What do you think?
Rate this book
180 pages, ebook
First published January 1, 1917
"ثم ماذا أنت طالب من السعادة إذا هانت الحياة فلم تضعف عن احتمالها، ولم ترمك بداء في مرض العيش إلا قمت له، ولم تحملك على ��مر إلا تحملت عليه، وقويت على نفسك فلم تكذبك أملا، ولم تخدعك في باطل، ولم تجاذبك إلى مورد لا تصدر عنه إلا آثما أو نادما، وكنت من نعمة الله مخفا لا تحمل إلا رأسك، ولا تجوع إلا ببطنك، وقد كفيت أن تصرعك نزغات هذا الرأس، وأمنت أن يقتلك داء هذا البطن، ولم يضربك الله بشيء من هذه النعم المنافقة التي يأتي بها المال حين يأتيك بالجاه وأصحاب الجاه ومن يريدك لمالك وجاهك؛ وأعوذ بالله من النفاق ومن نفاق النعمة خاصة، فبينا هي لك إذا هي عليك، وبينا هي متاع إذا هي التياع، وبينا هي في طعامك شيء إذا هي من طعامك قيء.
وهل في النعمة خير من الكفاف حاضرا، ومن الصحة فارهة، ومن قرة العين وضحك السن واستطلاق الوجه، وأن يكون القلب في حجاب من نور السماء لا تهتك عنه رذائل النفس، ولا يعلق به غبار الأرض، ولا يتغشاه ظلام الحياة، ولا يزال هذا القلب في نضرته وصفائه كأنه سعادة مخبوءة في غيب الله لم يخلق بعد من خبئت له؟"