What do you think?
Rate this book
263 pages, Paperback
First published January 1, 1997
من هنا. من إذاعة صوت العرب. قال لي أحمد سعيد إن رام الله لم تعد لي و انني لن أعود إليها. المدينة سقطت.الحسرة
توقفت الإمتحانات لأسابيع. استؤنفت الإمتحانات. نجحت و تخرجت. حصلت على ليسانس من قسم اللغة الإنجليزية و آدابها. و فشلت في الحصول على جدار أعلق عليه شهادتي.
أخيرا ها أنا أمشي بحقيبتي الصغيرة على الجسر. الذي لا يزيد طوله عن بضعة أمتار من الخشب. و ثلاثين عاما من الغربة.العودة
كيف استطاعت هذه القطعة الخشبية الداكنة أن تقصي أمة بأكملها عن أحلامها؟! أن تمنع أجيالا بأكملها من تناول قهوتها في بيوت كانت لها؟!
كيف رمتنا إلى كل هذا الصبر و كل ذلك الموت؟! كيف استطاعت أن توزعنا على المنابذ و الخيام و أحزاب الوشوشة الخائفة
عندما تختفي فلسطين كسلسال على ثوب السهرة. كحلية. أو كذكرى أو كمصحف ذهبي. أي عندما نمشي بأحذيتنا على ترابها. و نمسح غبارها عن ياقات قمصاننا و عن خطانا المستعجلة إلى قضاء شئوننا اليومية العابرة العادية المضجرة. عندما نتذمر من حرها و من بردها و من رتابة البقاء فيها طويلا. عندئذٍ نكون قد اقتربنا منها حقا.وضعنا مؤقت و خبزنا مؤقت
منذ السبعه و ستين و كل ما نفعله مؤقت و إلى أن تتضح الأمور. و الأمور لم تتضح الأن بعد ثلاثين سنة!. في نكبة الثمانية و أربعين لجأ اللاجئون إلى البلاد المجاورة كترتيب مؤقت. تركوا طبيخهم على النار آملين العودة بعد ساعات. انتشروا في الخيام و مخيمات الزنك و الصفيح و القش مؤقتا. حمل الفدائيون السلاح و حاربوا من عمان مؤقتا ثم من بيروت مؤقتا ثم أقاموا في تونس و الشام مؤقتا. وضعنا برامج مرحلية للتحرير مؤقتا و قالوا لنا أنهم قبلوا اتفاقي أوسلو مؤقتا إلخ إلخ.و موتنا هو فقط الحقيقي
بعد كم ثلاثين سنة أخرى سيعود الذين لم يعودوا؟ ما معنى أن أعود أنا أم غيري من الأفراد؟شتات
عودتهم هم. عودة الملايين. هي العودة. موتانا ما زالوا في مقابر الآخرين. و أحياؤنا ما زالوا عالقين على حدود الآخرين.
منيف يتحدث من قطر معي في أمريكا عن استشهاد فهيم في بيروت و دفنه في الكويت و ضرورة تبليغ ستي أم عطا في دير غسانة و جدته لأمه في نابلس و أمي في الأردن و رضوى و أنا نؤكد حجزنا للعودة عبر روما إلى القاهرة.
وجد بين يديه جوازات سفر من كل حدب و صوب. أردنية و سورية و أمريكية و جزائرية و بريطانية و من دولة بيليز أيضا و بأسماء تدل على أن أصحابها من عائلة واحدة فالكل برغوثي. بالإضافة إلى جواز سفر رضوى المصري و جواز سفر إميل حبيبي الإسرائيلي. طلب الضابط أن يشرح له أحدنا هذا الكوكتيل من جوازات السفر و عندما بدأ أحدهم بشرح الأمر قاطعه ضاحكا: لا أريد أي شرح! لا أريد أن أفهم!
" ال��يلة، وكل من في البيت نائم، والصباح وشيك، أسأل سؤالًا لم تجد لي الأيام جوابًا عليه حتى هذا المساء.
ما الذي يسلب الروح ألوانها؟
ما الذي، غير قصف الغزاة، أصاب الجسد؟ "
" عندما تم ترحيلي من مصر كان عمره خمسة أشهر.
وعندما أحضرته رضوى معها للقاء بي في شقة مفروشة في بودابست كان عمره ثلاثة عشر شهرًا. وصار يناديني:
-عمو
أضحك وأحاول أن أصحح له الأمر:
-أنا مش عمّو يا تميم. أنا بابا.
فيناديني:
-عمّو بابا. "
رجل رؤوم
وهو الذي ظلت أمومته تظلل أمه
ليرى ابتسامتها
ويفزع أن يكون بصوف كنزتها
ولو خيط حزين
“هذا الذي ولد على نهر النيل في مستشفى الدكتور شريف جوهر في القاهرة لأب فلسطيني بجواز سفر أردني و أم مصرية , لم يرى من فلسطين إلا غيابها الكامل و قصتها الكاملة .
عندما تم ترحيلي من مصر كان عمره خمسة أشهر .
و عندما أحضرته رضوى معها للقاء بي في شقة مفروشة في بودابست كان عمره ثلاثة عشر شهراً . و صار يناديني :
- عمّو
أضحك و أحاول أن أصحح له الأمر :
- أنا مش عمّو يا تميم . أنا بابا .
فيناديني :
- عمّو بابا .”