What do you think?
Rate this book
400 pages, Paperback
First published January 12, 1990
انشغل الإنسان دوما بمسألة الخلود و الفناء. أفزعه أن يموت فجأة لأسباب قد لا يعلمها. شغله موت أحبابه و رفاقه و حتى أعداءه. و لأن كونديرا لا يدع أفكاره تمر مرور الكرام فقد أراد أن يدلي بدلوه في هذه المسألة برواية غير تقليدية كعادته.
قبل مماتي بفترة قصيرة. زعمت أنني ألمس في نفسي قدرة إبداعية كان يبدو لي زوالها التام مستحيلا. و كنت أعتقد بالطبع أنني سأخلف صورة ستكون امتدادا لي. أجل. كنت مثلك. حتى بعد موتي كان من المتعذر عليّ التسليم بأنني لم أعد موجودا. إنه لأمر غريب. إن كون الإنسان فانٍ يعد تجربة إنسانية أساسية. و مع ذلك لم يكن الإنسان قادرا قط على قبولها و فهمها. و التصرف بمقتضاها. لا يعرف الإنسان كيف يكون فانيا. و عندما يموت. لا يعرف حتى كيف يكون ميتا.
إننا نعيش جميعا. في حيز ما من أنفسنا خارج الزمن. لعلنا لا نعي سننا إلا في بعض اللحظات الاستثنائية. فنحن كائنات بلا سن في معظم الأحيان.من خلال رواية متعددة المحاور يطرح كونديرا قضية الخلود بشخصية وهمية ابتدعها من إيماءة غير تقليدية لسيدة رآها تخرج من بركة السباحة و من ثم ابتدع لها زوج و أخت و ابنة و حياة كاملة.
تذكرَت أنها كانت مفتتنة في طفولتها بفكرة أن الرب يراقبها باستمرار. و لعلها كانت تلك أول مرة شعرت فيها بهذه اللذة الغريبة التي تساور بني البشر عندما يكونون تحت الأنظار. عندما يُنظر إليهم رغما عنهم و هم في لحظاتهم الحميمية. عندما ينتهك النظر حرماتهم. كانت أمها تقول لها: الرب يراك. آملة بذلك أن تنزع منها عادة الكذب. لكن العكس هو الذي كان يحصل. فهي لم تكن تتخيل الرب تحديدا إلا في هذه اللحظات التي تمارس فيها عاداتها السيئة أو لحظات خزيها.و لأن الحقيقة في خيالنا هي انعكاس لما بداخلنا و الحقيقة في الواقع قد لا تكون كذلك. فإن الآخر هو مرآة لنا. نرى أنفسنا في عيونه قبل أن نراها في المرآة.
تخيل لو أنك تعيش في عالم ليس به مرآة. ستحلم بوجهك. و ستتخيله كانعكاس لما يوجد بداخلك. ثم تخيل أن أحدا مد لك مرآة و أنت في الأربعين من عمرك. تخيل الرعب الذي سيصيبك. سترى وجها غريبا عنك تماما. ستفهم بوضوح ما رفضت التسليم به: ليس وجهك هو أنت.حتى في عصر الكاميرا التي ت��اقبنا في كل مكان لم يتغير شيء فأنانا كانت تشعر بالفعل بكاميرات خفية مسلطة عليها من كل مكان.
هل تغيرت خصائص الخلود في عصر الكاميرا؟ لم تتغير في العمق. لأن عدسة الكاميرا كانت موجودة قبل اختراعها كجوهر مجرد. فمما لا شك فيه أن الناس كانوا يتصرفون كما لو أنه يجرى تصويرهم دون أن تكون ثمة عين كاميرا مسددة إليهم.إذا فالرغبة في الخلود أساسها الإحساس المتضخم بالأنا و لكن ينبغي أن يدعمه التصرف المتفرد الذي يدفع بمزيد من الكاميرات المسلطة على هذه الأنا و بالتالي المزيد من تضخم الذات.
لا شيء أفيد من أن يتبنى المرء سلوكا طفوليا. ذلك أن الطفل الذي لا يزال بريئا و غريرا يحل له أن يستبيح ما يشاء. و بما أنه لم يدخل بعد العالم الذي تسيطر فيه الشكليات الاجتماعية. فهو ليس مجبرا على الالتزام بقواعد اللياقة. و يحق له أن يعبر عن مشاعره دون حرج. هكذا كان الناس الذين يرفضون النظر إليها كطفلة يرونها بلهاء و غير مهذبة و متصنعة بشكل يستعصي علاجه. بالمقابل يرى فيها من يعتبرونها طفلة أبدية فتاة فاتنة بعفويتها الطبيعية.و من المفارقات الرائعة هنا في الرواية و في أدب كونديرا بصفة عامة أن البطل دائما امرأة مهما تعدد الأبطال و مهما بدا لنا عكس ذلك. فالمرأة هي صاحبة الروح الوثابة التي أنضجتها التجربة و غسلها الألم منذ البداية.
تمضي المرأة وقتا أكبر في الحديث عن مشاغلها الجسدية. و هي لا تعرف النسيان اللامبالي بالجسد. يبدأ هذا مع صدمة النزيف الأول. يحضر الجسد فجأة فتنتصب المرأة أمامه مثل ميكانيكي مسئول عن تشغيل مصنع صغير بمفرده: عليها أن تضع الفوط كل شهر. و أن تبتلع أقراصا. و تسوي حمالة صدرها. و أن تكون مستعدة للإنتاج. و كلما فقد الجسد النسائي فائدته أصبح شبيها بمصنع متداع. لكن على روح المرأة أن تظل بالقرب منه تحرسه إلى النهاية.إذا فجوته و برنار و روبنز و غيرها من الشخصيات الذكورية بما فيها كونديرا نفسه الذي لعب دورا في الأحداث هو و صديقه الوهمي أفيناريوس. كل هؤلاء الرجال إن هم إلا لغو الحديث و حشو الكلام و البطولة المطلقة هي فقط لـ بيتينا و لورا و ربما قليلا لـ أنييس.
لنسم إيماءة بيتينا و لورا إيماءة الرغبة في الخلود. فبيتينا تريد أن تقول بطموحها للخلود: إنني أرفض أن أتلاشى مع الحاضر و همومه. أريد أن أتجاوز نفسي. و أن أصبح جزءا من التاريخ. لأن التاريخ عملة خالدة. و رغم أن لورا لم تكن تطمح إلا إلى الخلود الأصغر. فإنها كانت تتوق إلى الشيء نفسه. أن تتجاوز نفسها. و تتجاوز اللحظة السعيدة التي تجتازها. أن تقوم بشيء لكي تظل في ذاكرة كل من عرفها.و في النهاية
لا تَعرف إيماءة الرغبة في الخلود إلا معلمين مميزين: الأنا ها هنا و الأفق البعيد هناك. و لا تعرف غير مفهومين: المطلق الذي هو الأنا و مطلق العالم. لا يجمع شيء إذن بين هذه الإيماءة و الحب. بما أن الأخر القريب. و هو كل إنسان موجود بين هذين الحدين المتطرفين (العالم و الأنا). مقصي مسبقا من اللعبة. مهمل و غير مرئي.
و نحن نعلم من مثال ميشكين و ناستازيا فليبوفنا من رواية الأبله لدوستويفسكي أن الروح حينما تكون تحت أنظار كثيفة. لا تكف عن النمو و التورم و التضخم. لكي تطير في النهاية نحو الأعالي. كمنطاد مضاء على نحو بديع.
إن ما يدفع الناس إلى رفع أيديهم. و تناول بندقية و الانتصار جماعيا لقضايا عادلة أو غير عادلة. ليس العقل. بل الروح المتضخمة. إنها الوقود الذي لا يمكن أن يدور محرك التاريخ بدونه. و بدونه أيضا كانت أوروبا ستبقى مستلقية على العشب تراقب بكسل السحب الراكضة في السماء.
إما أن تكون المرأة مستقبل الرجل. و إلا ستكون نهاية البشرية. لأن المرأة وحدها. من تستطيع التعلق بأمل لا مبرر له. و أن تدعونا إلى مستقبل غير مضمون. كنا سنتوقف عن الإيمان به منذ زمن بعيد لولا النساء.
At that instant I felt a pang in my heart! That smile and that gesture belonged to a twenty-year-old girl! Her arm rose with bewitching ease. It was as if she were playfully tossing a brightly colored ball to her lover. That smile and that gesture had charm and elegance, while the face and the body no longer had any charm. It was the charm of a gesture drowning in the charmlessness of the body ... I was strangely moved. And then the word Agnes entered my mind. Agnes. I had never known a woman by that name.But wait. Is this elderly woman, charmless, possibly named Agnes, really a character in the novel? And what about that first-person narrator? Is he not a character, in a sense?
When I wake up, at almost eight-thirty, I try to picture Agnes. She is lying, like me, in a wide bed. The right side of the bed is empty. Who could her husband be? Clearly, somebody who leaves the house early on Saturday mornings. That’s why she is alone, sweetly swinging between waking and sleeping.
Then she gets up. Facing her is a TV set, standing on one long, storklike leg. She throws her nightgown over the tube, like a white, tasseled theater curtain. She stands close to the bed, and for the first time I see her naked. Agnes, the heroine of my novel. I can’t take my eyes off this beautiful woman, and as if sensing my gaze she hurries off to the adjoining room to get dressed.
Who is Agnes? … Agnes sprang from the gesture of that sixty-year-old woman at the pool … whose features are already fading from my memory. At the time, that gesture aroused in me immense, inexplicable nostalgia, and this nostalgia gave birth to the woman I call Agnes.
When someone is young, he is not capable of conceiving of time as a circle, but thinks of it as a road leading forward to ever-new horizons; he does not yet sense that his life contains just a single theme; he will come to realise it only when his life begins to enact its first variations.There are countless themes swimming inside this novel (or are they merely variations on life and death?), and every few pages you're left wondering how you feel about what he's just touched on - have I ever thought about this?; yes, he has put it perfectly; that's what I've always wanted to put into words but never could!
'Just imagine living in a world without mirrors. You'd dream about your face and imagine it as an outer reflection of what is inside you. And then, when you reached forty, someone would put a mirror before you for the first time in your life. Imagine your fright! You'd see the face of a stranger. And you'd know quite clearly what you are unable to grasp: your face is not you.'One of the strongest forces in our lives, and perhaps a natural human constant, is identifying with ourselves. Could you go a day without looking in the mirror? Isn't your name so dear to you that it even feels like it's something you yourself created out of talent and inspiration? Are our gestures, familial relations, mannerisms in making love and what we hold as our own peculiarities, actually unique when the sheer number of people on Earth suggests otherwise? If we created art, do we wish for its immortality or our own as the creator? Just how well do we think we know how others perceive us?
'I long for an experiment that would examine, by means of electrodes attached to the human head, exactly how much of one's life a person devotes to the present, how much to the memories and how much to the future. This would let us know who a man really is in relation to his time. What human time really is.'I especially liked Agnes in this novel; I felt that her own world and dignity were precious to her over anything else, and I could relate to that. While she realises she loved and truly connected with her father, there's always an insurmountable gap between her and her mother, sister, lovers, even husband and daughter.
Agnes subtracts from her self everything that is exterior and borrowed, in order to come closer to her sheer essence (even with the risk that zero lurks at the bottom of the subtraction). Laura's method is precisely the opposite: in order to make her self ever more visible, perceivable, seizable, sizeable, she keeps adding to it more and more attributes and she attempts to identify herself with them (with the risk that the essence of the self may be buried by the additional attributes).The only reason I didn't give this book five stars is that it fell just short of the standards of The Unbearable Lightness of Being which touched me deeper, but I must say that Immortality easily overpowers most novels I've rated four stars. If you haven't read Kundera before, I highly recommend these two, in my eyes, works of art that speak through their wisdom, insights, and most of all, love.