Story of Someone Final PDF

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 204

1

2
JUBRANE TUENI

3
All characters and events in this publication, other than
those clearly in the public domain, are fictitious and any
resemblance to real persons, living or dead, is purely
coincidental.

SPECIAL THANKS AND APPRECIATION


ABDUL MUNIEM ABU NUWAR
IBRAHIM ZAZA
AMAAL SALAMEH
AHMAD ABU JAAFAR
HAMDI HAMO
IBRAHIM SWEIDAN
LAMA QUDAH

First edition 2015


4
Firass Jubrane’s Biography:
Born 5th of May, 1979, Firass jubrane began his career very
early in his life. Consisting of 7 members including his father
and mother, Firass was denied from carrying on with his
career in theatre, since his parent’s dream was that their
only son pursues a doctorate degree. During his childhood,
unlike all other kids who were fond of different kinds of
activities like basketball, football and racing, he preferred to
draw, read and write.

Horseback riding, petting animals and taking care of them,


are special characteristics in him. Unusually, he has a
different kind of phobia that rarely anyone has, and it
revolves around the number 11.Many events, positive and
negative, however important take place on that date.

Even though his parents believed in him, and saw a great


talent in writing stories as a child and selling them to all
members of the family, he came up with a play and presented
them in school and scouts.

However, he enrolled at the Lebanese University, paying his


own tuition, took charge of himself by working at a radio
station as a program producer, drew political caricature
characters and wrote columns in newspapers, all before he
became a graduate.

Quality of TV series for him mattered much more than


quantity, delivering a purposeful message to his audience is
all he cared about. Moreover, Firass Jubrane is someone who
is career-oriented, who gives so much of his time, spends
his days and nights to give his utmost to his addressees and
his viewers. He does that willingly with such a giving heart to
have reached his goal and fulfill his accomplishments.

At the time, Firass was the only one who revived the radio
drama in his own special way. His achievements in 1999
5
include ( Warak el kharif, Inta el madi, Ra7il, Jubran k.
Jubran, Habib el rou7, Majhul nasab, Cham3 el asswad,
Omar & Selma, Al Wa7el, al Karar 1701, La vie en rose,
Kossas hob, Ramad el ayyam...). He wrote his first TV
series called (Dumou3 el Nadam, Jude, Ahlam, Lol, Al Hob
el kadim, Al Haram).

Firass Jubrane released his first musical album at the


beginning of 2015, Titled «Part of My Life» where he
composed and wrote the lyrics of the whole album, to
become then the first musical album released by a writer.

«Ousset 7ada» The Story of Someone is the First print of


Firass Jubrane collection, where he combines a novel in the
theme of a Screen Play. Where in this print the audience will
experience something new from the book that gives them
the feeling of watching a cinematic film through its pages.

They say, never judge a book by its cover. Firass Jubrane is


someone who is sincere, who loves dearly from all his heart
and nevertheless, is a caring and tender person.
Firass Jubrane’s theory in life says: “LIVE FREE OR DIE”…

6
‫ُمخ ّيلة قلم‬
‫‪Imagination of a pen‬‬

‫يوم طويل من العمل في اإلذاعة‪.‬‬


‫صيفي كأيّ مساء بعد ٍ‬
‫ّ‬ ‫مساء‬
‫اعتدت أن أحتسي قهوتي األميركيّة في حديقة منزلي مساء ّ‬
‫كل يوم‪.‬‬
‫كنت قد أنهيت كتابة مسلسل «الحرام» وس ّلمته قبل أيام لشركة اإلنتاج‬
‫لبدء التصوير‪.‬‬

‫انتابني اندفاع غريب نحو رزمة من األوراق البيضاء‪ ،‬حملت قلمي وسألت‬
‫نفسي‪ :‬ماذا أكتب على هذه األوراق؟‬
‫هل أدخل في معترك مسلسل جديد؟‬
‫قصة طويلة مسلسلة وحلقات‬
‫ال‪ .‬أحتاج إلى استراحة صغيرة بعد تأليف ّ‬
‫مزدحمة بشخصيات وحوارات وأحداث‪.‬‬

‫هل أسترجع ذكريات ومواقف حميمة ألكتب بعض كلمات األغاني وأعانق‬
‫موسيقي جديد بعد ألبوم‬
‫ّ‬ ‫ثم أخرج بعد فترة بألبوم‬
‫بعدها غيتاري لتلحينها ّ‬
‫‪PART OF MY LIFE‬؟‬

‫ال‪ .‬ليس اآلن‪..‬‬


‫ّ‬
‫وفكرت‪.‬‬ ‫شعرت أني بحاجة إلنتاج عمل مختلف‪ّ ،‬‬
‫فكرت‬

‫ّ‬
‫لتخط ما تتحرك به خلجات قلبي ومخيّلة‬ ‫وها أنا أجد مخيّلة قلمي تبدأ بالحراك‬
‫سينمائي في‬
‫ّ‬ ‫لتخط كتاب ًا على شكل رواية وسيناريو لفيلم‬
‫ّ‬ ‫رأسي‪ ،‬تبدأ بالحراك‬
‫آن واحد‪ ،‬وانطالق ًا من الحديث الشريف‪ « :‬ليس الشديد ّ‬
‫بالصرعة‪ ،‬إنما الشديد‬ ‫ٍ‬
‫الذي يمسك نفسه عند الغضب»‪.‬‬

‫قصة أنا بطلها‪ ،‬أثناء رحلتي بين ضجيج أوراقي وأفكاري‬


‫«قصة حدا»‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بدأت كتابة‬
‫وحواراتي التي استمرت ما يقارب الشهر‪ ،‬سألت نفسي مجدداً‪:‬‬

‫القصة أنانيّة ونرجسيّة‬


‫ّ‬ ‫سيظن قارئ الكتاب أن ترشيح اسمي لدور بطولة‬
‫ّ‬ ‫هل‬
‫مني؟‬
‫«قصة حدا» شعرت‬ ‫ّ‬ ‫ربّما‪ ،‬ولكن الحقيقة تختلف عن ذلك؛ ألني أثناء كتابتي‬
‫وكأنني حق ًا ذاك الكاتب الذي زار السجن وتعرّف على أحد نزالئه وكتب ّ‬
‫قصته‬
‫وعايشها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫تكونت قصصنا‪.‬‬
‫بين الوادي والجبل ّ‬

‫ّ‬
‫نمل من الجبل ونلجأ من جديد للوادي‪.‬‬ ‫نهرب من الوادي للجبل‪،‬‬

‫بعضنا ينظر للوادي والجبل أنهما متضادان‪ ،‬وبعضنا اآلخر يعتبر أن كليهما‬
‫متمم لآلخر‪.‬‬
‫ّ‬

‫المجتمعي في هذا األمر‪ ،‬تبقى الحقيقة؛ لوال الجبل لما كان‬


‫ّ‬ ‫وأ ّي ًا كان ّ‬
‫السجال‬
‫الوادي‪ ،‬ولوال الوادي لما كان الجبل‪ ،‬وبالتالي فليس دونهما رجع للصدى‪.‬‬

‫وكذا هي حياتنا بين القيود والعادات المجتمعيّة وبين الطبيعة اإلنسانيّة‪.‬‬

‫نجاح آلخر مدفوع ًا بالقيم اإلنسانيّة وتحرّر‬


‫ٍ‬ ‫وفي معترك الحياة كنت أتنقل من‬
‫الغرب من القيود والعادات المجتمعيّة السائدة في مجتمعاتنا الشرقيّة‪ ،‬وفي‬
‫السجن‬ ‫درامي مختلف‪ ،‬ساقني القدر لزيارة ّ‬ ‫ّ‬ ‫لنجاح جديد بعمل‬
‫ٍ‬ ‫محاولة القفز‬
‫لل ّتعرّف على شخصيّات من المساجين علني أجد ضالتي أو على األقل ُ‬
‫أجد‬ ‫َّ‬
‫قصة جديدة مختلفة عن القصص النمطيّة الرائجة‪.‬‬ ‫خيط ًا صغيرا ً أنسج به ّ‬

‫الصفعة!‬
‫وكانت ّ‬

‫الصفعة التي أفاقتني على حقيقة الواقع يوم قادني المالزم إلى حجرة النزيل‬
‫ّ‬
‫المحكوم باإلعدام الشيخ إبراهيم‪ ،‬وصلت إلى باب الحجرة ووقفت أسترق‬
‫ال ّنظر إلى وجه هذا الرّجل الذي كان يص ّلي بخشوع على سجادة الصالة‪ .‬بين‬
‫التجعيدة واألخرى هناك مم ّر إلى حكاية‪ ،‬وجه هذا الرّجل كتلة من األسرار‬
‫تختبئ وراء قلب حزين ينبض بابتسامة زائفة!‬

‫أحسست من الحوار األول معه بمعاناته التي ه َّزت وجداني كمن قذف بي من‬
‫ُ‬
‫أعلى الجبل إلى قعر الوادي‪.‬‬

‫لكل قصة في هذا الكتاب نهاية سعيدة أو حتى نهاية‪ ،‬لك ّنها ك ّلها‬ ‫ّ‬ ‫ليس‬
‫قصص عن أشخاص يمكننا أن نتع َّلم منهم سواء ا ّتفقنا معهم أم ال‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫إبراهيم‪...‬‬

‫ال عادي ًا في حياتي‪ ،‬فقد كان هذا اإلنسان رمزا ً ّ‬


‫للصبر‬ ‫لم يكن إبراهيم رج ً‬
‫ومدرسة عميقة تع ّلمت منها الكثير الكثير‪.‬‬

‫صغيرة مظلمة رطبة فإ ّنه قد ع ّلمني‬


‫ٍ‬ ‫حجرة‬
‫ٍ‬ ‫وبالرغم من كونه سجي ًنا في‬
‫ّ‬
‫وأن الحريّة والمسؤوليّة توأمان‪ ،‬إنهما وجهان‬
‫أن الحياة هي مسرحٌ للجمال‪ّ ،‬‬
‫أتحمل مسؤولية ّ‬
‫كل ما أفعل‪ ،‬وإال فلن‬ ‫ّ‬ ‫فعلي أن‬
‫ّ‬ ‫أردت الحريّة‬
‫ُ‬ ‫لعملة واحدة‪ .‬إن‬
‫أكون ح ّراً‪.‬‬

‫ال متصالح ًا مع مصيره ومتلهف ًا للقاء الخالق‪ ،‬حباهُ اهلل‬


‫كان الشيخ إبراهيم رج ً‬
‫متناه لإليثار‪ ،‬فبالرغم من وجوده بقبضة حكم القضاء‬ ‫ٍ‬ ‫بعاطفة جياشة وحب‬
‫إال أنه كان مكرس ًا تفكيره واهتمامه لحفيده الوحيد الذي يحمل اسمه‬
‫« إبراهيم»‪.‬‬

‫يوم لقيته كان قد م ّر عليه عشر سنوات خلف قضبان السجن‪ ،‬حالت بينه‬
‫تثلج صدره‪ .‬ومع هذا المصير‪ ،‬لم تحرمه‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫تنشأة‬ ‫وبين رعاية حفيده وتنشئته‬
‫هذه القضبان القدرة على تأمين المال الضروريّ لحفيده إبراهيم ليتمكن من‬
‫التع ّلم وما تبقى من مصاريف الحياة‪.‬‬

‫أن هذا الرجل لم يكن يعلم بما كان يواجه حفيده من أحداث‬
‫ومن المشين ّ‬
‫في معترك الحياة‪.‬‬

‫ً‬
‫نظرة ذليلة‬ ‫إلي‬ ‫عندما سألته أول مرة عن حاله‪ ،‬ساد صمت مطبق وثقيل‪ ،‬نَ َ‬
‫ظر َّ‬
‫رب العالمين‪،‬‬
‫متهدج‪ « :‬الحمد هلل ّ‬
‫َّ‬ ‫بصوت‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫تمكن من الكالم‬ ‫وأجابني عندما‬
‫أسد في قفص» !!‬
‫ٌ‬

‫لشخص بخلق هذا الرجل‬


‫ٍ‬ ‫كان يدور في خلدي أفكار وتساؤالت‪ :‬كيف يمكن‬
‫سجن وينتظر تنفيذ حكم اإلعدام به؟‬
‫ٍ‬ ‫الجليل وإنسانيّته أن يكون أسير‬

‫وقدم لي الكثير من الدروس والمشاعر اإلنسانيّة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫الشيخ إبراهيم ع َّلمني‬


‫ّ‬
‫ظل فيه بارداً‪.‬‬ ‫زمن‬
‫ٍ‬ ‫دمه بعد‬
‫الشعور بحرارة ّ‬‫استرد بلقائه بي ّ‬
‫َّ‬ ‫وبالمقابل‬
‫وهمست في‬
‫ُ‬ ‫مددت له يدي‬
‫ّ‬ ‫مغادرتي‬ ‫وعند‬ ‫كياني‬ ‫ت‬ ‫َّ‬
‫ز‬ ‫ه‬ ‫التي‬ ‫ته‬ ‫قص‬
‫سمعت ّ‬
‫علما بأنه لم يكن هناك سوانا في تلك الحجرة الرطبة‪ « :‬لقد حان الوقت‬ ‫أذنه‪ً ،‬‬
‫بمثابة وعد له لمساندته ومساعدته‬
‫ِ‬ ‫لي ّتخذ وجهك هيئة أخرى»‪ .‬قولي كان‬
‫بأيّ شيء ولو كان بسيط ًا للقاء حفيده من جديد ولتخطي الواقع المرير الذي‬
‫‪9‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫ُ‬
‫يمسك‬ ‫ٌ‬
‫غريق‬ ‫وشد على ّ‬
‫كفي وكأنه‬ ‫ّ‬ ‫امتنان كبيرة‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ابتسامة‬ ‫يم ّر به‪ ،‬فابتسـم‬
‫بدموع ثقيلة الوزن ومضى يقول‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫قطعة خشب للنجاة‪ ،‬واغرورقت عيناه‬
‫ّ‬
‫وجل‪ .‬أشكرك يا ولدي»‪.‬‬ ‫هدية من الرحمن ع ّز‬
‫ٍ‬ ‫« أنت خي ُر‬

‫بصوت ليس لها لترضي والدها‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫قالت « نعم»‬

‫عنـد ا ّتـخاذ قرار زواجها من ِ‬


‫ابن عّ مها سلطان‪ ،‬أو باألحرى موافـقتها على الزواج‬
‫ً‬
‫عمها‪ ،‬أنصتت « هنا» التي كانت تحمل عرفانا إلى األبد ألنها ولدت‬ ‫من ابـن ّ‬
‫يضج‬
‫ّ‬ ‫ألبوين محبين‪ ،‬إلى لغة القلب وتجاهلت لغة العقل‪ .‬تبعت قلبها الذي‬
‫بمحبة جارفة واحترام كبير لوالدها إلى منزل زوجها‪،‬ذلك المنزل الذي انـفجر‬
‫ألم ًا من معاملته القاسـية وتعنيفه لها‪ ،‬تــــاركة حبيب عمرها «وسام»‬
‫الجامعي في علم النفس يتألم من مرارة الفراق ويتابع حياته بعيدا ً‬ ‫ّ‬ ‫الطالب‬
‫عنها‪ .‬كان سلطان يعرف أكثر من أي شخص آخر درجة الوحدة التي كانت‬
‫زوجته تعيش فيها‪ ،‬وذلك بفضله هو‪ ،‬ومع هذا كان يضربها دون أيّ رحمة‬
‫وشفقة ليثبت لنفسه أنه رجل‪ ،‬وألن المرأة في قناعاته هي حرف ناقص ويجب‬
‫س له شرفه‪.‬‬ ‫أن تضرب كي ال تزني أو تد َّن ُ‬

‫ُ‬
‫تتحدث عنه قناعاتك الموروثة يا هذا؟‬ ‫فأيّ شرف‬

‫أين هو الشرف الذي ترتكب إلجله جرائمك البشعة؟‬

‫األديان السماويّة أجمعت على إنصاف المرأة‪ ،‬ورسول اهلل ـ صلى اهلل عليه‬
‫أنت متمسك ًا باآلية القرآنيّة الرابعة والثالثين من‬ ‫وس ّلم ـ أوصى بها‪ ..‬وأراك َ‬
‫سورة النساء التي قال تعالى فيها‪:‬‬
‫اج ِع َو ْ‬
‫اض ِربُوهُ َّن َف ِإ ْن‬ ‫ض ِ‬‫ظوهُ َّن وَاهْ جُ رُوهُ َّن ِفي ا ْل َم َ‬ ‫شو َزهُ َّن َف ِع ُ‬ ‫ون نُ ُ‬
‫اف َ‬ ‫ال ِتي تَ َخ ُ‬
‫{ َوال َّ‬
‫ان عَ ِل ّي ًا َك ِبيراً} صدق اهلل العظيم‬ ‫ال إِ َّن ال ّلهَ َك َ‬
‫س ِبي ً‬ ‫ال تَب ُْغوا ْ عَ َلي ِْه َّن َ‬
‫م َف َ‬ ‫طعْ َن ُك ْ‬ ‫أَ َ‬

‫فالضرب يا جاهل يفيد المباعدة وال ّتجاهل‪ ،‬خالف ًا للمعنى المتداول ‪.‬‬
‫ّ‬

‫أغوص‬
‫ُ‬ ‫ألتق يوم ًا بابنة الشيخ إبراهيم «هنا» ‪ ..‬ولكن بوصفي كاتب ًا عندما‬
‫لم ِ‬
‫أحداث عرفتها وأحاديث‬
‫ٍ‬ ‫بلملمة‬ ‫لذاكرتي‬ ‫أسمح‬ ‫أكتبها‪،‬‬ ‫ة‬ ‫قص‬
‫ّ‬ ‫أي‬ ‫بحر‬ ‫في‬
‫سـمعتها من قبل لتشــاطرني الكتابة‪..‬‬

‫ّ‬
‫تذكرني بامرأة شابة جميلة مسـكينة‪ ،‬التقـيتـها ذات مرّة‬ ‫وها هي «هنا»‬
‫‪10‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫وكانت بغاية القرف واالستياء من أول عالقة أقامتها مع زوجها الذي تزوجته‬
‫حديث‬
‫ٍ‬ ‫دون إرادتها‪ ،‬وفترة الخطوبة لم تتجاوز بينهما سوى لقاء مع محرَم أو‬
‫عادي جدا ً على الهاتف‪.‬‬

‫ّ‬
‫يحق لها أن تقاومه أو تمنعه من االقتراب من‬ ‫بعد حفلة العرس لم يكن‬
‫جسدها‪ .‬ما زال صوتها يرّن في أذني عندما وصفت لي رائحة أنفاسه المعجونة‬
‫برائحة السجائر والخمر الرخيص التي تغتـال أنفها‪ ،‬في ذاك الوقت – حسب‬
‫وصفها –بينما كان الزوج يسعى بكل عزمه إلشباع شهواته‪ ،‬كانت هي ّ‬
‫تفكر‪:‬‬
‫كيف تغسل عفنه عن جسدها؟ كانت تتألم وهو ينزع عنها ثيابها‪ ،‬وكان‬
‫حيوان قذر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بلهاث‬
‫ِ‬ ‫صوت أنفاسه المتصاعد أشبه‬

‫ّ‬
‫يتغذى على‬ ‫حينها شعرت هذه المرأة كأنها جيفة يقف فوقها طائر وضيع‬
‫جسدها‪.‬‬

‫ال أعلم بالضبط ما شعرت به « هنا»؛ ألنها طوال فترة وجودها مع سلطان‬
‫سقف واحد كانت صابرة متس ّترة على جرائمه الشنعاء‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تحت‬

‫اللفظي الذي تتعَّ رض له من‬


‫ّ‬ ‫وعلمت من صديقة أخرى لي من كثرة العنف‬
‫زوجها‪ ،‬كانت تتحسس وجها على المرآة وتتأكد من مالمحها وتتساءل‪:‬‬
‫« هل هناك وجه شبه بيني وبين البهيمة؟»‬

‫ما أوجع هذا التساؤل! وما ألعن هذا الوصف! وما ُ‬


‫أنذل هذا التشبيه !‪..‬‬
‫فهل كانت « هنا » تفعل ذلك عندما كانت تتلقى من سلطان العنف اللفظي‬
‫أيض ًا؟‬

‫بعكس امرأة ثالثة عرفتها كانت تقول‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ولكن « هنا » بالتأكيد‬
‫برائحة حظيرة»!‬
‫ِ‬ ‫« ال أريد أن اتورّط بأوالد يحكمون وجودي إلى األبد مع رجل‬

‫هنا أنجبت من سلطان الذي احتكر لنفسه دور الش ّر على مسرح حياتها‪ ،‬ولدا ً‬
‫موجع إلى‬
‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫مس إنسانيتي‬
‫أسمته على اسم والدها إبراهيم‪ ،‬الرجل الذي َّ‬
‫حد كبير‪.‬‬
‫ًّ‬

‫ً‬
‫بدقائق قـليلة من يوم لقائي بإبراهيم‪ ،‬كانت الكالب تنبح‬ ‫بعد أن انتصف الليل‬
‫أن‬
‫ّ‬ ‫ة‬‫ن‬‫ّ‬ ‫ظا‬ ‫الفراش‬ ‫في‬ ‫جوليا‬ ‫إعتدلت‬ ‫المفتوحة‪.‬‬ ‫نومي‬ ‫غرفة‬ ‫نافذة‬ ‫وتزمجر تحت‬
‫‪11‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫لص يحاول اقتحام أحد المنازل‪ ،‬أو ربّما كان‬ ‫بد قد تنبهت إلى وجود ّ‬‫الكالب ال ّ‬
‫يمر في الجوار‪ .‬إال أن عدم وجودي في السرير معها في‬ ‫أحد السكارى القذرين ّ‬
‫تلك الليلة أنساها ما يحصل في الخارج فنهضت من السرير وارتدت « الروب‬
‫دو شامبر » وخرجت من الغرفة بحث ًا عني‪..‬‬

‫كانت جوليا فاتـنة بكـل معنى الكلمة‪ .‬بل كانت سـاحرة‪ّ ،‬‬
‫أخاذة‪ ،‬ذكية‪ ،‬عاقلة‪،‬‬
‫وخفة ظلها وجمالها الف ّتان شبه السحريّ ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حكيمة ورقيقة القلب‪ ،‬وبدفئها‬
‫خلبت لباب قلبي من النظرة األولى‪ .‬وقتها آمنت ألول مره في حياتي‪ ،‬بأنني‬
‫الحب رغم أنني قطعت على نفسي عهدا ً بعدم الدخول بأية عالقة‬ ‫ّ‬ ‫واقع في‬
‫بعد انفصالي عن زوجتي األولى ‪.‬‬

‫هي في منتصف األربعين من العمر إال أنها كانت التزال جميلة‪ ،‬وال ّ‬
‫يدل شكلها‬
‫على حقيقة عمرها‪ .‬كان لها شعر داكن‪ ،‬وبشرة قشديّة اللون‪ ،‬وعينان‬
‫صفات جميلة جعلتني أقع أسيرا ً في شباكها‪ ،‬متناسيًا‬‫ٌ‬ ‫رماديتان واسعتان‪.‬‬
‫همومي ومشاكل زواجي األول وعدم تمكني من اإلنجاب‪.‬‬

‫الشرفة وقطعت ضجّ ة أفكاري التي كانت تتزاحم وتطوف‬ ‫خرجت جوليا إلى ّ‬
‫حول الشيخ إبراهيم بإبتســامتها الرقيقة الساحرة لتجدني جالس ًا وحدي على‬
‫ال ورقة وقلم ًا ألكتب‪.‬‬
‫الشرفة حام ً‬

‫حاولت قبلها الكتابة فهناك طاقة كبيرة تسكنني وأفكار كبيرة في رأسي‬
‫أن الحديث الجميل عنك يا إبراهيم بسبب روعة‬ ‫تريد الخروج‪ ،‬إال أنني شعرت ّ‬
‫بدأت في‬
‫ُ‬ ‫روحك يستحق أن يكتبه قلم أكثر جدارة‪ .‬كم تلعثمت حينما‬
‫الكتابة عنك يا سيدي‪ ،‬وأنا أعرف أن كاتب ًا أفضل م ّني سـيفعل ذلك‪ ،‬وسيـبـذل‬
‫ســاعات قليلة مرَّت على لقائي بك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كامل طاقته في وصفك ومديحك‪،‬‬
‫أنـت كريم‬
‫أنت في معرفتك‪ ،‬مثلما َ‬ ‫ّ‬
‫كالثريا ‪ .‬غزير َ‬ ‫ومنزلتك عندي باتت عالية‬
‫في شمائلك‪.‬‬

‫اقتربت م ّني جوليا وسألتني عن سبب عدم خلودي للنوم‪ .‬فأخبرتها عن كل‬
‫لقاء ال ينسى !‪ ..‬لم أزل تحت تأثيره‬
‫ما حصل معي‪ ،‬وبدأت كالمي بـ « يا له من ٍ‬
‫ومتحمس ًا كمن وجد خريطة ٍ‬
‫كنز قديم‪ ،‬إال‬ ‫ّ‬ ‫حتى اآلن»‪ ..‬كنت سعيدا ً حينها‬
‫طفل حرارته عالية؛‬
‫ٍ‬ ‫كيد تصفعُ بقوة ووحشيّة وجه‬ ‫أن ر ّدة فعلها صدمتني ٍ‬
‫التزامات مصيريّة مشتركة‬
‫ٍ‬ ‫بسبب‬ ‫به‬ ‫بدأت‬ ‫ما‬ ‫متابعة‬ ‫طلبت مني أن ّ‬
‫أكف عن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بيننا في الخارج وذكرتني بالعقد الذي وقعناه سويا مع إحدى الشركات قبل‬
‫شهور‪ ،‬وأن زيارتنا إلى لبنان هي للراحة واالستجمام فقط قبل الغوص في‬
‫معترك مشروعنا القادم‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫التعجب‬
‫ّ‬ ‫قلت لها و صور‬
‫ُ‬ ‫« ظـننت أنـك سـتفرحين بما يحصل معي اآلن»‬
‫تتــراقص أمـام مخيّلتي‪.‬‬

‫لقد كانت جوليا التزال على ثقة بأنها مهما كان األمر محبط ًا لي فمن األفضل‬
‫أن تنهيني عن المباشرة في قضيتي اإلنسانيّة الجديدة هذه وذلك لسالمة‬
‫مشروعنا خوف ًا منها على مستقبلنا المادي بحال أجبرنا على تسديد البند‬
‫الجزائي الذي وضعته الشركة بحال أخلفنا في التنفيذ‪.‬‬
‫ّ‬

‫أشد تعاستي في تلك الليلة!‬


‫فما ّ‬

‫وتمسكي بخريطة الكنز عادي ًا‪ .‬فهو ليس سيناريو‬


‫ّ‬ ‫لم يكن حماسي واندفاعي‬
‫فيلم جميل وجديد‪ ..‬بل كان عثورا ً على قصة بسيطة تحمل بين سطورها‬
‫تسليط‬
‫ِ‬ ‫معان عميقة تختلج بقضايا إجتماعيّة أحتاج لمعالجتها‪ ،‬أو على األقل‪،‬‬
‫ٍ‬
‫الضوء عليها ‪ ،‬كما أنني قطعت للشيخ إبراهيم وعدا ً بمساعدته ومساندته‪،‬‬
‫لذا قررت أن أؤثره وقصته على نفسي‪.‬‬

‫علي أن أشغل تفكيري اآلن؟ بكيفيّة المباشرة في تنفيذ وعدي للشيخ‬ ‫بماذا َّ‬
‫ّ‬
‫إبراهيم‪ ،‬أم بكيفيّة حصولي على صك الغفران من جوليا لقراري الذي اتخدته‬
‫وسرحت‬
‫ُ‬ ‫فتركت جوليا وإبراهيم مع ًا‬
‫ُ‬ ‫دون عودة؟ وهُ نا راحت تتشتت أفكاري‪،‬‬
‫في الالشيء‪ ،‬أفكر بالالشيء‪ ،‬وغضبت من الشيء!‬

‫تلون‬
‫الصمت‪ .‬صور وأفكار تتالحق وعتمة ّ‬ ‫عويل في رأسي يهشم جمجمة ّ‬
‫كل جميل بسواد غريب‪ .‬لذاك الصمت طعم آخر‪ ،‬أكثر ملوحة وحموضة‬
‫بصوت ينهاني عن « الالشيء » الذي أبحر‬
‫ٍ‬ ‫وحرارة وشراسة! لحظات وشعرت‬
‫فيه أللتفت إلى شيء‪ ..‬أي شيء‪ ..‬لم أجد أمامي سوى عاداتنا وتقاليدنا التي من‬
‫ٌ‬
‫ناقمة جدا ً عليها‪ ،‬العـادات والتقـاليد التي تـفرض على األنثى‬ ‫المؤكد أن « هنا »‬
‫عدم التطرّف باألخالق‪ ،‬والذكر له ما شــاء أن يفعل‪.‬‬

‫أكره هذا النوع من عاداتنا وتقاليدنا‪ ،‬وأنفر من األشخاص الذين يتمسكون بها‪،‬‬
‫والسؤال‪ :‬هل بإمكاني التغيير؟ الكثير من الناس يعتبرونها جزءا ً من أبجدية‬
‫الوجود دون أيّ طموح بمساحة أكثر لحدود حريّتهم وتحركاتهم‪ ،‬ال سالح‬
‫دقة قديمة » وسرعان ما‬ ‫للتغيير سوى قلمي‪ ،‬والقراءة في عصري هذا باتت« ّ‬
‫ُ‬
‫أحافظ على اندفاعي‪،‬‬ ‫علي أن‬
‫نبّهت نفسي من الوقوع في بئر اإلحباط والخيبة‪َّ ،‬‬
‫وخرجت من المنزل تارك ًا جوليا في سريرها تنتظر أيّ ر ّد‬
‫ُ‬ ‫فأخذت مفاتيحي‬
‫‪13‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫فعل م ّني كي أصالحها وأعدل ّ‬


‫عما قررته أو على األقل أن أدخل عندها وأتابع‬
‫معها الحوار‪.‬‬

‫قادتني قدامي بين سويعات الليل الحالك نحو السيارة وبدأت ّ‬


‫ألف بشوارع‬
‫بيروت وأنا أسمع األغاني‪ ،‬وإذا بأغنية تقول كلماتها‪:‬‬

‫إنت القوة؟‬
‫إنت نقطة ضعفي واال َ‬ ‫« َ‬
‫جواتي بحبّو بقوة!‬‫إنت أكتر حدا ّ‬
‫َ‬
‫رايح وكلمة ياريت‬
‫مابتر ّدك لو ف ّليت‬
‫روح يلال روح‬
‫ووعدني ما تعرفني لو فيك التقيت‬
‫اسمي عن شفافك شلت‬
‫إنت قدرت؟‬ ‫خبّرني كيف َ‬
‫تحمل جروح‬‫حدي وقلت ّ‬ ‫لما وقفت ّ‬‫ّ‬
‫هلق خلص اهلل معك‬
‫رايح ما فيي إمنعك‬
‫غمرني عَ بالي و ّدعك قبل ما تروح»‬

‫أثناء سماعي لألغنية شعرت وكأن جوليا جالسة أمامي في السيارة‪ ،‬وصوت‬
‫أذني أحسست أنه صوتها‪ ،‬تخيّلت نظراتها التي يغمرها العتب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المغ ّني في‬
‫وفجأة تصورتها تبتسم ابتسامة ساخرة عند وصولي إلى المقطع األخير من‬
‫األغنية الذي يقول‪:‬‬

‫إنت متلي‬
‫« مش لحالي رح إتوجَّ ع َ‬
‫لما تمشي بعدا بلحظة رح تفقدلي‬ ‫ّ‬
‫ورايح وكلمة ياريت‬
‫مابتر ّدك لو فليت‬
‫روح ي ّلال روح‬
‫ووعدني ما تعرفني لو فيك التقيت»‪.‬‬

‫لم أفهم معنى الخوف إال يومها‪ ،‬الخوف من فقدان أكثر إنسان أحبّه في هذا‬
‫كل ما أسمعه‪ ،‬لم أشغل‬ ‫العالم‪ ،‬كان إيقاع صرير أسـناني وضربــات قلبي هو ّ‬
‫بالي بصوت الموسيقى واألغاني وهدير السيارة بعد هذا المقطع‪ ،‬فهل أصاب‬
‫كاتب هذه األغنية حق ًا حين وصف أن األلم سيطالنا مع ًا؟ وهل من طريقة‬
‫إقناع قويّة أجعل فيها جوليا تساندني وتقف جانبي؟!‬
‫‪14‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫محنة أم ّر فيها؟ وأيّ مصيبة ح َّلت بي؟‬


‫ٍ‬ ‫أيّ‬

‫قرأت مرة في كتاب كان اسمه « عالم السكون » جملة تقول‪ « :‬بعض الناس‬
‫ّ‬
‫يحطمون األرقام القياسيّة»‪.‬‬ ‫والمحَ ن‪ ،‬والبعض‬ ‫ّ‬
‫يتحطمون عند المصائب ِ‬

‫ّ‬
‫ألحطم!‬ ‫َّ‬
‫أتحطم ولكن في الوقت نفسه ال أملك القوة‬ ‫ال أريد أن‬

‫َّ‬
‫واستقرت قرب كورنيش‬ ‫قادتني عجالت سيارتي نحو منطقة عين المريّسة‪،‬‬
‫البحر‪ ،‬أطفأت محرّك السيارة ونزلت منها‪ ،‬قطعت الشارع متوجه ًا نحو مقهى‬
‫« أنكل ديك» ألشتري فنجان قهوة‪.‬‬

‫ال أعلم لماذا عند وصولي ووقوفي أمام صندوق الدفع طلبت الشاي مع النعنع!‬

‫كانت الساعة الثالثة وثماني دقائق‪.‬عرفت ذلك ألنني بعد أن خرجت من‬
‫المقهى وبيدي كوب الشاي الكرتوني وقطعت الشارع من جديد ألقف أمام‬
‫البحر‪ ،‬اقترب مني شاب‪ ،‬سألني عن الوقت وأجبته‪.‬‬

‫جلست على درابزين الكورنيش البحريّ ‪ ،‬وجهي نحو البحر وظهري للكرة‬ ‫ُ‬
‫األرضيّة‪ .‬ال أريد أن اسرح في الالشيء مجدداً‪ .‬حاولت التفكير كي أصل إلى ّ‬
‫حل‬
‫مما أنا فيه‪ ،‬ويأتي صوت من خلفي يقطع محاولة التفكير الفاشلة‪:‬‬
‫يخرجني ّ‬
‫عفوا؟»‪.‬‬
‫ً‬ ‫«‬

‫التفت ألرى من هو صاحب هذا الصوت‪ ،‬إنه الشاب نفسه الذي سألني عن‬
‫ّ‬
‫الوقت وأجبته‪.‬‬

‫« هل بإمكاني االنضمام إليك أم تو ّد الجلوس وحدك؟» قال ذلك بلطف بالغ‬


‫راغب بالبقاء وحدي‪ ،‬ولكن لطفه‬
‫ٌ‬ ‫« طبع ًا بالتأكيد‪ ..‬أتشرّف بذلك»‪ .‬أجبته وأنا‬
‫أحرجني وجعلني أوافق على طلبه‪.‬‬

‫إلي ولكنه الزم الصمت‪ .‬جلست أنظر إليه منتظرًا أن يقول شيئ ًا‪ ،‬فلم‬ ‫ّ‬
‫انضم َّ‬
‫يفعل‬

‫حسن ًا‪ ،‬ألبدأ أنا بالحديث إذاً‪.‬‬

‫« ما اسمك؟»‬
‫« حسام‪ ،‬وأنت؟»‬
‫‪15‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫لم أشأ أن أقول له اسمي الحقيقي خوف ًا من أن يتعرف على هويتي الحقيقيّة‪،‬‬
‫يضج باألسئلة حول مسيرتي في عالم‬ ‫ّ‬ ‫صحفي‬
‫ّ‬ ‫لقاء‬
‫ٍ‬ ‫وتتحول الجلسة إلى‬‫َّ‬
‫الكتابة وانطالقتي‪ ،‬ويدخل بعدها إلى تفاصيل حياتي الشخصيّة‪ ،‬فأطلقت‬
‫مراء فيه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لحديث ليس لي‬
‫ٍ‬ ‫لنفسي إسم ًا وهمي ًا تجنب ًا‬

‫« اسمي زياد»‪.‬‬
‫ّفت بك»‪.‬‬ ‫« تشر ُ‬
‫« وأنا أيض ًا»‪.‬‬

‫ً‬
‫شيئا لم أجد له‬ ‫وعاد مجددا ً حسام لصمته‪ ،‬فنظرت إليه ووجدت في عينيه‬
‫تفسيرا‪.‬‬

‫لم أكن منزعج ًا من وجوده معي‪ ،‬ألني كنت أرغب بالتفكير في أشياء ال عالقة‬
‫جدت على حياتي‪ ،‬فبادرته مجددا ً بالكالم ودار بيننا هذا الحوار‪:‬‬
‫لها باألمور التي َّ‬
‫« ما بك ياصديقي؟»‬

‫أخرج حسام من صدره تنهيدة ضيق‪ ،‬شعرت بسخونتها وامتزجت مع‬


‫النسمات الباردة التي تخرج من صدر البحر وشتم جنس حواء‪ ،‬استغربت ر ّده‬
‫ور ّدة فعله‪ ،‬فسألته‪:‬‬
‫« لماذا؟»‬
‫عملت جاهدا ً للوصول إليها وصرفت ّ‬
‫كل ما أملك وتزوجتها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫« ألن المرأة التي‬
‫اكتشفت أنها معطوبة»‪.‬‬
‫ُ‬
‫« معطوبة؟! ماذا تعني بمعطوبة؟»‬
‫أجابني بخيبة‪:‬‬
‫« ليست عذراء‪ ،‬خدعتني»‪.‬‬

‫ولزمت‬
‫ُ‬ ‫بم عساي أن أجيبه؟ لم أجد ما أقوله له‪ ،‬فدرت وجهي نحو البحر‬
‫َ‬
‫الصمت‪.‬‬

‫عاد الصمت مجددا ً واستغرق ذلك عدة دقائق ونحن ننظر إلى األمواج الفضيّة‬
‫التي تعكس نور القمر‪.‬‬

‫شعرت بالنعاس وكان لي رغبة كبيرة أن أقفز الى األسفل حيث الصخور وأنام‬‫ُ‬
‫ً‬
‫إال أن حسام تابع كالمه بعد هذه االستراحة ساردا قصة أضاعت مني تلك‬
‫الرغبة الجامحة بال ّنوم‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫بكل ما للكلمة من معنى‪ ،‬أحببتها جدا ً‬ ‫ّ‬ ‫« ك ّنا أنا و هي ثنائ ّي ًا رائع ًا‪ ،‬حبيبان‬
‫عرس‬
‫ٍ‬ ‫حفلة‬
‫ِ‬ ‫حددنا موعود حفل ال ّزفاف وتز ّوجنا‪ ،‬وبعد‬ ‫وظننت أنها تحبني أيض ًا‪ّ ،‬‬
‫وقت طويل‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫منذ‬ ‫خرتها‬ ‫د‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫التي‬ ‫األموال‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫أسطوريّة أنفقت عليها‬
‫ً‬
‫دخلت وعروسي الجميلة إلى جناحنا في الفندق‪ ،‬كنت أطير فرحا ألن حلمي قد‬
‫مخلوق على وجه األرض‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وصرت زوج ًا ألجمل‬ ‫ُ‬ ‫تحقق‬

‫الشموعٌ والورود الحمراء واألنوار الخافتة والموسيقى الهادئة التي كانت‬


‫جو الغرفة إختفت فجأة من أمامي‪ ،‬ووجدت نفسي ألطمها على‬ ‫تسيطر على ّ‬
‫الدم الذي لم أره‪ ،‬لقد استغفلتني‬
‫ّ‬ ‫بعنف شديد دون وعي وأنا أسألها عن‬
‫ٍ‬ ‫وجهها‬
‫علي!‬
‫وضحكت ّ‬

‫لقد تسبّبت بفقداني إلحساسي وجرّدتني من مشاعري كلي ًا‪.‬‬

‫وقفت أمامي وهي نصف عارية تبكي وتجيبني مرعوبة بأنها َّظنت أنني رجل‬
‫أهتم لتلك العادات والتقاليد القديمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متحضر وال‬

‫ّ‬
‫بالتحضر؟»‬ ‫باهلل عليك يا زياد‪ ،‬ما عالقة الشرف‬

‫الكرتوني الذي أحمله في يدي قد فرغ من الشاي‪ ،‬قمت عن‬


‫ّ‬ ‫كان كوب الشاي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫درابزين الكورنيش تاركا حسام وسرت نحو سلة النفايات وعند عودتي إلى‬
‫مكاني وجدت حسام قد وقف استعدادا ً للرحيل‪.‬‬

‫أنت ذاهب؟» سألته مستغرب ًا‪.‬‬


‫« إلى أين َ‬

‫أجاب‪:‬‬
‫حل أنتظره منك‪ ،‬ولك ّنني رغبت أن أفرّغ شحنة الغضب‬
‫« قضيّتي ليس لها ّ‬
‫علي الذهاب»‪.‬‬
‫قصتي واآلن َّ‬
‫بإخبارك ّ‬

‫« اسمع يا صديقي‪ ،‬أنا لن أنصحك أو أقول لك ما عساك أن تفعل‪ ،‬ولك ّنني‬


‫ال كما تقول‪،‬‬‫سأقول لك شيئ ًا واحدا ً فقط‪ ،‬وهو أنها لو أرادت خداعك فع ً‬
‫لكانت أجرت عمليّة أعادت لها عذريتها وتابعت حياتها معك»‪.‬‬

‫وكأن ماقلته لم يطفئ له حرقته وسار بعيدا ً عني‬


‫ّ‬ ‫إلي حسام نظرة غريبة‬
‫نظر ّ‬
‫ينبس ببنت شفة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دون أن‬

‫نعم! هذه هي عاداتنا وتقاليدنا مجدداً‪ ،‬وهذه هي حياتنا‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫عدت إلى منزلي بعد مشوا ٍر مريح نوع ًا ما‪ ،‬فكورنيش عين المريّسة في بيروت‬
‫لطالما كان النقطة األنسب لي لإلبتعاد عن الضجيج وال ّزحام‪.‬‬

‫أعتبره شريان الحياة في بيروت‪ ،‬ورج ًلا قوي البنية يحمل فوق أكتافه هموم‬
‫اللبنانيين‪.‬‬

‫كانت جوليا نائمة كالمالك‪ ،‬صعدت إلى السرير وتمددت قربها بهدوء كي ال‬
‫وأتذكر حكاية كانت أمي تخبرها لجليساتها ع ّني‪ ،‬يوم‬
‫َّ‬ ‫ورحت أتأملها‬
‫ُ‬ ‫أزعجها‪،‬‬
‫كنت أدخل غرفتها في الظالم لي ً‬
‫ال وأقف قرب سريرها وأسألها بحزن‪:‬‬
‫« هل أستطيع ال ّنوم في سريرك ماما؟ ّ‬
‫أظن أن هناك كلب ًا أسود اللون وضخم‬
‫جدا ً في خزانتي»‪.‬‬

‫فتوافق أمي على الفور وتتحرّك في السرير لتفسح لي المجال‪ ،‬فأعانقها وأنام‬
‫بقربها‪ .‬وفي الصباح أهمس لها وأنا أشعر بالدفء ‪:‬‬
‫« أمي ؟ بالنسبة للكلب األسود‪ ،‬إنه من اختراعي»‪.‬‬

‫إلي بحنان وتبتسم ّ‬


‫وتقبل وجنتي وتقول لي‪:‬‬ ‫كانت تنظر َّ‬
‫« أعرف ذلك»‪.‬‬

‫كم تمنيت حينها أن أقوم بخدعة الكلب األسود الضخم مع جوليا تلك الليلة‪.‬‬

‫جدت على حياتي في اليوم السابق‪.‬‬


‫يوم جديد‪ ،‬وامتداد لألحداث التي َّ‬

‫َّ‬
‫تتحضر للخروج‬ ‫عيني وأنا في سريري ألجد جوليا تقف أمام المرآة‬
‫ّ‬ ‫فتحت‬
‫وتراقبني‪.‬‬

‫وكأن شيئ ًا لم يكن‪ ،‬صوتها كان‬


‫ّ‬ ‫علي تحية الصباح‬
‫َح عليها ألقت َّ‬ ‫قبل أن أُصب ُ‬
‫ممزوج ًا بعدم االهتمام والالمباالة‪.‬‬

‫ومتمسكة بي‪ .‬حاولت حينها أن تظهر لي عدم اكتراثها‬‫ّ‬ ‫جوليا امرأة ذكية‬
‫لفت ال ّنظر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إلى‬ ‫تميل‬ ‫كانت‬ ‫معي‬ ‫وتصرفاتها‬ ‫بقراري‪،‬‬

‫أجابتني بعد أن سألتها عن خروجها بأنها ذاهبة لشراء بعض األغراض قبل‬
‫سفرها‪ .‬طريـقتها كانـت اسـتفزازيـّة ألفتح الموضوع من جديـد‪ ،‬وعندما‬
‫‪18‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫فتحته أنــا‪ ،‬أقـفلته هي وحملت حقيبة يدها وخرجت من المنزل‪.‬‬


‫كان أسلوب جوليا موجع ًا جداً‪.‬‬

‫ماذا أقول لها؟ ماذا أفعل كي أداوي غيظها من قراري؟ كان عقلي في كامل‬
‫َّ‬
‫أتمكن من‬ ‫وعيه‪ ،‬لكن لم أستطع التفكير‪ ،‬ولساني بكامل نشاطه‪ ،‬لكن لم‬
‫الحديث‪.‬‬

‫قلت لنفسي‪ :‬لديّ بعض الوقت كي أحاول إقناعها بالبقاء معي‪،‬‬


‫ُ‬ ‫تركتها تذهب‪،‬‬
‫حضرت بعض المالبس للخروج‬ ‫ترجّ لت عن سريري وبدأت أخطو نحو خزانتي‪ّ ،‬‬
‫حمامي الصباحي المعتاد وأخرج‪ ،‬فلديّ الكثير من‬
‫الحمام ألخذ ّ‬‫ّ‬ ‫وا ّتجهت نحو‬
‫األعمال ألقوم بها ذاك اليوم‪.‬‬

‫أحدق بكل شيء كما لو أنني أنزل أول مرّة‪.‬‬


‫نزلت إلى الشارع وكنت ّ‬

‫يحدق بمعلمه الذي لم يفهمه الدرس‪ .‬صراحة ال أعلم‬


‫ّ‬ ‫كطفل‬
‫ٍ‬ ‫كنت أنظر‬
‫لماذا؟‬

‫محدق ًا في كل التفاصيل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السير نحو السيارة وال أزال‬
‫بدأت ّ‬

‫السـجن للجلوس مع رئيـس السـجن‬ ‫السـير الخانقة أثـناء توجهي إلى ّ‬


‫في أزمة ّ‬
‫والحديث معـه حول أكثـر من أمر يتع ّلق بقضيـّة الشيـخ إبـراهيم‪ ،‬طاب لي‬
‫أن أســمع أي شيء بصوت أم كلثوم‪ ،‬فصوت هذه السيدة الجبّار رغم قوته‬
‫وذكريات قديمة أتمنى أن أعيشها مجدداً‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وقسوته‪ ،‬يعيدني إلى أيام‬

‫تحب سماع صوت‬ ‫ّ‬ ‫أن والدتي وهي خير من أنجبت حواء من بشر‪ ،‬كانت‬ ‫يكفي ّ‬
‫دقت الساعة ّ‬
‫دقة واحدة في‬ ‫أم كلثوم‪ ،‬والدتي التي توفيت في سريري بعد أن ّ‬
‫سنوات طويلة‪ّ ،‬‬
‫دقة وحيدة بدت لي خطوة أخيرة‪ ،‬والدتي التي اعترفت‬ ‫ٍ‬ ‫الليل من‬
‫كفي بكلتا يديها و تمرغه فوق شفتيها على‬ ‫لي بس ًّر خطير وهي تمسك ّ‬
‫فراش الموت‪ ،‬س ٌّر ال أسمح لقلمي أن يكتبه فوق أيّ ورقة كانت!‬

‫أخذت أبحث بين المحطات اإلذاعيّة ع ّلني أجد أغنية تعود بي لزمني الجميل‪،‬‬
‫فاستوقفني صوت رخيم يتحدث بطالقة‪ ،‬ال أعرف من هو صاحبه‪ ،‬ولكن‬
‫القصة التي‬
‫ّ‬ ‫بجزء من‬‫ٍ‬ ‫يتحدث فيه له عالقة غير مباشرة‬ ‫ُ‬ ‫الموضوع الذي‬
‫وأخذت أستمع إلى كالم‬‫ُ‬ ‫أُعايشها‪ ،‬سحبت يدي عن جهاز الراديو من السيارة‬
‫الرجل الذي قال‪:‬‬
‫تهدد‬
‫ّ‬ ‫الحداثة‬ ‫بأن‬ ‫شعرنا‬ ‫ما‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫وعاداتنا‬ ‫تقاليدنا‬ ‫إلى‬ ‫بحرارة‬ ‫نعود‬ ‫« لذلك فإننا‬
‫‪19‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫كياننا‪ .‬نعود إلى تقاليدنا وعاداتنا الدافئة‪ ،‬الحميمة‪ ،‬التي ّ‬


‫توفر لنا الطمأنينة‬
‫النفسيّة»‪.‬‬

‫حميمة؟!‬
‫دافئة؟!‬
‫طمأنينة نفسية؟!‬
‫عن أيّ عادات وتقاليد تتحدث؟‬

‫عن رقص أهل العروس بعد ليلة الزفاف صباح ًا وبيدهم المنديل األبيض الذي‬
‫يشهد على طهارة ابنتهم؟‬

‫الجد‪ ،‬ليحمل إسم ًا قديم ًا طوال‬


‫ّ‬ ‫الطفل البكر بتسميته على اسم‬‫عن ظلم ّ‬
‫ويتحمل سخرية أصدقائه األطفال ويعيش معقدا ً كاره ًا إسمه‬ ‫َّ‬ ‫حياته‬
‫الحقيقي؟‬
‫ّ‬

‫عن الذبائح وطلقات الرصاص والزغاريد وتوزيع ليرات ّ‬


‫الذهب تعبيرا ً عن الفرح‬
‫ويعم الحزن إذا اقترنت التاء المربوطة بكلمة مولود؟‬
‫ّ‬ ‫بحال كان المولود ذكراً‪،‬‬
‫عن نظرة المجتمع للمطلقة على أنها سلعة منتهية الصالحيّة وسهلة‬
‫المنال؟‬

‫الشقيقات بدعوى الحفاظ على المال واألرض؟‬ ‫عن االستئثار بورثة األب وحرمان ّ‬
‫فإن الطالق سيكون مصيرها؟‬‫عن ضغط ال ّزوج على زوجته للمطالبة بإرثها وإال ّ‬
‫يتزوج على زوجته أُم البنات؟‬
‫عن ال ّزوج الذي َّ‬

‫عن األم التي تسعى لتزويج ابنها ثانية وثالثة وربّما رابعة كي تحمل حفيدها‬
‫بين يديها؟‬

‫ّ‬
‫والشرف على حساب تعليمها‬ ‫ّ‬
‫للعفة‬ ‫يزوج ابنته القاصر ضمان ًا‬
‫عن األب الذي َّ‬
‫وتكوين الوعي لديها؟‬

‫صلت بصديقي المحامي نزار صعب وأخذت‬


‫ُ‬ ‫اطفأت جهاز الراديو دون تفكير‪ ،‬وا ّت‬
‫ُ‬
‫منه موعدا ً للقائه‪ ،‬وا ّتفقنا مع ًا على أن نلتقي في تمام الرابعة من بعد ظهر‬
‫اليوم نفسه‪.‬‬

‫بالدقة في المواعيد‪ ،‬دائم ًا أصل قبل موعدي إلى‬


‫في طبيعتي أنا إنسان ملتزم ّ‬
‫المكان الم ّتفق عليه‪ ،‬ولكن أبقى في سيارتي إلى أن يحين الوقت ّ‬
‫ثم أدخل‪ ،‬ال‬
‫‪20‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫أتاخر وال أدخل قبل الوقت الم ّتفق عليه بتات ًا‪.‬‬

‫في تمام الساعة الرابعة من بعد الظهر‪ ،‬قرعت جرس باب منزل صديقي‬
‫المحامي نزار صعب‪.‬‬

‫للجلوس في صالون منزله الذي ورثه عن‬‫ِ‬ ‫استقبلني استقبا ًال رحب ًا ودعاني‬
‫بحب كبير وعظيم مما جعل منه‬ ‫ٍّ‬ ‫والده‪ ،‬نزار ابن عائلة راقية جدا ً وثريّة أحاطته‬
‫بقلب شفاف على عكس ما يراه الناس خالل جلسات المحاكم‬ ‫ٍ‬ ‫رج ً‬
‫ال يتمتع‬
‫والمرافعات‪ ،‬حيث يبدو محامي ًا ّ‬
‫فظ ًا ال يقبل التالعب أبداً‪.‬‬

‫تحدثنا في أمو ٍر عديدة كوننا‬


‫ّ‬ ‫أتيت من أجله‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قبل أن أُفاتحه بالموضوع الذي‬
‫ُ‬
‫فبدأت أطلع‬
‫ُ‬ ‫فترة من الزمن إال أنني الحظت أن الوقت قد بدأ يم ّر‬
‫ٍ‬ ‫نلتق منذ‬
‫ِ‬ ‫لم‬
‫قصة الشيخ إبراهيم‬‫ّ‬ ‫على‬ ‫المحامي‬ ‫صديقي‬

‫باهتمام كبير‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إلي‬
‫وأخذ هو يستمعُ َّ‬

‫ال أو مخرج ًا أو على األقل نصيحة تساعدني‬ ‫توقعت بعد ذلك أن يعطيني حّ ً‬
‫على إستبدال عالمات اإلستفهام التي تتناثر في جميع الزوايا المتع ّلقة بقضية‬
‫إبراهيم‪ ،‬إجابات أو ردود كي أبدأ بتنفيذ وعدي لهذا الشيخ السجين‪ ،‬وإذا بالصديق‬
‫العزيز يقول لي‪:‬‬
‫« قد يكون هناك في اإلجراءات ثغرة نستطيع من خاللها الدخول إلعادة‬
‫أطلع على حيثيات الحكم ودقائق األمور وذلك من‬ ‫البد أن َّ‬
‫المحاكمة‪ .‬لذلك ّ‬
‫خالل األوراق الرسميّة ومقابالت مع الشيخ إبراهيم نفسه وهيئة الدفاع عنه»‪.‬‬

‫وهنا لم يكن أمامي إال أن أسأل نفسي‪:‬‬


‫« هل هناك أمل؟ أم مؤاثرته على نفسي بعالقتي مع جوليا وضياع فرصة عقد‬
‫المشروع في الخارج ستضيع سدى؟‬

‫أيعقل أن يكون أحدا ً محكوم ًا باإلعدام وهناك ثغرة صغيرة في إجراءات‬


‫المحاكمة لم يكونوا قد تنبّهوا لها؟!!‬

‫وجود ثغرة في إجراءات المحاكمة‪،‬‬


‫ِ‬ ‫بأمل‬
‫ِ‬ ‫يتمسك‬
‫َّ‬ ‫وما الذي يجعل صديقي نزار‬
‫ال عوارا ً في اإلثباتات؟»‬
‫وال يذكر مث ً‬

‫خالجتـني األفـكار وكأ ّني ُ‬


‫رأيت قمرا ً مسـتديرا ً يُط َفئُ فجأة وتتحول ّ‬
‫السـماء إلى‬
‫ليــلة ظلماء‪.‬‬
‫ٍ‬
‫‪21‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫الباطل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ويحارب‬
‫ُ‬ ‫يناص ُر الحق‬
‫ِ‬ ‫نزار مشهو ٌد له بالتحرّي عن الحقائق‪ ،‬فهو‬
‫وعصي على‬
‫ٌّ‬ ‫ناعم الملمس‬
‫ُ‬ ‫قول أحدهم كان يصفه بأنه كالحرير؛‬ ‫َ‬ ‫وتذكرت‬
‫ُ‬
‫صهُ ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ُ‬
‫يحاول‬ ‫من‬

‫أخرجني من هذه األفكار سؤاله لي حيث قال‪:‬‬


‫ُ‬
‫يهيأ لك فرقة موسيقيّة تعزف‬ ‫أكنت ُ‬
‫تفكر في كالمي أم‬ ‫َ‬ ‫« بماذا سرحت؟‬
‫احتفا ًال بخروج الشيخ إبراهيم من السجن؟»‬

‫بصوت متردد‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وجَّ هت نظري إليه وأجبته‬
‫كنت أمنع أفكاري أن تذهب إلى غرفة اإلعدام وصوت جسد هذا الشيخ‬
‫ُ‬ ‫«‬
‫منصة المشنقة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الجليل يسقط عن‬

‫ومخفف ًا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫قال لي مقاطع ًا‬
‫« أتعلم يا صديقي؟ ليست كل القوانين الوضعيّة عادلة أو أخالقيّة‪ ،‬وال كلّ‬
‫األمور األخالقيّة هي قانونية‪ ،‬إن قناعتي بهذا األمر هي مصدر قوتي كوني أضمن‬
‫ك باليقين من حيث الشواهد واإلثباتات‪،‬‬ ‫لموكلي سالمة اإلجراءات وأقطع ّ‬
‫الش ّ‬
‫جن أبرياء»‪.‬‬
‫الس ِ‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬ياما في ّ‬

‫فاستوقفته مستوضح ًا‪:‬‬


‫« ما الذي ترمي إليه؟»‬

‫فأردف قائ ً‬
‫ال‪:‬‬
‫أغلب حاالت حكم اإلعدام‪ ،‬تسـو ُد المحكمة حاالت نفسيّة في غاية‬ ‫ِ‬ ‫« في‬
‫نفسي شديد‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫والدفاع والقاضي يتملكهم ضغط‬ ‫ّ‬
‫التعقيد؛ فالمتهم واال ّدعاء ّ‬
‫يحجب بعض ال ّنقاط الهامة عن الم ّتهم ّ‬
‫والدفاع‪ ،‬فيفشلون في مقارعة‬ ‫ُ‬ ‫قد‬
‫واإلثبات بالنفي»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الحجّ ة بالحجّ ة‬

‫النفسي الذي عشته في تلك اللحظات والذي كان ظاهرا ً‬


‫ّ‬ ‫شعر نزار بالضغط‬
‫على وجهي كظهو ِر شمس آب‪.‬‬

‫مما كنت فيه‪.‬‬


‫فاختار طريقة لم ترق لي كي أخرج ّ‬

‫حدثني عن سلمى‪ ،‬والحديث عن هذه المرأة يشعرني بعدم الراحة‪ ،‬سلمى هي‬ ‫ّ‬
‫زوجتي األولى‪ ،‬ووجعي األول!‬

‫‪22‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫كانت امرأة عادية بشكلها‪ ،‬وأكثر من جميلة بروحها‪ .‬إمرأة تبدو لمن يقع‬
‫عكس ذلك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫نظره عليها ألول مرة ساذجة وبسيطة‪ ،‬ولكن سلمى كانت على‬
‫ربّما ألنها لم تكن تتظاهر بذكائها وال يروق لها التباهي باألنا‪ ،‬إبتسامتها كانت‬
‫أَقرب صديقاتها‪ ،‬وأنثوتها كانت س ُّر إعجابي بها‪.‬‬

‫لقاؤنا األول يشبه بدايات أغلب األفالم والروايات الرومانسيّة‪.‬‬

‫لشراء كتاب جديد‪ ،‬مكتبة يملكها وليد شقيق نزار‪،‬‬


‫ِ‬ ‫يوم إلى مكتبة‬
‫ذهبت ذات ٍ‬
‫ُ‬
‫كل كتبي من عنده‪ ،‬وعندما‬ ‫وهو صديقي أيض ًا‪ ،‬كنت أحرص دائم ًا على شراء ّ‬
‫دخلت المكتبة وجدت سلمى هناك بد ًال من وليد‪ ،‬لم أكن أعرفها بعد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫سألتها عن وليد فأخبرتني أنه سافر لبضعة أيام وح َّلت مكانه في المكتبة‬
‫ريثما يعود من سفره‪.‬‬

‫فترة من ال ّزمن أنها نظرات إعجاب‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫نظرات فهمت بعد‬
‫ٍ‬ ‫إلي‬
‫كانت تنظر َّ‬

‫أما أنا فلم أشعر وقتها تجاه سلمى بأيّ شيء‪ ،‬ولم تلفت نظري حتى‪ .‬اشتريت‬
‫كتاب لم أجده في المكتبة‪ ،‬ووجدت سلمى تطلب‬‫ٍ‬ ‫ثالثة كتب وسألتها عن‬
‫تؤمنه‪.‬‬
‫مني رقم هاتفي كي تعلمني بوجوده حالما ّ‬

‫أخـرجَ ت من أحد أدراج المكتبة دفترا ً صغيرا ً ووضعته أمامي ألد ّون رقمي‪،‬‬
‫فابتسمت لها وكتبت رقم هاتفي عليه ثم قطعت الورقة وأعطيتها إيّاها‬
‫قائال‪:‬‬
‫« بانتظار ا ّتصالك آنستي»‪.‬‬

‫إلي وأنا أخرج من‬


‫ضغطت سلمى على الورقة بين أصابعها الجامدة وهي تنظر ّ‬
‫باب المكتبة‪.‬‬

‫يرن‪ ،‬أجبت‬ ‫ُ‬


‫أبحث عنه‪ ،‬وإذ بهاتفي ّ‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫مضى أسبوع ونسيت أم َر الكتاب الذي‬
‫وسألت الم ّتصل‪:‬‬
‫ُ‬
‫« من معي؟»‪.‬‬
‫بصوت رقيق يملؤه الخجل‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫فأجابتني‬
‫بوقت غير مناسب؟»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫صلت‬
‫ُ‬ ‫أحدثك من مكتبة وليد‪ ،‬هل ا ّت‬ ‫« أنا سلمى‪ّ ،‬‬
‫« ال‪ .‬ال أبدا‪ .‬أهال بك بأيّ وقت آنستي»‪.‬‬
‫« أ ّتصل بك ألعلمك بأن الكتاب الذي طلبته أصبح متوفرا لدينا»‪.‬‬
‫ً‬
‫« خبر جيد ‪ ..‬سأم ّر حين أكون في منطقتكم ألشتريه»‪.‬‬
‫« تشرّفنا في أيّ وقت أستاذ»‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫أنهيت المكالمة وأقفلت الخط‪ ،‬وعدت ونسيت الموضوع تمام ًا‪ ،‬إال أنني‬
‫تذكرته بعد أيام عند مروري من أمام المكتبة بعد عودتي من مقابلة إذاعيّة‪.‬‬
‫دخلت المكتبة وإذ بسلمى تستقبلني استقبا ًال كبيرا ً وتناديني بإسمي‪ ،‬شعرت‬
‫باإلحراج ألنني قد نسيت اسمها من جديد‪ ،‬لمست درجة اهتمامها بي حين‬
‫وجدت الكتاب الذي دخلت لشرائه موجو ًدا في مكان خاص ال يمكن أليّ زبون‬
‫رؤيته أو شراؤه‪.‬‬

‫وما أن أخذت منها الكتاب ودفعت ثمنه‪ ،‬قالت لي بلباقة‪:‬‬


‫« كتاب جميل‪ .‬لقد انتهيت من قراءته البارحة»‪.‬‬

‫ألقيت نظرة متفحصة على المرأة الشابة الماثلة أمامي‪ ،‬مستغرب ًا اهتمام‬
‫فلسفي عميق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شابة مثلها بكتاب‬

‫« غريب! لم أتوقع اهتمامك بكتاب مثل هذا‪ ،‬هل هي المرّة األولى التي تقرأين‬
‫فيها هذا النوع من الكتب؟»‪.‬‬

‫علي أسماء كتب و ك ّتاب آخرين متعمدة إثارة المزيد‬


‫وإذ بسلمى راحت تتلو ّ‬
‫من االهتمام لديّ ‪ ،‬ونجحت في اجتذاب إصغائي إلى حديثها‪.‬‬

‫« ال بد أنها متميّزة»‪.‬‬
‫قلت ذلك في سرّي‪.‬‬

‫اللقاء أخذ يج ّر اللقاء‪ .‬إلى أن صارت سلمى جزءا ً من يومياتي‪.‬‬

‫نلتقي‪ ،‬نتحدث عبر الهاتف ونتراسل أيض ًا‪.‬‬

‫لمست إعجاب ًا شديدا ً بي من قبلها‪ .‬وألن اقتناعي بها كزوجة مناسبة جدا ً لي‪،‬‬
‫أقنعت نفسي بأ ّني أحبّها‪.‬‬

‫تطلعت إلى نفسها في المرآة‪ .‬بعد ليلة لم تخلد فيها لل ّنوم فقط ألنني‬
‫وعدتها بزيارة‪ .‬بدت شاحبة الوجه‪ .‬فأسرعت إلى الحمام ووضعت بعض‬
‫المساحيق التجميليّة على وجهها لتخفي شحوب بشرتها‪.‬‬

‫متسمرة في‬
‫ّ‬ ‫وعندما سمعت طرقات متواصلة على الباب ظ ّلت لحظة‬
‫‪24‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫مكانها‪ ،‬فالحلم الذي بدأ منذ لقائنا األول ما زال مستمراً‪ ،‬واهلل وحده يعرف‬
‫متى يتحقق!‬

‫تقدمت بخطى بطيئة وفتحت الباب‪ ،‬وفوجئت بباقة الورد التي أحملها بيدي‪،‬‬
‫ابتسمت لي ابتسامة طفل في أول أيام العيد‪.‬‬

‫شدة ارتباكها تخ ّلصت م ّني ال إرادي ًا‬


‫أخذت يدها وطبعت عليها قبلة‪ ،‬ومن ّ‬
‫وابتعدت عني قائلة في لهجة مرتبكة‪:‬‬
‫« تفضل‪ .‬أهال بك أستاذي»‪.‬‬

‫رفعت حاجبي متعجب ًا وقلت لها‪:‬‬


‫أحب ان تناديني باسمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫« أستاذك؟‪ ..‬أرجوك سلمى ال تقوليها مرّة أخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫تفضلي هذه الباقة لك‪ ،‬أرجو أن تقبليها مني دليل حبّي المتواضع»‪.‬‬

‫لم يعد بعد ما قلته لوجه سلمى مالمح‪.‬‬

‫عندما أصبحت في غرفة الجلوس الصغيرة المفروشة على الطريقة المغربيّة‪،‬‬


‫التفتت نحوي وسألتني‪:‬‬
‫« قهوة؟»‪.‬‬
‫«طبع ًا»‬
‫« حسنا ‪ ..‬لن أتأخر»‪.‬‬

‫حملت سلمى باقة الورد – هديّتها األولى مني – وكأنها تحمل رضيعها‪،‬‬
‫وسارت باتجاه المطبخ‪ ،‬فاستوقفتها قائال‪:‬‬
‫« أحب ّ القهوة مرّة»‪.‬‬

‫التفتت نحوي وقالت مع ابتسامة صغيرة‪:‬‬


‫« أعرف ذلك»‪.‬‬

‫تعد القهوة في المطبخ‪ ،‬خرجت إلى الشرفة وأسندت‬ ‫وبينما كانت سلمى ّ‬
‫ظهري إلى الدرابزين ورحت أسال نفسي‪:‬‬
‫« لماذا أريــد ال ّزواج من هـذه المرأة صاحبـة المالمح العاديــة؟ ذكاؤها وحديـثـها‬
‫وثقافتها عوامل جذبتني إليها‪ ،‬لكن هذا ليس بالكافي كي أتزوجها»‪.‬‬

‫أجل‪ ،‬كنت مترددا ً بأخذ قرار زواجي منها بالرغم من أنني ذهبت لزيارتها لهذا‬
‫قدمت لي فنجان القهوة‪ ..‬أخذته ببرود من يدها بعد أن عدت إلى غرفة‬ ‫الغرض‪ّ .‬‬
‫‪25‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫الجلوس‪:‬‬
‫« شكرا ً سلمى»‪.‬‬

‫بقينا صامتين‪ ،‬و بعد الصمت أخذنا نتحدث بأمور عادية ال أذكر محتواها ‪..‬‬

‫كانت ســلمى تـنتـظر مبادرتي بالحديـث عن ال ّزواج‪ ،‬وعندما لم أفاتحها‬


‫الحديث‪ ،‬قالت بصوت خجول‪:‬‬
‫« قلت لي البارحة على الهاتف أنك تو ّد مبادرتي بموضوع»‪.‬‬

‫وللحظة ظللت جامداً‪ ،‬ثم وضعت فنجاني على الطاولة وقلت في هدوء وثقة‪:‬‬
‫« صحيح ‪ ..‬لقد قرّرت ال ّزواج‪ ،‬لن أبقى عازب ًا طوال حياتي‪ ،‬أريد تكوين منزل أعيش‬
‫تحت سقفه مع زوجة صالحة تكون أم ًا ألوالدي‪ ،‬وستكونين أنت يا سلمى تلك‬
‫الزوجة وليس سواك‪ ،‬ما رأيك؟»‬

‫سألتني في صوت مرتعش‪:‬‬


‫« هل أنت واثق من هذا القرار؟»‬

‫فقلت في لطف وأنا أالمس شعرها الذي تركته ينسدل على كتفيها‪:‬‬
‫« لن أكذب عليك وأقول لك إنني مغرم بك‪ ،‬ولكنني على اقتناع تام بك كزوجة‪،‬‬
‫سلمى أنت تتمتعين بمواصفات الزوجة المثاليّة‪ ،‬كما أن ذكاءك وثقافتك‬
‫واهتمامك بي سيجعلون مني عاشق ًا متيّم ًا مع الوقت»‪.‬‬

‫مخدرة‪ .‬ما قلته فعل فعله فيها‪ ،‬وراحت تتط ّلع إلى‬
‫ّ‬ ‫أحست سلمى وكأنها‬ ‫ّ‬
‫عيني‪ ،‬فأخذت فنجانها من يدها بلطف وجذبتها إلى ذراعي‪ ،‬هذا العناق لم‬
‫تذق طعمه من قبل‪ .‬لم يسبق لها أن شعرت بالتفاعل مع اآلخرين‪ .‬واختارت‬
‫ال ّتخلي عن المقاومة أمامي ‪.‬‬

‫وفي منتصف هذا العناق سألتها‪:‬‬


‫« وماذا عن عائلتك؟»‬

‫عيني مجيبة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫رفعت رأسها ونظرت إلى‬
‫« سأذهب غدا إلى الشمال ألخبرهم وأحدد معهم موعدا ً لتزورهم»‪.‬‬

‫« في عائلتنا ال يوجد طالق»‪ .‬جملة كانت تدخل في أيّ حديث على لسان والدها‬
‫أثناء زيارتي لهم‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫وافقت على جميع طلبات عائلتها للزواج منها‪.‬‬

‫أسرعت «أ ّنا» بوجهها األسمر الضاحك الستقبال العروسين‪ ،‬فرحة برؤية‬


‫سيدها في بدلة العرس ‪.‬‬

‫والسائق‪ ،‬وطلبت من‬


‫ّ‬ ‫قبّلتها على خديها وصافحت من في المنزل؛ الحارس‬
‫«أ ّنا» أن تحضر الشراب المنعش إلى ترّاس المنزل‪.‬‬

‫يطل على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أخذت سلمى إلى الترّاس الذي‬
‫ُ‬
‫فوقفت عروسي لتمتع نظرها بهذا المنظر الخ ّلاب ‪.‬‬

‫األمواج تعانق رمل الشاطئ والرغوة البيضاء ترسم لوحات فنيّة رائعة‪.‬‬

‫قالت سلمى لنفسها بهمس بالكاد سمعته‪:‬‬


‫« هذا منزلي إذا ً ؟‪ ..‬هنا سأعيش وأنجب األطفال ويكبرون؟»‬

‫أجبتها بصوت خفيض‪:‬‬


‫« نعم‪ .‬هذا هو منزلنا يا سلمى‪ ،‬وأنا واثق جدا من قدرتي على إسعادك‪ .‬وعندما‬
‫أضمك بين ذراعي الليلة أعدك بأنك ستنسين كل شيء‪ ،‬كل شيء»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وتحدق بي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫فقالت وهي تدير نظرها نحوي‬
‫« وماذا عن أطفالنا ؟»‬

‫جذبتها نحوي وقلت‪:‬‬


‫« لدينا متسع من الوقت كي ننجبهم ونعتني بهم»‪.‬‬
‫« ال حبيبي‪ ،‬فشوقي لرؤيتهم بجانبنا ال يحتمل كثيرا من الوقت»‪.‬‬

‫إبتسمت لها ابتسامة إعجاب وقبّلت جبينها‪.‬‬


‫ظهرت «أ ّنا» حاملة صينيّة‪.‬‬

‫« شكرا أ ّنا»‪ ...‬ثم أضفت بعض الكلمات اإلنكليزيّة طالب ًا من خادمتي أن تفرغ‬
‫حقائب سيدة المنزل الجديدة‪.‬‬

‫ولما خرجت « أ ّنا » من ترّاس المنزل التفت نحو سلمى وسألتها‪:‬‬


‫ّ‬
‫‪27‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫« إلى أين وصلنا في الحديث يا سيدة منزلي الجميلة؟»‬

‫ضحكت وأجابت‪:‬‬
‫ّ‬
‫أعدته لنا « أنا» ونتحدث عن‬
‫« كنا نتحدث عن أطفالنا» وأخذنا أنا وهي نشرب ما ّ‬
‫أطفالنا ونختار لهم األسماء ونتخيل أشكالهم ونتوقع عددهم‪.‬‬

‫كان ذلك حلم ًا كبيرا ً لدينا‪ ،‬ومع مضي األيام أخذ هذا الحلم يتحول إلى ‪ ...‬ال أعرف!‬
‫طال االنتظار وسلمى لم تحمل‪ ،‬فقررنا زيارة الطبيب الذي أعلمنا بعد‬
‫فحوصات وتحاليل أننا لن نتمكن من اإلنجاب‪ ،‬والسبب هو أنا‪.‬‬

‫الرجل الذي أحبّته سلمى وتزوجت منه‪ ،‬اكتشفت أنه عقيم‪ .‬فكيف يمكن‬
‫المرأة أن تستمر بالسعادة وهي تعيش هكذا واقع؟‬

‫مهتم ًا باإلنجاب بقدر‬


‫ّ‬ ‫خضعت للعالج الطويل ولكن دون فائدة‪ .‬لم أكن حينها‬
‫مهتم ًا بإسعادها‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬ورغم أنها كانت تحاول جاهدة إخفاء‬
‫ّ‬ ‫ما كنت‬
‫حزنها وحرمانها إال أنني كنت أشعر باأللم الذي كان يعتصر قلبها ويرافق‬
‫أيامها معي‪.‬‬

‫مخلوق يبدأ حياته في غرفة صغيرة‬


‫ٍ‬ ‫حُ رمنا‪ ،‬وال اعتراض على مشيئة اهلل‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫يضم ذراعيه وينام في أمان‪ ،‬ال قلق‪ ،‬الخوف‪ ،‬وال شك‪..‬‬
‫ّ‬ ‫اسمها الرحم‪،‬‬

‫يصله كل شيء حتى أمعائه‪ ،‬الدم مكرراً‪ ،‬الطعام مهضوم ًا‪ ،‬واألوكسيجين‬
‫يفكر في أن ّ‬
‫يتنفس‪..‬‬ ‫جاه ًزا دون أن يحرّك رئتيه ودون أن ّ‬

‫قوة مجهولة‬
‫مخلوق يرقد في أحضان س ّر الحياة األعظم‪ ،‬وفجأة تطرده ّ‬
‫وتقذف به من الدفء واألمان إلى دنيا واسعة مجهولة‪..‬‬

‫حنان كبير‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫تمتد ذراعان في‬
‫ّ‬ ‫ويصرخ وهو يرفس بيديه ورجليه في الهواء‪ ،‬ثم‬
‫وتمسكان به إلى غرفة أكثر اتساع ًا من األولى اسمها الدنيا‪..‬‬

‫يتكلم‪ ،‬يتع ّلم‪ ،‬يخوض المغامرات ويصبح مثلنا‪..‬‬


‫ّ‬ ‫ينمو‪ ،‬يكبر‪ ،‬يمشي‪،‬‬

‫كثير من الناس‪ ،‬منهم من هم‬


‫ٍ‬ ‫حرمنا اهلل من نعمة اإلنجاب‪ ،‬وأنعمها على‬
‫سن صغير‪.‬‬
‫ليتسولوا أو يعملوا في ٍ‬
‫ّ‬ ‫بحاج ِتها ومنهم من يرمون بأطفالهم‬

‫دخلت وسلمى مرّة بعد آخر جلسة عالج فاشلة لشراء بعض األغراض من‬
‫‪28‬‬
‫أنا وإبراهيم‬
‫‪Ibrahim and I‬‬

‫صاحب هذا المتجر لديه عامل في العاشرة من عمره‪ ،‬أثناء‬ ‫ُ‬ ‫متجر صغير‪،‬‬
‫ٍ‬
‫التسوق لفتنا صوت صاحب المتجر يوبّخ هذا العامل القاصر‪ ،‬وإذ بصفعة قويّة‬
‫ّ‬
‫خده ومال بسببها إلى اليمين بعض الشيء وتبعها هدير شتائم من‬ ‫اهت ّز لها ّ‬
‫صاحب العمل!‬

‫كل ذلك ألنه أخطأ بوضع غرض ال يمكن وضعه مع غرض آخر‪.‬‬

‫كنت وسلمى واقفين بجواره ننظر بأسى ونستمع لعقابه‪ ،‬وها هي سلمى‬
‫وتشده نحوها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تتدخل لمساعدة هذا الطفل القاصر‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫« مهلك على الطفل يا هذا ‪ ..‬أال ترى أنه مازال صغيرا؟»‬

‫قالت سلمى وقلبها يعتصر ألم ًا على الصغير وكأن الصفعة سقطت على‬
‫وجهها هي‪ ،‬ونظرت إلى الطفل نظرة إشفاق‪ ،‬شعرت أنه يريد أن يركض إليها‬
‫لتضمه لصدرها وتمسح دموعه وتخفف ألمه‪.‬‬‫ّ‬

‫أحدق في عيون سلمى التي تفيض بالمعاني محاو ًال فتح نافذة قلبها‬‫كنت ّ‬
‫واستجالء ما فيه من حرقة‪.‬‬

‫عند وصولنا إلى المنزل تركتني ودخلت الغرفة وأقفلت الباب وراءها‪ ،‬كان‬
‫أشد غزارة داخل الغرفة‪.‬‬
‫شديدا في الخارج‪ ،‬ودموع سلمى ّ‬
‫ً‬ ‫المطر‬

‫تركتها وحدها لترتاح وتفرغ شحنة الحزن واأللم الذي يرافق أيامها معي‪.‬‬

‫وفي المساء‪ ،‬عند وصول موعد نومنا‪ ،‬تمددت على السرير بجانبها‪ ،‬رأيتها‬
‫صففت أفكاري في كلمات أخرجتها لها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫تنظر إلى األعلى حيث سقف الغرفة‪،‬‬
‫«أعرف أني السبب بألمك»‪.‬‬

‫« إنها مشيئة اهلل يا فراس‪ ،‬الذنب ليس ذنبك» نطقت سلمى كلماتها‬
‫ّ‬
‫لنتوقف‬ ‫بصوت عميق ومخيف‪ّ ،‬‬
‫ولفت إلى الجانب اآلخر كي توهمني أنها نامت‬ ‫ٍ‬
‫عن متابعة هذا الحوار‪.‬‬

‫لم أستطع النوم‪ ،‬أسئلة كثيرة تركتها سلمى تطوف في رأسي دون إجابات‪:‬‬
‫ً‬
‫شيئا؟‬ ‫هل أبقى معها وأتفرّج على حالها دون أن أفعل‬

‫هل أتب ّنى لها طف ًلا يؤانس وحدتها ويمأل الفراغ الذي تعيش فيه؟‬
‫هل أتركها وأرحل عنها كي تجد رج ًلا آخر وتتزوجه وتنجب منه؟‬
‫‪29‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫أجن!‬
‫كدت ّ‬
‫ُ‬

‫عال تسمعه سلمى‪ ،‬ووجدت نفسي‬‫بصوت ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أحدث نفسي‬ ‫وكنت أرغب أن ّ‬
‫ً‬
‫بصوت مسموع قائال لها‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أهمس‬
‫الغد»‬
‫صباح ّ‬
‫ِ‬ ‫مستعد له من‬
‫ّ‬ ‫« إذا كان انفصالنا يجعلك أكثر سعادة فأنا‬

‫إلي وقالت بصوت‬ ‫ّ‬


‫والتفت ّ‬ ‫وما أن نطقت بفكرتي هذه حتى انتفضت من الفراش‬
‫لم أسمعه من ذي قبل‪:‬‬
‫« إيّاك أن تسمح لنفسك بالتفكير بهذه الطريقة مرّة أخرى‪ ،‬إيّاك!»‬

‫بقيت‬
‫ْ‬ ‫سأجن إن‬
‫ّ‬ ‫وقلت لها إنني‬
‫ُ‬ ‫أمسكت بذراع سلمى ورجوتها واستحلفتها‬
‫هكذا حزينة‪،‬‬

‫تكلمنا وتك ّلمنا‪ ،‬بكينا وتألمنا‪ ،‬وعاد كالنا للفراش‪.‬‬

‫ّ‬
‫يتمكن النوم أن يحملنا على جناحيه بسهولة‪ ،‬فكانت األفكار تدوي في‬ ‫لم‬
‫رأسنا كما الرعد في الخارج‪.‬‬

‫أجل‪ .‬لقد نجح نزار صعب‪ ،‬صديقي المحامي‪ ،‬في إزالة إضطرابي حول ما قاله عن‬
‫قضيّة الشيخ إبراهيم‪.‬‬

‫ركبت سيارتي وانطلقت بها‪.‬‬


‫ُ‬ ‫خرجت من منزله‪،‬‬

‫إلى أين أذهب؟‬


‫إلى المنزل ألفتح الحديث من جديد مع جوليا؟‬
‫أتسكع في الشوارع وأجالس أشخاص ًا ال أعرفهم وأستمع إلى قصصهم؟‬
‫ّ‬
‫إلى أين أذهب؟‬

‫وها هي عجالت سيارتي تقودني إلى مقهى قديم في منطقة «الزوق» حيث‬
‫دخلت المقهى ومعي‬‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يطل على المدرّج الروماني‪،‬‬ ‫«سوق الزوق العتيق» الذي‬
‫قصة حدا»‪..‬‬
‫ّ‬ ‫«‬ ‫عنوان‪:‬‬ ‫حمل‬ ‫الذي‬ ‫السيناريو‬ ‫من‬ ‫األول‬ ‫أوراقي وبدأت بكتابة الجزء‬

‫‪30‬‬
31
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪1‬‬
‫خارجي ‪ -‬ليل ‪ /‬شارع – سيارة تاكسي‬

‫لقطات مختلفة لحركة الناس الليلية في بيروت‬


‫يرافق المشهد صوت أغنية دبكة شعبيّة‬
‫سيارة تكسي مركونة على جنب‪..‬‬
‫سلطان في السيارة يسكب الويسكي في علبة مشروب غازي‬
‫يتقدم شاب من سيارة التاكسي المركونة‬

‫ويسأل سلطان‪..‬‬

‫الشاب‬
‫عالجميّزة معلم؟‬

‫سلطان يخفض صوت األغنية‬

‫سلطان‬
‫الء خيي ‪..‬عندي طلب من الحمرا‪..‬‬

‫الشاب‬
‫ماشي‪..‬‬

‫يذهب الشاب‪..‬‬

‫سلطان يخبيء قنينة الويسكي تحت المقعد‬

‫يعود ويع ّلي الصوت وينطلق بالسيارة وهو يشرب من علبة الـمشروب‬
‫المخلوط‬

‫‪CUT‬‬
‫‪32‬‬
33
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪2‬‬
‫خارجي ‪ -‬ليل ‪ /‬شارع الحمرا – سيارة تاكسي‬

‫المشهد على أقدام فتاة مثيرة ترتدي القصير‬

‫ال نرى وجهها ولكنها تبدو مثيرة‪..‬‬

‫تتقدم نحوها وتتوقف عندها‪..‬‬


‫ّ‬ ‫سيارة سلطان‬

‫فتاة الليل تصعد معه في السيارة وتجلس‬


‫على المقعد األمامي قربه‪..‬‬

‫سلطان‬
‫صارلك زمان ناطرة؟‬

‫فتاة الليل‬
‫الء هلق وقفت‪..‬‬

‫سلطان‬
‫عالبيت أو عندك طلب؟‬

‫فتاة الليل‬
‫طالع عالرابية‬

‫سلطان يقول لها بطريقة لها معنى‬


‫وهو ينظر الى صدرها وفخذيها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫شكله زبون حرزان‪..‬‬

‫فتاة الليل‬
‫كول هوا‪..‬‬
‫‪34‬‬
‫‪2‬‬

‫قطع خارج السيارة تسير‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪35‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪3‬‬
‫داخلي ‪ -‬ليل ‪ /‬منزل سلطان‪ -‬غرفة النوم‬

‫«هنا» وهي زوجة سلطان‪..‬‬

‫نوم عميق‪..‬‬
‫نائمة في السرير تغط في ٍ‬

‫صوت مفتاح باب الشقة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪36‬‬
37
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪4‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – مدخل الشقة‬

‫سلطان يدخل الشقة (سكران)‪..‬‬

‫يقفل الباب ويسير نحو غرفة النوم‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪38‬‬
39
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪5‬‬
‫داخلي ليل ‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫سلطان يدخل غرفة النوم ويوقظ زوجته هنا‪..‬‬

‫سلطان‬
‫شو نايمة؟‪..‬‬
‫أو عاملة حالك نايمة ت ما تقومي تحضريلي لقمة آكال‪..‬‬

‫يمد يده و يرفع الغطاء عنها‪..‬‬


‫ينتظر قليال ثم ّ‬

‫سلطان‬
‫قومي قومي‬
‫هنا تفتح عينيها‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪40‬‬
41
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪6‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – المطبخ‬

‫العجة‬
‫ّ‬ ‫هنا أمام الغاز تقلي لسلطان أقراص‬

‫يدخل سلطان وراءها و يبدو أنه غيّر مالبسه‪..‬‬

‫يفتح البراد و يأخذ منه قنينة ماء باردة ويشرب بطريقة مقرفة‪..‬‬

‫هنا‬
‫ليش تأخرت اليوم؟‬

‫سلطان‬
‫أمنلكن السم الهاري اللي عم تطفحوه انت و ابنك‪..‬‬
‫حتى ّ‬

‫هنا ال تجيبه و لكنها تقوم بحركة في رأسها تعني (اهلل يصبّرني عليك)‬

‫وتتابع تحضير الطعام‪..‬‬

‫يخرج سلطان من المطبخ ثم يعود ليقول لها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫تحممي و نطريني‪..‬‬ ‫ّ‬
‫تحضري األكل ما ترجعي تنامي ‪ّ ..‬‬ ‫بعد ما‬

‫هنا دون أن تلتفت اليه‬


‫هنا‬
‫تعبانه يا سلطان‬

‫سلطان‬
‫و انا تجوزتك لحتى تقوليلي تعبانة ؟‪ ..‬عن جد انتو النسوان بتضحّ كوا‪..‬‬
‫بتقرفوه حياته للرجال‪..‬‬
‫وبس يتطلع لبرا بتقولوا عنو إبن حرام‬
‫‪42‬‬
‫‪6‬‬

‫هنا تستدير وتلتفت اليه‪..‬‬

‫هنا‬
‫اذا لقيت وحدة تقبلك لما تط ّلع لبرّا ‪ ..‬مبروكة عليك‪..‬‬

‫يستف ّزه كالمها‬

‫سلطان‬
‫شو تفضلتي قلتي مدام ؟‬

‫هنا‬
‫سمعت اللي قلتو يا استاذ‪..‬‬

‫بالقوة‪..‬‬
‫ّ‬ ‫يمد يده و يمسك بشعرها و يقربها اليه‬

‫سلطان‬
‫خ ّلصي تحضير العشا وفوتي ّ‬
‫تحممي و نطريني بالقوضة‪.‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪43‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪7‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬منزل سلطان‬

‫هنا تقوم بترتيب غرفة الجلوس وتبدو على وجهها عالمات الضرب‬

‫سلطان يخرج من غرفة النوم ويتقدم نحوها‪..‬‬


‫دون أن يتكلم‪ ..‬يمسكها من يدها ويأخذها للكنبة برفق‬

‫هنا‬
‫بدك شي سلطان؟‬
‫ّ‬

‫سلطان‬
‫حبيبتي قعدي شوي‪..‬‬

‫تجلس‪..‬‬
‫يجلس بقربها و يتفقد الكدمات التي على و جهها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫موجوعة؟‬

‫هنا‬
‫تعودت‬
‫ّ‬

‫سلطان‬
‫تنقطع إيدي‪..‬‬

‫هنا‬
‫قول اللي بدك تقوله‪ ..‬عندي شغل كتير‪..‬‬
‫سلطان‬
‫بعتذر ع ّللي صار مبارح‪..‬‬

‫تهز برأسها إشارة ‪ ..OK‬وتقوم‪..‬‬


‫‪44‬‬
‫‪7‬‬

‫فيمنعها بوضع يده على كتفها‪..‬‬

‫هنا‬
‫ما خلصت حكي بعد؟‬

‫سلطان‬
‫مكسور عليي كمبيالتين للسيارة ‪ ..‬واذا ما دفعتن رح ياخدوها مني ‪..‬‬

‫هنا‬
‫أوعك تق ّلي طلبي من بيك ‪ ..‬مش ناقصه ّ‬
‫هم‪..‬‬

‫سلطان‬
‫ال ال ال ال‪ ..‬بيّك رح يض ّلو بعيد‪..‬‬

‫هنا‬
‫و كيف رح تدبّر حالك؟‬

‫سلطان‬
‫عطيني المبرومة اللي عندك‬

‫هنا تتفاجأ خائفة على ( المبرومة )‬

‫هنا‬
‫ما ّ‬
‫ضل غيرا‪ ..‬أخدت كل شي عندي‪..‬‬

‫سلطان‬
‫ّ‬
‫مفكرة الحالة رح تبقى هيك ؟‬ ‫بعوضك ‪ ..‬اهلل بيرزق شو‬
‫بكرا ّ‬

‫هنا‬
‫هيدي من أمي‪ ..‬مستحيل فرّط فيها‬

‫سلطان‬
‫قديسه و بركتا الزم تض ّلال معنا بهالبيت‪ ..‬يا بنت الناس عم‬
‫على أساس أمك ّ‬
‫قلك انو رح ياخدوا السيارة اذا ما دفعت‪..‬‬
‫السيارة هي مصدر رزقنا الوحيد‪..‬‬
‫‪45‬‬
‫‪7‬‬

‫هنا‬
‫ّ‬
‫و أنا ما رح أعطيك االسوارة‪ ..‬دبر حالك‪ ..‬روح اشتغل أكتر بدل ما تقضي نص‬
‫وقتك عم تلعب ورق مع صحابك المقرفين‬

‫سلطان‬
‫عصب هلق؟ ‪ ..‬هاتي هاالسوارة و خ ّلينا نمرّق هالقصة على خير‪..‬‬
‫ليش بدك ياني ّ‬

‫متحسرة‬
‫ّ‬ ‫هنا تنظر اليه‬

‫هنا‬
‫يا سلطان إيمتى رح تصير بني آدم طبيعي ؟‪ ..‬أنا مش طالبة منك شي وال رح‬
‫تفكر بهالمع ّتر إبنك اللي ما بتشوفه‪..‬‬
‫أطلب‪ ..‬بس بستحلي ّ‬
‫بترجع بكون نام و بتوعى الصبح بكون صار بمدرستو‪ ..‬و بالعطل ما‪..‬‬

‫سلطان يقاطعها‬

‫سلطان‬
‫جد‬
‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ب‬ ‫عص‬
‫ّ‬ ‫شت‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫ألني‬ ‫ّابة‬
‫ر‬ ‫هالض‬ ‫وشو إلو لزوم هاللعي ه ّلق ؟‪ ..‬فوتي جيبي‬

‫هنا‬
‫تمدا عليي‪..‬‬
‫ّ‬ ‫عم‬ ‫إيدك‬ ‫الثاني‬ ‫و‬ ‫يوم‬ ‫كل‬ ‫ولوين رح تروح بتعصيبك يعني ؟‪ ..‬ما‬
‫ّ‬
‫مش تارك مطرح بجسمي مش معلم من ضربك الي‪..‬‬

‫سلطان‬
‫يا هنا هاتي االسوارة‬ ‫ ‬
‫هنا‬
‫مش رح تاخدا يا سلطان‬

‫يقف سلطان ويخلع حزام بنطلونه ويقول لها بتهديد‬

‫سلطان‬
‫فوتي جيبي االسوارة‬

‫‪46‬‬
‫‪7‬‬

‫هنا‬
‫ما رح جيبا ‪ ..‬بدي ياك تضربني بهالقشاط «يا رجّ ال» ومن بعدا بكون الحكي‬
‫مع بيي‪..‬‬

‫سلطان‬
‫بتهدديني ببيك كمان؟‬
‫ّ‬ ‫وعم‬

‫يضربها‪..‬‬
‫لقطات مختلفة لسلطان يضرب زوجته‪..‬‬
‫يضربها بالحزام‬
‫ويركلها بقدمه ويقسو عليها‬
‫مغمى عليها‪..‬‬
‫ً‬ ‫وفي آخر لقطة‪ ..‬هنا في األرض‬
‫سلطان يحاول أن يجعلها تقوم‪..‬‬

‫سلطان‬
‫هنا‪ ..‬هنا‪ ..‬عم تسمعيني؟‬

‫ولكن دون جدوى‪ ..‬هنا ال تصحو ‪ ..‬فيظن أنها ماتت‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪47‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬
‫‪8‬‬
‫داخلي‪ -‬بعد الظهر ‪ /‬السجن – ممر طويل‬
‫نحو غرفة مكتب رئيس السجن‬

‫(‪ )P.O.V‬ألشخاص ال نرى وجوههم‬

‫وال نسمع سوى أصوات دعساتهم‬

‫يسيرون في ممر طويل نحو غرفة مكتب‬

‫رئيس السجن‪..‬‬
‫يرافق المشهد موسيقى تصويرية غريبة‬
‫عند وصولهم الى باب غرفة مكتب رئيس السجن ‪،‬‬

‫نجد شرطي ًا واقفا أمام الباب‪..‬‬

‫يطرق الشرطي على الباب ضربتين خفيفتين‬

‫و يفتح الباب ليفسح المجال للزائرصاحب الـ (‪ )P.O.V‬بالدخول‪..‬‬

‫عند فتح الباب نرى العميد معين ياسين وهو رئيس السجن جالس ًا وراء‬
‫مكتبه ينظر الى الكاميرا ويقف استعدادا ً لمقابلة الزائر‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪48‬‬
49
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪9‬‬
‫داخلي – بعد الظهر ‪ /‬السجن ‪ -‬مكتب رئيس السجن‬

‫رغم أن الساعة ال تتجاوز الثالثة بعد الظهر‪ ،‬اال أن مكتب رئيس السجن يبدو‬
‫شبه مظلم‪..‬‬

‫الكاتب فراس جبران في زيارة لمكتب العميد معين ياسين بهدف التعرّف‬
‫على أحد السجناء لتحويل قصته الى فيلم سينمائي‪..‬‬

‫معين‬
‫شو بتحب نضيّفك؟‬

‫فراس‬
‫فنجان قهوة مرة‪ ..‬بس مش هلق‪ ..‬بالبداية بدنا نحكي‬

‫معين‬
‫فينا نحكي نحن وعم نشرب القهوة‬

‫فراس مازح ًا‬

‫فراس‬
‫مستعجل لخ ّلص اللي جايي كرمالو وروح؟‬

‫معين‬
‫بدي عبّر عن سعادتي بزيارتك إلنا بالسجن‪..‬‬
‫بالعكس ‪ ..‬بس محتار كيف ّ‬

‫فراس‬
‫عندك فكرة عن سبب الزيارة أو بتحب إحكيلك؟‬

‫معين‬
‫اللي عرفتو هوي انك حابب تقعد مع بعض المساجين لتسمع قصصن‪..‬‬

‫‪50‬‬
‫‪9‬‬

‫يه ّز فراس برأسه تأكيدا ً على كالم العميد‬

‫فراس‬
‫بكتفي بشخص واحد‪ ..‬بس ما بدي قصة عادية‪..‬‬

‫معين يرجع ظهره على الكرسي‪..‬‬

‫معين‬
‫السجن مليان قصص وحكايات‪ ..‬في تزوير وسرقة و رشاوي ونصب وقتل‬
‫وإغتصاب ومخدرات ‪ ..‬شو ما بتطلب موجود‪..‬‬

‫فراس‬
‫بهمني‪ ..‬مش عم د ّور على قصة تس ّلي الناس‪ ..‬بدي شخص‬
‫ّ‬ ‫نوع الجريمة ما‬
‫يه ّزني حتى لو كانت ّ‬
‫قصته عادية‪ ..‬بدي شخص يعطيني دافع إكتب بطريقة ما‬
‫كتبتا قبل هيك‪..‬‬

‫معين يفكر قلي ً‬


‫ال وبعد صمت للحظات‬
‫يمد يده الى الهاتف ويستلي السماعة‬
‫ويطلب رقم داخلي‬

‫معين‬
‫جبلي تنين قهوة مرّة و بعتلي ورا المالزم كمال‬

‫يضع السماعة ويقول لفراس جبران‪..‬‬

‫معين‬
‫منورنا‬
‫ّ‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪51‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪10‬‬
‫خارجي – نهار ‪ /‬مدخل عمارة قديمة – تحت الدرج‬

‫وائل و صديقه يجلسان تحت الدرج‪..‬‬

‫وائل وهو في سن الرابعة عشرة من عمره يشعل سيجارة و ّ‬


‫يدخن‪..‬‬

‫صديقه‬
‫ّ‬
‫بتدخن؟‪..‬‬ ‫عادي إنك‬

‫وائل‬
‫عمي بق ّلي إني صرت رجّ ال‪ ..‬و بقدر أعمل شو ما بدي‪..‬‬
‫ّ‬

‫يقدم لصديقه السيجارة‪..‬‬


‫وائل ّ‬

‫وائل‬
‫خود جرب‬

‫الصديق خائف‪..‬‬

‫صديقه‬
‫الء‪..‬‬

‫وائل‬
‫ما تخاف ما رح قول لحدا‬

‫الصديق يومئ برأسه «ال»‬

‫وائل‬
‫م ّنك رجّ ال‪..‬‬

‫‪52‬‬
‫‪10‬‬

‫صديقه‬
‫شمت ريحتي رح تقول لبيّي‬
‫إمي اذا ّ‬
‫ّ‬

‫وائل‬
‫صطفل‪ ..‬أنا بيي ميّت وإمي تاركتني ومش سائلة عني‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪53‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬
‫‪11‬‬
‫داخلي – بعد الظهر ‪ /‬السجن – مدخل مكتب‬
‫رئيس السجن من الخارج ‪ +‬ممر‬

‫الشرطي يقف أمام الباب‪..‬‬

‫الباب يفتح ويخرج منه المالزم كمال مصطحب ًا فراس جبران ويسيران نحو‬
‫ممر العنابر‪..‬‬

‫أثناء سيرهما قطع على وجه فراس جبران‬


‫يتذكر وهو يسير الحديث الذي دار بينه وبين العميد معين ياسين مباشرة‬
‫بعد انتهاء المشهد رقم ‪..9‬‬

‫صوت معين‬
‫من كترتن محتار على أي عنبر بدي د ّلك‪...‬‬

‫عندما تنتهي جملة الفالش باك السابقة‬


‫ينظر فراس بطرف عينه الى المالزم كمال‬

‫ويتذكر بالصوت أيضا جملة قالها المالزم كمال ‪..‬‬

‫صوت كمال‬
‫الشيخ ابراهيم مستحيل يقبل يحكي‪ ..‬رجّ ال صعب ووقتك رح يضيع ‪..‬‬

‫صوت فراس‬
‫خ ّليني جرّب‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪54‬‬
55
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬
‫‪12‬‬
‫داخلي – بعد الظهر ‪ /‬السجن – ممر ‪ +‬مدخل‬
‫عنبر الشيخ ابراهيم من الخارج‬

‫فراس برفقة المالزم كمال قبل خطوات من باب العنبر الخاص بالشيخ‬
‫ابراهيم‪..‬‬

‫فراس وبعد أن الحظ أن بابه مفتوح ًا ‪ 30‬سنتيمتراً‪..‬‬

‫فراس‬
‫جوا؟‬
‫هوي ّ‬
‫ّ‬

‫كمال‬
‫إنفرادي‬

‫فراس بإستغراب‬

‫فراس‬
‫وليش الباب مفتوح؟‬

‫يجيبه كمال بإستخفاف‬

‫كمال‬
‫لوين هالمع ّتر ّ‬
‫بده يروح؟‬

‫فراس‬
‫حس إ ّنه هوي الشخص اللي عم د ّور عليه‬
‫بلشت ّ‬

‫كمال‬
‫مش رح يقبل يستقبلك ويحكي‬

‫(طول بالك)‬
‫ّ‬ ‫فراس يشير لكمال بعينيه من دون كالم اشارة تعني‬

‫‪56‬‬
‫‪12‬‬

‫يصالن الى باب العنبر‬

‫كمال‬
‫اذا احتجت شي‪ ..‬انا موجود هون‬

‫فراس يبتسم لكمال إبتسامة إمتنان‬

‫فراس‬
‫شكرا ً إلك‬

‫كمال‬
‫العفو‪..‬‬

‫فراس يدفع الباب أكثر‬


‫ويخطو خطوة واحدة إلى الداخل‬

‫ويتوقف فجأة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪57‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪13‬‬
‫داخلي – بعد الظهر ‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد السابق ولكن من داخل العنبر‪..‬‬

‫فراس يجد الشيخ ابراهيم يص ّلي وظهره للباب‪..‬‬

‫فراس يعود بخطوته الى الوراء‬


‫ويخلع حذاءه على باب الغرفة من الخارج ويدخل حافي القدمين ويجلس على‬
‫طرف الفراش منتظرا ً انتهاء الشيخ إبراهيم من أداء فريضة العصر‪..‬‬

‫الشيخ ابراهيم في الركعة األخيرة‪ ..‬يسجد‬

‫لقطات لفراس يراقبه كيف يصلي بخشوع‬

‫الشيخ ابراهيم ينهي صالته و يس ّلم‪..‬‬


‫ال ويدعي دون سماع ما يرد في الدعاء‪..‬‬ ‫ثم يسبّح قلي ً‬
‫ثم يلتفت برأسه فقط ناظرا ً الى فراس‪..‬‬
‫ليجده حافي القدمين وحذاءه عند الباب في الخارج ‪..‬‬

‫فراس‬
‫تقبّل اهلل يا شيخ‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫م ّنا ومنكم صالح األعمال‪..‬‬

‫ال ‪ ..‬إبراهيم يتأمله بصمت للحظات بعد أن يستدير جالس ًا على‬


‫يصمت قلي ً‬
‫سجّ ادة الصالة‬

‫ابراهيم‬
‫جدك عبد الكريم؟‬
‫ّ‬

‫‪58‬‬
‫‪13‬‬

‫جده‬
‫فراس يستغرب كيف إبراهيم عرف إسم ّ‬

‫فراس‬
‫عبد الكريم جبران؟‬

‫إبراهيم يومي برأسه نعم‬

‫فراس‬
‫نعم جدي ‪ ..‬اهلل يرحمه‬

‫ابراهيم‬
‫تعيش‪..‬‬

‫يقوم إبراهيم مقترب ًا من فراس و يقبّل جبينه ‪..‬‬

‫فراس‬
‫تاخد عمره‬

‫يعود إبراهيم و يجلس مكانه وهو يقول‬

‫ابراهيم‬
‫بدي بالعمر ؟ يا ريت اهلل ياخد أمانته و إرتاح‪..‬‬
‫شو ّ‬

‫فراس‬
‫خير يا شيخ ابراهيم؟‪ ..‬ليش عم تحكي هيك؟‪ ..‬يعطيك طول العمر ويفكّ‬
‫أسرك‪..‬‬

‫ابراهيم يتنهد‬

‫فراس‬
‫طمني كيف صحتك؟‪ ..‬انشلال مش ناقصك شي؟‬
‫ّ‬

‫ابراهيم‬
‫الحمد هلل على كل شي‪..‬‬
‫فراس‬
‫‪59‬‬
‫‪13‬‬

‫يا شيخ‪ ..‬خبروني برّا انك ما بتحب تقابل حدا وال تحكي مع حدا‪..‬‬
‫تقل عليك؟‬ ‫انشلال ما كون عم ّ‬

‫يبتسم ابراهيم لفراس للطفه وذوقه‬

‫ابراهيم‬
‫انت حفيد الغالي‪ ..‬وبأخالقه الطيبة‪ ..‬مين بيقدر يرفضك؟‬

‫فراس‬
‫اهلل يخ ّليك‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫حكيلي‪ ..‬ليش جايي لعندي؟‬

‫فراس‬
‫كيفك باألول؟‬

‫يصمت ابراهيم قلي ً‬


‫ال والحزن يبدو عليه‬

‫ابراهيم‬
‫أسد بقفص‬

‫فراس‬
‫اهلل يفك أسرك‪ ..‬واهلل اني حبّيتك‪ ..‬وصراحة كنت ناوي احكيلك اني عم بعمل‬
‫دراسة عن المساجين اللي بالسجن‪ ..‬بس بعد ما عرفتك مش حابب اكذب‬
‫بتكمل معروفك‬
‫ّ‬ ‫عليك‪ ..‬رح احكيلك السبب الحقيقي لزيارتي‪ ..‬والقرار الك‪ ..‬يا‬
‫معي أو بكون تشرفت بمعرفتك الطيبة وبمشي ‪..‬‬

‫يبتسم ابراهيم له‬

‫ابراهيم‬
‫ّ‬
‫توكل ع اهلل وحكيلي‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬
‫‪60‬‬
61
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪14‬‬
‫داخلي – مساء‪ /‬منزل الجدة – غرفة العم‬

‫توفيق ( و هو عم وائل ) في غرفته يقوم بتنظيف سالحه‪..‬‬

‫باب الغرفة شبه مفتوح‪..‬‬

‫وائل ( ‪ 14‬عاما ) يسترق النظر من فتحة الباب‬

‫توفيق يالحظ وجوده‪..‬‬

‫توفيق‬
‫شو واقف عم تعمل عندك؟‬

‫وائل يخفض نظره الى األرض ويستدير للذهاب‪..‬‬

‫توفيق يستوقفه منادي ًا‬

‫توفيق‬
‫وائل‪..‬‬

‫وائل يلتفت اليه‪..‬‬

‫توفيق‬
‫عمو قرب لعندي‪..‬‬
‫ّ‬

‫يدخل وائل بخطوات بطيئة ‪..‬‬

‫توفيق‬
‫حدي‪..‬‬
‫شو باك خايف يا صبي؟‪ ..‬قرّب وقعود ّ‬

‫يتقدم اليه‪..‬‬
‫‪62‬‬
‫‪14‬‬

‫توفيق‬
‫قعود‪..‬‬

‫وائل يجلس‬

‫توفيق‬
‫عجبك؟‬

‫(يقصد السالح)‬
‫وائل يهز برأسه نعم‪..‬‬

‫توفيق‬
‫خود‪ ..‬حملو‪..‬‬

‫وائل متردد‪ ..‬يشد على ّ‬


‫كف يده (بلقطة قريبة)‬

‫توفيق‬
‫الرجال ما بخافوا من السالح‬

‫وائل يحمل السالح‬

‫توفيق‬
‫رح ع ّلمك كيف ّ‬
‫تقوص فيه‪ ..‬ولما تصير تعرف تستعملو صح رح يصير الك‪..‬‬

‫وائل يتفاجأ‬

‫وائل‬
‫الي أنا؟!‪..‬‬

‫توفيق‬
‫وبتخوف الكل منك وأهم‬
‫ّ‬ ‫ياه‪..‬‬ ‫بدك‬ ‫قطعة مثل هيدي بتخ ّليك تحصل ع ّلي‬
‫تفش خلقك وتنتقم من كل واحد أذاك بحياتك‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫شي بخ ّليك‬

‫الجدة تقف في الخارج‬


‫ّ‬ ‫قطع على الباب لنرى‬

‫تسترق السمع والنظر دون أن يتنبّها لوجودها‪..‬‬


‫‪63‬‬
‫‪14‬‬

‫عالمات الرضا تبدو عليها وهي تهز برأسها‬

‫موافقة على ما يحدث مع ابتسامة خبث على فمها‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪64‬‬
65
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪15‬‬
‫داخلي ‪ -‬بعد الظهر ‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪13‬‬

‫فراس يضع آلة التسجيل أمام الشيخ‬

‫ابراهيم (‪)Av. plan‬‬

‫ابراهيم‬
‫ب ّلشت ّ‬
‫قصتي قبل ‪ 15‬سنة لما اتصلت فيي نجاة مرت خيي يحيى وقالتلي انو‬
‫خيّي عم بيموت وطالب يشوفني‪..‬‬

‫وهنا ننتقل الى مشهد فالش باك‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪66‬‬
67
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪16‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل الجدّ ة – غرفة نوم يحيى‬

‫‪Flash Back‬‬

‫يحيى وهو شقيق الشيخ ابراهيم‬

‫على فراش الموت وابراهيم قربه‪..‬‬

‫المشهد قبل ‪ 15‬سنة تقريب ًا‪..‬‬

‫يحيى‬
‫بدي موت وأنا مرتاح‪ ..‬وما في شي بيريّحني غيرك‬
‫بدو ياخد أمانته يا خيي ّ‬
‫اهلل ّ‬
‫إنت يا خيي‬

‫ابراهيم‬
‫يطول بعمرك يا يحيى‪ ..‬ما تحكي هيك‪..‬‬
‫ّ‬ ‫اهلل‬

‫يحيى‬
‫ّ‬
‫انت مؤمن والموت ما في منه مهرب‬

‫ابراهيم‬
‫وانا جاهز ل ّلي بتطلبو‪ ..‬طلوب عيوني يا خيي‪..‬‬

‫يحيى‬
‫طلبي أسهل من هيك بكتير‬

‫ابراهيم‬
‫و أنا جاهز‪..‬‬

‫يحيى‬
‫جوز الكبير لبنتك‬
‫بدي ّ‬
‫‪68‬‬
‫‪16‬‬

‫الشيخ ابراهيم يتفاجىء وال يعرف ما يجيبه‬

‫بسبب حالته الصحية‪..‬‬

‫‪End of flash back‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪69‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪17‬‬
‫داخلي ‪ -‬بعد الظهر‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪15‬‬

‫‪Back to the present‬‬

‫الشيخ ابراهيم يتابع سرد القصة لفراس‬

‫ابراهيم‬
‫ما إجاني قلب ق ّله الء وهو عم بو ّدع‪..‬‬
‫نفذلو وصيّتو بعد ما مات‪..‬‬‫ضعفت ووافقت وكان الزم ّ‬

‫فراس‬
‫وانت ليش ما كنت موافق؟‬

‫ابراهيم‬
‫ألنو بنتي غالية على قلبي‪ ..‬وحرام أعطيها لواحد مثل إبن المرحوم خيي‪ ..‬خريج‬
‫حبوس‪ ..‬ال علم‪ ..‬ال أخالق وال خوف من اهلل‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪70‬‬
71
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪18‬‬
‫داخلي ‪ -‬ليل ‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫هنا في األرض بسبب الضرب المبرح الذي ّ‬


‫تلقته من زوجها سلطان‬

‫يبدأ المشهد بلقطة قريبة على وجه سلطان الذي يقف فوق رأس زوجته‬
‫يقول ساخراً‪..‬‬

‫‪ POV‬هنا ‪Blur fade /‬‬

‫سلطان ساخرا ً‬

‫سلطان‬
‫قطعتيلي قلبي ‪ ..‬فتكرتك رحتي فيها‪ ..‬سالمتها الحبقة‪..‬‬

‫هنا متألمة وصوتها يرتجف‬

‫هنا‬
‫موجوعة‪ ..‬عم موت يا سلطان‪..‬‬
‫خدني عالمستشفى‬

‫سلطان‬
‫حتى أهلك يعرفو وتقوم الدني على راسي وماتقعد‪..‬‬
‫ما هيك؟‬

‫هنا‬
‫حرام اللي عم تعملو فيي‬

‫سلطان‬
‫لتمك و ندفسي نامي‪..‬‬
‫سكريه ّ‬‫طب ّ‬
‫ألنو النوم سلطان يا حبيبة قلبو لسلطان‪..‬‬

‫‪72‬‬
‫‪18‬‬

‫قطع على وجه هنا دامعة متألمة‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪73‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪19‬‬
‫خارجي ‪ -‬ليل ‪ /‬ترّاس منزل فراس‬

‫فراس يجلس على ترّاس منزله‬


‫شاردا ً بعد نهار طويل متعب‪..‬‬
‫يدخن سيجارة وأمامه فنجان قهوة واحد وركوة‪..‬‬

‫الساعة تجاوزت منتصف الليل‬


‫جوليا تخرج بعد لحظات بمالبس النوم‬
‫وتقف وراءه وتعانـقه من الخلف‬

‫جوليا‬
‫حدي‪ ..‬شو قاعد حبيبي عم يعمل لحاله؟‬
‫وعيت ما لقيتك بالتخت ّ‬

‫فراس يقبّلها و يدعوها للجلوس‬

‫فراس‬
‫هالقصة‬
‫ّ‬ ‫قرّبي قعدي ألحكيلك‬

‫تجلس جوليا بحماس مبتسمة‬

‫فراس‬
‫اليوم زرت السجن‪..‬‬

‫جوليا‬
‫ولقيت اللي عم تد ّور عليه؟‬

‫فراس يجيب بحماس‬

‫فراس‬
‫اللي لقيتو كان فوق توقعاتي‪ ..‬بالوقت اللي في بهالدني ناس وسخه والسواد‬
‫مالي قلبا‪ ..‬عايشة حياتا وعم تمارس الحرية بكل مفاهيما‪ ..‬الشيخ ابراهيم‬
‫‪74‬‬
‫‪19‬‬

‫بقلبو األبيض وإيمانو الكبير باهلل محبوس هونيك‪..‬‬


‫والحريّة ممنوعة عنه‬

‫جوليا تحاول اإلستفسار أكثر‬

‫جوليا‬
‫جوا؟‬
‫هوي ّ‬‫وليش ّ‬

‫متحسرا ً على إبراهيم‪..‬‬


‫ّ‬ ‫يتنهد فراس بضيق‬

‫فراس‬
‫قصة طويلة ‪ ..‬رح احكيلك ياها أكيد‪ ..‬بس اللي استغربته انو لما فتت لعندو‬
‫ّ‬
‫قدامو‬
‫وشافني‪ ..‬عرفني قبل ما عرّفو عن حالي أو إذكر اسمي ّ‬

‫جوليا تستغرب‬

‫جوليا‬
‫كيف هيك وانت كل وقتك برّا لبنان؟‬

‫فراس‬
‫ما بعرف‬

‫جوليا‬
‫طيب ما سألتو؟‬

‫فراس بخيبة‪..‬‬

‫فراس‬
‫وقصتو خلتني إلتهي عن هالسؤال ‪..‬‬
‫ّ‬ ‫خربطلي تفكيري‪..‬‬

‫جوليا‬
‫قصتو غريبة؟‬
‫هالقد ّ‬

‫فراس‬
‫هوي‪..‬‬ ‫ّ‬
‫قصتو كتير عادية ‪ ..‬بس اللي منو عادي‪ّ ..‬‬
‫ّ‬

‫‪75‬‬
‫‪19‬‬

‫جوليا‬
‫طب ي ّلال حكيلي‬

‫فراس‬
‫مش نعسانه؟‬

‫تضحك جوليا ضحكة خفيفة وتقول‬

‫جوليا‬
‫‪ nuit blanche‬إذا ّ‬
‫بدك ‪..‬‬

‫ينظر اليها و يتأملها بحب وهو يبتسم ابتسامة «موافق على طلبها»‬

‫فراس‬
‫قومي معي‬

‫جوليا‬
‫لوين؟‬

‫فراس‬
‫لجوا ‪..‬‬
‫ّ‬

‫يمسك بيدها ويصطحبها الى الداخل‬

‫‪CUT‬‬

‫‪76‬‬
77
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪20‬‬
‫داخلي ‪ -‬ليل ‪ /‬منزل فراس – غرفة المكتب‬

‫لقطة متحركة في أرجاء غرفة المكتب الموجودة داخل منزل فراس لتصل‬
‫الى باب الغرفة ‪..‬‬

‫فراس يفتح الباب ويدخل برفقة جوليا‪..‬‬

‫يتقدمان‪..‬‬

‫جوليا تجلس‪ ..‬فراس يفتح أحد األدراج ويخرج منها‬

‫آلة التسجيل ويضعها على المكتب أمامه ويجلس‪..‬‬

‫ثم يقول لها بحماس‬

‫فراس‬
‫جاهزة؟‬

‫جوليا بحماس تهز برأسها إيجابا مع ابتسامة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪78‬‬
79
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪21‬‬
‫داخلي ‪ -‬ليلي‪ /‬منزل الجدّ ة – غرفة الجلوس‬

‫الجدة تجلس على كرسيها‬


‫ّ‬ ‫توفيق يدخل غرفة الجلوس حيث نجد‬

‫المعتاد في زاوية مرادفة للتلفزيون‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫نام وائـل؟‬

‫توفيق‬
‫ضو غرفتو مطفي‪ ..‬هيك الظاهر‪..‬‬
‫ّ‬

‫الجدّ ة‬
‫منيح ألنو بدي ياك بموضوع‪ ..‬قعود توفيق‬

‫يجلس توفيق‬

‫الجدّ ة‬
‫اليوم الصبح رحت وقبضت المصاري‪..‬‬

‫توفيق‬
‫بس ما تقوليلي روح دفعن مصاريف مدرسة و حكي من هيك‬

‫الجدّ ة‬
‫أنا صحيح صرت مرا كبيرة‪ ..‬بس ما خرّفت بعد‪ ..‬موضوع مدرسة الصبي‬
‫نسيتو من زمان‬

‫الجدة تتابع‬
‫ّ‬ ‫توفيق يبتسم الى أمه ابتسامة إعجاب بما تقوله‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫مع انو مال الدني ما بعوضنا عن اللي راح‪ ..‬بس خ ّلينا نعتبر إنو هالمبلغ جزء‬
‫‪80‬‬
‫‪21‬‬

‫وتوسع‬
‫ّ‬ ‫جديد من هالتعويض‪ ..‬يا ابني انا هلق ما عاد الي غيرك‪ ..‬وبدي ياك تكبر‬
‫شغلك‪ ..‬رح أعطيك المبلغ كله‪..‬‬
‫ّ‬
‫تحطو‪..‬‬ ‫وصيك‪ ..‬انت واعي‪ ..‬عراف على شو رح‬ ‫بس ما بدي ّ‬
‫بدي الورشة تكبر و تصير تط ّلعلك اكثر‪..‬‬

‫توفيق‬
‫امي انتي بتعرفيني‪ ..‬ما في داعي إحكيلك عني‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫انا اللي بعرفك‪ ..‬انت تربايتي يا توفيق‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪81‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪22‬‬
‫داخلي ‪ -‬ليل ‪ /‬منزل فراس – غرفة المكتب‬

‫تابع للمشهدرقم ‪20‬‬

‫جوليا‬
‫وبعدين؟‪..‬‬

‫فراس‬
‫يتجوز ويفتح ‬
‫ّ‬ ‫ابن خيو ما كان عندو مصاري‪ ..‬و وضعو ما بيسمحلو‬
‫تكفل بكل شي‪..‬‬‫بيت‪ ..‬وألنو بنتو كانت غالية عَ قلبو وكانت وحيدتو‪ّ ..‬‬

‫جوليا‬
‫عما؟‪..‬‬
‫تتجوز إبن ّ‬
‫ّ‬ ‫طب وهيي كانت موافقة‬

‫فراس‬
‫سألتو نفس السؤال‪ ..‬سمعي‪..‬‬

‫فراس يضغط ‪ play‬على آلة التسجيل‪..‬‬

‫لنسمع صوت فراس‬

‫صوت فراس‬
‫وبنتك شو كان رأيا بالموضوع؟‪..‬‬

‫ننتقل الى مشهد فالش باك‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪82‬‬
83
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪23‬‬
‫داخلي ‪ -‬بعد الظهر‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪17‬‬

‫‪Flash Back‬‬

‫ابراهيم‬
‫بينا وبين حاال ما كان إلها بالخاطر ‪ ..‬بس اهلل يرضى عليها ‪ ..‬طول عمرا كانت‬
‫مرضيّة‪..‬‬

‫قالتلي « اللي بتشوفه مناسب يا بيي رح يصير»‪..‬‬

‫فراس‬
‫وإبن خيّك؟‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫ّ‬
‫حطيتو وقعدت قبل العرس بيوم‪ ..‬وعدني انه رح يشيال بعيونه‪..‬وما يزعّ ال و ال‬
‫يقهرا‪ ..‬ووعدني كمان انو رح يمشي جالس وما يقرّب من الحرام أبداً‪..‬‬

‫فراس‬
‫ووفي بوعده؟‬
‫ابراهيم يجيب بغصة‬

‫ابراهيم‬
‫عيّشا مقهورة‪ ..‬وحرقلي قلبي عليها‪..‬‬

‫ابراهيم يبكي‪..‬‬

‫‪End of flash back‬‬

‫‪CUT‬‬
‫‪84‬‬
85
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪24‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل فراس غرفة المكتب‬

‫تابع للمشهد رقم ‪22‬‬

‫‪Back to the present‬‬

‫فراس يوقف التسجيل الذي يستمع اليه مع جوليا‪..‬‬

‫فراس‬
‫قعد يبكي مثل ولد زغير‪ ..‬هون أنا ما عدت قادر ال اسأل وال أعرف كفاية القصة‪..‬‬
‫همي كان بلحظتا شوفه متماسك‬ ‫كل ّ‬

‫جوليا‬
‫يعني ما عدتو ّ‬
‫كفيتو؟‬

‫فراس‬
‫بعد ما رتاح حكالي قصص كثيرة ما كان بيعرفا بوقتا‪ ..‬عرفا بعد فوات األوان‪..‬‬

‫تنظر اليه لالستفهام‪..‬‬

‫فراس‬
‫جوليا ‪ ..‬مثل ما قلتلك قبل شوي‪ ..‬قصة الشيخ ابراهيم قصة كتير عادية‪..‬‬
‫وبعد ما شفتو وحكينا وعرفتو‪ ..‬صار الموضوع أبعد وأكبر من موضوع‬
‫سيناريو عم بكتبو‬

‫جوليا‬
‫كيف يعني؟‬

‫فراس‬
‫انا حابب ساعدو‬

‫‪86‬‬
‫‪24‬‬

‫جوليا‬
‫مستحيل‬

‫فراس يستغرب رفض جوليا المفاجئ‬

‫فراس‬
‫ليش ؟‪ ..‬ليش مستحيل؟‬

‫جوليا‬
‫ألنو الزم نرجع بعد يومين ع أمريكا‪ Please ..‬ما تقلي ّ‬
‫بدك تأجل ‪..‬‬

‫فراس‬
‫هيك شكلي‪..‬‬

‫تقف جوليا‬

‫جوليا‬
‫بتعرف شو يعني اللي عم بتقوله انت ه ّلق فراس؟‬

‫فراس‬
‫جوليا انا وانت مش رح نتخانـق على هالموضوع‬

‫جوليا تأخذ نفس ًا ثم تقول‬

‫جوليا‬
‫بدي تشيل الموضوع من راسك‪..‬‬
‫كرمال ما نتخانق ّ‬

‫يصمت فراس‪..‬‬

‫جوليا‬
‫شو؟‪ ..‬فراس قول شي‬

‫يقف فراس‪..‬‬

‫و أثناء وضع آلة التسجيل في درج المكتب‪..‬‬

‫‪87‬‬
‫‪24‬‬

‫فراس‬
‫ّ‬
‫تأخر الوقت‪ ..‬خلينا نفوت ننام و نكفي حكي بكرا‪..‬‬

‫جوليا ال تجيبه وتنظر اليه معاتبة‬

‫يحاول فراس إبعاد نظره عنها‬

‫جوليا‬
‫تصبح على خير‬

‫تخرج من غرفة المكتب‪ ..‬فراس يرافقها بنظراته‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪88‬‬
89
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪25‬‬
‫خارجي ‪ -‬صباح ‪ /‬منطقة شعبية‬

‫لقطة على منطقة شعبية‬

‫الجدة مع أجوائها الصباحية‪..‬‬


‫ّ‬ ‫حيث منزل‬

‫متجول‪..‬‬
‫ّ‬ ‫بائع خضار‬

‫اوتوبيس الدولة الذي ينقل بعض الناس‬

‫رجل يفتح جرّار ّ‬


‫دكانه‬

‫و‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪90‬‬
91
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪26‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬منزل الجدة – غرفة وائل‬

‫وائل في غرفته يلبس قميصه‪..‬‬


‫حقيبته المدرسية على السرير‪..‬‬
‫الجدة‪..‬‬
‫ّ‬ ‫تدخل‬

‫وائل‬
‫صباح الخير‬

‫الجدّ ة‬
‫صباح النور يا عمرا لس ّتك‪ ..‬شو؟ شايفتك عم تلبس ثيابك‪..‬‬

‫وائل‬
‫عندي مدرسة‪ ..‬صار لي زمان ما رحت‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫وباللك ياها لهالمدرسة اليوم‪..‬‬

‫جدته لإلستفهام‪..‬‬
‫وائل ينظر الى ّ‬

‫الجدة تتابع‪..‬‬
‫ّ‬

‫الجدّ ة‬
‫جاييني ضيوف بعد الظهر وعايزتك تروح تجيبلي غراض‪ ..‬ولما ترجع بدي‬
‫س َندي الوحيد بهالدني‪..‬‬
‫تساعدني بتنضيف البيت‪ ..‬أنا يا ستي مرا كبيرة‪ ..‬وإنت َ‬

‫وائل‬
‫بس انا الزم لحّ ق االمتحانات‪ ..‬واذا غبت يمكن يحرموني منها‬

‫الجدة مقاطعة‪..‬‬
‫ّ‬

‫‪92‬‬
‫‪26‬‬

‫الجدّ ة‬
‫بال امتحان بال بطيخ‪ ..‬انت ما شاء اهلل عليك ذكي‪ ..‬بتكتب و بتقرا وبتحسب‪..‬‬
‫وعمك توفيق وقررنا تصير تنزل معو عالورشة‪..‬‬
‫ّ‬ ‫حكيت بهالموضوع أنا‬

‫وائل مستغرب ًا‬

‫وائل‬
‫الورشة؟‬

‫الجدّ ة‬
‫بتساعده و بتتعلم المصلحة و بتقبض آخرالشهر قرشين بضب ّلك ياهن‬
‫معي‪ ..‬غمض عين وفتح عين إنت بتكبر وبتكون قادر تتجوز وتفرّحني فيك‬
‫قبل ما موت‪ ..‬شو قلت يا عمري؟‬

‫قطع على وجه وائل محتار في أمره‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪93‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪27‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬منزل فراس – غرفة النوم‬

‫جوليا تقف امام المرآة تضع األقراط في أذنيها‬


‫وكأنها تستعد للخروج من المنزل‪..‬‬

‫فراس نائم في السرير‪..‬‬

‫مع بداية المشهد يفتح فراس عينيه‬


‫وينظر الى جوليا دون أن يرفع رأسه عن الوسادة‪..‬‬

‫جوليا أثناء نظرها الى المرآة تلمحه مستيقظا‪..‬‬

‫جوليا‬
‫‪Bonjour‬‬
‫ ‬
‫فراس‬
‫‪ .. Bonjour‬طالعة؟‬

‫جوليا‬
‫اي ‪ ..‬في شوية غراض الزم جيبن من السوق‪ ..‬ما عاد قدامي وقت كثير‪..‬‬

‫فراس‬
‫وقت لشو حبيبتي؟‬

‫جوليا‬
‫للسفر‬

‫فراس يع ّلي رأسه فجأة‬

‫فراس‬
‫جوليا شو الموضوع؟‪ ..‬بعدنا حاكيين مبارح‬
‫‪94‬‬
‫‪27‬‬

‫جوليا‬
‫مبارح نحن حكينا؟‪ ..‬شو حكينا؟‬

‫يتنهّ د بضيق‬

‫فراس‬
‫ناجل السفر شوي‪..‬‬

‫جوليا‬
‫مبارح انت اللي حكيت‪ ..‬وقررت تأجّ ل لحالك‪..‬‬

‫فراس‬
‫شو يعني هلق؟‬

‫جوليا ببرود‪ ..‬ومن دون أن تنظر إليه‬

‫جوليا‬
‫يعني انا مسافرة‪ ..‬إذا حبيت نسافر سوا ‪ .. It's fine‬ما حبيت‪ ،‬رح ّ‬
‫فل لحالي‪..‬‬

‫جوليا تحمل حقيبة يدها و تذهب‬


‫تاركة فراس وحده في غرفة النوم‬
‫فراس يتأفف ويقوم من السرير‬
‫الحمام‪..‬‬
‫ّ‬ ‫داخ ً‬
‫ال‬

‫‪CUT‬‬

‫‪95‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪28‬‬
‫خارجي – نهار‪ /‬منزل فراس من الخارج ‪ -‬سيارة جوليا‬

‫جوليا تخرج من المنزل ويبدو عليها الحزن‬

‫و تسير نحو سيارتها‪..‬‬

‫تفتح باب السيارة وتصعد‪..‬‬

‫ثم تدير المحرك وتنطلق بالسيارة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪96‬‬
97
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪29‬‬
‫الحمام‬
‫ّ‬ ‫داخلي – نهار‪ /‬منزل فراس –‬

‫فراس يقف تحت الدوش‬

‫حمامه الصباحي‪..‬‬
‫يأخذ ّ‬

‫ّ‬
‫يتذكر‪..‬‬ ‫المياه تنزل على جسده وهو‬

‫لننتقل إلى مشهد فالش باك‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪98‬‬
99
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪30‬‬
‫داخلي – بعد الظهر‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪23‬‬

‫‪Flash Back‬‬

‫ابراهيم‬
‫لما كانت تجي تزورنا‪ ..‬كانت دايم ًا تفرجينا إنها مبسوطة بحياتـهـا الجديدة و‬
‫جوزتا ياه كان الشخص المناسب‪ ..‬وإنو مه ّنيها ومعيّشا حياة‬ ‫إنو الرجّ ال اللي ّ‬
‫حلوة‪..‬‬

‫فراس‬
‫حسيت على شي ؟‪..‬‬
‫معقول ما ّ‬

‫ابراهيم يبتسم ابتسامة حزن‬

‫ابراهيم‬
‫حس ‪ ..‬تجي هيي وتفرجيني العكس‪..‬‬
‫كنت لما ّ‬

‫فراس‬
‫وألي متى استمرّت بهالشي؟‬

‫يصمت قلي ً‬
‫ال ثم يجيب‬

‫ابراهيم‬
‫لبعد ما فرّحتني بابراهيم الزغير‪..‬‬

‫فراس يستغرب‬

‫فراس‬
‫جابت منه والد؟‬
‫‪100‬‬
‫‪30‬‬

‫يهز ابراهيم برأسه ايجاب ًا‬

‫ابراهيم‬
‫ولد واحد‪..‬‬

‫ّ‬
‫يتذكر حفيده‪..‬‬ ‫يغمض عينيه كانه‬

‫ابراهيم‬
‫وشم ريحته‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ضم إبراهيم لقلبي‬
‫يا اهلل شو ع بالي بهاللحظة ّ‬

‫‪End of flash back‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪101‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪31‬‬
‫الحمام‬
‫ّ‬ ‫داخلي – نهار‪ /‬منزل فراس –‬

‫‪Back to the present‬‬

‫فراس وبعد أن استرجع في ذاكرته‬

‫جزءا ً من لقائه بالشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫يتنهّ د تحت الماء ويتابع اإلستحمام‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪102‬‬
103
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪32‬‬
‫خارجي – نهار‪ /‬كافيه‬

‫جوليا تجلس في كافيه مع صديقتها روال تشربان القهوة‪..‬‬


‫جوليا تدخن‪..‬‬

‫جوليا‬
‫شو رأيك ب ّللي سمعتيه؟‬

‫روال‬
‫رأيي إنك عم تكبّري الموضوع‬

‫جوليا‬
‫شمة هوا وتأجّ لت‪ ..‬أنا وفراس في عنا شغل برّا‪ ..‬وتأجيل سفرو رح‬
‫ّ‬ ‫منها‬
‫يسبّبلنا مشكلة كبيرة‪..‬‬

‫ّ‬
‫بحل‪..‬‬ ‫روال تصمت قلي ً‬
‫ال وكأنها تفكر‬

‫جوليا تتابع‬

‫جوليا‬
‫صدمني مبارح بقراره‬

‫روال‬
‫مهم يعني؟‬
‫ّ‬ ‫لهالدرجة السبب‬

‫جوليا‬
‫عمل إنساني‪ ..‬يعني لو الزلمي بيقربنا بقول الواحد ‪..‬‬

‫روال‬
‫بدي ق ّلك‪..‬‬
‫واهلل مش عارفة شو ّ‬

‫‪104‬‬
‫‪32‬‬

‫جوليا‬
‫مش غلط الواحد يقوم بعمل إنساني‪ ..‬بس مش ع حساب شغلو ومستقبلو‪..‬‬
‫اللي ناطرنا برّا فرصة ما بتجي كل يوم‪ ..‬وفوق هيدا في بند جزائي‬

‫روال‬
‫ما يكون الموضوع إلو عالقة بـ‪..‬‬

‫تصمت روال‪..‬‬

‫جوليا‬
‫بشو؟‪..‬‬

‫روال‬
‫ال و ال شي‪ ..‬كان مجرد افتراض بس الء‪ ..‬ما بتخايل‬

‫جوليا‬
‫بتقصدي انو فراس تحجج بموضوع الزلمي وتأجيل سفره الو عالقة بطليقتو؟‪..‬‬

‫روال‬
‫كانت فكرة اجت براسي‪ ..‬بس الء ما بتخايل‪..‬‬

‫جوليا‬
‫فراس أنا بعرفه‪ ..‬لو الموضوع بيتعلق بسلمى كان حكالي‪ ..‬أو عالقليلة كنت‬
‫حسيت‪ ..‬سلمى بالنسبة إلو خلص ‪ ..‬حتى لو عقدة الذنب تجاها بعدا مرافقتو‬

‫روال‬
‫طب و اذا سافرتي وحدك‪ ..‬شو بصير؟‬

‫جوليا‬
‫ساعتا بكون قادرة انقذ الجزء المتعلق فيي بالعقد‪ ..‬بس هوي بتكون راحت‬
‫عليه والبند الجزائي اللي بيتعلق فيه بدو يدفعو‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪105‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪33‬‬
‫خارجي – نهار‪ /‬سيارة فراس‬

‫فراس يقود السيارة و يتحدث على الهاتف مع صديقه المحامي‪..‬‬

‫فراس‬
‫صحتك منيحة؟‬ ‫يسعدلي صباحك ماتر‪ ..‬طم ّني عنك‪ّ ..‬‬
‫الحمد هلل الحمد هلل‪..‬‬
‫ماتر اي متى فاضي تستقبلني بمكتبك لنشرب قهوة سوا؟‪..‬‬
‫الء صعبة عليّي ه ّلق ألنو عندي مشوار ضروري‪..‬‬
‫عاألربعة عندك بالبيت ؟‪ ..‬بكون كثير منيح‪..‬‬
‫تمام‪ ..‬بشوفك عاألربعة لكن‪ ..‬اهلل معك ماتر‪..‬‬

‫فراس يقفل الخط ويضع هاتفه ويتابع القيادة‬


‫ويعود في الذاكرة الى مشهد فالش باك‬
‫يجمعه مع الشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪106‬‬
107
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪34‬‬
‫داخلي – بعد الظهر ‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪30‬‬

‫‪Flash Back‬‬

‫ابراهيم‬
‫تخايل يا إبني انو من وقت ما فتـت لهون‬
‫ما قدرت وال مرّة أعرف شي عن إبن بنتي؟‬

‫فراس‬
‫قديش صار عمره هلق؟‬

‫إبراهيم بخيبة‬

‫ابراهيم‬
‫تركتو ابن ثالث سنين‪ ..‬واناهلق رح طبّق العشر سنين بالحبس‪..‬‬
‫ابراهيم الزغير صار شب‪ ..‬عم يكبر بعيد عن عيوني‪..‬‬

‫فراس يضع رأسه في األرض بخيبة‬

‫الشيخ ابراهيم يضع يده على كتف فراس‬

‫ابراهيم‬
‫وتتطمن عليه؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يا ابني انت عايش برّات هالمطرح‪ ..‬ممكن تعملي معروف‬

‫فراس‬
‫بدك روح زوره؟‬

‫ابراهيم يشعر باإلحراج‬

‫‪108‬‬
‫‪34‬‬

‫ابراهيم‬
‫ما بعرف‪ ..‬حفيدي من وقت ما تركته‪ ..‬ما قطعت عنه مصاريفه‪..‬‬
‫خلصوا مصرياتي‪ ..‬ومن وقت مش طويل بعت األرض اللي كنت بملكا كرمال‬
‫مصاريف دراسته‪ ..‬بس انا خايف ماتكون هالمصاريف عم توصله‪..‬‬

‫فراس‬
‫ق ّلي شو الزم أعمل وأنا بعمل‪..‬‬

‫ابراهيم يجيبه بخجل‬

‫ابراهيم‬
‫عتبرني بيَّك والمناسب عملو‪..‬‬

‫فراس ينظر الى الشيخ ابراهيم نظرة عطف‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫بس اذا ما كنت قادر‪ ..‬عتبرني ما قلت ّلك شي‪..‬‬

‫فراس‬
‫شيخ ابراهيم ‪ ..‬انا بوعدك إني رح أعمل كل شي بقدر عليه‪..‬‬
‫وهيدا وعد‪..‬‬

‫ابراهيم ينظر الى فراس دامع ًا‬


‫يشده اليه معانق ًا‬
‫ّ‬ ‫يتأمله للحظة ثم‬

‫فراس يتأثـــر‪..‬‬

‫‪End of flash back‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪109‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪35‬‬
‫خارجي – نهار ‪ /‬سيارة فراس‬

‫تابع للمشهد رقم ‪33‬‬

‫‪Back to the present‬‬

‫فراس وبعد أن عاد بالذاكرة ببعض ما دار بينه و بين الشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫يتنهّ د وهو يتابع قيادة السـيارة‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪110‬‬
111
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪36‬‬
‫داخلي – ليل‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫شيء ما‬‫ٍ‬ ‫هنا تبحث بين أغراضها على‬


‫ويبدو عليها التوتر‪ ..‬وعلى وجهها آثار الضرب‪..‬‬

‫تبحث في أكثر من مكان‪..‬‬

‫تتمتم‪..‬‬

‫هنا‬
‫اهلل ال يعطيه عافيه‪ ..‬أخدا‪..‬‬
‫أخد اإلسوارة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪112‬‬
113
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪37‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬شقة ش ّلة سلطان‬

‫سلطان يجلس مع ثالثة اصدقاء ( كمال و مجدي و جعفر ) حول طاولة‬


‫يلعبون القمار ‪ّ ،‬‬
‫يدخنون و يشربون البيرة‪..‬‬

‫أمام سلطان (على الطاولة) اسوارة زوجته‪..‬‬


‫( حيث يبدأ المشهد عندها بلقطة قريبة )‪.‬‬

‫مجدي‬
‫الظاهر انو الحظ م ّنو طايقك اليوم يا سلطان‬

‫سلطان بسبب غضبه ال يجيبه و يبقى نظره على أوراق اللعب‪ّ ..‬‬
‫يدخن‬

‫كمال‬
‫معلي معلي‪ ..‬يوم الك ويوم عليك‪..‬‬
‫لما ش ّلحت جعفر لباسه‬
‫نسيت األسبوع الماضي ّ‬

‫جعفر يبتسم إبتسامة غيظ‬

‫سلطان‬
‫تسمعوني سكوتكن احسن ما ارتكب جريمة بواحد منكن؟‬
‫ّ‬ ‫فيكن‬

‫مجدي‬
‫الء دخيلك ما بدنا مشاكل‪..‬‬
‫يعوض عليك بالمرّات الجايي‬
‫هات هاالسوارة واهلل ّ‬

‫سلطان يطفىء سيجارته بعصبية ويمسك باإلسوارة ويرمي بها أمام مجدي‬
‫ويقوم للذهاب‪..‬‬

‫كمال‬
‫لوين رايح؟‪..‬‬
‫‪114‬‬
‫‪37‬‬

‫سلطان ومن دون أن يلتفت اليه‬


‫يشير له بيده اشارة تعني ّ‬
‫(حل عني)‪..‬‬

‫مجدي‬
‫خ ّلي روحك رياضية‪..‬‬

‫سلطان عند خروجه يقول لمجدي‬

‫سلطان‬
‫بكرا بعم ّلال اشتراك بشي نادي‪..‬‬

‫بقوة‪..‬‬
‫راءه ّ‬
‫يخرج ويخبط الباب و َ‬

‫جعفر ياخذ االسوارة من أمام مجدي و يتفحّ صها‪..‬‬

‫جعفر‬
‫قطعة حلوة ما بها شي‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪115‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪38‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – الصالون‬

‫هنا تجلس في الصالون تنتظر وصول سلطان‬


‫وتنظر الى ساعة الحائط اكثر من مرّة‪..‬‬
‫هنا يبدو عليها التوتر‪..‬‬

‫تقوم عن الكنبة وتسير في الصالون وهيي تتمتم‪..‬‬

‫هنا‬
‫وينو لهلق؟‪..‬‬

‫تتأفف‪..‬‬

‫تطل من النافذة تتفقد وصوله‬


‫وعندما ال تراه قد وصل‪..‬‬

‫هنا‬
‫اهلل ال يوفقه كيف ما برم وجه‪..‬‬

‫قطع على باب الشقة‪ ..‬سلطان يفتح باب الشقة ويدخل‪..‬‬

‫هنا تقترب منه إلفتعال مشكل‪..‬‬

‫هنا‬
‫يعني عملتا وأخدت االسوارة سلطان‪..‬‬

‫سلطان‬
‫ّ‬
‫شــــ ‪..‬‬

‫هنا‬
‫سلطان وين اسوارة المرحومة امي‪..‬‬
‫‪116‬‬
‫‪38‬‬

‫سلطان يستاء منها‬

‫سلطان‬
‫ولك يا ريتك تلحقيها وتريحيني‪..‬‬

‫يتركها ويدخل الغرفة‪..‬‬

‫هنا‬
‫الء‪ ..‬الموضوع ما خلص هون ت تتركني وتفوت تنام‪..‬‬

‫تتبعه‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪117‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪39‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫سلطان يدخل الغرفة ويجلس على حافة السرير لخلع حذائه‪..‬‬

‫هنا تتبعه‪..‬‬

‫سلطان‬
‫اهلل يرضى عليكي‪ ..‬راسي عم يوجعني وم ّني بمزاج خناق وحكي‪..‬‬
‫حضريلي لقمة أكل أحسنلك‬ ‫بتمك كلمتين ‪ ،‬بلعيهن وفوتي ّ‬
‫إذا في ّ‬

‫هنا‬
‫ر ّد اإلسوارة باألول‪..‬‬

‫سلطان وقد خلع الفردة األولى من حذائه وبدأ بخلع الثانية‪..‬‬

‫يتوقف فجأة ويرفع نظره نحوها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫شكلو جلدك عم ّ‬
‫يحكك وما رح تخرسي قبل ما تنضربي‪..‬‬

‫هنا‬
‫أص ً‬
‫ال إنت مش شاطر إال بالضرب والحكي الفالت‪ ..‬الرجّ ال يا سلطان اللي بجيب‬
‫لمرته مش اللي بياخد منها‪..‬‬

‫ببرود وشبه تهديد يقول لها‬

‫سلطان‬
‫واللي بياخد من مرتو ما بكون رجال؟‪ ..‬هيك قصدك؟‬

‫هنا‬
‫أكيد الء‪..‬‬
‫‪118‬‬
‫‪39‬‬

‫سلطان يحمل بيده الفردة الثانية من حذائه‪ ..‬يقوم ويقف بوجهها ويتابع‬
‫كالمه ببرود وتهديد‬

‫سلطان‬
‫شو بكون لكن؟‬

‫هنا تجيبه من دون خوف‪ ..‬بسبب حزنها على ضياع اإلسوارة منها‪..‬‬

‫هنا‬
‫بال شرف وحيوان‪ ..‬ومش اي حيوان ‪ ..‬حيوان رخيص كمان‪..‬‬

‫سلطان بغضب شديد‪..‬‬

‫سلطان‬
‫انا حيوان يا بنت الحيوان؟؟‪ ..‬انا بال شرف يا كلبة ؟؟‬

‫يهجم عليها و يضربها ضرب ًا مبرح ًا‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪119‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪40‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬السجن – مكتب رئيس السجن‬

‫العميد معين ياسين في مكتبه‪..‬‬


‫صوت طرقات الباب‪..‬‬

‫معين‬
‫تفضل‬

‫الشرطي الحارس يفتح الباب ويتقدم خطوتان ويضرب سالم ًا لمعين‪..‬‬

‫معين‬
‫شو في؟‬

‫الشرطي‬
‫االستاذ فراس جبران برّا وطالب يقابل سيادتك‪..‬‬

‫معين يستغرب‪..‬‬

‫معين‬
‫خليه يتفضل‪..‬‬

‫الشرطي يضرب سالم ًا ويخرج‬

‫لحظات ويدخل فراس الى مكتبه‬


‫معين يقف إلستقباله‪..‬‬

‫فراس‬
‫صباح الخير سيادة العميد‪..‬‬

‫معين‬
‫صباح النور‪ ..‬اهال و سهال‪ ..‬لما الشرطي قلي انك هون استغربت صراحة‪ ..‬خاصة‬
‫‪120‬‬
‫‪40‬‬

‫انك قلتلي مبارح انو بدك تسافر ووقتك ديّق‪..‬‬

‫فراس يه ّز برأسه تأكيدا ً على كالم العميد‬

‫فراس‬
‫جد عليي شوية قصص غيرتلي الخطة اللي كنت راسما‪..‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لحطك بالصورة بللي عم بعملو وآخد رأيك فيه‬ ‫وجايي للصراحة‬

‫معين‬
‫اكيد اكيد‪ ..‬ليش بعدك واقف‪ ..‬تفضل رتاح‪..‬‬

‫فراس‬
‫بس ما كون عم عطلك عن شي‬

‫معين‬
‫اله يا زلمة‪ ..‬تفضل‪..‬‬

‫يجلسان‪..‬‬

‫معين‬
‫قهوة ؟‬
‫يبتسم فراس ويقول‬

‫فراس‬
‫مرّة‪..‬‬

‫معين يرفع السماعة ويطلب رقم داخلي‪..‬‬

‫معين‬
‫ركوة قهوة مرة وفنجانين‪..‬‬
‫شكراً‪..‬‬

‫يقفل الخط‬

‫فراس‬
‫سيادة العميد انا مبارح جيت بقصد اقعد مع بعض المساجين واسمع‬
‫‪121‬‬
‫‪40‬‬

‫قصصن وروح فيها‪ ..‬وبعد ما طلعت من عند الشيخ ابراهيم سألت عنك‬
‫قالولي انك مشيت‪ ..‬باختصار انا قررت اتبنى قضيته‪..‬‬

‫معين ال يفهم قصد فراس‬

‫معين‬
‫شو يعني تتبنى قضيتو؟‬

‫فراس‬
‫الساعة اربعة رح قابل محامي كبير العادة فتح القضية‪..‬‬

‫معين يستغرب‪..‬‬

‫معين‬
‫قضيته صار مارق عليها حوالي العشر سنين‪..‬‬

‫فراس‬
‫قد ما كانوا‪ ..‬انا مص ّر إني ساعده‪..‬‬

‫معين‬
‫وانا رح كون موجود ألي مسانده‪..‬‬
‫بس بيأسفني خبّرك انك رح تكون عم تضيع وقتك‪..‬‬

‫فراس‬
‫بيكفيني احساس المحاولة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪122‬‬
123
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪41‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬منزل فراس – مدخل و صالون‬

‫جوليا تفتح الباب بمفتاحها وتدخل المنزل‪ ..‬حامله فقط حقيبة يدها‪..‬‬
‫تتقدم نحو الصالون‪ ..‬ترمي الحقيبة والمفاتيح على الكنبة وتجلس على‬
‫الكنبة الثانية بتعب‪..‬‬

‫يرن جرس الهاتف الموجود داخل حقيبتها‪..‬‬ ‫ّ‬


‫تلتفت الى الحقيبة وتنظر اليها للحظة‪..‬‬

‫ثم تمد يدها الى الحقيبة وتسحب الموبايل وتنظر الى الشاشة لترى عليها‬
‫اسم «فراس»‪..‬‬

‫تقوم بحركة بوجهها‪ ..‬تشير الى عتبها عليه ثم تجيبه بجديّة‪..‬‬

‫جوليا‬
‫اي فراس؟؟‬

‫‪CUT‬‬

‫‪124‬‬
125
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪42‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬الشارع أمام سيارة فراس‬

‫فراس يتحدث على الهاتف مع جوليا وهو يسير نحو سيارته‬

‫فراس‬
‫وليش عم بتر ّدي عليي بهالرسمية؟‪..‬‬
‫وينك حبيبي؟‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪126‬‬
127
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪43‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬منزل فراس – صالون‬

‫تابع للمشهد رقم ‪41‬‬

‫جوليا تتابع حديثها مع فراس على الهاتف‬

‫جوليا‬
‫تغديني برّا‪..‬‬
‫ّ‬ ‫تاخدني‬ ‫بالبيت وناطرتك تمرق‬

‫‪CUT‬‬

‫‪128‬‬
129
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪44‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬مطعم‬

‫فراس و جوليا يتناوالن الغداء مع ًا‪..‬‬


‫جوليا صامتة ال تتحدث وال تنظراليه حتى‪..‬‬

‫فراس ينتظرها قلي ً‬


‫ال كي تتكلم‬
‫و هو ينظر اليها وهو يأكل‬
‫ثم يبادر بالكالم لكسر الصمت‬

‫فراس‬
‫شو عدتي اشتريتي من السوق؟‬

‫جوليا‬
‫و ال شي‪..‬‬

‫تجيبه وتتابع طعامها‪..‬‬


‫يصمت قليال ثم يسألها‪..‬‬

‫فراس‬
‫ما توفقتي بشي يعني؟‬

‫جوليا‬
‫ما برمت أص ً‬
‫ال‪ ..‬طلعت انا و روال قعدنا بكافيه‬

‫يضع الشوكة والسكين ويسألها‬

‫فراس‬
‫في شي الزم افهمو من اللي قلتيه؟‬

‫جوليا‬
‫شي مثل شو؟‪..‬‬
‫‪130‬‬
‫‪44‬‬

‫فراس‬
‫يعني بعدك مصرّة على قرارك؟‬

‫جوليا تتوقف عن الطعام وتتنهد وتمسح فمها بالمحرمة وتسأله‬

‫جوليا‬
‫انا اللي الزم اسألك هالسؤال فراس‪..‬‬
‫اللي عم تعملو بحالك مش مسموح‪ ..‬عم بتضيع من ايدك فرصة عمرك‬
‫وفوق هيك رح تتغرم ببند جزائي‪ ..‬يعني رح تدفع كل اللي بتملكو تقريب ًا‪..‬‬
‫وجايي ت تسألني هيك سؤال؟‬

‫فراس‬
‫جوليا فهميني‪ ..‬انا بحاجة لساعد هاالنسان‬

‫جوليا‬
‫بحاجة؟‬

‫فراس‬
‫إي بحاجة‪ ..‬مساعده انسان مثل الشيخ ابراهيم مش مجرد عمل انساني‪..‬‬
‫حوال لسيناريو فيلم ‪ Please‬جوليا فهميني‬
‫وال مجرد قصة رح ّ‬
‫واستوعبيني‬

‫جوليا‬
‫كيف عم تطلب مني استوعبك بالوقت اللي عم شوفك فيه عم ترجع‬
‫للصفر؟‬

‫فراس‬
‫رح ابعت الليلة ايميل لـ ‪ Lee Johnson‬اخترعلو فيه ايّ سبب أو ألف سبب‬
‫يمدد المهلة‪..‬‬
‫وانا متاكد إنه رح يوافق ّ‬

‫جوليا‬
‫الضمانات مش موجودة‪ ..‬والمشروع يمكن تخسره‬

‫يتنهد فراس ويقول‬

‫‪131‬‬
‫‪44‬‬

‫فراس‬
‫رح حاول‬

‫جوليا‬
‫عالعموم هيدا شي بيرجعلك‪ ..‬وانت ادرى بمصلحتك‪..‬‬

‫فراس ينظر الى الساعة في الموبايل لتبدو الثالثة والنصف‪..‬‬

‫فراس يقوم بحركة بوجهه تدل أن الوقت قد م ّر بسرعة‪..‬‬

‫جوليا‬
‫شو في؟‬

‫فراس‬
‫وصلك وروح‬
‫عندي موعد مع الماتر نزار صعب بعد نص ساعة‪ ..‬وأنجق إلحق ّ‬
‫لعنده‪ ..‬رح اطلب الحساب‪..‬‬

‫جوليا تهز برأسها موافقة‬


‫رغم أن عدم الموافقة تبدو على وجهها‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪132‬‬
133
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪45‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬منزل الجدّ ة – الصالون‬

‫الجدة يمسح لها األرض‪ ..‬وأثناء عمله يضرب أحدى‬


‫ّ‬ ‫وائل في صالون منزل‬
‫التحف الزجاجية بعصا الممسحة‪ ..‬فتقع على األرض وتنكسر لنسمع صوت‬
‫الجدة من الداخل تصرخ عليه‪..‬‬
‫ّ‬

‫صوت الجدّ ة من الداخل‬


‫شو ّ‬
‫وقعت واله ؟‪..‬‬

‫وائل ال يجيب ويتأفف من الموقف‪..‬‬

‫الجدة متفقدة ما حصل لترى الزجاج على األرض‬


‫ّ‬ ‫تدخل‬

‫وائل‬
‫اص ً‬
‫ال ما كانت حلوة‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫ما كانت حلوة؟ ولك اهلل يكسر ايديك وياخد إمك من مطرح ما هيي أهوج‪..‬‬
‫أهوج‪ ..‬شو بدي ق ّلك يعني؟‪..‬‬

‫وائل ال يجيب‪ ..‬يبقى صامت ًا مزعوج ًا من الموقف‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫لم القزاز من األرض وخ ّلصني من تنضيف األرض ‪ ..‬صارلك ساعة عم تشتغل‬
‫ّ‬
‫وما كنت تعرف تخلص‪..‬‬

‫رغم استياء وائل يجاريها قائ ً‬


‫ال‬

‫وائل‬
‫حاضر‪..‬‬

‫‪134‬‬
‫‪45‬‬

‫الجدة ترمقه بنظرة وتتركه وتدخل ثم تعود من جديد لتقول له‪..‬‬

‫الجدّ ة‬
‫زوم التمسيح لما تخلص‪ ..‬شطوف فيه الدرج برّا ما تكبّو بالحمام‪ ..‬ورجاع‬
‫يقطع هالنهار على خير بقا‪..‬‬ ‫ن ّزل الزبالة بإيدك‪ ..‬اهلل ّ‬

‫تتركه وتدخل فيرمي عصا الممسحة على األرض متافف ًا‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪135‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬
‫‪46‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬منزل المحامي نزار صعب –‬
‫المدخل من الخارج‬

‫المشهد على باب منزل المحامي نزار صعب من الخارج‪..‬‬

‫نرى فقط يد فراس تمتد الى جرس الباب‪ ..‬دون أن نراه‪..‬‬

‫لحظات ويفتح الباب ليبدو نزار ناظرا ً الى الكاميرا وكأنه ينظر الى الزائر (فراس)‬
‫ويقول‬

‫نزار‬
‫أهال و سهال‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪136‬‬
137
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬
‫‪47‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬منزل سلطان – زاوية فيها‬
‫الهاتف األرضي‬

‫يرن‪..‬‬
‫جرس هاتف المنزل ّ‬
‫هنا تتقدم وتجيب‪..‬‬

‫هنا‬
‫الو؟‪..‬‬
‫اي نعم مين عم يحكي؟‬

‫تفزع هنا وتسأل بسرعة بعد أن علمت أن المتصل هي مديرة مدرسة ابنها‪..‬‬

‫هنا‬
‫ابراهيم صارلو شي؟‬

‫ترتاح قليال‪..‬‬

‫هنا‬
‫الحمد هلل‪ ..‬بس استغربت شوي ألنو هيدي أول مرّة المدرسة بتتصل فيي‪..‬‬
‫خير مدام شو القصة؟‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪138‬‬
139
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬
‫‪48‬‬
‫داخلي – نهار‪ /‬مدرسة ابراهيم الصغير – مكتب‬
‫مديرة المدرسة‬

‫هنا تجلس مع مديرة المدرسة في مكتب االدارة‪..‬‬

‫المديرة تجيب على السؤال الذي سألته هنا في المشهد‬


‫السابق عبر الهاتف‪..‬‬

‫المديرة‬
‫القصة انو سلوك إبنك يا مدام هنا مش طبيعي بالمدرسة‪..‬‬
‫ّ‬

‫هنا‬
‫ابراهيم عمره اربع سنين‪ ..‬مش ّ‬
‫بكير نحكم على سلوك طفل بعمره؟‬

‫المديرة‬
‫ّ‬
‫ابنك ومع انو عمره بس أربع سنين ‪ ..‬بيخاف من المعلمة و بيخاف من رفقاتو‬
‫الصبيان‪ ..‬أيّ صوت زغير بنقزو‪ ..‬وبالمقابل بيستقوي على بنات ّ‬
‫صفو‪ ..‬بيضربن‬
‫لحد األذى وبيستعمل الفاظ بذيئة معن‪..‬‬
‫ومش بس هيك‪ ..‬الصبي سرّاق!‬

‫هنا مستغربة‪..‬‬
‫هنا‬
‫ابراهيم؟!‪ ..‬إبني أنا؟!‬

‫المديرة‬
‫لألسف اي‪..‬‬

‫هنا‬
‫والحل؟‪..‬‬

‫المديرة تأخذ كارت الطبيب النفسي عن مكتبها‪..‬‬

‫‪140‬‬
‫‪48‬‬

‫المديرة‬
‫رح اعطيكي كارت دكتور مختص بالطب النفسي لألطفال اللي بحالة ابنك‪..‬‬
‫هيدا الدكتور متعاقد مع المدرسة‪ ..‬يعني ما رح يكون عندك تكاليف للزيارة‪..‬‬
‫وبحالة ابراهيم في احتمال انو يكون في أكثر من زيارة‪ ..‬في تقرير بحالة‬
‫وتحددي مع‬
‫ّ‬ ‫تتصلي‬
‫ابنك نعمل من المدرسة ونبعت للطبيب‪ ..‬بيبقى بس ّ‬
‫سكرتيرته موعد وتزوريه‪..‬‬

‫تعطيها الكارت‬

‫المديرة‬
‫ّ‬
‫تفضلي‬

‫هنا‬
‫شكرا ً‬

‫هنا تأخذ الكارت من المديرة‪..‬‬

‫لقطة على اسم الطبيب على الكارت‬


‫« وسام كنعان» هنا تتفاجىء عندما تقرأ اإلسم‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪141‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪49‬‬
‫خارجي – نهار‪ /‬شارع‬

‫هنا بعد انتهائها من مقابلة مديرة المدرسة‪ ..‬تسير في الشارع وتتحدث مع‬
‫نفسها‬

‫( ‪) Monologue Interieur‬‬

‫هنا‬
‫هوي نفسه وسام أو مجرّد تشابه أسماء؟‬
‫«وسام كنعان» ّ‬

‫هوي ‪..‬‬
‫بدي يكون ّ‬
‫يا رب ‪ ..‬يا رب ما ّ‬

‫تكمل هنا طريقها ‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪142‬‬
143
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪50‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – الصالون‬

‫يدخن سيجارة و هنا في الجانب اآلخر من الصالون‬‫ممددا على الكنبة ّ‬


‫ّ‬ ‫سلطان‬
‫تتحدث معه حول موضوع المدرسة والطبيب النفسي‬
‫فتكون ردة فعله ساخرة وغير مبالية‬

‫سلطان‬
‫بتصدقي هاألكل الهوا اللي قالتلك ياه الست المديرة؟‬

‫هنا‬
‫إذا إنت ما بتآمن أو بتصدق هيدي مشكلتك سلطان‪..‬‬

‫سلطان‬
‫قص‪..‬‬
‫في ناس لسانا مثل شعرا‪ ..‬كل فترة بده ّ‬

‫هنا‬
‫قول اللي بدك ياه‪ ..‬المهم هلق رح تروح معي بكرا أو بروح لحالي؟‬

‫سلطان‬
‫روحي لحالك‪ ..‬وبركة بتاخدك شي تري ّلال بطريقا وبتريّحيني منك‪..‬‬

‫تتأفف وتدخل غرفة المطبخ‪..‬‬


‫سلطان يقول لها مناديا‬

‫سلطان‬
‫في صحن مشمش بالبراد جيبيه معك وعملي حسابك بآخر االسبوع تروحي‬
‫لعند امي تع ّزليال البيت‪..‬‬

‫‪CUT‬‬
‫‪144‬‬
145
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪51‬‬
‫داخلي‪ -‬نهار‪ /‬عيادة وسام كنعان‬

‫وسام كنعان يسير في عيادته نحو كرسي مكتبه ويجلس وراء طاولة‬
‫المكتب ويرفع السماعة‪ ..‬ويطلب السكرتيرة‬

‫وسام‬
‫مايا في مواعيد هلق أو بطلع ‪Break‬؟‬

‫صوت السكرتيرة مايا‬


‫في والدة طالب من المدرسة‬

‫وسام‬
‫طيب‪ ..‬خليها تتفضل‪..‬‬

‫يضع السماعة ويأخذ من أمامه كوب الماء ويشرب‪..‬‬


‫في هذه األثناء تطرق هنا على الباب وتفتحه وتدخل ليلتقي نظرها بنظر‬
‫وسام‪..‬‬

‫وسام عندما يراها يتفاجىء ويقف‪ ..‬وكوب الماء بيده‪..‬‬

‫وسام‬
‫هنـا ؟!!!‬

‫هنا‬
‫هوي‬
‫لما قريت إسمك عالكارت‪ ..‬قلت لحالي معقول يكون صاحب اإلسم ّ‬
‫إنت؟‬

‫وسام‬
‫شو زغيري هالدني‪..‬‬

‫تهز هنا برأسها مؤيدة كالم وسام‬


‫‪146‬‬
‫‪51‬‬

‫هنا‬
‫فعالً‬

‫وسام‬
‫تفضلي تفضلي‪ ..‬مبسوط كثير ألني شفتك‪..‬‬

‫تقترب هنا نحو الكرسي وتجلس دون أن تقول أي شيء‪..‬‬


‫وسام ينتظر قليال لتتكلم وعندما يراها ملتزمة الصمت يبادر بالكالم‪..‬‬

‫وسام‬
‫كيفك؟‬

‫هنا‬
‫قبل شوي كنت أحسن‬

‫يستغرب كالمها‪..‬‬

‫وسام‬
‫ليش هيك؟‬

‫هنا‬
‫ما بعرف وسام‪ ..‬ما بعرف‪ ..‬ما تسألني شي‪..‬‬

‫يصمت وسام‪ ..‬يقف ويسير قليال في العيادة‪..‬‬


‫يبقى نظر هنا في األرض‪..‬‬
‫وسام يأخذ نفس ًا ويلتفت إلى هنا قائ ً‬
‫ال‪..‬‬

‫وسام‬
‫نحن هلق رح ننسى اللي كان بيناتنا من زمان‪ ..‬ننسى إني كنت خطيبك‪ ..‬ننسى‬
‫كل شي ونحكي بمشكلة إبراهيم إبنك‪..‬‬

‫هنا و من دون أن تنظر اليه ته ّز برأسها موافقة‪..‬‬

‫‪CUT‬‬
‫‪147‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪52‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫هنا تتقدم نحو المرآة الموجودة في غرفة نومها وتتأمل نفسها للحظة ثم‬
‫تك ّلم نفسها ( ‪) Monologue Interieur‬‬

‫صوت هنا‬
‫مين قال انو الذكريات الحلوة بتبسطنا لما نتذكرها ‪..‬‬
‫في ذكريات من كثر جماال بتضوي على الواقع األسود اللي عم نعيشو‪..‬‬
‫بتحبطنا وبتزيد يأسنا‪..‬‬

‫تتنهد ثم تتابع بالصوت فقط‬

‫صوت هنا‬
‫شو رجّ عك لحياتي عن جديد يا وسام؟‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪148‬‬
149
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪53‬‬
‫خارجي – نهار ‪ /‬سيارة وسام كنعان‬

‫وسام يجلس في سيارته المركونة على جانب الشارع يتحدث مع نفسه‬


‫( ‪) Monologue Interieur‬‬

‫وكأنه يجيب على هنا في حوارها في المشهد السابق‪..‬‬

‫صوت وسام‬
‫سامحيني هنا‪ ..‬ما كان قصدي ضايقك أو إزعجك‪ ..‬بس شو بعمل‪..‬‬
‫القدر هو اللي قرّر يجمعنا مرّة جديدة‪..‬‬

‫يتنهد ثم يتابع بالصوت فقط‬

‫صوت وسام‬
‫يا اهلل شو كنت مشتاقلك‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪150‬‬
151
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪54‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪52‬‬

‫هنا تترك المرآة وتسير نحو السرير‪..‬‬

‫ترتمي عليه بشكل أفقي وتتابع الكالم مع نفسها‬


‫( ‪) Monologue Interieur‬‬

‫صوت هنا‬
‫ليش ضعفت و حكيتلو قصتي؟‪..‬‬
‫ما كان الزم احكي‪..‬‬
‫ما كان الزم ضل عندو‪..‬‬

‫وتشد عليهما‪..‬‬
‫ّ‬ ‫تغمض عينيها‬

‫‪FACE TO BLACK‬‬

‫‪152‬‬
153
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪55‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬صالون منزل المحامي نزار صعب‬

‫امتداد للمشهد ‪46‬‬

‫فراس في الصالون مع المحامي نزار صعب يشربان القهوة ويتحدثان‪..‬‬

‫فراس‬
‫قصتا وعرف حجم الوجع والقهر اللي عم تعيشو صار عندو إصرار‬
‫لما سمع ّ‬
‫حدا‪..‬‬
‫أكبر انو يكون ّ‬

‫نزار‬
‫ت يرجعال؟‬
‫َ‬

‫فراس‬
‫ت يساعدا ويط ّلعا من اللي هيّي فيه‪..‬‬
‫الء‪َ ..‬‬

‫نزار‬
‫وهيي؟‬

‫فراس‬
‫صارت تتردد على عيادته‪ ..‬و بالرغم من انو كل مرة كانت تقول هيدي آخر مرة‪..‬‬
‫تالقي حاال عندو‪..‬‬

‫نزار‬
‫عادي‪ ..‬زيارة الطبيب النفسي منو شي بيرفضه المجتمع‪..‬‬

‫فراس يبتسم و كأنه يعرف شيء ما حدث‪..‬‬

‫‪FACE TO BLACK‬‬
‫‪154‬‬
155
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪56‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬عيادة الطبيب وسام كنعان‬

‫هنا في عيادة الطبيب النفسي وسام كنعان تبكي‪..‬‬


‫وسام يقترب منها ويقول ّ‬
‫برقة‪..‬‬

‫وسام‬
‫و حياة القهر اللي بصوتك‪ ..‬رح ساعدك‬

‫هنا‬
‫إنت أص ً‬
‫ال عم بتساعدني كثير وسام‪..‬‬

‫وسام‬
‫رح شيلك من اللي انت فيه هلق‪ ..‬رح خ ّلصك منو‪..‬‬

‫هنا‬
‫وسام‪ ..‬انا عم بجي لعندك هون حتى فضفضلك وبس‪..‬‬

‫وسام‬
‫بس أنا ما بقدر شوفك مقهورة وعم تنضربي وتنأذي وتنهاني وإبقىساكت‬
‫وعم بسمع وبس‪..‬‬

‫هنا‬
‫أنا الزم ّ‬
‫فل‬

‫تقف‪..‬‬
‫وسام‬
‫اي متى رح ترجعي ؟‬

‫هنا‬
‫ما بعرف‪..‬‬

‫‪156‬‬
‫‪56‬‬

‫يه ّز برأسه موافق ًا رغم رغبته بعدم ذهابها‪..‬‬

‫هنا تسير نحو الباب‪ ..‬وأثناء ذلك تشعر بدوار ويغمى عليها‬

‫وسام بلهفة‬

‫وسام‬
‫هنــا‪..‬‬

‫ينتفض وسام متوجها نحوها‬

‫وسام‬
‫هنا انت منيحة؟‬

‫هنا تفتح عينيها‪..‬‬

‫هنا‬
‫ما بعرف‪..‬‬

‫وسام‬
‫قومي معي ‪ ..‬رح آخدك عالمستشفى‪..‬‬

‫يساعدها على النهوض‪..‬‬

‫هنا‬
‫ما في داعي‪ ..‬هلق بصير منيحة‬

‫وسام‬
‫طب عالقليلة خ ّليني ّ‬
‫وصلك عالبيت‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪157‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪57‬‬
‫خارجي – ليل ‪ /‬الشارع أمام شقة ش ّلة سلطان‬

‫لقطة خارجية على المبنى القديم‬

‫حيث شقة أصدقاء سلطان مع اجوائها المسائية ‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪158‬‬
159
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪58‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬شقة ش ّلة سلطان‬

‫سلطان يلعب القمار مع أصدقائه الثالثة مجدي وكمال وجعفر كالمعتاد‬


‫يدخنون ويشربون البيرة‪..‬‬

‫مجدي‬
‫اليوم اللعب مثل قلتو‪ ..‬مضيعة للوقت‪..‬‬

‫كمال‬
‫شو بعملك اذا صاحبنا طفران ومش قادر يلعب على شوية فراطة؟‬

‫يقصد سلطان بكالمه‬

‫مجدي‬
‫ّ‬
‫ما تقول طفران‪ ..‬شغل الـتاكسي بطلع‪ ..‬بس أخونا خايف يخسر‪..‬‬
‫قد اللعب‪..‬‬
‫منو ّ‬

‫سلطان‬
‫ميسرة معي‬
‫ّ‬ ‫إي ال حبيبي‪ ..‬صاحبكن ما بخاف من الخسارة‪ ..‬بس بشرفي مش‬
‫الليلة‪..‬‬

‫جعفر يضحك ويسأله ساخرا ً‬

‫جعفر‬
‫بشو عم تحلف؟‪..‬‬

‫سلطان‬
‫شو قصدك يا بهيم؟‬

‫جعفر‬
‫سالمتك يا فهيم‪..‬‬
‫‪160‬‬
‫‪58‬‬

‫سلطان‬
‫ليك واله‪ ..‬فيك تاكل هوا بكل شي‪..‬‬
‫بس على شرفي ما تقرّب‪ ..‬أحسن ما نيــ ‪..‬‬

‫جعفر يقاطع سلطان‬

‫جعفر‬
‫ّ‬
‫وكفي اللعب‪..‬‬ ‫وسد بوزك‬
‫ّ‬ ‫ما تتعنتر‬

‫سلطان‬
‫من أي متى كانت البيرة بتلحسلك ّ‬
‫مخك انت؟‬

‫جعفر‬
‫من لما طلعولك‪ ..‬ريتك تلحس‬

‫جعفر يقصد بطلعولك ( طلعلك قرون )‬

‫كمال‬
‫ر ّوقوها شباب‪..‬‬

‫كالم جعفر يستفـ ّز سلطان‬


‫فيقف قائال‪..‬‬

‫سلطان‬
‫شو هني اللي طلعولي اي؟‪..‬‬

‫جعفر‬
‫قرونك ‪ ..‬وقبل ما تقوم تقلب الطاولة وتمارس علينا دور الرجّ ال اللي بخاف‬
‫بوصل المدام عالحارة‪..‬‬
‫على شرفو روح شوف مين عم ّ‬

‫سلطان يهجم على جعفر ليضربه بعد أن يقلب الطاولة‬

‫‪CUT‬‬

‫‪161‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪59‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – غرفة نوم سلطان‬

‫هنا ممددة في السرير بحالة تعب تحمل بيدها سماعة الهاتف األرضي‬
‫الموجود على الكوموندينة قرب السرير‪ ..‬وتتحدث مع وسام‪..‬‬

‫هنا‬
‫إي واهلل صرت أحسن ورح جرب نام هلق‪..‬‬
‫همي‪ ..‬انشلال من هلق للصبح بقوم من التخت وما كأنو‬
‫الء وسام ما تحمل ّ‬
‫في شي أبدا‪ً..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪162‬‬
163
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪60‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان‬

‫المشهد على وصول سلطان المنزل‬

‫يفتح الباب بمفتاحه ويدخل الشقة تارك ًا الباب مفتوح‪..‬‬

‫وعندما يتقدم نحو باب غرفة النوم يسمع صوت هنا وهي تتحدث مع وسام‬
‫على الهاتف‪..‬‬

‫صوت هنا من الداخل‬


‫لو قد ما حكيت وشكرتك‪ ..‬ولو شو ما عملت ما رح أعرف ر ّدلك هالجميل‬
‫حدي وسام‪..‬‬
‫الكبير بوقفتك ّ‬

‫سلطان عندما يسمع اسم وسام تبدو على وجهه عالمات الغضب‪..‬‬

‫فيتمتم بصوت غير مسموع‪..‬‬

‫سلطان‬
‫يا بنت الحرام ‪..‬‬

‫يستدير ويسير مسرع ًا نحو المطبخ‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪164‬‬
165
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪61‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – المطبخ‬

‫سلطان يدخل المطبخ مسرع ًا متجه ًا نحو أحد األدراج‪..‬‬

‫يفتحه ويأخذ منه سكين ًا كبيرا ً حاداً‪..‬‬

‫ويخرج به‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪166‬‬
167
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪62‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان‬

‫سلطان يخرج من المطبخ متوجه ًا نحو غرفة النوم‪..‬‬

‫ليم ّر من أمام باب الشقة (المفتوح) فيقترب منه ويقفله بقوة‪..‬‬

‫قطع عند صوت تسكير الباب‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪168‬‬
169
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪63‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – غرفة نوم سلطان‬

‫هنا تسمع صوت تسكير الباب‬


‫فتقول بهمس لوسام على الهاتف لتنهي معه المكالمة‪..‬‬

‫هنا‬
‫وسام تصبح على خير‪ ..‬سلطان رجع‪..‬‬

‫وتقفل الخط‪..‬‬

‫يدخل سلطان‪ ..‬ال نراه‪..‬‬

‫ّ‬
‫السكين الذي يحمله‬ ‫لتبقى الكاميرا على هنا وهي تنظر اليه بخوف بسبب‬
‫بيده‪..‬‬

‫وبصوت يرتجف تقول له‬

‫هنا‬
‫سلطان شو هيدا اللي بايدك‪ ..‬شوعم تعمل ؟‪..‬‬
‫سـ‪ ..‬سلطان شو في ؟؟‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪170‬‬
171
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪64‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬صالون منزل المحامي نزار صعب‬

‫امتداد للمشهد رقم ‪55‬‬

‫نزار يطفيء سيجارته في صحن الدخان‬


‫ويسأل فراس بإهتمام شديد‪..‬‬

‫نزار‬
‫قتل مرتو؟‪..‬‬

‫فراس ينظر الى نزار صامتا متنهداً‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪172‬‬
173
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪65‬‬
‫داخلي – ليل ‪ /‬منزل سلطان – غرفة النوم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪63‬‬

‫هنا في السرير خائفة وصوتها مخنوق‪..‬‬

‫تبلع ِبريقها وعلى وجهها عالمات تساؤل لسلطان عن سبب رفعه السكين‬
‫عليها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫كيف بتحبّي تموتي يا كلبة؟‪ ..‬كيف بتحبي تموتي يا عاهرة ؟‪..‬‬
‫ت إغسل بدمك هالقرف اللي عم تعمليه من ورا ضهري؟‪..‬‬ ‫بأي طريقة بقتلك َ‬

‫هنا‬
‫يا سلطان أنا‪..‬‬

‫يقاطعها صارخ ًا‪..‬‬

‫سلطان‬
‫سديه لبوزك‪ ..‬صوتك مش طايق اسمعه‪..‬‬‫سدي بوزك‪ّ ..‬‬
‫ّ‬
‫يصمت قليال ويسألها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫بتعرفي شغلة ؟‪..‬‬
‫هيدي رح تريحك بسرعة‪..‬‬

‫يقصد «بهيدي» السكين‪..‬‬

‫فيرميه على األرض لنراه يقع بلقطة قريبة‪..‬‬

‫‪174‬‬
‫‪65‬‬

‫سلطان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البتحطيه على راسك‪ ..‬ورحتي تسليتي من ورا‬ ‫ال حترمتيني وال حترمتي الحجاب‬
‫وبدع‬
‫ضهري‪ ..‬وصار دوري هلق‪ ..‬وأنا هلق طالع ع بالي نام معك‪ ..‬ع بالي اجلدك ّ‬
‫فيكي مثل األفالم الرخيصة‪..‬‬

‫هنا تبكي‬

‫سلطان‬
‫اي اي إبكي بعد يا عاهرة يا رخيصة‪..‬‬

‫عالمات القهر والرعب تبدو على هنا‪..‬‬

‫سلطان يتابع أثناء اقترابه منها‪..‬‬

‫سلطان‬
‫بس باالفالم بكون في نهاية سعيدة‪..‬‬

‫سلطان يمسك بشعر هنا بقوة و يقربها منه ويتابع‬

‫سلطان‬
‫عرفتي عن شو بقصد بالنهاية السعيدة‪ ..‬بس نهاية الفلم يللي رح ّ‬
‫نمثلو‬
‫اليوم تعيسة وحزينة‪ ..‬ألنو لألسف البطلة رح تموت‪..‬‬

‫وعند قوله «رح تموت»‬


‫يرمي بها في السرير‪..‬‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪175‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪66‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬المستشفى – ممر الطوارىء‬

‫المشهد على أقدام إبراهيم الذي يسير متوجها نحو غرفة طوارىء‬
‫المستشفى‪..‬‬

‫خطواته سريعة‪..‬‬

‫يتوقف إبراهيم قبل نهاية الممر بقليل لنرى من نقطة نظره سلطان يقف‬
‫أمام باب الطوارىء‪..‬‬

‫وفي المكان بعض من رجال الشرطة ولكن على بعد مسافة عن ابراهيم‬
‫وسلطان‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫شو عملت بالبنت؟‪..‬‬

‫ابراهيم يمسك بقميص سلطان بقوة ويتابع منفعال‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫شو اللي عملتو بهنا يا سلطان؟‬

‫سلطان‬
‫تم ّنيت انها تموت بين ايدي‪ ..‬بس اهلل كتبال عمر جديد‬

‫ابراهيم ينفعل أكثر بسبب برود أعصاب سلطان‪ ..‬فيقول صارخ ًا‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫أمنتك عليها؟‬
‫هيدي هي األمانة اللي ّ‬

‫سلطان يبعد ابراهيم عنه‬

‫‪176‬‬
‫‪66‬‬

‫سلطان‬
‫كان الزم تربيها باألول وتع ّلمها تصون بيتا وشرف جوزا وتحترم الحجاب اللي‬
‫على راسا‪..‬‬

‫إبراهيم ينفعل فيسكته‬

‫ابراهيم‬
‫خراس‪ ..‬بنتي مرباية‪ ..‬بنتي أشرف منك‪..‬‬

‫عمه‬
‫يضحك سلطان ضحكة ساخرة من ّ‬

‫سلطان‬
‫عمي‪..‬‬
‫ليك وين بعدك يا ّ‬

‫ابراهيم‬
‫عم ق ّلك خراس‬

‫سلطان‬
‫هلق لما بتنقبر بتفيق سألها‪ ..‬خ ّليها تحكيلك عن وساختا وقلة شرفها‬
‫ّ‬

‫في منتصف حديثه يخرج الطبيب‬

‫يتقدم ابراهيم من الطبيب بلهفة‪..‬‬

‫أما سلطان فيبدو غير مبال‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫طمني عن هنا‪ ..‬أنا بيّا‪..‬‬
‫طمني حكيم‪ّ ..‬‬
‫ّ‬

‫ابراهيم يقرأ عالمات الخيبة على وجه الطبيب فيزيد في توتره وقلقه‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫شو صارال بنتي يا حكيم؟‪..‬‬

‫‪177‬‬
‫‪66‬‬

‫الطبيب‬
‫ّ‬
‫مع األسف‪ ..‬من هون ألربع وعشرين ساعة‪ ..‬اذا بحال تخطت الخطر‪ ..‬ما رح تقدر‬
‫ّ‬
‫تكفي حياتا طبيعية‬

‫ابراهيم‬
‫شو يعني؟‬

‫الطبيب‬
‫بسبب الضرب اللي تلقته‪ ..‬وغير الكسور والكدمات اللي بجسما‪ ..‬بنت حضرتك‬
‫ّ‬
‫بالمخ‪..‬‬ ‫مصابة بإرتجاج‬
‫مع شلل نصفي لألسف‪..‬‬

‫يصاب ابراهيم بالجنون ويلتفت نحو سلطان ليراه غير مباليا ساندا ً ظهره‬
‫على الحائط قرب مطفأة الحريق‪..‬‬

‫يركض ابراهيم نحو سلطان منكب ًا عليه‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪178‬‬
179
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪67‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬صالون منزل المحامي نزار صعب‬

‫امتداد للمشهد رقم ‪64‬‬

‫فراس يسرد لنزار ما تبقى له من معلومات حول قضية الشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫فراس‬
‫لما كان الشيخ ابراهيم عم يخبّرني وصل لهون وسكت‪ ..‬نطرتو ليكفي‪ ..‬بس‬
‫ق ّلي بالحرف الواحد وبصوت مخنوق‪..‬‬

‫لننتقل الى مشهد فالش باك حيث السجن‪ ..‬عنبر ابراهيم‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪180‬‬
181
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪68‬‬
‫داخلي – بعد الظهر ‪ /‬السجن – عنبر الشيخ ابراهيم‬

‫تابع للمشهد رقم ‪34‬‬

‫‪Flash Back‬‬

‫فراس يتابع تسجيل حديث الشيخ ابراهيم على آلة التسجيل‪..‬‬

‫بكم قميصه ويقول بصوت مخنوق‪..‬‬


‫ّ‬ ‫ابراهيم يمسح دمعته‬

‫ابراهيم‬
‫سو ّدت الدنيا بعيوني‪ ..‬ما غبت عن الوعي بس وحياة بنتي اني ما عدت بذكر شو‬
‫صار‪ ..‬مثل وكأني غبت عن الوعي من دون ما أوقع‪ ..‬اللي صار ما بذكره‪ ..‬كل اللي‬
‫بذكره هو اني لقيت الشرطة وأشخاص بيشتغلو بالمستشفى عم بشدوني‬
‫ّ‬
‫بطفاية‬ ‫جثة سلطان اللي ك ّلال دم‪ ..‬سمعتن قالوا‪« :‬قتلو‬ ‫ويبعّ دوني عن ّ‬
‫الحريق»‪ ..‬صح‪ ..‬طفاية الحريق لقيتا باألرض وسلطان عم يسبح بدمو‪..‬‬

‫‪End of flash back‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪182‬‬
183
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪69‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬صالون منزل المحامي نزار صعب‬

‫تابع للمشهد رقم ‪67‬‬

‫‪Back to the present‬‬

‫نزار يسحب سيجارة جديدة ويشعلها ويقف‪..‬‬

‫فراس‬
‫شو؟‪ ..‬شفتك سكتت‬

‫نزار‬
‫الء بس عم ّ‬
‫فكر بشغلة‬

‫فراس‬
‫ّ‬
‫حطني بالصورة‪..‬‬

‫نزار‬
‫هوي إنو‬
‫خليني اتأكد منها وبحكيلك بعدين‪ ..‬بس اللي بدي ياك تعرفـه هلق ّ‬
‫ممكن يكون باإلجراءات في ثغرة منقدر من خاللها نعيد المحاكمة‪..‬‬
‫أطلع على حيثيات الحكم من خالل األوراق الرسمية‬ ‫كرمال هيك الزم ّ‬
‫ومقابالت مع الشيخ ابراهيم نفسه وهيئة الدفاع عنه‪..‬‬

‫فراس يتنهد ويقف ويسير نحو النافذة سابح ًا بأفكاره‪..‬‬

‫نزار يقترب من خلفه ويسأله‬

‫نزار‬
‫بشو سرحت؟‪ ..‬عم بتفكر بللي قلتلك ياه أو عم تتخايل احتفالية ع باب‬
‫السجن لبراءة الشيخ ابراهيم؟‬

‫‪184‬‬
‫‪69‬‬

‫فراس يلتفت اليه و يقول بخيبة‬

‫فراس‬
‫كنت عم حاول إمنع أفكاري تروح صوب غرفة االعدام وصوت جسم ابراهيم‬
‫عم ينفصل عن راسه بحبل المشنقة‪..‬‬

‫نزار مقاطع ًا‪..‬‬

‫نزار‬
‫يا صاحبي‪ ،‬مش كل القوانين أخالقية وال كل األمور األخالقية قانونية وقناعتي‬
‫قوتي اللي دايما بتخ ّليني أضمن لموكلي سالمة‬ ‫بللي عم قوله هي مصدر ّ‬
‫اإلجراءات‪ ..‬وبالنهاية ياما بالحبس في ناس أبريا‪..‬‬

‫فراس‬
‫شو اللي عم تقصده ؟‪..‬‬

‫نزار‬
‫بأغلب حاالت حكم اإلعدام‪ ،‬بتسود المحكمة حاالت نفسية معقدة‪..‬‬
‫المتهم و اإلدعاء والدفاع والقاضي حتى‪ ..‬بيصيبهن ضغط نفسي كبير وغالب ًا‬
‫ما بيحجب بعض النقاط المهمة عن المتهم وبالتالي عن الدفاع‪ ..‬فبيفشلوا‬
‫منسميه مقارعة الحجة بالحجة واالثبات بالنفي‪..‬‬
‫ّ‬ ‫بشيء نحن‬

‫‪CUT‬‬

‫‪185‬‬
‫ذكريات يرويها قلم‬
‫‪memories narrated by a pen‬‬

‫سقط القلم من يدي وتدحرج إلى ما تحت كراسي المقهى‪ ،‬وضاعت أفكاري‬
‫يخص مستقبلي وحياتي وجوليا‪ ،‬و بين مؤاثرتي‬ ‫ّ‬ ‫بين الماضي والحاضر‪ ،‬بين ما‬
‫بغصة وألم شديد عندما رحت أتذكر‬ ‫ّ‬ ‫لرجل بات عزيزا ً على قلبي‪ ،‬وشعرت‬
‫ّ‬
‫وأفكر في قرار جوليا ورحيلها إلى أميركا‪.‬‬ ‫حرقة قلب الشيخ إبراهيم‬

‫رفعت يدا ً مرتجفة إلى جبيني‪ ،‬وعضضت على شفتي بقوة‪ .‬هل سأستطيع‬
‫ان‬
‫الهروب من ذكرياتي؟ هل سأتمكن من مواجهة الواقع الم ّر الذي يقول ّ‬
‫قصتي مع جوليا قد انتهت‪ ،‬وانها لن تعود أبدا ً إلى صفحات أيامي؟‬

‫وقفت فجأة ولملمت أوراق السيناريو الذي أكتبه بعصبيّة وارتشفت الرشفة‬
‫األخيرة من فنجان القهوة الذي أمامي‪ ،‬دفعت فاتورة المقهى‪ ،‬وبدأت أمشي‪.‬‬

‫علي أن أتحرك‪ ،‬أن أسير‪ ،‬أن أفعل شيئ ًا‪ ،‬أي شيء بد ًال من الكتابة والجلوس‬
‫كان ّ‬
‫بمفردي مع األوراق بين هذا الحشد من الشخصيات التي تشعرني بالقلق‪ .‬ثم‬
‫علي العودة إلى المنزل‪.‬‬
‫نظرت إلى ساعة يدي‪ .‬لقد تأخر الوقت ويجب ّ‬

‫جدت في حياتي ولو لفترة‪،‬‬ ‫أرغمت نفسي على نسيان األحداث األخيرة التي ّ‬
‫وعدت بأدراجي إلى السيارة بعد سيري مسافة طويلة بعيدا ً عنها‪.‬‬

‫خالل األيام التي تلت ذلك اللقاء مع المحامي نزار صعب‪ ،‬وقبل سفر جوليا‬
‫بساعات‪ ،‬استيقظت صباح ًا دون أن أمتلك القدرة على رفع رأسي عن وسادتي‬
‫الغارقة بالعرق‪.‬‬

‫فتحت عيني‪ ،‬كان نور الصباح قــد مأل الغرفة‪ .‬و للحظات لم أتـذكر أيــن أنا؟‬
‫ولماذا أنا هنا؟ ولكن عندما سمعت صوت جوليا استعدت ذاكرتي بسرعة‪.‬‬

‫بـدأ قلبي ينبض بسـرعة جنونيّة‪ ،‬عندما رأيـت حقائب جوليا مركونـة في‬
‫إلي ّ‬
‫برقة‬ ‫إحدى زوايــا الغرفة وجوليا تتقدم بخطوات واسعة نحو السرير‪ ،‬تنظر ّ‬
‫وعطف‪.‬‬

‫حاولت الكالم‪ ،‬لكنها سبقتني في الكالم هامسة‪:‬‬


‫« كيف أصبحت؟ طوال الليل وأنت تهذي‪ ،‬والحرارة العالية لم تفارق جبينك»‪.‬‬
‫لم أجب‪ ،‬اكتفيت بنظرة رجل فاقد للذاكرة‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫ذكريات يرويها قلم‬
‫‪memories narrated by a pen‬‬

‫اقتربت جوليا أكثر‪ ،‬جلست قربي ووضعت رأسها على صدري‪ ،‬وبصورة غريزيّة‪،‬‬
‫وضعت يدي على شعرها مستمتع ًا بهذه المداعبة‪.‬‬
‫« ستتركينني وتسافرين بعد قليل؟ » قلت لها معاتب ًا‪.‬‬

‫رفعت رأسها وأجابت بصوت مخنوق‪ « :‬ليس أمامي خيار آخر »‪ .‬قالت ذلك دون‬
‫إلي‪ .‬سكتنا واكتفينا بالنظر إلى بعض‪ ،‬أخيرا قلت لها في‬
‫أن تجرؤ على النظر ّ‬
‫لهجة عتب‪ «:‬سوف تتركينني إذن!»‬

‫ألقت جوليا نظرة سريعة إلى ساعة يدها الذهبيّة ثم قالت‪:‬‬


‫« عدني أنك ستعتني بنفسك»‪.‬‬
‫« األمر يعود لي وحدي»‪.‬‬

‫قاطعتني بسـرعة‪:‬‬
‫ً‬
‫« ال تتبارد وال تكابر‪ ،‬أنت تعلم جيدا أنني ال أستطيع التراجع عن السفر‪ ،‬وما أنت‬
‫عليه اآلن هو وعكة صحيّة ستتخطاها إذا اعتنيت بنفسك جيداً»‪.‬‬

‫فحولت نظري نحو نافذة الغرفة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ما قالته لم يرق لي‪،‬‬

‫ابتعدت جوليا باتجاه الخزانة وعادت حاملة فستان ًا طوي ً‬


‫ال من القطن األبيض‪.‬‬
‫« سيشعرني هذا الفستان بالرّاحة أثناء السفر‪ ،‬فأمامي ساعات طويلة قبل‬
‫وصولي إلى المنزل هناك»‪.‬‬

‫قاطعتها بسرعة‪:‬‬
‫« هل تعلمين ماذا أتمنى في هذه اللحظة؟»‬
‫« ماذا؟»‬
‫« الموت! أجل أتمنى الموت‪ ،‬فهو سبيلي الوحيد للراحة»‪.‬‬

‫قلت هذا لجوليا رغم معرفتي بأنها لن تتراجع عن قرارها‪ ،‬فقالت في تم ّلص‪:‬‬
‫« الوقت يسير بسرعة»‪.‬‬

‫ارتدت فستانها الوحيد الذي لم يزجّ به في حقائب سفرها‪.‬‬

‫الفرنسي وخرجت من الغرفة‪ .‬كنت مديـرا ً ظهري ّ‬


‫أحدق في‬ ‫ّ‬ ‫ووضعت العطر‬
‫أشياء تدور خارج نافـذة الغرفة‪ .‬ال بل كنت أنظر إلى انعكاسها من خالل زجاج‬
‫النافـذة‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫علي هذه الدنيا‪.‬‬


‫ها أنا اآلن برحيل جوليا أخسر إحدى معارك الحرب التي شنتها ّ‬
‫ال أنـكر أن رحيـل جوليا خســارة كبيرة لي‪ ،‬فسفرها قـضى على كثيــر من‬
‫مفردات حيـاتي برصاص الوحدة‪ ،‬وإحساسي بالشفقة على نفسي يأكلني كلما‬
‫تذكرت لحظة خروجها من المنزل ذاك اليوم‪ ،‬إنها المرأة التي أحببت رغم‬
‫صعوبات كثيرة واجهتها يوم أخذت قرار الزواج بها‪.‬‬

‫كنت عندما أذهب إليها أركض وقلبي يركض قبلي‪ ،‬كنت مدمن ًا على التفكير‬
‫بهذه المرأة الفاتنة‪.‬‬

‫وال أنكر أن عزائمي خارت قبل زواجنا عندما تذكرت أنها مطلقة‪ ،‬وأنها من دين‬
‫مختلف‪ ،‬كنت أسأل نفسي‪ :‬هل يعقل أن أغامر بالدخول في عالقة مع مط ّلقة‬
‫ومن دين آخر؟ كيف سينظر لي المجتمع ومن يحيط بي؟ هل سيعايرني أحد‬
‫بذلك؟‬

‫كانت توجعني هذه األسئلة‪ .‬ولكن حبّي الكبير لها كان يبرد آالمي‪ ،‬وأجد نفسي‬
‫أقول ألفكاري‪ :‬ما أقذرني! كيف أفكر بذلك وأنا أ ّدعي أني شخص متحرر؟ كيف‬
‫أفكر بهذه الطريقة وأنا دوم ًا أدافع عن حريّة المرأة؟‬

‫يومها سمعت صوت أفكاري وهي تنعتني بالمنافق‪ .‬ال‪ ،‬فأنا لست كذلك‪ ،‬ال‬
‫المطلقة هي حرف ناقص وال االرتباط بامرأة من دين مختلف هو أمر مشين‪.‬‬
‫كيف أناقض نفسي وأنا من كتب يوم ًا هذه الكلمات‪:‬‬

‫«لو كنا مختلفين‪..‬‬


‫منبقى أهل وصحاب‪..‬‬
‫الدين بيفرق األحباب‪.‬‬
‫ما بعمرو كان ّ‬
‫مسلم مسيحي شو الفرق؟‬
‫نحن ما الزم نفترق‬
‫بيروت قلبا عم يحترق وفينا أملها خاب‬
‫تعبنا وما عاد بدنا حرب‬
‫بمحبة منكفي الدرب‬
‫في والد بتحرق القلب غفيوا تحت التراب‬
‫ومين ق ّلك مختلفين‬
‫نحن أهل وصحاب»‪.‬‬

‫تزوجت جوليا وقضيت معها أجمل أيام حياتي‪ .‬كانت لي الصديق في لحظات‬
‫ّ‬
‫والشاهد األول للحظات نجاحي وفي ال ّنهاية جوليا رحلت‪ .‬وبقيت وحدي‬ ‫ضعفي‬
‫‪188‬‬
‫ذكريات يرويها قلم‬
‫‪memories narrated by a pen‬‬

‫على فراش المرض والخيبة والقلق‪.‬‬

‫أمعنت النظر في المقالة الفنيّة للمرة الثالثة‪ ،‬ولكنها لم تفقه شيئ ًا من‬
‫معناها‪ .‬فاكتفت باالستماع إلى حفيف الصفحات المصقولة التي تق ّلبها بتبرّم‬
‫وحدة‪ .‬حاولت أن توحي لنفسها بأنها تنعم بالهدوء ورباطة الجأش ولكن‬ ‫ّ‬
‫الحقيقة كانت عكس ذلك‪ .‬فأعصابها متوترة إلى درجة االنفجار‪ ،‬ومشاعرها‬
‫تتخبط بالرغبات المتناقضة واألفكار المتشابكة‪.‬‬

‫وتساءلت جوليا بدهشة‪ :‬كيف كان يمكنها االعتقاد بأن سفرها وحدها‬
‫سيشكل النهاية السهلة لجميع مشاكلنا ومتاعبنا؟‬

‫وشدتها رغبة قوية إللقاء نظرة أخيرة على مدينة بيروت حيث أنا‪ ،‬وذكرياتها‬
‫ّ‬
‫الجميلة معي‪ .‬وانهمرت الدموع من عينيها وهي تتذكر صورتي األخيرة في‬
‫ً‬
‫مريضا دون قوة‪.‬‬ ‫السرير‬

‫شددت جوليا قبضتها على المجلة التي أصبحت بين يديها مجرد وريقات‬‫ّ‬
‫قاسية وباردة‪ .‬ولكنها قررت أال تستسلم لعواطفها‪ .‬فركزت نظرها‬
‫وأعدت نفسها لعملية اإلقالع‬
‫ّ‬ ‫وتفكيرها على لوحة التعليمات للمسافرين‬
‫التي ستبدأ بين لحظة وأخرى‪.‬‬

‫يبدده سوى صوت هادىء يقول‪:‬‬


‫وأثناء ارتفاع الطائرة انتابها شعور بالخوف لم ّ‬
‫« عفوا سيدتي‪ ،‬هل التقينا قبل ذلك؟»‬

‫ال‪ ،‬عمره يقارب الخمسين‪ ،‬قوي البنية‬ ‫التفتت جوليا نحو الصوت وإذ بها ترى رج ً‬
‫وأنيق المظهر‪ ،‬فأجابته بلطف بعد أن تمعّ نت بمالمحه المألوفة‪:‬‬
‫الشعور نفسه»‪.‬‬‫« ال أعلم سيدي ‪ ..‬و لكنني أبادلك ّ‬
‫السيد‪ ،‬لبناني األصل وأعيش وعائلتي في أمريكا»‪.‬‬ ‫« أنا جورج ّ‬
‫ً‬
‫« حتى اسمك يبدو مألوفا بالنسبة لي»‪.‬‬
‫« ما اسمك؟»‬
‫« جوليا خوري ‪»...‬‬

‫وتوقفت جوليا للحظة عن الكالم وكأنها تذكرت‪ ،‬ثم قالت‪:‬‬


‫« آه ‪ ..‬لقد ّ‬
‫تذكرتك سيدي‪ ..‬نحن سبق والتقينا في المدرسة الخاصة»‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫لقصة ترتبط بجوليا قبل دخولي إلى حياتها‪ ،‬فمن زواجها‬


‫قصة مشابهة ّ‬ ‫لجورج ّ‬
‫األول‪ ،‬لديها ابن متعايش مع متالزمة داون‪ ،‬يعيش في مدرسة داخليّة خاصة‬
‫وحساس بالنسبة لجوليا‪ ،‬كانت‬ ‫ّ‬ ‫لذوي االحتياجات الخاصة‪ .‬هذا األمر دقيق‬
‫ً‬
‫دائما تتجنب الحديث عنه وبخاصة معي ألنني كنت رافضا فكرة عيشه في‬
‫مدرسة داخليّة بعيدا ً عنها‪.‬‬

‫شكل في حياتها عقدة نفسيّة ألنها بسببه انفصلت عن زوجها األول‪،‬‬ ‫«جاد» ّ‬
‫وبسببه أيض ًا عائلة خطيب شقيقتها أرغمت ابنهم على فسخ الخطوبة من‬
‫شقيقتها ومنعت الزواج زعم ًا أن عروس ابنهم ربما ستنجب ولدا ً مثل ابنها‬
‫جاد‪ ،‬أيّ جهل يعيشه الناس؟ من المخجل أن ننبذ طف ً‬
‫ال حباه اهلل باإلعاقة !‪..‬‬

‫تمت لإلنسانية بأيّ صلة كانت‪.‬‬


‫ّ‬ ‫إنها قيم مجتمعيّة مغلوطة ال‬

‫المهم اآلن هو أن جوليا رحلت وبقيت في بيروت وحدي أتخبّط مع واقعي‪.‬‬

‫وحدثني بحماس كبير قائال لي بالحرف الواحد‪:‬‬


‫ّ‬ ‫بعد أيام‪ ،‬ا ّتصل بي نزار‬
‫«يجب علينا أن نلتقي‪ ،‬فقد توصلت إلى شيء مهم‪ ،‬ممكن أن يغيّر في مسار‬
‫الحكم»‪.‬‬

‫جرعة كبيرة من األمل منحها لي نزار‪ ،‬جرعة جديدة من األمل جعلتني أذهب‬
‫إليه بسرعة الضوء‪.‬‬

‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫بالطب‬
‫ّ‬ ‫مختصين‬
‫ّ‬ ‫عند وصولي إلى مكتبه‪ ،‬وجدت عنده طبيبين‬
‫والعقلي‪ .‬وها هو نزار بعد االستقبال والترحيب يقول لي‪:‬‬
‫ّ‬
‫« قناعة المحكمة يا صديقي تولد من شهادة الشهود وتسجيل الكاميرات‬
‫شك لدى هيئة المحكمة من قيام‬ ‫ّ‬ ‫في المستشفى‪ ،‬األمر الذي لم يترك أدنى‬
‫تقدم أيّ‬
‫الشيخ إبراهيم بقتل زوج ابنته سلطان‪ ،‬في حين أن هيئة الدفاع لم ّ‬
‫دفع من األعذار عن ارتكاب هذه الجريمة‪ ،‬فبالتالي‪ ،‬أعتقد وكما أوضح لي جناب‬
‫األطباء بعد مقابلتهم للشيخ إبراهيم ومشاهدة التسجيالت‪ ،‬بأن لحظة‬
‫قيامه بالهجوم على المدعو سلطان لم يكن متمالكا لقواه العقليّة وغير‬
‫واع لما قام به‪ ،‬ومن المؤكد أنه كان قد أصيب بلحظات من الجنون المؤقت‬ ‫ٍ‬
‫أثناء قيامه بما فعل‪ ،‬ومن الناحية القانونيّة فإني أعتقد أن الشيخ إبراهيم‬
‫شرطي سبق اإلصرار‬
‫ّ‬ ‫ال يمكن اعتباره مسؤو ًال عن القتل وبخاصة لغياب‬
‫وال ّترصد‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سأسعى بكل ما أوتيت من جهد للحصول على موافقة‬
‫ً‬
‫‪190‬‬
‫ذكريات يرويها قلم‬
‫‪memories narrated by a pen‬‬

‫المحكمة العليا بإعادة محاكمته من جديد لعوار في اإلجراءات القانونيّة‬


‫وظهور إثباتات نفي جديدة في القضية»‪.‬‬

‫بإصغاء شديد كنت أستمع لكالم نزار الذي فاجأني باهتمامه الدقيق لسبر‬
‫والتوصل إلى عذر مخفف على األقل يبعد شبح حبل المشنقة‬‫ّ‬ ‫أغوار القضية‬
‫ّ‬
‫ويبث روح األمل في براءة هذا الشيخ الجليل‪.‬‬

‫ومن ناحية أنانيّة رأيت أن إيثاري له على مصلحتي الشخصيّة ومستقبلي يبدو‬
‫أنه لن يذهب سدى‪.‬‬

‫وكان التوفيق اإللهي بموافقة المحكمة العليا على إعادة فتح القضيّة‪.‬‬
‫تجاوزت إعادة المحاكمة ثالثة أسابيع والعديد من شهادات األطباء والشهود‬
‫ّ‬
‫الشق‬ ‫ّ‬
‫وتركز دفاع نزار على‬ ‫األحياء ومراجعات لتسجيل كاميرات المستشفى‪،‬‬
‫والعقلي للشيخ إبراهيم أثناء هجومه على زوج ابنته وما تال ذلك من‬
‫ّ‬ ‫النفسي‬
‫ّ‬
‫ثوان معدودات وسؤال إبراهيم‪« :‬ما الذي حصل؟ ما الذي حصل؟» لألشخاص‬
‫الذين قاموا بإبعاده عن جثة القتيل‪.‬‬

‫في يوم النطق بالحكم وبالرغم من أنها لم تتجاوز العشرين دقيقة‪ ،‬إال أن‬
‫كل ثانية أحسست بها كما لو أنها دهر بكامله‪ ،‬فلم أكن حينها أسمع سوى‬
‫ضجيج خفقات قلبي‪ ،‬إلى أن تنبّهت على هتافات تمأل قاعة المحكمة‪.‬‬
‫« مبروك البراءة يا إبراهيم»‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫زفير القدر‬
‫‪Fate exhailed‬‬
‫‪70‬‬
‫خارجي – نهار ‪ /‬الشارع أمام السجن‬

‫السجن من الخارج مع أجوائها النهاريّة‪..‬‬


‫لقطة على مبنى ّ‬

‫الساعة تشير إلى الثانية من بعد الظهر‪..‬‬

‫‪CUT‬‬

‫‪192‬‬
193
‫زفير القدر‬
‫‪Fate exhailed‬‬
‫‪71‬‬
‫داخلي – نهار ‪ /‬السجن – ممر طويل نحو الباب‬
‫الخارجي للسجن‬

‫المشهد على أقدام فراس ونزار ومعهم الشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫ال نرى وجوههم‪ ..‬نسمع فقط أصواتهم‪..‬‬

‫نزار‬
‫الحمد هلل على سالمتك شيخ ابراهيم‬

‫ابراهيم‬
‫قد ما حكيت وشكرتك قليل‬

‫نزار‬
‫اللي بيستحق الشكر الحقيقي هوي فراس مش أنا‪..‬‬

‫يتوقف ابراهيم عن السيرليتسع الكادر ونرى فراس يلتفت الى الشيخ ابراهيم‬
‫بسبب توقفه عن السير‬

‫على وجه ابراهيم عالمات شكر و امتنان كبير لفراس‪..‬‬

‫يتقدم بخطوة واحدة نحوه ويمسك بذراعيه‪..‬‬

‫إبراهيم‬
‫انت لو عن جد كنت ابني ما كنت عملت اللي عملتو‪ ..‬بشكرك‬

‫فراس‬
‫الشكر بس لرب العالمين‪..‬‬

‫يبتسم إبراهيم له ابتسامة وكأنه عاجز عن الكالم والشكر‪..‬‬

‫فراس يطبطب على كتف الشيخ إبراهيم‪..‬‬


‫‪194‬‬
‫‪71‬‬

‫ابراهيم يغمض عينيه‪ ،‬يعانق فراس باكي ًا وهو يتمتم‬

‫ابراهيم‬
‫الحمد هلل‪ ..‬الحمد هلل‪..‬‬

‫جو الحزن فيسأل إبراهيم‬


‫يحاول فراس كسر ّ‬

‫فراس‬
‫أول مرّة شفتني فيها سألتني إذا كنت حفيد عبد الكريم‬

‫ابراهيم يبتسم ويه ّز برأسه «صح»‬

‫فراس‬
‫جدي بصير شي وبيلهيني‬
‫كل ما جرّب إسألك كيف عرفتني ومن وين بتعرف ّ‬
‫عن السؤال‬

‫يبتسم إبراهيم‬

‫إبراهيم‬
‫اإليام جايي كتير‪ ..‬خلينا نطلع من هون باأل ّول‬

‫‪CUT‬‬

‫‪195‬‬
‫قصة حدا‬
‫ّ‬
‫‪Story of someone‬‬

‫‪72‬‬
‫خارجي – نهار ‪ /‬باب السجن من الخارج‬

‫المشهد على أحد حراس السجن من الخارج‪ ،‬يفتح الباب الخارجي‪..‬‬


‫لنرى الشيخ إبراهيم يخرج الى الشارع بعد ‪ 10‬سنوات من السجن‪ ،‬ومعه فراس‬
‫ونزار‪..‬‬

‫ابراهيم يتوقف عن السير ويتأمل الضوء والشارع‬

‫قطع على ناحية أخرى في الشارع‬

‫لنرى سيارة تتقدم ببطء دون أن نرى من في داخلها‪..‬‬

‫عودة الى الشيخ ابراهيم برفقة من معه‪ ،‬ينزل الساللم ببطء‪..‬‬

‫قطع على السيارة لنرى بابها الخلفي يفتح وأقدام وائل تنزل منه وتسير باتجاه‬
‫الشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫ّ‬
‫يتوقف قبل مسافة‬ ‫‪ .P.O.V‬لوائل يسير نحو الشيخ إبراهيم ثم‬

‫نزار‬
‫أنا رح استأذن‪ ..‬وألف الحمد هلل على سالمتك عن جديد‪..‬‬

‫ابراهيم‬
‫اهلل يسلمك وبشوفك بخير‪..‬‬

‫نزار لفراس‪..‬‬

‫نزار‬
‫فراس‪ ..‬ممكن كلمة؟‪..‬‬

‫‪196‬‬
‫‪72‬‬

‫فراس‬
‫أكيد‪..‬‬

‫فراس للشيخ ابراهيم‪..‬‬

‫فراس‬
‫باإلذن لحظة‪..‬‬

‫ابراهيم يبتسم لفراس ويهز برأسه موافق ًا‪..‬‬


‫فراس ونزار يسيران بعيدا ً عن إبراهيم خطوات قليلة‪..‬‬

‫نزار‬
‫الشيخ ابراهيم هلق طلع من السجن‪ ..‬بحسب معلوماتي انو ما عنده مأوى‪..‬‬
‫خاصة انو باع كل شي بيملكوا خالل العشر سنين اللي مرقوا‪ ..‬وين رح يروح‬
‫ومين رح ينتبه عليه‪ ..‬ألنو هنا بنتو منها طبيعية وعايشة بالمصح‪..‬‬

‫فراس‬
‫هوي معي وبيبقى عندي المهم هلق‬‫كل اللي عم تقوله يا نزار مش مهم‪ّ ..‬‬
‫انه طلع و صار حر‪..‬‬

‫قطع على أقدام وائل و ‪ .P.O.V‬وائل‬

‫بعد أن كان قد توقف‪ ،‬يسير خطوات نحو ابراهيم ثم يتوقف من جديد وينادي‬
‫(دون أن نراه)‬

‫صوت وائل‬
‫جدي ابراهيم‪..‬‬
‫جدي‪ّ ..‬‬
‫ّ‬

‫يجفل ابراهيم عند سماع صوت حفيده‬

‫يغمض عينيه للحظة وكأنه يحمد اهلل ويبتسم‬

‫يسترجع بالذاكرة بعض لقطات الفالش باك قبل أكثر من ‪ 10‬سنوات تجمعه‬
‫بحفيده و إبنته هنا‬

‫‪Back to the present‬‬


‫‪197‬‬
‫‪72‬‬

‫إبراهيم يلتفت ببطء نحو الصوت وهو يهمس‪..‬‬

‫إبراهيم‬
‫إبراهيم حبيبي إبراهيم‪...‬‬

‫وعندما يقع نظر ابراهيم على حفيده (‪ ).P.O.V‬إلبراهيم‬

‫نرى الحفيد حام ً‬


‫ال السالح الموجه على إبراهيم‬

‫وائل‬
‫صار دوري آلخد بتار بيّي‪..‬‬

‫وائل يطلق النار على إبراهيم‬

‫‪FADE TO BLACK‬‬

‫‪198‬‬
199
‫القصة‬
‫ّ‬ ‫بعد‬
‫‪The aftermath‬‬

‫الخارجي‪ ،‬عانقني أمام نزار وجميع المارّة بحرارة كبيرة ّ‬


‫تدل‬ ‫ّ‬ ‫السجن‬
‫على باب ّ‬
‫كنهر جا ٍر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫على امتنان رهيب‪ ،‬ودموعه قد غسلت وجهه وأصبحت تسير‬
‫بشدة وقلبه يكاد أن يخرج من بين أضالعه وكأنه كان يعلم أن‬ ‫ّ‬ ‫ويداه ترتجفان‬
‫نهايته اقتربت وعليه أن يو ّدعني‪.‬‬

‫صوت الرصاصة التي خرجت من سالح حفيده قادت ناظري نحو المشهد‬
‫المريع‪ ،‬صوت الرصاصة أيقظ عمالق الخيبة الذي يفسد النهايات السعيدة‬
‫دائم ًا‪.‬‬

‫عيني ألرى جسده‬


‫ّ‬ ‫شعرت وكأني اصطدمت باألرض‪ ،‬تألمت‪ ،‬صرخت‪ ،‬فتحت‬
‫المرتمي على حافة الرصيف‪ ،‬جثة غارقة بالدم‪ ،‬أكاد ال أصدق أنه الشيخ إبراهيـم‬
‫نفسه!‬

‫كيتيم يرضع الحسرة من صدر أمه‪ ،‬واستراح‬


‫ٍ‬ ‫لقد مات!‪ ..‬تركني وراءه أبكي دم ًا‪،‬‬
‫هو في األبديّة الساحرة‪.‬‬

‫حاولت بكل قواي أن أبعده عن تنفيذ الحكم بإعدامه شنقا داخل أسوار‬
‫السجن‪.‬‬
‫ّ‬

‫السجان الذي قاد الشيخ إبراهيم ‪ -‬رحمه‬


‫ولم أكن على علم بأني لعبت دور ّ‬
‫اهلل وأسكنه فسيح ج ّناته ‪ -‬إلى مسرح اإلعدام طلق ًا بالرصاص‪.‬‬

‫تسمى‬
‫ّ‬ ‫السامة التي‬
‫المتمسكة بواحدة من تقاليدنا وعاداتنا ّ‬
‫ّ‬ ‫الحقارة اإلنسانيّة‬
‫بالثأر هي من حكمت على إبراهيم بهذا اإلعدام‪ ،‬والحفيد إبراهيم الصغير‪،‬‬
‫الذي ا ّتخذ لنفسه اسم ًا آخر بسبب الكراهية التي تشرّبها من عائلة والده‪ ،‬هذا‬
‫جده حكم‬ ‫نفذ في ّ‬ ‫الفتى القاصر الذي أعتبره أيض ًا ضحية هذه التقاليد والعادات‪ّ ،‬‬
‫اإلعدام‪.‬‬

‫علي أن أضيف بعد؟‬


‫ماذا ّ‬

‫علي أن‬
‫ّ‬ ‫ال وأنا أطبع هذه الكلمات على أوراقي‪ ،‬ووجدت أنه ينبغي‬ ‫ّ‬
‫فكرت قلي ً‬
‫قصة حدا» نهاية سعيدة‪ ،‬أوعلى األقل‪،‬‬
‫لقصتي « ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أضيف شيئا صغيرا كي يكون ّ‬
‫نهاية شبه سعيدة!‬
‫‪200‬‬
‫القصة‬
‫ّ‬ ‫بعد‬
‫‪The aftermath‬‬

‫تضج بعيد الميالد المجيد‪ ،‬والشوارع‬‫ّ‬ ‫بعد أيام من الحادثة‪ ،‬كانت بيروت‬
‫ألف لون‪ ،‬األطفال يرقصون كاألعالم الصغيرة‬ ‫اللبنانيّة تشبه فستان ًا من ِ‬
‫للتسوق‪ ،‬الدنيا في ّ‬
‫زفة‬ ‫ّ‬ ‫الملونة‪ ،‬الناس تتزاحم في األسواق والمحالت التجارية‬
‫ّ‬
‫وأنا ‪ ..‬وحدي! ‪ ..‬أجلس أشاطر ركوة قهوتي الوحدة والحنين إلى جوليا‪ّ ،‬‬
‫تذكرتها‬
‫مع أنني لم أنسها يوم ًا‪ ،‬دمعت عيناي‪ ،‬حملت قلمي وكتبت على األوراق أغنية‬
‫تقول كلماتها‪:‬‬

‫«بعيد ع ّني وحاسس فيك‬


‫كأنك ما ضعت م ّني‬
‫ما بعرف ليش ع بالي كتير‬
‫تقرّب ليي وتغمرني ‪..‬‬
‫حبيبي قول أنا راجع‬
‫جاوبني هالقلب سامع‬
‫كفي لحالي‬ ‫ما فيي ّ‬
‫عتم الليل بيقتلني‬
‫عتم الليل بيقتلني ‪..‬‬
‫فكر فيك‬ ‫ليليّة بقعد ّ‬
‫همي للورقة‬ ‫بحمل ّ‬
‫ّ‬
‫خد الصورة عيني تصير‬ ‫و عَ ّ‬
‫تسرقلي الغفا سرقة‬
‫حبيبي قول أنا راجع‬
‫جاوبني هالقلب سامع‬
‫كفي لحالي‬ ‫ما فيّي ّ‬
‫عتم الليل بيقتلني‬
‫عتم الليل بيقتلني ‪»..‬‬

‫يكسر مفاصلي‪ ،‬كم اشتقت‬ ‫ّ‬ ‫فع ً‬


‫ال‪ ،‬كان عتم الليل يقتلني وبرده القارص‬
‫لجوليا‪ ،‬زوجتي الحنونة المتمرّدة‪ ،‬حضنها الدافئ كان الدواء الوحيد الذي‬
‫قصة الشيخ الراحل إبراهيم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫المفضل لنسيان ّ‬ ‫تحتاجه روحي‪ ،‬ومشروبي‬

‫أين أنت اليوم يا حبيبتي بعد هذا الفراق؟‬


‫ماذا تفعلين؟‬
‫كيف تعيشين؟‬
‫بماذا تشعرين؟‬
‫‪201‬‬
‫فراس جبران‬
‫’‪Firass Jubrane‬‬

‫أسئلة كثيرة ال أملك إجابة واحدة لها‪.‬‬

‫أنا من دونك منزل مهجور تسكنه األشباح‪ ،‬وحيطانه من دون حيطان‪ ،‬أنا ملك‬
‫مهزوم من دون سلطة وتيجان‪ ،‬ودموع سوداء اللون تنهمر من عيون ليس‬
‫لها أجفان‪.‬‬

‫أنا من دونك أشبه ليالي الشتاء المولولة المجنونة التي تنتظر بشوق هائل‬
‫كي ينسيه‬
‫متسول يبحث في الزوايا عن أي شيء ّ‬
‫ّ‬ ‫أزهار نيسان‪ ،‬من دونك أشبه‬
‫الوحدة ويدخله في عالم النسيان‪.‬‬

‫أنا يا حبيبتي قصيدة شعريّة عنوانها « أنـــا وأحزاني»‪.‬‬

‫أخذت قافلة أيامي تسير ببطء شديد‪ ،‬ووجعي أخذ يزداد مع مرور أيام سوداء‬
‫عشتها وحيدا ً أتخبّط فيها مع وحدتي وألمي‪.‬‬

‫يوم في السنة‪ ،‬بينما كنت ّ‬


‫أتذكر المقطع األخير من األغنية التي‬ ‫وفي صباح آخر ٍ‬
‫ّ‬
‫سمعتها في السيارة بعد شجارنا األول حين اتخذت فيه قرار بقائي في لبنان‬
‫والذي كانت كلماته تقول‪:‬‬
‫« مش لحالي رح إتوجّ ع إنت متلي‬
‫لما تمشي بعدا بلحظة رح تفقدلي»‬ ‫ّ‬

‫اإللكتروني فتحتها من جهاز الهاتف‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬


‫ّ‬ ‫وصلتني رسالة عبر بريدي‬

‫« لقد آلمني خبر وفاة الشيخ إبراهيم‪ ،‬وفجعني كما فجعك‪ ،‬فعند اهلل‬
‫نحتسبه‪ ،‬وإ ّنا هلل وإ ّنا إليه راجعون‪.‬‬

‫حبيبي‪..‬‬

‫وإن هلل ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده‬ ‫ّ‬


‫وعظم أجرك‪ّ ،‬‬ ‫أحسن اهلل عزاءك‬
‫مسمى ‪ .‬فلتصبر ولتحتسب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بأجل‬

‫ّ‬
‫وجل أن يغفر له‪ ،‬وأن يرحمه‪ ،‬وأن يسكنه فسيح جناته‪ ،‬ويلهمك‬ ‫أرجو اهلل ع ّز‬
‫الصبر والسلوان‪.‬‬

‫وبعد‪..‬‬

‫‪202‬‬
‫القصة‬
‫ّ‬ ‫بعد‬
‫‪The aftermath‬‬

‫يسعدني أن أعلمك بأني وبعد عودتي إلى أميركا‪ ،‬ا ّتخذت قراري بعد تفكير‬
‫طويل بكلماتك‪ ،‬بإعادة ابني جاد للعيش معي‪ ،‬ولكن بعد تنفيذ القرار‪ ،‬ورغم‬
‫يسده‬
‫ّ‬ ‫انشغالي بالمباشرة في المشروع ‪ ،‬واهتمامي بجاد‪ ،‬أشعر بفراغ كبير ال‬
‫إال وجودك معي‪.‬‬

‫لن أطلب منك العودة‪ ،‬ولكني أقول لك إنني بانتظارك في أي وقت تشتاق فيه‬
‫إلي‪.‬‬
‫ّ‬

‫جوليا»‬

‫ولم تكن جوليا على علم بأني حين استلمت رسالتها كنت في طريق العودة‬
‫إليها لقضاء ليلة رأس السنة ولبداية حياة جديدة معها‪.‬‬

‫تمت‬
‫ّ‬

‫‪203‬‬
‫السجن لل ّتعرّف على شخصيّات‬
‫ساقني القدر لزيارة ّ‬
‫من المساجين ع َّلني أجد ضالتي أو على األقل أجدُ‬
‫قصة جديدة مختلفة عن‬ ‫خيط ًا صغيراً أنسج به ّ‬
‫القصص النمطيّة الرائجة‪.‬‬

‫الصفعة!‬
‫وكانت ّ‬

‫الصفعة التي أفاقتني على حقيقة الواقع يوم قادني‬


‫ّ‬
‫المالزم إلى حجرة النزيل المحكوم باإلعدام الشيخ‬
‫إبراهيم‪ ،‬وصلت إلى باب الحجرة ووقفت أسترق‬
‫ال ّنظر إلى وجه هذا الرّجل الذي كان يص ّلي بخشوع‬
‫على سجادة الصالة‪ .‬بين التجعيدة واألخرى هناك‬
‫مم ّر إلى حكاية‪ ،‬وجه هذا الرّجل كتلة من األسرار‬
‫تختبئ وراء قلب حزين ينبض بابتسامة زائفة!‬

‫لكل قصة في هذا الكتاب نهاية سعيدة‬ ‫ّ‬ ‫ليس‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أو حتى نهاية‪ ،‬لكنها كلها قصص عن أشخاص‬
‫يمكننا أن نتع َّلم منهم سواء اتّفقنا معهم أم ال‪.‬‬

‫‪204‬‬

You might also like