القلقة فلا يزيدها الا قلقا , يعرفنا قيمة الوحدة, يضغط على راحتنا ليجعلنا نقدر ان نوجد فى مكان بلا عيون و بلا وجوه , ان تقضي اليوم بين فراش الزوجية المشترك و المكتب الادارى المزدحم و اصوات الجمهور تحيط بنا طيلة الوقت , يجلس ليبوح لنا بان سر ارهاقنا هى النظرات التى كانت و ستظل عبئا ساحقا و ان خناجر النظرات هى التى نقشت التجاعيد على وجوهنا

سيفرغ كونديرا ذهنه فى جلستنا المشتركة ليخبرنا ان الموت لا يعنى الا الميت و ان التعبير الحديث لمقولة "دع الموتى يدفنون موتاهم" هو الاكثر تطبيقا و الاقل تعبيرا عنه ... ماذا هو الموت بالنسبة لمصور يسجل حدث تقليدى ممل و اذ فجاة تسقط طائرة مشتعلة من السماء؟... الموت هنا بلا شك هو شهرة و سعادة و حظ و ربما بداية لحياة مهنية عظيمة ... يعلمنا كونديرا ان السعادة ربما تسقط من السماء
على هيئة طائرة مشتعلة

يبوح لنا كونديرا ان فراش الزوجية هو مذبح الزواج , يضحى طرفان فلا يجد ايهما النوم مخاف اقلاق الاخر متحاشيا الحركة مخافة من الازعاج ... ان فراش الزوجية
هو جفاء النوم و الامتناع عن الحركة

لم يعد هناك هتلر يمثل لنا الشر المطلق , صار الخير و الشر نسبيين بشكل مزعج , لم يعد هناك غاندى و الام تيريزا ليمثل الخير المطلق , لم تبقي غير الالاف من الدرجات الرمادية تختبر نظرنا الى حدوده الاخيرة.... نختزل الافكار و النظريات الى حدها الادنى فتتشبث الشعارات الجذابة فقط بينما يسقط فى فخ النسيان كل التفاصيل و الخطوات , ثم ما تلبث ان تختفي الشعارات حتى لتظهر الصورة وحدها للابد , الشيوعية صورة عامل يبتسم حامل مطرقته و السلام حمامة تحمل غصن اخضر و حسب .... ندرك فجأة ان الناس ينظرون الينا بشكل مخالف لن نعلم ابدا الكيفية , نحن لن نعلم ابدا سبب تبرم الاخريين مننا و فيم نزعجهم و فيم نبدو لهم لطفاء و فيم نبدو لهم سخفاء , صورتنا هى اللغز الاكبر بالنسبة الينا
يصمم كونديرا ان يكون غير قابل للحكى , يكافح ضد تلفزة ما يكتب , ضد عالم يمكن تحويل كل ما يكتب فيه الى دراما و رسوم متحركة ... يراها الطريقة الاخيرة لحماية فن الرواية ذاته

ماذا لو كنا -فقط- فى العصر الخطأ؟ ماذا كان سيفعل شكسبير فى زمن لم يعد فيه للمسرح وجود؟ أكان سيكتب سيناريوهات هوليود؟ ...ماذا لو خلق بيكاسو فى عالم الفن فيه هو فقط رسوم الكارتون؟ ... ماذا لو كنا فى عصرنا الصحيح لكن نفوسنا ينقصها القطعة السحرية التى يحملها كونديرا فى ذاته لينتج لنا ادب عظيم كهذا؟

لماذا لا تبعث موسيقي رثاء عندما يموت من نحب؟ لماذا يستمر الكون فى حلقات صعوده و هبوطه المتوالى؟ .... هل سنبحث عن صيغ فكاهية اعلانية لنعلن عن حرب عالمية ثالثة او كوارثنا النووية؟ هل مازالت حدود المهم و اللا مهم موجودة كما فى خيالنا الصلب؟ ... هل سيختفي الادب يوما لتتسكع الاقتباسات للابد عبر العالم؟ ... و الى متى سنشيد كاتدرائيات اللاجدوى حول الكون؟ و نبكى عندما لا يشاركنا الناس فى عباداتها؟
الخلود رواية عظيمة لانها ستثير فينا الاسئلة دائما ولأن مؤلفها هو العظيم دائما ميلان كونديرا الذى ستحرمه لجنة نوبل من حقه الشرعى دائما

دينا نبيل
يناير 2016
46 likes · flag

Sign into Goodreads to see if any of your friends have read الخلود.
Sign In »

Reading Progress

January 10, 2016 – Started Reading
January 10, 2016 – Shelved
January 12, 2016 –
page 104
26.07%
January 20, 2016 – Shelved as: best_ever
January 20, 2016 – Finished Reading

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)

dateDown arrow    newest »

message 1: by Mohamed (new)

Mohamed Fayez ريفيو تحليلي ممتاز 🙂👏


back to top