Story of Someone Final PDF
Story of Someone Final PDF
Story of Someone Final PDF
2
JUBRANE TUENI
3
All characters and events in this publication, other than
those clearly in the public domain, are fictitious and any
resemblance to real persons, living or dead, is purely
coincidental.
At the time, Firass was the only one who revived the radio
drama in his own special way. His achievements in 1999
5
include ( Warak el kharif, Inta el madi, Ra7il, Jubran k.
Jubran, Habib el rou7, Majhul nasab, Cham3 el asswad,
Omar & Selma, Al Wa7el, al Karar 1701, La vie en rose,
Kossas hob, Ramad el ayyam...). He wrote his first TV
series called (Dumou3 el Nadam, Jude, Ahlam, Lol, Al Hob
el kadim, Al Haram).
6
ُمخ ّيلة قلم
Imagination of a pen
انتابني اندفاع غريب نحو رزمة من األوراق البيضاء ،حملت قلمي وسألت
نفسي :ماذا أكتب على هذه األوراق؟
هل أدخل في معترك مسلسل جديد؟
قصة طويلة مسلسلة وحلقات
ال .أحتاج إلى استراحة صغيرة بعد تأليف ّ
مزدحمة بشخصيات وحوارات وأحداث.
هل أسترجع ذكريات ومواقف حميمة ألكتب بعض كلمات األغاني وأعانق
موسيقي جديد بعد ألبوم
ّ ثم أخرج بعد فترة بألبوم
بعدها غيتاري لتلحينها ّ
PART OF MY LIFE؟
ّ
لتخط ما تتحرك به خلجات قلبي ومخيّلة وها أنا أجد مخيّلة قلمي تبدأ بالحراك
سينمائي في
ّ لتخط كتاب ًا على شكل رواية وسيناريو لفيلم
ّ رأسي ،تبدأ بالحراك
آن واحد ،وانطالق ًا من الحديث الشريف « :ليس الشديد ّ
بالصرعة ،إنما الشديد ٍ
الذي يمسك نفسه عند الغضب».
7
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
تكونت قصصنا.
بين الوادي والجبل ّ
ّ
نمل من الجبل ونلجأ من جديد للوادي. نهرب من الوادي للجبل،
بعضنا ينظر للوادي والجبل أنهما متضادان ،وبعضنا اآلخر يعتبر أن كليهما
متمم لآلخر.
ّ
الصفعة!
وكانت ّ
الصفعة التي أفاقتني على حقيقة الواقع يوم قادني المالزم إلى حجرة النزيل
ّ
المحكوم باإلعدام الشيخ إبراهيم ،وصلت إلى باب الحجرة ووقفت أسترق
ال ّنظر إلى وجه هذا الرّجل الذي كان يص ّلي بخشوع على سجادة الصالة .بين
التجعيدة واألخرى هناك مم ّر إلى حكاية ،وجه هذا الرّجل كتلة من األسرار
تختبئ وراء قلب حزين ينبض بابتسامة زائفة!
أحسست من الحوار األول معه بمعاناته التي ه َّزت وجداني كمن قذف بي من
ُ
أعلى الجبل إلى قعر الوادي.
لكل قصة في هذا الكتاب نهاية سعيدة أو حتى نهاية ،لك ّنها ك ّلها ّ ليس
قصص عن أشخاص يمكننا أن نتع َّلم منهم سواء ا ّتفقنا معهم أم ال.
8
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
إبراهيم...
يوم لقيته كان قد م ّر عليه عشر سنوات خلف قضبان السجن ،حالت بينه
تثلج صدره .ومع هذا المصير ،لم تحرمه
ُ ً
تنشأة وبين رعاية حفيده وتنشئته
هذه القضبان القدرة على تأمين المال الضروريّ لحفيده إبراهيم ليتمكن من
التع ّلم وما تبقى من مصاريف الحياة.
أن هذا الرجل لم يكن يعلم بما كان يواجه حفيده من أحداث
ومن المشين ّ
في معترك الحياة.
ً
نظرة ذليلة إلي عندما سألته أول مرة عن حاله ،ساد صمت مطبق وثقيل ،نَ َ
ظر َّ
رب العالمين،
متهدج « :الحمد هلل ّ
َّ بصوت
ٍ َّ
تمكن من الكالم وأجابني عندما
أسد في قفص» !!
ٌ
ُ
يمسك ٌ
غريق وشد على ّ
كفي وكأنه ّ امتنان كبيرة
ٍ ُ
ابتسامة يم ّر به ،فابتسـم
بدموع ثقيلة الوزن ومضى يقول:
ٍ قطعة خشب للنجاة ،واغرورقت عيناه
ّ
وجل .أشكرك يا ولدي». هدية من الرحمن ع ّز
ٍ « أنت خي ُر
ُ
تتحدث عنه قناعاتك الموروثة يا هذا؟ فأيّ شرف
األديان السماويّة أجمعت على إنصاف المرأة ،ورسول اهلل ـ صلى اهلل عليه
أنت متمسك ًا باآلية القرآنيّة الرابعة والثالثين من وس ّلم ـ أوصى بها ..وأراك َ
سورة النساء التي قال تعالى فيها:
اج ِع َو ْ
اض ِربُوهُ َّن َف ِإ ْن ض ِظوهُ َّن وَاهْ جُ رُوهُ َّن ِفي ا ْل َم َ شو َزهُ َّن َف ِع ُ ون نُ ُ
اف َ ال ِتي تَ َخ ُ
{ َوال َّ
ان عَ ِل ّي ًا َك ِبيراً} صدق اهلل العظيم ال إِ َّن ال ّلهَ َك َ
س ِبي ً ال تَب ُْغوا ْ عَ َلي ِْه َّن َ
م َف َ طعْ َن ُك ْ أَ َ
فالضرب يا جاهل يفيد المباعدة وال ّتجاهل ،خالف ًا للمعنى المتداول .
ّ
أغوص
ُ ألتق يوم ًا بابنة الشيخ إبراهيم «هنا» ..ولكن بوصفي كاتب ًا عندما
لم ِ
أحداث عرفتها وأحاديث
ٍ بلملمة لذاكرتي أسمح أكتبها، ة قص
ّ أي بحر في
سـمعتها من قبل لتشــاطرني الكتابة..
ّ
تذكرني بامرأة شابة جميلة مسـكينة ،التقـيتـها ذات مرّة وها هي «هنا»
10
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
وكانت بغاية القرف واالستياء من أول عالقة أقامتها مع زوجها الذي تزوجته
حديث
ٍ دون إرادتها ،وفترة الخطوبة لم تتجاوز بينهما سوى لقاء مع محرَم أو
عادي جدا ً على الهاتف.
ّ
يحق لها أن تقاومه أو تمنعه من االقتراب من بعد حفلة العرس لم يكن
جسدها .ما زال صوتها يرّن في أذني عندما وصفت لي رائحة أنفاسه المعجونة
برائحة السجائر والخمر الرخيص التي تغتـال أنفها ،في ذاك الوقت – حسب
وصفها –بينما كان الزوج يسعى بكل عزمه إلشباع شهواته ،كانت هي ّ
تفكر:
كيف تغسل عفنه عن جسدها؟ كانت تتألم وهو ينزع عنها ثيابها ،وكان
حيوان قذر.
ٍ بلهاث
ِ صوت أنفاسه المتصاعد أشبه
ّ
يتغذى على حينها شعرت هذه المرأة كأنها جيفة يقف فوقها طائر وضيع
جسدها.
ال أعلم بالضبط ما شعرت به « هنا»؛ ألنها طوال فترة وجودها مع سلطان
سقف واحد كانت صابرة متس ّترة على جرائمه الشنعاء.
ٍ تحت
هنا أنجبت من سلطان الذي احتكر لنفسه دور الش ّر على مسرح حياتها ،ولدا ً
موجع إلى
ٍ بشكل
ٍ مس إنسانيتي
أسمته على اسم والدها إبراهيم ،الرجل الذي َّ
حد كبير.
ًّ
ً
بدقائق قـليلة من يوم لقائي بإبراهيم ،كانت الكالب تنبح بعد أن انتصف الليل
أن
ّ ةنّ ظا الفراش في جوليا إعتدلت المفتوحة. نومي غرفة نافذة وتزمجر تحت
11
فراس جبران
’Firass Jubrane
لص يحاول اقتحام أحد المنازل ،أو ربّما كان بد قد تنبهت إلى وجود ّالكالب ال ّ
يمر في الجوار .إال أن عدم وجودي في السرير معها في أحد السكارى القذرين ّ
تلك الليلة أنساها ما يحصل في الخارج فنهضت من السرير وارتدت « الروب
دو شامبر » وخرجت من الغرفة بحث ًا عني..
كانت جوليا فاتـنة بكـل معنى الكلمة .بل كانت سـاحرةّ ،
أخاذة ،ذكية ،عاقلة،
وخفة ظلها وجمالها الف ّتان شبه السحريّ ،
ّ حكيمة ورقيقة القلب ،وبدفئها
خلبت لباب قلبي من النظرة األولى .وقتها آمنت ألول مره في حياتي ،بأنني
الحب رغم أنني قطعت على نفسي عهدا ً بعدم الدخول بأية عالقة ّ واقع في
بعد انفصالي عن زوجتي األولى .
هي في منتصف األربعين من العمر إال أنها كانت التزال جميلة ،وال ّ
يدل شكلها
على حقيقة عمرها .كان لها شعر داكن ،وبشرة قشديّة اللون ،وعينان
صفات جميلة جعلتني أقع أسيرا ً في شباكها ،متناسيًاٌ رماديتان واسعتان.
همومي ومشاكل زواجي األول وعدم تمكني من اإلنجاب.
الشرفة وقطعت ضجّ ة أفكاري التي كانت تتزاحم وتطوف خرجت جوليا إلى ّ
حول الشيخ إبراهيم بإبتســامتها الرقيقة الساحرة لتجدني جالس ًا وحدي على
ال ورقة وقلم ًا ألكتب.
الشرفة حام ً
حاولت قبلها الكتابة فهناك طاقة كبيرة تسكنني وأفكار كبيرة في رأسي
أن الحديث الجميل عنك يا إبراهيم بسبب روعة تريد الخروج ،إال أنني شعرت ّ
بدأت في
ُ روحك يستحق أن يكتبه قلم أكثر جدارة .كم تلعثمت حينما
الكتابة عنك يا سيدي ،وأنا أعرف أن كاتب ًا أفضل م ّني سـيفعل ذلك ،وسيـبـذل
ســاعات قليلة مرَّت على لقائي بك،
ٌ كامل طاقته في وصفك ومديحك،
أنـت كريم
أنت في معرفتك ،مثلما َ ّ
كالثريا .غزير َ ومنزلتك عندي باتت عالية
في شمائلك.
اقتربت م ّني جوليا وسألتني عن سبب عدم خلودي للنوم .فأخبرتها عن كل
لقاء ال ينسى ! ..لم أزل تحت تأثيره
ما حصل معي ،وبدأت كالمي بـ « يا له من ٍ
ومتحمس ًا كمن وجد خريطة ٍ
كنز قديم ،إال ّ حتى اآلن» ..كنت سعيدا ً حينها
طفل حرارته عالية؛
ٍ كيد تصفعُ بقوة ووحشيّة وجه أن ر ّدة فعلها صدمتني ٍ
التزامات مصيريّة مشتركة
ٍ بسبب به بدأت ما متابعة طلبت مني أن ّ
أكف عن
ً ّ ّ
بيننا في الخارج وذكرتني بالعقد الذي وقعناه سويا مع إحدى الشركات قبل
شهور ،وأن زيارتنا إلى لبنان هي للراحة واالستجمام فقط قبل الغوص في
معترك مشروعنا القادم.
12
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
التعجب
ّ قلت لها و صور
ُ « ظـننت أنـك سـتفرحين بما يحصل معي اآلن»
تتــراقص أمـام مخيّلتي.
لقد كانت جوليا التزال على ثقة بأنها مهما كان األمر محبط ًا لي فمن األفضل
أن تنهيني عن المباشرة في قضيتي اإلنسانيّة الجديدة هذه وذلك لسالمة
مشروعنا خوف ًا منها على مستقبلنا المادي بحال أجبرنا على تسديد البند
الجزائي الذي وضعته الشركة بحال أخلفنا في التنفيذ.
ّ
علي أن أشغل تفكيري اآلن؟ بكيفيّة المباشرة في تنفيذ وعدي للشيخ بماذا َّ
ّ
إبراهيم ،أم بكيفيّة حصولي على صك الغفران من جوليا لقراري الذي اتخدته
وسرحت
ُ فتركت جوليا وإبراهيم مع ًا
ُ دون عودة؟ وهُ نا راحت تتشتت أفكاري،
في الالشيء ،أفكر بالالشيء ،وغضبت من الشيء!
تلون
الصمت .صور وأفكار تتالحق وعتمة ّ عويل في رأسي يهشم جمجمة ّ
كل جميل بسواد غريب .لذاك الصمت طعم آخر ،أكثر ملوحة وحموضة
بصوت ينهاني عن « الالشيء » الذي أبحر
ٍ وحرارة وشراسة! لحظات وشعرت
فيه أللتفت إلى شيء ..أي شيء ..لم أجد أمامي سوى عاداتنا وتقاليدنا التي من
ٌ
ناقمة جدا ً عليها ،العـادات والتقـاليد التي تـفرض على األنثى المؤكد أن « هنا »
عدم التطرّف باألخالق ،والذكر له ما شــاء أن يفعل.
أكره هذا النوع من عاداتنا وتقاليدنا ،وأنفر من األشخاص الذين يتمسكون بها،
والسؤال :هل بإمكاني التغيير؟ الكثير من الناس يعتبرونها جزءا ً من أبجدية
الوجود دون أيّ طموح بمساحة أكثر لحدود حريّتهم وتحركاتهم ،ال سالح
دقة قديمة » وسرعان ما للتغيير سوى قلمي ،والقراءة في عصري هذا باتت« ّ
ُ
أحافظ على اندفاعي، علي أن
نبّهت نفسي من الوقوع في بئر اإلحباط والخيبةَّ ،
وخرجت من المنزل تارك ًا جوليا في سريرها تنتظر أيّ ر ّد
ُ فأخذت مفاتيحي
13
فراس جبران
’Firass Jubrane
إنت القوة؟
إنت نقطة ضعفي واال َ « َ
جواتي بحبّو بقوة!إنت أكتر حدا ّ
َ
رايح وكلمة ياريت
مابتر ّدك لو ف ّليت
روح يلال روح
ووعدني ما تعرفني لو فيك التقيت
اسمي عن شفافك شلت
إنت قدرت؟ خبّرني كيف َ
تحمل جروححدي وقلت ّ لما وقفت ّّ
هلق خلص اهلل معك
رايح ما فيي إمنعك
غمرني عَ بالي و ّدعك قبل ما تروح»
أثناء سماعي لألغنية شعرت وكأن جوليا جالسة أمامي في السيارة ،وصوت
أذني أحسست أنه صوتها ،تخيّلت نظراتها التي يغمرها العتب،
ّ المغ ّني في
وفجأة تصورتها تبتسم ابتسامة ساخرة عند وصولي إلى المقطع األخير من
األغنية الذي يقول:
إنت متلي
« مش لحالي رح إتوجَّ ع َ
لما تمشي بعدا بلحظة رح تفقدلي ّ
ورايح وكلمة ياريت
مابتر ّدك لو فليت
روح ي ّلال روح
ووعدني ما تعرفني لو فيك التقيت».
لم أفهم معنى الخوف إال يومها ،الخوف من فقدان أكثر إنسان أحبّه في هذا
كل ما أسمعه ،لم أشغل العالم ،كان إيقاع صرير أسـناني وضربــات قلبي هو ّ
بالي بصوت الموسيقى واألغاني وهدير السيارة بعد هذا المقطع ،فهل أصاب
كاتب هذه األغنية حق ًا حين وصف أن األلم سيطالنا مع ًا؟ وهل من طريقة
إقناع قويّة أجعل فيها جوليا تساندني وتقف جانبي؟!
14
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
قرأت مرة في كتاب كان اسمه « عالم السكون » جملة تقول « :بعض الناس
ّ
يحطمون األرقام القياسيّة». والمحَ ن ،والبعض ّ
يتحطمون عند المصائب ِ
ّ
ألحطم! َّ
أتحطم ولكن في الوقت نفسه ال أملك القوة ال أريد أن
َّ
واستقرت قرب كورنيش قادتني عجالت سيارتي نحو منطقة عين المريّسة،
البحر ،أطفأت محرّك السيارة ونزلت منها ،قطعت الشارع متوجه ًا نحو مقهى
« أنكل ديك» ألشتري فنجان قهوة.
ال أعلم لماذا عند وصولي ووقوفي أمام صندوق الدفع طلبت الشاي مع النعنع!
كانت الساعة الثالثة وثماني دقائق.عرفت ذلك ألنني بعد أن خرجت من
المقهى وبيدي كوب الشاي الكرتوني وقطعت الشارع من جديد ألقف أمام
البحر ،اقترب مني شاب ،سألني عن الوقت وأجبته.
جلست على درابزين الكورنيش البحريّ ،وجهي نحو البحر وظهري للكرة ُ
األرضيّة .ال أريد أن اسرح في الالشيء مجدداً .حاولت التفكير كي أصل إلى ّ
حل
مما أنا فيه ،ويأتي صوت من خلفي يقطع محاولة التفكير الفاشلة:
يخرجني ّ
عفوا؟».
ً «
التفت ألرى من هو صاحب هذا الصوت ،إنه الشاب نفسه الذي سألني عن
ّ
الوقت وأجبته.
إلي ولكنه الزم الصمت .جلست أنظر إليه منتظرًا أن يقول شيئ ًا ،فلم ّ
انضم َّ
يفعل
« ما اسمك؟»
« حسام ،وأنت؟»
15
فراس جبران
’Firass Jubrane
لم أشأ أن أقول له اسمي الحقيقي خوف ًا من أن يتعرف على هويتي الحقيقيّة،
يضج باألسئلة حول مسيرتي في عالم ّ صحفي
ّ لقاء
ٍ وتتحول الجلسة إلىَّ
الكتابة وانطالقتي ،ويدخل بعدها إلى تفاصيل حياتي الشخصيّة ،فأطلقت
مراء فيه.
ٌ لحديث ليس لي
ٍ لنفسي إسم ًا وهمي ًا تجنب ًا
« اسمي زياد».
ّفت بك». « تشر ُ
« وأنا أيض ًا».
ً
شيئا لم أجد له وعاد مجددا ً حسام لصمته ،فنظرت إليه ووجدت في عينيه
تفسيرا.
لم أكن منزعج ًا من وجوده معي ،ألني كنت أرغب بالتفكير في أشياء ال عالقة
جدت على حياتي ،فبادرته مجددا ً بالكالم ودار بيننا هذا الحوار:
لها باألمور التي َّ
« ما بك ياصديقي؟»
ولزمت
ُ بم عساي أن أجيبه؟ لم أجد ما أقوله له ،فدرت وجهي نحو البحر
َ
الصمت.
عاد الصمت مجددا ً واستغرق ذلك عدة دقائق ونحن ننظر إلى األمواج الفضيّة
التي تعكس نور القمر.
شعرت بالنعاس وكان لي رغبة كبيرة أن أقفز الى األسفل حيث الصخور وأنامُ
ً
إال أن حسام تابع كالمه بعد هذه االستراحة ساردا قصة أضاعت مني تلك
الرغبة الجامحة بال ّنوم..
16
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
بكل ما للكلمة من معنى ،أحببتها جدا ً ّ « ك ّنا أنا و هي ثنائ ّي ًا رائع ًا ،حبيبان
عرس
ٍ حفلة
ِ حددنا موعود حفل ال ّزفاف وتز ّوجنا ،وبعد وظننت أنها تحبني أيض ًاّ ،
وقت طويل،
ٍ منذ خرتها دّ ا التي األموال من الكثير أسطوريّة أنفقت عليها
ً
دخلت وعروسي الجميلة إلى جناحنا في الفندق ،كنت أطير فرحا ألن حلمي قد
مخلوق على وجه األرض.
ٍ وصرت زوج ًا ألجمل ُ تحقق
وقفت أمامي وهي نصف عارية تبكي وتجيبني مرعوبة بأنها َّظنت أنني رجل
أهتم لتلك العادات والتقاليد القديمة.
ّ ّ
متحضر وال
ّ
بالتحضر؟» باهلل عليك يا زياد ،ما عالقة الشرف
أجاب:
حل أنتظره منك ،ولك ّنني رغبت أن أفرّغ شحنة الغضب
« قضيّتي ليس لها ّ
علي الذهاب».
قصتي واآلن َّ
بإخبارك ّ
عدت إلى منزلي بعد مشوا ٍر مريح نوع ًا ما ،فكورنيش عين المريّسة في بيروت
لطالما كان النقطة األنسب لي لإلبتعاد عن الضجيج وال ّزحام.
أعتبره شريان الحياة في بيروت ،ورج ًلا قوي البنية يحمل فوق أكتافه هموم
اللبنانيين.
كانت جوليا نائمة كالمالك ،صعدت إلى السرير وتمددت قربها بهدوء كي ال
وأتذكر حكاية كانت أمي تخبرها لجليساتها ع ّني ،يوم
َّ ورحت أتأملها
ُ أزعجها،
كنت أدخل غرفتها في الظالم لي ً
ال وأقف قرب سريرها وأسألها بحزن:
« هل أستطيع ال ّنوم في سريرك ماما؟ ّ
أظن أن هناك كلب ًا أسود اللون وضخم
جدا ً في خزانتي».
فتوافق أمي على الفور وتتحرّك في السرير لتفسح لي المجال ،فأعانقها وأنام
بقربها .وفي الصباح أهمس لها وأنا أشعر بالدفء :
« أمي ؟ بالنسبة للكلب األسود ،إنه من اختراعي».
كم تمنيت حينها أن أقوم بخدعة الكلب األسود الضخم مع جوليا تلك الليلة.
َّ
تتحضر للخروج عيني وأنا في سريري ألجد جوليا تقف أمام المرآة
ّ فتحت
وتراقبني.
ومتمسكة بي .حاولت حينها أن تظهر لي عدم اكتراثهاّ جوليا امرأة ذكية
لفت ال ّنظر.
ِ إلى تميل كانت معي وتصرفاتها بقراري،
أجابتني بعد أن سألتها عن خروجها بأنها ذاهبة لشراء بعض األغراض قبل
سفرها .طريـقتها كانـت اسـتفزازيـّة ألفتح الموضوع من جديـد ،وعندما
18
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
ماذا أقول لها؟ ماذا أفعل كي أداوي غيظها من قراري؟ كان عقلي في كامل
َّ
أتمكن من وعيه ،لكن لم أستطع التفكير ،ولساني بكامل نشاطه ،لكن لم
الحديث.
محدق ًا في كل التفاصيل.
ّ السير نحو السيارة وال أزال
بدأت ّ
تحب سماع صوت ّ أن والدتي وهي خير من أنجبت حواء من بشر ،كانت يكفي ّ
دقت الساعة ّ
دقة واحدة في أم كلثوم ،والدتي التي توفيت في سريري بعد أن ّ
سنوات طويلةّ ،
دقة وحيدة بدت لي خطوة أخيرة ،والدتي التي اعترفت ٍ الليل من
كفي بكلتا يديها و تمرغه فوق شفتيها على لي بس ًّر خطير وهي تمسك ّ
فراش الموت ،س ٌّر ال أسمح لقلمي أن يكتبه فوق أيّ ورقة كانت!
أخذت أبحث بين المحطات اإلذاعيّة ع ّلني أجد أغنية تعود بي لزمني الجميل،
فاستوقفني صوت رخيم يتحدث بطالقة ،ال أعرف من هو صاحبه ،ولكن
القصة التي
ّ بجزء منٍ يتحدث فيه له عالقة غير مباشرة ُ الموضوع الذي
وأخذت أستمع إلى كالمُ أُعايشها ،سحبت يدي عن جهاز الراديو من السيارة
الرجل الذي قال:
تهدد
ّ الحداثة بأن شعرنا ما ّ
ل ك وعاداتنا تقاليدنا إلى بحرارة نعود « لذلك فإننا
19
فراس جبران
’Firass Jubrane
حميمة؟!
دافئة؟!
طمأنينة نفسية؟!
عن أيّ عادات وتقاليد تتحدث؟
عن رقص أهل العروس بعد ليلة الزفاف صباح ًا وبيدهم المنديل األبيض الذي
يشهد على طهارة ابنتهم؟
الشقيقات بدعوى الحفاظ على المال واألرض؟ عن االستئثار بورثة األب وحرمان ّ
فإن الطالق سيكون مصيرها؟عن ضغط ال ّزوج على زوجته للمطالبة بإرثها وإال ّ
يتزوج على زوجته أُم البنات؟
عن ال ّزوج الذي َّ
عن األم التي تسعى لتزويج ابنها ثانية وثالثة وربّما رابعة كي تحمل حفيدها
بين يديها؟
ّ
والشرف على حساب تعليمها ّ
للعفة يزوج ابنته القاصر ضمان ًا
عن األب الذي َّ
وتكوين الوعي لديها؟
أتاخر وال أدخل قبل الوقت الم ّتفق عليه بتات ًا.
في تمام الساعة الرابعة من بعد الظهر ،قرعت جرس باب منزل صديقي
المحامي نزار صعب.
للجلوس في صالون منزله الذي ورثه عنِ استقبلني استقبا ًال رحب ًا ودعاني
بحب كبير وعظيم مما جعل منه ٍّ والده ،نزار ابن عائلة راقية جدا ً وثريّة أحاطته
بقلب شفاف على عكس ما يراه الناس خالل جلسات المحاكم ٍ رج ً
ال يتمتع
والمرافعات ،حيث يبدو محامي ًا ّ
فظ ًا ال يقبل التالعب أبداً.
باهتمام كبير.
ٍ إلي
وأخذ هو يستمعُ َّ
ال أو مخرج ًا أو على األقل نصيحة تساعدني توقعت بعد ذلك أن يعطيني حّ ً
على إستبدال عالمات اإلستفهام التي تتناثر في جميع الزوايا المتع ّلقة بقضية
إبراهيم ،إجابات أو ردود كي أبدأ بتنفيذ وعدي لهذا الشيخ السجين ،وإذا بالصديق
العزيز يقول لي:
« قد يكون هناك في اإلجراءات ثغرة نستطيع من خاللها الدخول إلعادة
أطلع على حيثيات الحكم ودقائق األمور وذلك من البد أن َّ
المحاكمة .لذلك ّ
خالل األوراق الرسميّة ومقابالت مع الشيخ إبراهيم نفسه وهيئة الدفاع عنه».
الباطل.
ِ ويحارب
ُ يناص ُر الحق
ِ نزار مشهو ٌد له بالتحرّي عن الحقائق ،فهو
وعصي على
ٌّ ناعم الملمس
ُ قول أحدهم كان يصفه بأنه كالحرير؛ َ وتذكرت
ُ
صهُ .
َّ َ
ق ُ
يحاول من
بصوت متردد:
ٍ وجَّ هت نظري إليه وأجبته
كنت أمنع أفكاري أن تذهب إلى غرفة اإلعدام وصوت جسد هذا الشيخ
ُ «
منصة المشنقة».
ّ الجليل يسقط عن
ومخفف ًا:
ّ قال لي مقاطع ًا
« أتعلم يا صديقي؟ ليست كل القوانين الوضعيّة عادلة أو أخالقيّة ،وال كلّ
األمور األخالقيّة هي قانونية ،إن قناعتي بهذا األمر هي مصدر قوتي كوني أضمن
ك باليقين من حيث الشواهد واإلثباتات، لموكلي سالمة اإلجراءات وأقطع ّ
الش ّ
جن أبرياء».
الس ِ وفي النهاية ،ياما في ّ
فأردف قائ ً
ال:
أغلب حاالت حكم اإلعدام ،تسـو ُد المحكمة حاالت نفسيّة في غاية ِ « في
نفسي شديد
ّ ٌ ّ
والدفاع والقاضي يتملكهم ضغط ّ
التعقيد؛ فالمتهم واال ّدعاء ّ
يحجب بعض ال ّنقاط الهامة عن الم ّتهم ّ
والدفاع ،فيفشلون في مقارعة ُ قد
واإلثبات بالنفي».
ُ الحجّ ة بالحجّ ة
حدثني عن سلمى ،والحديث عن هذه المرأة يشعرني بعدم الراحة ،سلمى هي ّ
زوجتي األولى ،ووجعي األول!
22
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
كانت امرأة عادية بشكلها ،وأكثر من جميلة بروحها .إمرأة تبدو لمن يقع
عكس ذلك،
ِ نظره عليها ألول مرة ساذجة وبسيطة ،ولكن سلمى كانت على
ربّما ألنها لم تكن تتظاهر بذكائها وال يروق لها التباهي باألنا ،إبتسامتها كانت
أَقرب صديقاتها ،وأنثوتها كانت س ُّر إعجابي بها.
أما أنا فلم أشعر وقتها تجاه سلمى بأيّ شيء ،ولم تلفت نظري حتى .اشتريت
كتاب لم أجده في المكتبة ،ووجدت سلمى تطلبٍ ثالثة كتب وسألتها عن
تؤمنه.
مني رقم هاتفي كي تعلمني بوجوده حالما ّ
أخـرجَ ت من أحد أدراج المكتبة دفترا ً صغيرا ً ووضعته أمامي ألد ّون رقمي،
فابتسمت لها وكتبت رقم هاتفي عليه ثم قطعت الورقة وأعطيتها إيّاها
قائال:
« بانتظار ا ّتصالك آنستي».
أنهيت المكالمة وأقفلت الخط ،وعدت ونسيت الموضوع تمام ًا ،إال أنني
تذكرته بعد أيام عند مروري من أمام المكتبة بعد عودتي من مقابلة إذاعيّة.
دخلت المكتبة وإذ بسلمى تستقبلني استقبا ًال كبيرا ً وتناديني بإسمي ،شعرت
باإلحراج ألنني قد نسيت اسمها من جديد ،لمست درجة اهتمامها بي حين
وجدت الكتاب الذي دخلت لشرائه موجو ًدا في مكان خاص ال يمكن أليّ زبون
رؤيته أو شراؤه.
ألقيت نظرة متفحصة على المرأة الشابة الماثلة أمامي ،مستغرب ًا اهتمام
فلسفي عميق.
ّ شابة مثلها بكتاب
« غريب! لم أتوقع اهتمامك بكتاب مثل هذا ،هل هي المرّة األولى التي تقرأين
فيها هذا النوع من الكتب؟».
« ال بد أنها متميّزة».
قلت ذلك في سرّي.
لمست إعجاب ًا شديدا ً بي من قبلها .وألن اقتناعي بها كزوجة مناسبة جدا ً لي،
أقنعت نفسي بأ ّني أحبّها.
تطلعت إلى نفسها في المرآة .بعد ليلة لم تخلد فيها لل ّنوم فقط ألنني
وعدتها بزيارة .بدت شاحبة الوجه .فأسرعت إلى الحمام ووضعت بعض
المساحيق التجميليّة على وجهها لتخفي شحوب بشرتها.
متسمرة في
ّ وعندما سمعت طرقات متواصلة على الباب ظ ّلت لحظة
24
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
مكانها ،فالحلم الذي بدأ منذ لقائنا األول ما زال مستمراً ،واهلل وحده يعرف
متى يتحقق!
تقدمت بخطى بطيئة وفتحت الباب ،وفوجئت بباقة الورد التي أحملها بيدي،
ابتسمت لي ابتسامة طفل في أول أيام العيد.
حملت سلمى باقة الورد – هديّتها األولى مني – وكأنها تحمل رضيعها،
وسارت باتجاه المطبخ ،فاستوقفتها قائال:
« أحب ّ القهوة مرّة».
تعد القهوة في المطبخ ،خرجت إلى الشرفة وأسندت وبينما كانت سلمى ّ
ظهري إلى الدرابزين ورحت أسال نفسي:
« لماذا أريــد ال ّزواج من هـذه المرأة صاحبـة المالمح العاديــة؟ ذكاؤها وحديـثـها
وثقافتها عوامل جذبتني إليها ،لكن هذا ليس بالكافي كي أتزوجها».
أجل ،كنت مترددا ً بأخذ قرار زواجي منها بالرغم من أنني ذهبت لزيارتها لهذا
قدمت لي فنجان القهوة ..أخذته ببرود من يدها بعد أن عدت إلى غرفة الغرضّ .
25
فراس جبران
’Firass Jubrane
الجلوس:
« شكرا ً سلمى».
بقينا صامتين ،و بعد الصمت أخذنا نتحدث بأمور عادية ال أذكر محتواها ..
وللحظة ظللت جامداً ،ثم وضعت فنجاني على الطاولة وقلت في هدوء وثقة:
« صحيح ..لقد قرّرت ال ّزواج ،لن أبقى عازب ًا طوال حياتي ،أريد تكوين منزل أعيش
تحت سقفه مع زوجة صالحة تكون أم ًا ألوالدي ،وستكونين أنت يا سلمى تلك
الزوجة وليس سواك ،ما رأيك؟»
فقلت في لطف وأنا أالمس شعرها الذي تركته ينسدل على كتفيها:
« لن أكذب عليك وأقول لك إنني مغرم بك ،ولكنني على اقتناع تام بك كزوجة،
سلمى أنت تتمتعين بمواصفات الزوجة المثاليّة ،كما أن ذكاءك وثقافتك
واهتمامك بي سيجعلون مني عاشق ًا متيّم ًا مع الوقت».
مخدرة .ما قلته فعل فعله فيها ،وراحت تتط ّلع إلى
ّ أحست سلمى وكأنها ّ
عيني ،فأخذت فنجانها من يدها بلطف وجذبتها إلى ذراعي ،هذا العناق لم
تذق طعمه من قبل .لم يسبق لها أن شعرت بالتفاعل مع اآلخرين .واختارت
ال ّتخلي عن المقاومة أمامي .
عيني مجيبة:
ّ رفعت رأسها ونظرت إلى
« سأذهب غدا إلى الشمال ألخبرهم وأحدد معهم موعدا ً لتزورهم».
« في عائلتنا ال يوجد طالق» .جملة كانت تدخل في أيّ حديث على لسان والدها
أثناء زيارتي لهم.
26
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
يطل على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت، ّ أخذت سلمى إلى الترّاس الذي
ُ
فوقفت عروسي لتمتع نظرها بهذا المنظر الخ ّلاب .
األمواج تعانق رمل الشاطئ والرغوة البيضاء ترسم لوحات فنيّة رائعة.
وتحدق بي:
ّ فقالت وهي تدير نظرها نحوي
« وماذا عن أطفالنا ؟»
« شكرا أ ّنا» ...ثم أضفت بعض الكلمات اإلنكليزيّة طالب ًا من خادمتي أن تفرغ
حقائب سيدة المنزل الجديدة.
ضحكت وأجابت:
ّ
أعدته لنا « أنا» ونتحدث عن
« كنا نتحدث عن أطفالنا» وأخذنا أنا وهي نشرب ما ّ
أطفالنا ونختار لهم األسماء ونتخيل أشكالهم ونتوقع عددهم.
كان ذلك حلم ًا كبيرا ً لدينا ،ومع مضي األيام أخذ هذا الحلم يتحول إلى ...ال أعرف!
طال االنتظار وسلمى لم تحمل ،فقررنا زيارة الطبيب الذي أعلمنا بعد
فحوصات وتحاليل أننا لن نتمكن من اإلنجاب ،والسبب هو أنا.
الرجل الذي أحبّته سلمى وتزوجت منه ،اكتشفت أنه عقيم .فكيف يمكن
المرأة أن تستمر بالسعادة وهي تعيش هكذا واقع؟
يصله كل شيء حتى أمعائه ،الدم مكرراً ،الطعام مهضوم ًا ،واألوكسيجين
يفكر في أن ّ
يتنفس.. جاه ًزا دون أن يحرّك رئتيه ودون أن ّ
قوة مجهولة
مخلوق يرقد في أحضان س ّر الحياة األعظم ،وفجأة تطرده ّ
وتقذف به من الدفء واألمان إلى دنيا واسعة مجهولة..
حنان كبير،
ٍ تمتد ذراعان في
ّ ويصرخ وهو يرفس بيديه ورجليه في الهواء ،ثم
وتمسكان به إلى غرفة أكثر اتساع ًا من األولى اسمها الدنيا..
دخلت وسلمى مرّة بعد آخر جلسة عالج فاشلة لشراء بعض األغراض من
28
أنا وإبراهيم
Ibrahim and I
صاحب هذا المتجر لديه عامل في العاشرة من عمره ،أثناء ُ متجر صغير،
ٍ
التسوق لفتنا صوت صاحب المتجر يوبّخ هذا العامل القاصر ،وإذ بصفعة قويّة
ّ
خده ومال بسببها إلى اليمين بعض الشيء وتبعها هدير شتائم من اهت ّز لها ّ
صاحب العمل!
كل ذلك ألنه أخطأ بوضع غرض ال يمكن وضعه مع غرض آخر.
كنت وسلمى واقفين بجواره ننظر بأسى ونستمع لعقابه ،وها هي سلمى
وتشده نحوها:
ّ تتدخل لمساعدة هذا الطفل القاصر ّ
ً
« مهلك على الطفل يا هذا ..أال ترى أنه مازال صغيرا؟»
قالت سلمى وقلبها يعتصر ألم ًا على الصغير وكأن الصفعة سقطت على
وجهها هي ،ونظرت إلى الطفل نظرة إشفاق ،شعرت أنه يريد أن يركض إليها
لتضمه لصدرها وتمسح دموعه وتخفف ألمه.ّ
أحدق في عيون سلمى التي تفيض بالمعاني محاو ًال فتح نافذة قلبهاكنت ّ
واستجالء ما فيه من حرقة.
عند وصولنا إلى المنزل تركتني ودخلت الغرفة وأقفلت الباب وراءها ،كان
أشد غزارة داخل الغرفة.
شديدا في الخارج ،ودموع سلمى ّ
ً المطر
تركتها وحدها لترتاح وتفرغ شحنة الحزن واأللم الذي يرافق أيامها معي.
وفي المساء ،عند وصول موعد نومنا ،تمددت على السرير بجانبها ،رأيتها
صففت أفكاري في كلمات أخرجتها لها:
ُ تنظر إلى األعلى حيث سقف الغرفة،
«أعرف أني السبب بألمك».
« إنها مشيئة اهلل يا فراس ،الذنب ليس ذنبك» نطقت سلمى كلماتها
ّ
لنتوقف بصوت عميق ومخيفّ ،
ولفت إلى الجانب اآلخر كي توهمني أنها نامت ٍ
عن متابعة هذا الحوار.
لم أستطع النوم ،أسئلة كثيرة تركتها سلمى تطوف في رأسي دون إجابات:
ً
شيئا؟ هل أبقى معها وأتفرّج على حالها دون أن أفعل
هل أتب ّنى لها طف ًلا يؤانس وحدتها ويمأل الفراغ الذي تعيش فيه؟
هل أتركها وأرحل عنها كي تجد رج ًلا آخر وتتزوجه وتنجب منه؟
29
فراس جبران
’Firass Jubrane
أجن!
كدت ّ
ُ
عال تسمعه سلمى ،ووجدت نفسيبصوت ٍ ٍ أحدث نفسي وكنت أرغب أن ّ
ً
بصوت مسموع قائال لها:
ٍ أهمس
الغد»
صباح ّ
ِ مستعد له من
ّ « إذا كان انفصالنا يجعلك أكثر سعادة فأنا
بقيت
ْ سأجن إن
ّ وقلت لها إنني
ُ أمسكت بذراع سلمى ورجوتها واستحلفتها
هكذا حزينة،
ّ
يتمكن النوم أن يحملنا على جناحيه بسهولة ،فكانت األفكار تدوي في لم
رأسنا كما الرعد في الخارج.
أجل .لقد نجح نزار صعب ،صديقي المحامي ،في إزالة إضطرابي حول ما قاله عن
قضيّة الشيخ إبراهيم.
وها هي عجالت سيارتي تقودني إلى مقهى قديم في منطقة «الزوق» حيث
دخلت المقهى ومعيُ ّ
يطل على المدرّج الروماني، «سوق الزوق العتيق» الذي
قصة حدا»..
ّ « عنوان: حمل الذي السيناريو من األول أوراقي وبدأت بكتابة الجزء
30
31
قصة حدا
ّ
Story of someone
1
خارجي -ليل /شارع – سيارة تاكسي
ويسأل سلطان..
الشاب
عالجميّزة معلم؟
سلطان
الء خيي ..عندي طلب من الحمرا..
الشاب
ماشي..
يذهب الشاب..
يعود ويع ّلي الصوت وينطلق بالسيارة وهو يشرب من علبة الـمشروب
المخلوط
CUT
32
33
قصة حدا
ّ
Story of someone
2
خارجي -ليل /شارع الحمرا – سيارة تاكسي
سلطان
صارلك زمان ناطرة؟
فتاة الليل
الء هلق وقفت..
سلطان
عالبيت أو عندك طلب؟
فتاة الليل
طالع عالرابية
سلطان
شكله زبون حرزان..
فتاة الليل
كول هوا..
34
2
CUT
35
قصة حدا
ّ
Story of someone
3
داخلي -ليل /منزل سلطان -غرفة النوم
نوم عميق..
نائمة في السرير تغط في ٍ
CUT
36
37
قصة حدا
ّ
Story of someone
4
داخلي – ليل /منزل سلطان – مدخل الشقة
CUT
38
39
قصة حدا
ّ
Story of someone
5
داخلي ليل /منزل سلطان – غرفة النوم
سلطان
شو نايمة؟..
أو عاملة حالك نايمة ت ما تقومي تحضريلي لقمة آكال..
سلطان
قومي قومي
هنا تفتح عينيها..
CUT
40
41
قصة حدا
ّ
Story of someone
6
داخلي – ليل /منزل سلطان – المطبخ
العجة
ّ هنا أمام الغاز تقلي لسلطان أقراص
يفتح البراد و يأخذ منه قنينة ماء باردة ويشرب بطريقة مقرفة..
هنا
ليش تأخرت اليوم؟
سلطان
أمنلكن السم الهاري اللي عم تطفحوه انت و ابنك..
حتى ّ
هنا ال تجيبه و لكنها تقوم بحركة في رأسها تعني (اهلل يصبّرني عليك)
سلطان
تحممي و نطريني.. ّ
تحضري األكل ما ترجعي تنامي ّ .. بعد ما
سلطان
و انا تجوزتك لحتى تقوليلي تعبانة ؟ ..عن جد انتو النسوان بتضحّ كوا..
بتقرفوه حياته للرجال..
وبس يتطلع لبرا بتقولوا عنو إبن حرام
42
6
هنا
اذا لقيت وحدة تقبلك لما تط ّلع لبرّا ..مبروكة عليك..
سلطان
شو تفضلتي قلتي مدام ؟
هنا
سمعت اللي قلتو يا استاذ..
بالقوة..
ّ يمد يده و يمسك بشعرها و يقربها اليه
سلطان
خ ّلصي تحضير العشا وفوتي ّ
تحممي و نطريني بالقوضة.
FADE TO BLACK
43
قصة حدا
ّ
Story of someone
7
داخلي – نهار /منزل سلطان
هنا تقوم بترتيب غرفة الجلوس وتبدو على وجهها عالمات الضرب
هنا
بدك شي سلطان؟
ّ
سلطان
حبيبتي قعدي شوي..
تجلس..
يجلس بقربها و يتفقد الكدمات التي على و جهها..
سلطان
موجوعة؟
هنا
تعودت
ّ
سلطان
تنقطع إيدي..
هنا
قول اللي بدك تقوله ..عندي شغل كتير..
سلطان
بعتذر ع ّللي صار مبارح..
هنا
ما خلصت حكي بعد؟
سلطان
مكسور عليي كمبيالتين للسيارة ..واذا ما دفعتن رح ياخدوها مني ..
هنا
أوعك تق ّلي طلبي من بيك ..مش ناقصه ّ
هم..
سلطان
ال ال ال ال ..بيّك رح يض ّلو بعيد..
هنا
و كيف رح تدبّر حالك؟
سلطان
عطيني المبرومة اللي عندك
هنا
ما ّ
ضل غيرا ..أخدت كل شي عندي..
سلطان
ّ
مفكرة الحالة رح تبقى هيك ؟ بعوضك ..اهلل بيرزق شو
بكرا ّ
هنا
هيدي من أمي ..مستحيل فرّط فيها
سلطان
قديسه و بركتا الزم تض ّلال معنا بهالبيت ..يا بنت الناس عم
على أساس أمك ّ
قلك انو رح ياخدوا السيارة اذا ما دفعت..
السيارة هي مصدر رزقنا الوحيد..
45
7
هنا
ّ
و أنا ما رح أعطيك االسوارة ..دبر حالك ..روح اشتغل أكتر بدل ما تقضي نص
وقتك عم تلعب ورق مع صحابك المقرفين
سلطان
عصب هلق؟ ..هاتي هاالسوارة و خ ّلينا نمرّق هالقصة على خير..
ليش بدك ياني ّ
متحسرة
ّ هنا تنظر اليه
هنا
يا سلطان إيمتى رح تصير بني آدم طبيعي ؟ ..أنا مش طالبة منك شي وال رح
تفكر بهالمع ّتر إبنك اللي ما بتشوفه..
أطلب ..بس بستحلي ّ
بترجع بكون نام و بتوعى الصبح بكون صار بمدرستو ..و بالعطل ما..
سلطان يقاطعها
سلطان
جد
ّ عن ب عص
ّ شت ّ
ل ب ألني ّابة
ر هالض وشو إلو لزوم هاللعي ه ّلق ؟ ..فوتي جيبي
هنا
تمدا عليي..
ّ عم إيدك الثاني و يوم كل ولوين رح تروح بتعصيبك يعني ؟ ..ما
ّ
مش تارك مطرح بجسمي مش معلم من ضربك الي..
سلطان
يا هنا هاتي االسوارة
هنا
مش رح تاخدا يا سلطان
سلطان
فوتي جيبي االسوارة
46
7
هنا
ما رح جيبا ..بدي ياك تضربني بهالقشاط «يا رجّ ال» ومن بعدا بكون الحكي
مع بيي..
سلطان
بتهدديني ببيك كمان؟
ّ وعم
يضربها..
لقطات مختلفة لسلطان يضرب زوجته..
يضربها بالحزام
ويركلها بقدمه ويقسو عليها
مغمى عليها..
ً وفي آخر لقطة ..هنا في األرض
سلطان يحاول أن يجعلها تقوم..
سلطان
هنا ..هنا ..عم تسمعيني؟
FADE TO BLACK
47
قصة حدا
ّ
Story of someone
8
داخلي -بعد الظهر /السجن – ممر طويل
نحو غرفة مكتب رئيس السجن
رئيس السجن..
يرافق المشهد موسيقى تصويرية غريبة
عند وصولهم الى باب غرفة مكتب رئيس السجن ،
عند فتح الباب نرى العميد معين ياسين وهو رئيس السجن جالس ًا وراء
مكتبه ينظر الى الكاميرا ويقف استعدادا ً لمقابلة الزائر..
FADE TO BLACK
48
49
قصة حدا
ّ
Story of someone
9
داخلي – بعد الظهر /السجن -مكتب رئيس السجن
رغم أن الساعة ال تتجاوز الثالثة بعد الظهر ،اال أن مكتب رئيس السجن يبدو
شبه مظلم..
الكاتب فراس جبران في زيارة لمكتب العميد معين ياسين بهدف التعرّف
على أحد السجناء لتحويل قصته الى فيلم سينمائي..
معين
شو بتحب نضيّفك؟
فراس
فنجان قهوة مرة ..بس مش هلق ..بالبداية بدنا نحكي
معين
فينا نحكي نحن وعم نشرب القهوة
فراس
مستعجل لخ ّلص اللي جايي كرمالو وروح؟
معين
بدي عبّر عن سعادتي بزيارتك إلنا بالسجن..
بالعكس ..بس محتار كيف ّ
فراس
عندك فكرة عن سبب الزيارة أو بتحب إحكيلك؟
معين
اللي عرفتو هوي انك حابب تقعد مع بعض المساجين لتسمع قصصن..
50
9
فراس
بكتفي بشخص واحد ..بس ما بدي قصة عادية..
معين
السجن مليان قصص وحكايات ..في تزوير وسرقة و رشاوي ونصب وقتل
وإغتصاب ومخدرات ..شو ما بتطلب موجود..
فراس
بهمني ..مش عم د ّور على قصة تس ّلي الناس ..بدي شخص
ّ نوع الجريمة ما
يه ّزني حتى لو كانت ّ
قصته عادية ..بدي شخص يعطيني دافع إكتب بطريقة ما
كتبتا قبل هيك..
معين
جبلي تنين قهوة مرّة و بعتلي ورا المالزم كمال
معين
منورنا
ّ
FADE TO BLACK
51
قصة حدا
ّ
Story of someone
10
خارجي – نهار /مدخل عمارة قديمة – تحت الدرج
صديقه
ّ
بتدخن؟.. عادي إنك
وائل
عمي بق ّلي إني صرت رجّ ال ..و بقدر أعمل شو ما بدي..
ّ
وائل
خود جرب
الصديق خائف..
صديقه
الء..
وائل
ما تخاف ما رح قول لحدا
وائل
م ّنك رجّ ال..
52
10
صديقه
شمت ريحتي رح تقول لبيّي
إمي اذا ّ
ّ
وائل
صطفل ..أنا بيي ميّت وإمي تاركتني ومش سائلة عني..
CUT
53
قصة حدا
ّ
Story of someone
11
داخلي – بعد الظهر /السجن – مدخل مكتب
رئيس السجن من الخارج +ممر
الباب يفتح ويخرج منه المالزم كمال مصطحب ًا فراس جبران ويسيران نحو
ممر العنابر..
صوت معين
من كترتن محتار على أي عنبر بدي د ّلك...
صوت كمال
الشيخ ابراهيم مستحيل يقبل يحكي ..رجّ ال صعب ووقتك رح يضيع ..
صوت فراس
خ ّليني جرّب..
FADE TO BLACK
54
55
قصة حدا
ّ
Story of someone
12
داخلي – بعد الظهر /السجن – ممر +مدخل
عنبر الشيخ ابراهيم من الخارج
فراس برفقة المالزم كمال قبل خطوات من باب العنبر الخاص بالشيخ
ابراهيم..
فراس
جوا؟
هوي ّ
ّ
كمال
إنفرادي
فراس بإستغراب
فراس
وليش الباب مفتوح؟
كمال
لوين هالمع ّتر ّ
بده يروح؟
فراس
حس إ ّنه هوي الشخص اللي عم د ّور عليه
بلشت ّ
كمال
مش رح يقبل يستقبلك ويحكي
(طول بالك)
ّ فراس يشير لكمال بعينيه من دون كالم اشارة تعني
56
12
كمال
اذا احتجت شي ..انا موجود هون
فراس
شكرا ً إلك
كمال
العفو..
ويتوقف فجأة..
CUT
57
قصة حدا
ّ
Story of someone
13
داخلي – بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
فراس
تقبّل اهلل يا شيخ..
ابراهيم
م ّنا ومنكم صالح األعمال..
ابراهيم
جدك عبد الكريم؟
ّ
58
13
جده
فراس يستغرب كيف إبراهيم عرف إسم ّ
فراس
عبد الكريم جبران؟
فراس
نعم جدي ..اهلل يرحمه
ابراهيم
تعيش..
فراس
تاخد عمره
ابراهيم
بدي بالعمر ؟ يا ريت اهلل ياخد أمانته و إرتاح..
شو ّ
فراس
خير يا شيخ ابراهيم؟ ..ليش عم تحكي هيك؟ ..يعطيك طول العمر ويفكّ
أسرك..
ابراهيم يتنهد
فراس
طمني كيف صحتك؟ ..انشلال مش ناقصك شي؟
ّ
ابراهيم
الحمد هلل على كل شي..
فراس
59
13
يا شيخ ..خبروني برّا انك ما بتحب تقابل حدا وال تحكي مع حدا..
تقل عليك؟ انشلال ما كون عم ّ
ابراهيم
انت حفيد الغالي ..وبأخالقه الطيبة ..مين بيقدر يرفضك؟
فراس
اهلل يخ ّليك..
ابراهيم
حكيلي ..ليش جايي لعندي؟
فراس
كيفك باألول؟
ابراهيم
أسد بقفص
فراس
اهلل يفك أسرك ..واهلل اني حبّيتك ..وصراحة كنت ناوي احكيلك اني عم بعمل
دراسة عن المساجين اللي بالسجن ..بس بعد ما عرفتك مش حابب اكذب
بتكمل معروفك
ّ عليك ..رح احكيلك السبب الحقيقي لزيارتي ..والقرار الك ..يا
معي أو بكون تشرفت بمعرفتك الطيبة وبمشي ..
ابراهيم
ّ
توكل ع اهلل وحكيلي..
FADE TO BLACK
60
61
قصة حدا
ّ
Story of someone
14
داخلي – مساء /منزل الجدة – غرفة العم
توفيق
شو واقف عم تعمل عندك؟
توفيق
وائل..
توفيق
عمو قرب لعندي..
ّ
توفيق
حدي..
شو باك خايف يا صبي؟ ..قرّب وقعود ّ
يتقدم اليه..
62
14
توفيق
قعود..
وائل يجلس
توفيق
عجبك؟
(يقصد السالح)
وائل يهز برأسه نعم..
توفيق
خود ..حملو..
توفيق
الرجال ما بخافوا من السالح
توفيق
رح ع ّلمك كيف ّ
تقوص فيه ..ولما تصير تعرف تستعملو صح رح يصير الك..
وائل يتفاجأ
وائل
الي أنا؟!..
توفيق
وبتخوف الكل منك وأهم
ّ ياه.. بدك قطعة مثل هيدي بتخ ّليك تحصل ع ّلي
تفش خلقك وتنتقم من كل واحد أذاك بحياتك.. ّ شي بخ ّليك
CUT
64
65
قصة حدا
ّ
Story of someone
15
داخلي -بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
ابراهيم
ب ّلشت ّ
قصتي قبل 15سنة لما اتصلت فيي نجاة مرت خيي يحيى وقالتلي انو
خيّي عم بيموت وطالب يشوفني..
CUT
66
67
قصة حدا
ّ
Story of someone
16
داخلي – ليل /منزل الجدّ ة – غرفة نوم يحيى
Flash Back
يحيى
بدي موت وأنا مرتاح ..وما في شي بيريّحني غيرك
بدو ياخد أمانته يا خيي ّ
اهلل ّ
إنت يا خيي
ابراهيم
يطول بعمرك يا يحيى ..ما تحكي هيك..
ّ اهلل
يحيى
ّ
انت مؤمن والموت ما في منه مهرب
ابراهيم
وانا جاهز ل ّلي بتطلبو ..طلوب عيوني يا خيي..
يحيى
طلبي أسهل من هيك بكتير
ابراهيم
و أنا جاهز..
يحيى
جوز الكبير لبنتك
بدي ّ
68
16
CUT
69
قصة حدا
ّ
Story of someone
17
داخلي -بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
ابراهيم
ما إجاني قلب ق ّله الء وهو عم بو ّدع..
نفذلو وصيّتو بعد ما مات..ضعفت ووافقت وكان الزم ّ
فراس
وانت ليش ما كنت موافق؟
ابراهيم
ألنو بنتي غالية على قلبي ..وحرام أعطيها لواحد مثل إبن المرحوم خيي ..خريج
حبوس ..ال علم ..ال أخالق وال خوف من اهلل..
FADE TO BLACK
70
71
قصة حدا
ّ
Story of someone
18
داخلي -ليل /منزل سلطان – غرفة النوم
يبدأ المشهد بلقطة قريبة على وجه سلطان الذي يقف فوق رأس زوجته
يقول ساخراً..
سلطان ساخرا ً
سلطان
قطعتيلي قلبي ..فتكرتك رحتي فيها ..سالمتها الحبقة..
هنا
موجوعة ..عم موت يا سلطان..
خدني عالمستشفى
سلطان
حتى أهلك يعرفو وتقوم الدني على راسي وماتقعد..
ما هيك؟
هنا
حرام اللي عم تعملو فيي
سلطان
لتمك و ندفسي نامي..
سكريه ّطب ّ
ألنو النوم سلطان يا حبيبة قلبو لسلطان..
72
18
FADE TO BLACK
73
قصة حدا
ّ
Story of someone
19
خارجي -ليل /ترّاس منزل فراس
جوليا
حدي ..شو قاعد حبيبي عم يعمل لحاله؟
وعيت ما لقيتك بالتخت ّ
فراس
هالقصة
ّ قرّبي قعدي ألحكيلك
فراس
اليوم زرت السجن..
جوليا
ولقيت اللي عم تد ّور عليه؟
فراس
اللي لقيتو كان فوق توقعاتي ..بالوقت اللي في بهالدني ناس وسخه والسواد
مالي قلبا ..عايشة حياتا وعم تمارس الحرية بكل مفاهيما ..الشيخ ابراهيم
74
19
جوليا
جوا؟
هوي ّوليش ّ
فراس
قصة طويلة ..رح احكيلك ياها أكيد ..بس اللي استغربته انو لما فتت لعندو
ّ
قدامو
وشافني ..عرفني قبل ما عرّفو عن حالي أو إذكر اسمي ّ
جوليا تستغرب
جوليا
كيف هيك وانت كل وقتك برّا لبنان؟
فراس
ما بعرف
جوليا
طيب ما سألتو؟
فراس بخيبة..
فراس
وقصتو خلتني إلتهي عن هالسؤال ..
ّ خربطلي تفكيري..
جوليا
قصتو غريبة؟
هالقد ّ
فراس
هوي.. ّ
قصتو كتير عادية ..بس اللي منو عاديّ ..
ّ
75
19
جوليا
طب ي ّلال حكيلي
فراس
مش نعسانه؟
جوليا
nuit blancheإذا ّ
بدك ..
ينظر اليها و يتأملها بحب وهو يبتسم ابتسامة «موافق على طلبها»
فراس
قومي معي
جوليا
لوين؟
فراس
لجوا ..
ّ
CUT
76
77
قصة حدا
ّ
Story of someone
20
داخلي -ليل /منزل فراس – غرفة المكتب
لقطة متحركة في أرجاء غرفة المكتب الموجودة داخل منزل فراس لتصل
الى باب الغرفة ..
يتقدمان..
فراس
جاهزة؟
CUT
78
79
قصة حدا
ّ
Story of someone
21
داخلي -ليلي /منزل الجدّ ة – غرفة الجلوس
الجدّ ة
نام وائـل؟
توفيق
ضو غرفتو مطفي ..هيك الظاهر..
ّ
الجدّ ة
منيح ألنو بدي ياك بموضوع ..قعود توفيق
يجلس توفيق
الجدّ ة
اليوم الصبح رحت وقبضت المصاري..
توفيق
بس ما تقوليلي روح دفعن مصاريف مدرسة و حكي من هيك
الجدّ ة
أنا صحيح صرت مرا كبيرة ..بس ما خرّفت بعد ..موضوع مدرسة الصبي
نسيتو من زمان
الجدة تتابع
ّ توفيق يبتسم الى أمه ابتسامة إعجاب بما تقوله..
الجدّ ة
مع انو مال الدني ما بعوضنا عن اللي راح ..بس خ ّلينا نعتبر إنو هالمبلغ جزء
80
21
وتوسع
ّ جديد من هالتعويض ..يا ابني انا هلق ما عاد الي غيرك ..وبدي ياك تكبر
شغلك ..رح أعطيك المبلغ كله..
ّ
تحطو.. وصيك ..انت واعي ..عراف على شو رح بس ما بدي ّ
بدي الورشة تكبر و تصير تط ّلعلك اكثر..
توفيق
امي انتي بتعرفيني ..ما في داعي إحكيلك عني..
الجدّ ة
انا اللي بعرفك ..انت تربايتي يا توفيق..
CUT
81
قصة حدا
ّ
Story of someone
22
داخلي -ليل /منزل فراس – غرفة المكتب
جوليا
وبعدين؟..
فراس
يتجوز ويفتح
ّ ابن خيو ما كان عندو مصاري ..و وضعو ما بيسمحلو
تكفل بكل شي..بيت ..وألنو بنتو كانت غالية عَ قلبو وكانت وحيدتوّ ..
جوليا
عما؟..
تتجوز إبن ّ
ّ طب وهيي كانت موافقة
فراس
سألتو نفس السؤال ..سمعي..
صوت فراس
وبنتك شو كان رأيا بالموضوع؟..
CUT
82
83
قصة حدا
ّ
Story of someone
23
داخلي -بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
Flash Back
ابراهيم
بينا وبين حاال ما كان إلها بالخاطر ..بس اهلل يرضى عليها ..طول عمرا كانت
مرضيّة..
فراس
وإبن خيّك؟..
ابراهيم
ّ
حطيتو وقعدت قبل العرس بيوم ..وعدني انه رح يشيال بعيونه..وما يزعّ ال و ال
يقهرا ..ووعدني كمان انو رح يمشي جالس وما يقرّب من الحرام أبداً..
فراس
ووفي بوعده؟
ابراهيم يجيب بغصة
ابراهيم
عيّشا مقهورة ..وحرقلي قلبي عليها..
ابراهيم يبكي..
CUT
84
85
قصة حدا
ّ
Story of someone
24
داخلي – ليل /منزل فراس غرفة المكتب
فراس
قعد يبكي مثل ولد زغير ..هون أنا ما عدت قادر ال اسأل وال أعرف كفاية القصة..
همي كان بلحظتا شوفه متماسك كل ّ
جوليا
يعني ما عدتو ّ
كفيتو؟
فراس
بعد ما رتاح حكالي قصص كثيرة ما كان بيعرفا بوقتا ..عرفا بعد فوات األوان..
فراس
جوليا ..مثل ما قلتلك قبل شوي ..قصة الشيخ ابراهيم قصة كتير عادية..
وبعد ما شفتو وحكينا وعرفتو ..صار الموضوع أبعد وأكبر من موضوع
سيناريو عم بكتبو
جوليا
كيف يعني؟
فراس
انا حابب ساعدو
86
24
جوليا
مستحيل
فراس
ليش ؟ ..ليش مستحيل؟
جوليا
ألنو الزم نرجع بعد يومين ع أمريكا Please ..ما تقلي ّ
بدك تأجل ..
فراس
هيك شكلي..
تقف جوليا
جوليا
بتعرف شو يعني اللي عم بتقوله انت ه ّلق فراس؟
فراس
جوليا انا وانت مش رح نتخانـق على هالموضوع
جوليا
بدي تشيل الموضوع من راسك..
كرمال ما نتخانق ّ
يصمت فراس..
جوليا
شو؟ ..فراس قول شي
يقف فراس..
87
24
فراس
ّ
تأخر الوقت ..خلينا نفوت ننام و نكفي حكي بكرا..
جوليا
تصبح على خير
CUT
88
89
قصة حدا
ّ
Story of someone
25
خارجي -صباح /منطقة شعبية
متجول..
ّ بائع خضار
و..
CUT
90
91
قصة حدا
ّ
Story of someone
26
داخلي – نهار /منزل الجدة – غرفة وائل
وائل
صباح الخير
الجدّ ة
صباح النور يا عمرا لس ّتك ..شو؟ شايفتك عم تلبس ثيابك..
وائل
عندي مدرسة ..صار لي زمان ما رحت..
الجدّ ة
وباللك ياها لهالمدرسة اليوم..
جدته لإلستفهام..
وائل ينظر الى ّ
الجدة تتابع..
ّ
الجدّ ة
جاييني ضيوف بعد الظهر وعايزتك تروح تجيبلي غراض ..ولما ترجع بدي
س َندي الوحيد بهالدني..
تساعدني بتنضيف البيت ..أنا يا ستي مرا كبيرة ..وإنت َ
وائل
بس انا الزم لحّ ق االمتحانات ..واذا غبت يمكن يحرموني منها
الجدة مقاطعة..
ّ
92
26
الجدّ ة
بال امتحان بال بطيخ ..انت ما شاء اهلل عليك ذكي ..بتكتب و بتقرا وبتحسب..
وعمك توفيق وقررنا تصير تنزل معو عالورشة..
ّ حكيت بهالموضوع أنا
وائل
الورشة؟
الجدّ ة
بتساعده و بتتعلم المصلحة و بتقبض آخرالشهر قرشين بضب ّلك ياهن
معي ..غمض عين وفتح عين إنت بتكبر وبتكون قادر تتجوز وتفرّحني فيك
قبل ما موت ..شو قلت يا عمري؟
CUT
93
قصة حدا
ّ
Story of someone
27
داخلي – نهار /منزل فراس – غرفة النوم
جوليا
Bonjour
فراس
.. Bonjourطالعة؟
جوليا
اي ..في شوية غراض الزم جيبن من السوق ..ما عاد قدامي وقت كثير..
فراس
وقت لشو حبيبتي؟
جوليا
للسفر
فراس
جوليا شو الموضوع؟ ..بعدنا حاكيين مبارح
94
27
جوليا
مبارح نحن حكينا؟ ..شو حكينا؟
يتنهّ د بضيق
فراس
ناجل السفر شوي..
جوليا
مبارح انت اللي حكيت ..وقررت تأجّ ل لحالك..
فراس
شو يعني هلق؟
جوليا
يعني انا مسافرة ..إذا حبيت نسافر سوا .. It's fineما حبيت ،رح ّ
فل لحالي..
CUT
95
قصة حدا
ّ
Story of someone
28
خارجي – نهار /منزل فراس من الخارج -سيارة جوليا
CUT
96
97
قصة حدا
ّ
Story of someone
29
الحمام
ّ داخلي – نهار /منزل فراس –
حمامه الصباحي..
يأخذ ّ
ّ
يتذكر.. المياه تنزل على جسده وهو
CUT
98
99
قصة حدا
ّ
Story of someone
30
داخلي – بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
Flash Back
ابراهيم
لما كانت تجي تزورنا ..كانت دايم ًا تفرجينا إنها مبسوطة بحياتـهـا الجديدة و
جوزتا ياه كان الشخص المناسب ..وإنو مه ّنيها ومعيّشا حياة إنو الرجّ ال اللي ّ
حلوة..
فراس
حسيت على شي ؟..
معقول ما ّ
ابراهيم
حس ..تجي هيي وتفرجيني العكس..
كنت لما ّ
فراس
وألي متى استمرّت بهالشي؟
يصمت قلي ً
ال ثم يجيب
ابراهيم
لبعد ما فرّحتني بابراهيم الزغير..
فراس يستغرب
فراس
جابت منه والد؟
100
30
ابراهيم
ولد واحد..
ّ
يتذكر حفيده.. يغمض عينيه كانه
ابراهيم
وشم ريحته..
ّ ضم إبراهيم لقلبي
يا اهلل شو ع بالي بهاللحظة ّ
CUT
101
قصة حدا
ّ
Story of someone
31
الحمام
ّ داخلي – نهار /منزل فراس –
CUT
102
103
قصة حدا
ّ
Story of someone
32
خارجي – نهار /كافيه
جوليا
شو رأيك ب ّللي سمعتيه؟
روال
رأيي إنك عم تكبّري الموضوع
جوليا
شمة هوا وتأجّ لت ..أنا وفراس في عنا شغل برّا ..وتأجيل سفرو رح
ّ منها
يسبّبلنا مشكلة كبيرة..
ّ
بحل.. روال تصمت قلي ً
ال وكأنها تفكر
جوليا تتابع
جوليا
صدمني مبارح بقراره
روال
مهم يعني؟
ّ لهالدرجة السبب
جوليا
عمل إنساني ..يعني لو الزلمي بيقربنا بقول الواحد ..
روال
بدي ق ّلك..
واهلل مش عارفة شو ّ
104
32
جوليا
مش غلط الواحد يقوم بعمل إنساني ..بس مش ع حساب شغلو ومستقبلو..
اللي ناطرنا برّا فرصة ما بتجي كل يوم ..وفوق هيدا في بند جزائي
روال
ما يكون الموضوع إلو عالقة بـ..
تصمت روال..
جوليا
بشو؟..
روال
ال و ال شي ..كان مجرد افتراض بس الء ..ما بتخايل
جوليا
بتقصدي انو فراس تحجج بموضوع الزلمي وتأجيل سفره الو عالقة بطليقتو؟..
روال
كانت فكرة اجت براسي ..بس الء ما بتخايل..
جوليا
فراس أنا بعرفه ..لو الموضوع بيتعلق بسلمى كان حكالي ..أو عالقليلة كنت
حسيت ..سلمى بالنسبة إلو خلص ..حتى لو عقدة الذنب تجاها بعدا مرافقتو
روال
طب و اذا سافرتي وحدك ..شو بصير؟
جوليا
ساعتا بكون قادرة انقذ الجزء المتعلق فيي بالعقد ..بس هوي بتكون راحت
عليه والبند الجزائي اللي بيتعلق فيه بدو يدفعو..
CUT
105
قصة حدا
ّ
Story of someone
33
خارجي – نهار /سيارة فراس
فراس
صحتك منيحة؟ يسعدلي صباحك ماتر ..طم ّني عنكّ ..
الحمد هلل الحمد هلل..
ماتر اي متى فاضي تستقبلني بمكتبك لنشرب قهوة سوا؟..
الء صعبة عليّي ه ّلق ألنو عندي مشوار ضروري..
عاألربعة عندك بالبيت ؟ ..بكون كثير منيح..
تمام ..بشوفك عاألربعة لكن ..اهلل معك ماتر..
CUT
106
107
قصة حدا
ّ
Story of someone
34
داخلي – بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
Flash Back
ابراهيم
تخايل يا إبني انو من وقت ما فتـت لهون
ما قدرت وال مرّة أعرف شي عن إبن بنتي؟
فراس
قديش صار عمره هلق؟
إبراهيم بخيبة
ابراهيم
تركتو ابن ثالث سنين ..واناهلق رح طبّق العشر سنين بالحبس..
ابراهيم الزغير صار شب ..عم يكبر بعيد عن عيوني..
ابراهيم
وتتطمن عليه؟
ّ ّ
يا ابني انت عايش برّات هالمطرح ..ممكن تعملي معروف
فراس
بدك روح زوره؟
108
34
ابراهيم
ما بعرف ..حفيدي من وقت ما تركته ..ما قطعت عنه مصاريفه..
خلصوا مصرياتي ..ومن وقت مش طويل بعت األرض اللي كنت بملكا كرمال
مصاريف دراسته ..بس انا خايف ماتكون هالمصاريف عم توصله..
فراس
ق ّلي شو الزم أعمل وأنا بعمل..
ابراهيم
عتبرني بيَّك والمناسب عملو..
ابراهيم
بس اذا ما كنت قادر ..عتبرني ما قلت ّلك شي..
فراس
شيخ ابراهيم ..انا بوعدك إني رح أعمل كل شي بقدر عليه..
وهيدا وعد..
فراس يتأثـــر..
CUT
109
قصة حدا
ّ
Story of someone
35
خارجي – نهار /سيارة فراس
فراس وبعد أن عاد بالذاكرة ببعض ما دار بينه و بين الشيخ ابراهيم..
FADE TO BLACK
110
111
قصة حدا
ّ
Story of someone
36
داخلي – ليل /منزل سلطان – غرفة النوم
تتمتم..
هنا
اهلل ال يعطيه عافيه ..أخدا..
أخد اإلسوارة..
CUT
112
113
قصة حدا
ّ
Story of someone
37
داخلي – ليل /شقة ش ّلة سلطان
مجدي
الظاهر انو الحظ م ّنو طايقك اليوم يا سلطان
سلطان بسبب غضبه ال يجيبه و يبقى نظره على أوراق اللعبّ ..
يدخن
كمال
معلي معلي ..يوم الك ويوم عليك..
لما ش ّلحت جعفر لباسه
نسيت األسبوع الماضي ّ
سلطان
تسمعوني سكوتكن احسن ما ارتكب جريمة بواحد منكن؟
ّ فيكن
مجدي
الء دخيلك ما بدنا مشاكل..
يعوض عليك بالمرّات الجايي
هات هاالسوارة واهلل ّ
سلطان يطفىء سيجارته بعصبية ويمسك باإلسوارة ويرمي بها أمام مجدي
ويقوم للذهاب..
كمال
لوين رايح؟..
114
37
مجدي
خ ّلي روحك رياضية..
سلطان
بكرا بعم ّلال اشتراك بشي نادي..
بقوة..
راءه ّ
يخرج ويخبط الباب و َ
جعفر
قطعة حلوة ما بها شي..
CUT
115
قصة حدا
ّ
Story of someone
38
داخلي – ليل /منزل سلطان – الصالون
هنا
وينو لهلق؟..
تتأفف..
هنا
اهلل ال يوفقه كيف ما برم وجه..
هنا
يعني عملتا وأخدت االسوارة سلطان..
سلطان
ّ
شــــ ..
هنا
سلطان وين اسوارة المرحومة امي..
116
38
سلطان
ولك يا ريتك تلحقيها وتريحيني..
هنا
الء ..الموضوع ما خلص هون ت تتركني وتفوت تنام..
تتبعه..
CUT
117
قصة حدا
ّ
Story of someone
39
داخلي – ليل /منزل سلطان – غرفة النوم
هنا تتبعه..
سلطان
اهلل يرضى عليكي ..راسي عم يوجعني وم ّني بمزاج خناق وحكي..
حضريلي لقمة أكل أحسنلك بتمك كلمتين ،بلعيهن وفوتي ّ
إذا في ّ
هنا
ر ّد اإلسوارة باألول..
سلطان
شكلو جلدك عم ّ
يحكك وما رح تخرسي قبل ما تنضربي..
هنا
أص ً
ال إنت مش شاطر إال بالضرب والحكي الفالت ..الرجّ ال يا سلطان اللي بجيب
لمرته مش اللي بياخد منها..
سلطان
واللي بياخد من مرتو ما بكون رجال؟ ..هيك قصدك؟
هنا
أكيد الء..
118
39
سلطان يحمل بيده الفردة الثانية من حذائه ..يقوم ويقف بوجهها ويتابع
كالمه ببرود وتهديد
سلطان
شو بكون لكن؟
هنا تجيبه من دون خوف ..بسبب حزنها على ضياع اإلسوارة منها..
هنا
بال شرف وحيوان ..ومش اي حيوان ..حيوان رخيص كمان..
سلطان
انا حيوان يا بنت الحيوان؟؟ ..انا بال شرف يا كلبة ؟؟
FADE TO BLACK
119
قصة حدا
ّ
Story of someone
40
داخلي – نهار /السجن – مكتب رئيس السجن
معين
تفضل
معين
شو في؟
الشرطي
االستاذ فراس جبران برّا وطالب يقابل سيادتك..
معين يستغرب..
معين
خليه يتفضل..
فراس
صباح الخير سيادة العميد..
معين
صباح النور ..اهال و سهال ..لما الشرطي قلي انك هون استغربت صراحة ..خاصة
120
40
فراس
جد عليي شوية قصص غيرتلي الخطة اللي كنت راسما..
ّ
ّ
لحطك بالصورة بللي عم بعملو وآخد رأيك فيه وجايي للصراحة
معين
اكيد اكيد ..ليش بعدك واقف ..تفضل رتاح..
فراس
بس ما كون عم عطلك عن شي
معين
اله يا زلمة ..تفضل..
يجلسان..
معين
قهوة ؟
يبتسم فراس ويقول
فراس
مرّة..
معين
ركوة قهوة مرة وفنجانين..
شكراً..
يقفل الخط
فراس
سيادة العميد انا مبارح جيت بقصد اقعد مع بعض المساجين واسمع
121
40
قصصن وروح فيها ..وبعد ما طلعت من عند الشيخ ابراهيم سألت عنك
قالولي انك مشيت ..باختصار انا قررت اتبنى قضيته..
معين
شو يعني تتبنى قضيتو؟
فراس
الساعة اربعة رح قابل محامي كبير العادة فتح القضية..
معين يستغرب..
معين
قضيته صار مارق عليها حوالي العشر سنين..
فراس
قد ما كانوا ..انا مص ّر إني ساعده..
معين
وانا رح كون موجود ألي مسانده..
بس بيأسفني خبّرك انك رح تكون عم تضيع وقتك..
فراس
بيكفيني احساس المحاولة..
CUT
122
123
قصة حدا
ّ
Story of someone
41
داخلي – نهار /منزل فراس – مدخل و صالون
جوليا تفتح الباب بمفتاحها وتدخل المنزل ..حامله فقط حقيبة يدها..
تتقدم نحو الصالون ..ترمي الحقيبة والمفاتيح على الكنبة وتجلس على
الكنبة الثانية بتعب..
ثم تمد يدها الى الحقيبة وتسحب الموبايل وتنظر الى الشاشة لترى عليها
اسم «فراس»..
جوليا
اي فراس؟؟
CUT
124
125
قصة حدا
ّ
Story of someone
42
داخلي – نهار /الشارع أمام سيارة فراس
فراس
وليش عم بتر ّدي عليي بهالرسمية؟..
وينك حبيبي؟..
CUT
126
127
قصة حدا
ّ
Story of someone
43
داخلي – نهار /منزل فراس – صالون
جوليا
تغديني برّا..
ّ تاخدني بالبيت وناطرتك تمرق
CUT
128
129
قصة حدا
ّ
Story of someone
44
داخلي – نهار /مطعم
فراس
شو عدتي اشتريتي من السوق؟
جوليا
و ال شي..
فراس
ما توفقتي بشي يعني؟
جوليا
ما برمت أص ً
ال ..طلعت انا و روال قعدنا بكافيه
فراس
في شي الزم افهمو من اللي قلتيه؟
جوليا
شي مثل شو؟..
130
44
فراس
يعني بعدك مصرّة على قرارك؟
جوليا
انا اللي الزم اسألك هالسؤال فراس..
اللي عم تعملو بحالك مش مسموح ..عم بتضيع من ايدك فرصة عمرك
وفوق هيك رح تتغرم ببند جزائي ..يعني رح تدفع كل اللي بتملكو تقريب ًا..
وجايي ت تسألني هيك سؤال؟
فراس
جوليا فهميني ..انا بحاجة لساعد هاالنسان
جوليا
بحاجة؟
فراس
إي بحاجة ..مساعده انسان مثل الشيخ ابراهيم مش مجرد عمل انساني..
حوال لسيناريو فيلم Pleaseجوليا فهميني
وال مجرد قصة رح ّ
واستوعبيني
جوليا
كيف عم تطلب مني استوعبك بالوقت اللي عم شوفك فيه عم ترجع
للصفر؟
فراس
رح ابعت الليلة ايميل لـ Lee Johnsonاخترعلو فيه ايّ سبب أو ألف سبب
يمدد المهلة..
وانا متاكد إنه رح يوافق ّ
جوليا
الضمانات مش موجودة ..والمشروع يمكن تخسره
131
44
فراس
رح حاول
جوليا
عالعموم هيدا شي بيرجعلك ..وانت ادرى بمصلحتك..
جوليا
شو في؟
فراس
وصلك وروح
عندي موعد مع الماتر نزار صعب بعد نص ساعة ..وأنجق إلحق ّ
لعنده ..رح اطلب الحساب..
CUT
132
133
قصة حدا
ّ
Story of someone
45
داخلي – نهار /منزل الجدّ ة – الصالون
وائل
اص ً
ال ما كانت حلوة..
الجدّ ة
ما كانت حلوة؟ ولك اهلل يكسر ايديك وياخد إمك من مطرح ما هيي أهوج..
أهوج ..شو بدي ق ّلك يعني؟..
الجدّ ة
لم القزاز من األرض وخ ّلصني من تنضيف األرض ..صارلك ساعة عم تشتغل
ّ
وما كنت تعرف تخلص..
وائل
حاضر..
134
45
الجدّ ة
زوم التمسيح لما تخلص ..شطوف فيه الدرج برّا ما تكبّو بالحمام ..ورجاع
يقطع هالنهار على خير بقا.. ن ّزل الزبالة بإيدك ..اهلل ّ
CUT
135
قصة حدا
ّ
Story of someone
46
داخلي – نهار /منزل المحامي نزار صعب –
المدخل من الخارج
لحظات ويفتح الباب ليبدو نزار ناظرا ً الى الكاميرا وكأنه ينظر الى الزائر (فراس)
ويقول
نزار
أهال و سهال..
FADE TO BLACK
136
137
قصة حدا
ّ
Story of someone
47
داخلي – نهار /منزل سلطان – زاوية فيها
الهاتف األرضي
يرن..
جرس هاتف المنزل ّ
هنا تتقدم وتجيب..
هنا
الو؟..
اي نعم مين عم يحكي؟
تفزع هنا وتسأل بسرعة بعد أن علمت أن المتصل هي مديرة مدرسة ابنها..
هنا
ابراهيم صارلو شي؟
ترتاح قليال..
هنا
الحمد هلل ..بس استغربت شوي ألنو هيدي أول مرّة المدرسة بتتصل فيي..
خير مدام شو القصة؟..
CUT
138
139
قصة حدا
ّ
Story of someone
48
داخلي – نهار /مدرسة ابراهيم الصغير – مكتب
مديرة المدرسة
المديرة
القصة انو سلوك إبنك يا مدام هنا مش طبيعي بالمدرسة..
ّ
هنا
ابراهيم عمره اربع سنين ..مش ّ
بكير نحكم على سلوك طفل بعمره؟
المديرة
ّ
ابنك ومع انو عمره بس أربع سنين ..بيخاف من المعلمة و بيخاف من رفقاتو
الصبيان ..أيّ صوت زغير بنقزو ..وبالمقابل بيستقوي على بنات ّ
صفو ..بيضربن
لحد األذى وبيستعمل الفاظ بذيئة معن..
ومش بس هيك ..الصبي سرّاق!
هنا مستغربة..
هنا
ابراهيم؟! ..إبني أنا؟!
المديرة
لألسف اي..
هنا
والحل؟..
140
48
المديرة
رح اعطيكي كارت دكتور مختص بالطب النفسي لألطفال اللي بحالة ابنك..
هيدا الدكتور متعاقد مع المدرسة ..يعني ما رح يكون عندك تكاليف للزيارة..
وبحالة ابراهيم في احتمال انو يكون في أكثر من زيارة ..في تقرير بحالة
وتحددي مع
ّ تتصلي
ابنك نعمل من المدرسة ونبعت للطبيب ..بيبقى بس ّ
سكرتيرته موعد وتزوريه..
تعطيها الكارت
المديرة
ّ
تفضلي
هنا
شكرا ً
CUT
141
قصة حدا
ّ
Story of someone
49
خارجي – نهار /شارع
هنا بعد انتهائها من مقابلة مديرة المدرسة ..تسير في الشارع وتتحدث مع
نفسها
( ) Monologue Interieur
هنا
هوي نفسه وسام أو مجرّد تشابه أسماء؟
«وسام كنعان» ّ
هوي ..
بدي يكون ّ
يا رب ..يا رب ما ّ
CUT
142
143
قصة حدا
ّ
Story of someone
50
داخلي – ليل /منزل سلطان – الصالون
سلطان
بتصدقي هاألكل الهوا اللي قالتلك ياه الست المديرة؟
هنا
إذا إنت ما بتآمن أو بتصدق هيدي مشكلتك سلطان..
سلطان
قص..
في ناس لسانا مثل شعرا ..كل فترة بده ّ
هنا
قول اللي بدك ياه ..المهم هلق رح تروح معي بكرا أو بروح لحالي؟
سلطان
روحي لحالك ..وبركة بتاخدك شي تري ّلال بطريقا وبتريّحيني منك..
سلطان
في صحن مشمش بالبراد جيبيه معك وعملي حسابك بآخر االسبوع تروحي
لعند امي تع ّزليال البيت..
CUT
144
145
قصة حدا
ّ
Story of someone
51
داخلي -نهار /عيادة وسام كنعان
وسام كنعان يسير في عيادته نحو كرسي مكتبه ويجلس وراء طاولة
المكتب ويرفع السماعة ..ويطلب السكرتيرة
وسام
مايا في مواعيد هلق أو بطلع Break؟
وسام
طيب ..خليها تتفضل..
وسام
هنـا ؟!!!
هنا
هوي
لما قريت إسمك عالكارت ..قلت لحالي معقول يكون صاحب اإلسم ّ
إنت؟
وسام
شو زغيري هالدني..
هنا
فعالً
وسام
تفضلي تفضلي ..مبسوط كثير ألني شفتك..
وسام
كيفك؟
هنا
قبل شوي كنت أحسن
يستغرب كالمها..
وسام
ليش هيك؟
هنا
ما بعرف وسام ..ما بعرف ..ما تسألني شي..
وسام
نحن هلق رح ننسى اللي كان بيناتنا من زمان ..ننسى إني كنت خطيبك ..ننسى
كل شي ونحكي بمشكلة إبراهيم إبنك..
CUT
147
قصة حدا
ّ
Story of someone
52
داخلي – نهار /منزل سلطان – غرفة النوم
هنا تتقدم نحو المرآة الموجودة في غرفة نومها وتتأمل نفسها للحظة ثم
تك ّلم نفسها ( ) Monologue Interieur
صوت هنا
مين قال انو الذكريات الحلوة بتبسطنا لما نتذكرها ..
في ذكريات من كثر جماال بتضوي على الواقع األسود اللي عم نعيشو..
بتحبطنا وبتزيد يأسنا..
صوت هنا
شو رجّ عك لحياتي عن جديد يا وسام؟..
CUT
148
149
قصة حدا
ّ
Story of someone
53
خارجي – نهار /سيارة وسام كنعان
صوت وسام
سامحيني هنا ..ما كان قصدي ضايقك أو إزعجك ..بس شو بعمل..
القدر هو اللي قرّر يجمعنا مرّة جديدة..
صوت وسام
يا اهلل شو كنت مشتاقلك..
CUT
150
151
قصة حدا
ّ
Story of someone
54
داخلي – نهار /منزل سلطان – غرفة النوم
صوت هنا
ليش ضعفت و حكيتلو قصتي؟..
ما كان الزم احكي..
ما كان الزم ضل عندو..
وتشد عليهما..
ّ تغمض عينيها
FACE TO BLACK
152
153
قصة حدا
ّ
Story of someone
55
داخلي – نهار /صالون منزل المحامي نزار صعب
فراس
قصتا وعرف حجم الوجع والقهر اللي عم تعيشو صار عندو إصرار
لما سمع ّ
حدا..
أكبر انو يكون ّ
نزار
ت يرجعال؟
َ
فراس
ت يساعدا ويط ّلعا من اللي هيّي فيه..
الءَ ..
نزار
وهيي؟
فراس
صارت تتردد على عيادته ..و بالرغم من انو كل مرة كانت تقول هيدي آخر مرة..
تالقي حاال عندو..
نزار
عادي ..زيارة الطبيب النفسي منو شي بيرفضه المجتمع..
FACE TO BLACK
154
155
قصة حدا
ّ
Story of someone
56
داخلي – نهار /عيادة الطبيب وسام كنعان
وسام
و حياة القهر اللي بصوتك ..رح ساعدك
هنا
إنت أص ً
ال عم بتساعدني كثير وسام..
وسام
رح شيلك من اللي انت فيه هلق ..رح خ ّلصك منو..
هنا
وسام ..انا عم بجي لعندك هون حتى فضفضلك وبس..
وسام
بس أنا ما بقدر شوفك مقهورة وعم تنضربي وتنأذي وتنهاني وإبقىساكت
وعم بسمع وبس..
هنا
أنا الزم ّ
فل
تقف..
وسام
اي متى رح ترجعي ؟
هنا
ما بعرف..
156
56
هنا تسير نحو الباب ..وأثناء ذلك تشعر بدوار ويغمى عليها
وسام بلهفة
وسام
هنــا..
وسام
هنا انت منيحة؟
هنا
ما بعرف..
وسام
قومي معي ..رح آخدك عالمستشفى..
هنا
ما في داعي ..هلق بصير منيحة
وسام
طب عالقليلة خ ّليني ّ
وصلك عالبيت..
CUT
157
قصة حدا
ّ
Story of someone
57
خارجي – ليل /الشارع أمام شقة ش ّلة سلطان
CUT
158
159
قصة حدا
ّ
Story of someone
58
داخلي – ليل /شقة ش ّلة سلطان
مجدي
اليوم اللعب مثل قلتو ..مضيعة للوقت..
كمال
شو بعملك اذا صاحبنا طفران ومش قادر يلعب على شوية فراطة؟
مجدي
ّ
ما تقول طفران ..شغل الـتاكسي بطلع ..بس أخونا خايف يخسر..
قد اللعب..
منو ّ
سلطان
ميسرة معي
ّ إي ال حبيبي ..صاحبكن ما بخاف من الخسارة ..بس بشرفي مش
الليلة..
جعفر
بشو عم تحلف؟..
سلطان
شو قصدك يا بهيم؟
جعفر
سالمتك يا فهيم..
160
58
سلطان
ليك واله ..فيك تاكل هوا بكل شي..
بس على شرفي ما تقرّب ..أحسن ما نيــ ..
جعفر
ّ
وكفي اللعب.. وسد بوزك
ّ ما تتعنتر
سلطان
من أي متى كانت البيرة بتلحسلك ّ
مخك انت؟
جعفر
من لما طلعولك ..ريتك تلحس
كمال
ر ّوقوها شباب..
سلطان
شو هني اللي طلعولي اي؟..
جعفر
قرونك ..وقبل ما تقوم تقلب الطاولة وتمارس علينا دور الرجّ ال اللي بخاف
بوصل المدام عالحارة..
على شرفو روح شوف مين عم ّ
CUT
161
قصة حدا
ّ
Story of someone
59
داخلي – ليل /منزل سلطان – غرفة نوم سلطان
هنا ممددة في السرير بحالة تعب تحمل بيدها سماعة الهاتف األرضي
الموجود على الكوموندينة قرب السرير ..وتتحدث مع وسام..
هنا
إي واهلل صرت أحسن ورح جرب نام هلق..
همي ..انشلال من هلق للصبح بقوم من التخت وما كأنو
الء وسام ما تحمل ّ
في شي أبداً..
CUT
162
163
قصة حدا
ّ
Story of someone
60
داخلي – ليل /منزل سلطان
وعندما يتقدم نحو باب غرفة النوم يسمع صوت هنا وهي تتحدث مع وسام
على الهاتف..
سلطان عندما يسمع اسم وسام تبدو على وجهه عالمات الغضب..
سلطان
يا بنت الحرام ..
CUT
164
165
قصة حدا
ّ
Story of someone
61
داخلي – ليل /منزل سلطان – المطبخ
ويخرج به..
CUT
166
167
قصة حدا
ّ
Story of someone
62
داخلي – ليل /منزل سلطان
CUT
168
169
قصة حدا
ّ
Story of someone
63
داخلي – ليل /منزل سلطان – غرفة نوم سلطان
هنا
وسام تصبح على خير ..سلطان رجع..
وتقفل الخط..
ّ
السكين الذي يحمله لتبقى الكاميرا على هنا وهي تنظر اليه بخوف بسبب
بيده..
هنا
سلطان شو هيدا اللي بايدك ..شوعم تعمل ؟..
سـ ..سلطان شو في ؟؟..
FADE TO BLACK
170
171
قصة حدا
ّ
Story of someone
64
داخلي – نهار /صالون منزل المحامي نزار صعب
نزار
قتل مرتو؟..
FADE TO BLACK
172
173
قصة حدا
ّ
Story of someone
65
داخلي – ليل /منزل سلطان – غرفة النوم
تبلع ِبريقها وعلى وجهها عالمات تساؤل لسلطان عن سبب رفعه السكين
عليها..
سلطان
كيف بتحبّي تموتي يا كلبة؟ ..كيف بتحبي تموتي يا عاهرة ؟..
ت إغسل بدمك هالقرف اللي عم تعمليه من ورا ضهري؟.. بأي طريقة بقتلك َ
هنا
يا سلطان أنا..
سلطان
سديه لبوزك ..صوتك مش طايق اسمعه..سدي بوزكّ ..
ّ
يصمت قليال ويسألها..
سلطان
بتعرفي شغلة ؟..
هيدي رح تريحك بسرعة..
174
65
سلطان
ّ ّ
البتحطيه على راسك ..ورحتي تسليتي من ورا ال حترمتيني وال حترمتي الحجاب
وبدع
ضهري ..وصار دوري هلق ..وأنا هلق طالع ع بالي نام معك ..ع بالي اجلدك ّ
فيكي مثل األفالم الرخيصة..
هنا تبكي
سلطان
اي اي إبكي بعد يا عاهرة يا رخيصة..
سلطان
بس باالفالم بكون في نهاية سعيدة..
سلطان
عرفتي عن شو بقصد بالنهاية السعيدة ..بس نهاية الفلم يللي رح ّ
نمثلو
اليوم تعيسة وحزينة ..ألنو لألسف البطلة رح تموت..
FADE TO BLACK
175
قصة حدا
ّ
Story of someone
66
داخلي – نهار /المستشفى – ممر الطوارىء
المشهد على أقدام إبراهيم الذي يسير متوجها نحو غرفة طوارىء
المستشفى..
خطواته سريعة..
يتوقف إبراهيم قبل نهاية الممر بقليل لنرى من نقطة نظره سلطان يقف
أمام باب الطوارىء..
وفي المكان بعض من رجال الشرطة ولكن على بعد مسافة عن ابراهيم
وسلطان..
ابراهيم
شو عملت بالبنت؟..
ابراهيم
شو اللي عملتو بهنا يا سلطان؟
سلطان
تم ّنيت انها تموت بين ايدي ..بس اهلل كتبال عمر جديد
ابراهيم ينفعل أكثر بسبب برود أعصاب سلطان ..فيقول صارخ ًا..
ابراهيم
أمنتك عليها؟
هيدي هي األمانة اللي ّ
176
66
سلطان
كان الزم تربيها باألول وتع ّلمها تصون بيتا وشرف جوزا وتحترم الحجاب اللي
على راسا..
ابراهيم
خراس ..بنتي مرباية ..بنتي أشرف منك..
عمه
يضحك سلطان ضحكة ساخرة من ّ
سلطان
عمي..
ليك وين بعدك يا ّ
ابراهيم
عم ق ّلك خراس
سلطان
هلق لما بتنقبر بتفيق سألها ..خ ّليها تحكيلك عن وساختا وقلة شرفها
ّ
ابراهيم
طمني عن هنا ..أنا بيّا..
طمني حكيمّ ..
ّ
ابراهيم يقرأ عالمات الخيبة على وجه الطبيب فيزيد في توتره وقلقه..
ابراهيم
شو صارال بنتي يا حكيم؟..
177
66
الطبيب
ّ
مع األسف ..من هون ألربع وعشرين ساعة ..اذا بحال تخطت الخطر ..ما رح تقدر
ّ
تكفي حياتا طبيعية
ابراهيم
شو يعني؟
الطبيب
بسبب الضرب اللي تلقته ..وغير الكسور والكدمات اللي بجسما ..بنت حضرتك
ّ
بالمخ.. مصابة بإرتجاج
مع شلل نصفي لألسف..
يصاب ابراهيم بالجنون ويلتفت نحو سلطان ليراه غير مباليا ساندا ً ظهره
على الحائط قرب مطفأة الحريق..
FADE TO BLACK
178
179
قصة حدا
ّ
Story of someone
67
داخلي – نهار /صالون منزل المحامي نزار صعب
فراس
لما كان الشيخ ابراهيم عم يخبّرني وصل لهون وسكت ..نطرتو ليكفي ..بس
ق ّلي بالحرف الواحد وبصوت مخنوق..
CUT
180
181
قصة حدا
ّ
Story of someone
68
داخلي – بعد الظهر /السجن – عنبر الشيخ ابراهيم
Flash Back
ابراهيم
سو ّدت الدنيا بعيوني ..ما غبت عن الوعي بس وحياة بنتي اني ما عدت بذكر شو
صار ..مثل وكأني غبت عن الوعي من دون ما أوقع ..اللي صار ما بذكره ..كل اللي
بذكره هو اني لقيت الشرطة وأشخاص بيشتغلو بالمستشفى عم بشدوني
ّ
بطفاية جثة سلطان اللي ك ّلال دم ..سمعتن قالوا« :قتلو ويبعّ دوني عن ّ
الحريق» ..صح ..طفاية الحريق لقيتا باألرض وسلطان عم يسبح بدمو..
CUT
182
183
قصة حدا
ّ
Story of someone
69
داخلي – نهار /صالون منزل المحامي نزار صعب
فراس
شو؟ ..شفتك سكتت
نزار
الء بس عم ّ
فكر بشغلة
فراس
ّ
حطني بالصورة..
نزار
هوي إنو
خليني اتأكد منها وبحكيلك بعدين ..بس اللي بدي ياك تعرفـه هلق ّ
ممكن يكون باإلجراءات في ثغرة منقدر من خاللها نعيد المحاكمة..
أطلع على حيثيات الحكم من خالل األوراق الرسمية كرمال هيك الزم ّ
ومقابالت مع الشيخ ابراهيم نفسه وهيئة الدفاع عنه..
نزار
بشو سرحت؟ ..عم بتفكر بللي قلتلك ياه أو عم تتخايل احتفالية ع باب
السجن لبراءة الشيخ ابراهيم؟
184
69
فراس
كنت عم حاول إمنع أفكاري تروح صوب غرفة االعدام وصوت جسم ابراهيم
عم ينفصل عن راسه بحبل المشنقة..
نزار
يا صاحبي ،مش كل القوانين أخالقية وال كل األمور األخالقية قانونية وقناعتي
قوتي اللي دايما بتخ ّليني أضمن لموكلي سالمة بللي عم قوله هي مصدر ّ
اإلجراءات ..وبالنهاية ياما بالحبس في ناس أبريا..
فراس
شو اللي عم تقصده ؟..
نزار
بأغلب حاالت حكم اإلعدام ،بتسود المحكمة حاالت نفسية معقدة..
المتهم و اإلدعاء والدفاع والقاضي حتى ..بيصيبهن ضغط نفسي كبير وغالب ًا
ما بيحجب بعض النقاط المهمة عن المتهم وبالتالي عن الدفاع ..فبيفشلوا
منسميه مقارعة الحجة بالحجة واالثبات بالنفي..
ّ بشيء نحن
CUT
185
ذكريات يرويها قلم
memories narrated by a pen
سقط القلم من يدي وتدحرج إلى ما تحت كراسي المقهى ،وضاعت أفكاري
يخص مستقبلي وحياتي وجوليا ،و بين مؤاثرتي ّ بين الماضي والحاضر ،بين ما
بغصة وألم شديد عندما رحت أتذكر ّ لرجل بات عزيزا ً على قلبي ،وشعرت
ّ
وأفكر في قرار جوليا ورحيلها إلى أميركا. حرقة قلب الشيخ إبراهيم
رفعت يدا ً مرتجفة إلى جبيني ،وعضضت على شفتي بقوة .هل سأستطيع
ان
الهروب من ذكرياتي؟ هل سأتمكن من مواجهة الواقع الم ّر الذي يقول ّ
قصتي مع جوليا قد انتهت ،وانها لن تعود أبدا ً إلى صفحات أيامي؟
وقفت فجأة ولملمت أوراق السيناريو الذي أكتبه بعصبيّة وارتشفت الرشفة
األخيرة من فنجان القهوة الذي أمامي ،دفعت فاتورة المقهى ،وبدأت أمشي.
علي أن أتحرك ،أن أسير ،أن أفعل شيئ ًا ،أي شيء بد ًال من الكتابة والجلوس
كان ّ
بمفردي مع األوراق بين هذا الحشد من الشخصيات التي تشعرني بالقلق .ثم
علي العودة إلى المنزل.
نظرت إلى ساعة يدي .لقد تأخر الوقت ويجب ّ
جدت في حياتي ولو لفترة، أرغمت نفسي على نسيان األحداث األخيرة التي ّ
وعدت بأدراجي إلى السيارة بعد سيري مسافة طويلة بعيدا ً عنها.
خالل األيام التي تلت ذلك اللقاء مع المحامي نزار صعب ،وقبل سفر جوليا
بساعات ،استيقظت صباح ًا دون أن أمتلك القدرة على رفع رأسي عن وسادتي
الغارقة بالعرق.
فتحت عيني ،كان نور الصباح قــد مأل الغرفة .و للحظات لم أتـذكر أيــن أنا؟
ولماذا أنا هنا؟ ولكن عندما سمعت صوت جوليا استعدت ذاكرتي بسرعة.
بـدأ قلبي ينبض بسـرعة جنونيّة ،عندما رأيـت حقائب جوليا مركونـة في
إلي ّ
برقة إحدى زوايــا الغرفة وجوليا تتقدم بخطوات واسعة نحو السرير ،تنظر ّ
وعطف.
اقتربت جوليا أكثر ،جلست قربي ووضعت رأسها على صدري ،وبصورة غريزيّة،
وضعت يدي على شعرها مستمتع ًا بهذه المداعبة.
« ستتركينني وتسافرين بعد قليل؟ » قلت لها معاتب ًا.
رفعت رأسها وأجابت بصوت مخنوق « :ليس أمامي خيار آخر » .قالت ذلك دون
إلي .سكتنا واكتفينا بالنظر إلى بعض ،أخيرا قلت لها في
أن تجرؤ على النظر ّ
لهجة عتب «:سوف تتركينني إذن!»
قاطعتني بسـرعة:
ً
« ال تتبارد وال تكابر ،أنت تعلم جيدا أنني ال أستطيع التراجع عن السفر ،وما أنت
عليه اآلن هو وعكة صحيّة ستتخطاها إذا اعتنيت بنفسك جيداً».
قاطعتها بسرعة:
« هل تعلمين ماذا أتمنى في هذه اللحظة؟»
« ماذا؟»
« الموت! أجل أتمنى الموت ،فهو سبيلي الوحيد للراحة».
قلت هذا لجوليا رغم معرفتي بأنها لن تتراجع عن قرارها ،فقالت في تم ّلص:
« الوقت يسير بسرعة».
187
فراس جبران
’Firass Jubrane
كنت عندما أذهب إليها أركض وقلبي يركض قبلي ،كنت مدمن ًا على التفكير
بهذه المرأة الفاتنة.
وال أنكر أن عزائمي خارت قبل زواجنا عندما تذكرت أنها مطلقة ،وأنها من دين
مختلف ،كنت أسأل نفسي :هل يعقل أن أغامر بالدخول في عالقة مع مط ّلقة
ومن دين آخر؟ كيف سينظر لي المجتمع ومن يحيط بي؟ هل سيعايرني أحد
بذلك؟
كانت توجعني هذه األسئلة .ولكن حبّي الكبير لها كان يبرد آالمي ،وأجد نفسي
أقول ألفكاري :ما أقذرني! كيف أفكر بذلك وأنا أ ّدعي أني شخص متحرر؟ كيف
أفكر بهذه الطريقة وأنا دوم ًا أدافع عن حريّة المرأة؟
يومها سمعت صوت أفكاري وهي تنعتني بالمنافق .ال ،فأنا لست كذلك ،ال
المطلقة هي حرف ناقص وال االرتباط بامرأة من دين مختلف هو أمر مشين.
كيف أناقض نفسي وأنا من كتب يوم ًا هذه الكلمات:
تزوجت جوليا وقضيت معها أجمل أيام حياتي .كانت لي الصديق في لحظات
ّ
والشاهد األول للحظات نجاحي وفي ال ّنهاية جوليا رحلت .وبقيت وحدي ضعفي
188
ذكريات يرويها قلم
memories narrated by a pen
أمعنت النظر في المقالة الفنيّة للمرة الثالثة ،ولكنها لم تفقه شيئ ًا من
معناها .فاكتفت باالستماع إلى حفيف الصفحات المصقولة التي تق ّلبها بتبرّم
وحدة .حاولت أن توحي لنفسها بأنها تنعم بالهدوء ورباطة الجأش ولكن ّ
الحقيقة كانت عكس ذلك .فأعصابها متوترة إلى درجة االنفجار ،ومشاعرها
تتخبط بالرغبات المتناقضة واألفكار المتشابكة.
وتساءلت جوليا بدهشة :كيف كان يمكنها االعتقاد بأن سفرها وحدها
سيشكل النهاية السهلة لجميع مشاكلنا ومتاعبنا؟
وشدتها رغبة قوية إللقاء نظرة أخيرة على مدينة بيروت حيث أنا ،وذكرياتها
ّ
الجميلة معي .وانهمرت الدموع من عينيها وهي تتذكر صورتي األخيرة في
ً
مريضا دون قوة. السرير
شددت جوليا قبضتها على المجلة التي أصبحت بين يديها مجرد وريقاتّ
قاسية وباردة .ولكنها قررت أال تستسلم لعواطفها .فركزت نظرها
وأعدت نفسها لعملية اإلقالع
ّ وتفكيرها على لوحة التعليمات للمسافرين
التي ستبدأ بين لحظة وأخرى.
ال ،عمره يقارب الخمسين ،قوي البنية التفتت جوليا نحو الصوت وإذ بها ترى رج ً
وأنيق المظهر ،فأجابته بلطف بعد أن تمعّ نت بمالمحه المألوفة:
الشعور نفسه».« ال أعلم سيدي ..و لكنني أبادلك ّ
السيد ،لبناني األصل وأعيش وعائلتي في أمريكا». « أنا جورج ّ
ً
« حتى اسمك يبدو مألوفا بالنسبة لي».
« ما اسمك؟»
« جوليا خوري »...
189
فراس جبران
’Firass Jubrane
شكل في حياتها عقدة نفسيّة ألنها بسببه انفصلت عن زوجها األول، «جاد» ّ
وبسببه أيض ًا عائلة خطيب شقيقتها أرغمت ابنهم على فسخ الخطوبة من
شقيقتها ومنعت الزواج زعم ًا أن عروس ابنهم ربما ستنجب ولدا ً مثل ابنها
جاد ،أيّ جهل يعيشه الناس؟ من المخجل أن ننبذ طف ً
ال حباه اهلل باإلعاقة !..
جرعة كبيرة من األمل منحها لي نزار ،جرعة جديدة من األمل جعلتني أذهب
إليه بسرعة الضوء.
النفسي
ّ بالطب
ّ مختصين
ّ عند وصولي إلى مكتبه ،وجدت عنده طبيبين
والعقلي .وها هو نزار بعد االستقبال والترحيب يقول لي:
ّ
« قناعة المحكمة يا صديقي تولد من شهادة الشهود وتسجيل الكاميرات
شك لدى هيئة المحكمة من قيام ّ في المستشفى ،األمر الذي لم يترك أدنى
تقدم أيّ
الشيخ إبراهيم بقتل زوج ابنته سلطان ،في حين أن هيئة الدفاع لم ّ
دفع من األعذار عن ارتكاب هذه الجريمة ،فبالتالي ،أعتقد وكما أوضح لي جناب
األطباء بعد مقابلتهم للشيخ إبراهيم ومشاهدة التسجيالت ،بأن لحظة
قيامه بالهجوم على المدعو سلطان لم يكن متمالكا لقواه العقليّة وغير
واع لما قام به ،ومن المؤكد أنه كان قد أصيب بلحظات من الجنون المؤقت ٍ
أثناء قيامه بما فعل ،ومن الناحية القانونيّة فإني أعتقد أن الشيخ إبراهيم
شرطي سبق اإلصرار
ّ ال يمكن اعتباره مسؤو ًال عن القتل وبخاصة لغياب
وال ّترصد.
وبناء على ذلك سأسعى بكل ما أوتيت من جهد للحصول على موافقة
ً
190
ذكريات يرويها قلم
memories narrated by a pen
بإصغاء شديد كنت أستمع لكالم نزار الذي فاجأني باهتمامه الدقيق لسبر
والتوصل إلى عذر مخفف على األقل يبعد شبح حبل المشنقةّ أغوار القضية
ّ
ويبث روح األمل في براءة هذا الشيخ الجليل.
ومن ناحية أنانيّة رأيت أن إيثاري له على مصلحتي الشخصيّة ومستقبلي يبدو
أنه لن يذهب سدى.
وكان التوفيق اإللهي بموافقة المحكمة العليا على إعادة فتح القضيّة.
تجاوزت إعادة المحاكمة ثالثة أسابيع والعديد من شهادات األطباء والشهود
ّ
الشق ّ
وتركز دفاع نزار على األحياء ومراجعات لتسجيل كاميرات المستشفى،
والعقلي للشيخ إبراهيم أثناء هجومه على زوج ابنته وما تال ذلك من
ّ النفسي
ّ
ثوان معدودات وسؤال إبراهيم« :ما الذي حصل؟ ما الذي حصل؟» لألشخاص
الذين قاموا بإبعاده عن جثة القتيل.
في يوم النطق بالحكم وبالرغم من أنها لم تتجاوز العشرين دقيقة ،إال أن
كل ثانية أحسست بها كما لو أنها دهر بكامله ،فلم أكن حينها أسمع سوى
ضجيج خفقات قلبي ،إلى أن تنبّهت على هتافات تمأل قاعة المحكمة.
« مبروك البراءة يا إبراهيم».
191
زفير القدر
Fate exhailed
70
خارجي – نهار /الشارع أمام السجن
CUT
192
193
زفير القدر
Fate exhailed
71
داخلي – نهار /السجن – ممر طويل نحو الباب
الخارجي للسجن
نزار
الحمد هلل على سالمتك شيخ ابراهيم
ابراهيم
قد ما حكيت وشكرتك قليل
نزار
اللي بيستحق الشكر الحقيقي هوي فراس مش أنا..
يتوقف ابراهيم عن السيرليتسع الكادر ونرى فراس يلتفت الى الشيخ ابراهيم
بسبب توقفه عن السير
إبراهيم
انت لو عن جد كنت ابني ما كنت عملت اللي عملتو ..بشكرك
فراس
الشكر بس لرب العالمين..
ابراهيم
الحمد هلل ..الحمد هلل..
فراس
أول مرّة شفتني فيها سألتني إذا كنت حفيد عبد الكريم
فراس
جدي بصير شي وبيلهيني
كل ما جرّب إسألك كيف عرفتني ومن وين بتعرف ّ
عن السؤال
يبتسم إبراهيم
إبراهيم
اإليام جايي كتير ..خلينا نطلع من هون باأل ّول
CUT
195
قصة حدا
ّ
Story of someone
72
خارجي – نهار /باب السجن من الخارج
قطع على السيارة لنرى بابها الخلفي يفتح وأقدام وائل تنزل منه وتسير باتجاه
الشيخ ابراهيم..
ّ
يتوقف قبل مسافة .P.O.Vلوائل يسير نحو الشيخ إبراهيم ثم
نزار
أنا رح استأذن ..وألف الحمد هلل على سالمتك عن جديد..
ابراهيم
اهلل يسلمك وبشوفك بخير..
نزار لفراس..
نزار
فراس ..ممكن كلمة؟..
196
72
فراس
أكيد..
فراس
باإلذن لحظة..
نزار
الشيخ ابراهيم هلق طلع من السجن ..بحسب معلوماتي انو ما عنده مأوى..
خاصة انو باع كل شي بيملكوا خالل العشر سنين اللي مرقوا ..وين رح يروح
ومين رح ينتبه عليه ..ألنو هنا بنتو منها طبيعية وعايشة بالمصح..
فراس
هوي معي وبيبقى عندي المهم هلقكل اللي عم تقوله يا نزار مش مهمّ ..
انه طلع و صار حر..
بعد أن كان قد توقف ،يسير خطوات نحو ابراهيم ثم يتوقف من جديد وينادي
(دون أن نراه)
صوت وائل
جدي ابراهيم..
جديّ ..
ّ
يسترجع بالذاكرة بعض لقطات الفالش باك قبل أكثر من 10سنوات تجمعه
بحفيده و إبنته هنا
إبراهيم
إبراهيم حبيبي إبراهيم...
وائل
صار دوري آلخد بتار بيّي..
FADE TO BLACK
198
199
القصة
ّ بعد
The aftermath
صوت الرصاصة التي خرجت من سالح حفيده قادت ناظري نحو المشهد
المريع ،صوت الرصاصة أيقظ عمالق الخيبة الذي يفسد النهايات السعيدة
دائم ًا.
حاولت بكل قواي أن أبعده عن تنفيذ الحكم بإعدامه شنقا داخل أسوار
السجن.
ّ
تسمى
ّ السامة التي
المتمسكة بواحدة من تقاليدنا وعاداتنا ّ
ّ الحقارة اإلنسانيّة
بالثأر هي من حكمت على إبراهيم بهذا اإلعدام ،والحفيد إبراهيم الصغير،
الذي ا ّتخذ لنفسه اسم ًا آخر بسبب الكراهية التي تشرّبها من عائلة والده ،هذا
جده حكم نفذ في ّ الفتى القاصر الذي أعتبره أيض ًا ضحية هذه التقاليد والعاداتّ ،
اإلعدام.
علي أن
ّ ال وأنا أطبع هذه الكلمات على أوراقي ،ووجدت أنه ينبغي ّ
فكرت قلي ً
قصة حدا» نهاية سعيدة ،أوعلى األقل،
لقصتي « ّ ً ً
أضيف شيئا صغيرا كي يكون ّ
نهاية شبه سعيدة!
200
القصة
ّ بعد
The aftermath
تضج بعيد الميالد المجيد ،والشوارعّ بعد أيام من الحادثة ،كانت بيروت
ألف لون ،األطفال يرقصون كاألعالم الصغيرة اللبنانيّة تشبه فستان ًا من ِ
للتسوق ،الدنيا في ّ
زفة ّ الملونة ،الناس تتزاحم في األسواق والمحالت التجارية
ّ
وأنا ..وحدي! ..أجلس أشاطر ركوة قهوتي الوحدة والحنين إلى جولياّ ،
تذكرتها
مع أنني لم أنسها يوم ًا ،دمعت عيناي ،حملت قلمي وكتبت على األوراق أغنية
تقول كلماتها:
أنا من دونك منزل مهجور تسكنه األشباح ،وحيطانه من دون حيطان ،أنا ملك
مهزوم من دون سلطة وتيجان ،ودموع سوداء اللون تنهمر من عيون ليس
لها أجفان.
أنا من دونك أشبه ليالي الشتاء المولولة المجنونة التي تنتظر بشوق هائل
كي ينسيه
متسول يبحث في الزوايا عن أي شيء ّ
ّ أزهار نيسان ،من دونك أشبه
الوحدة ويدخله في عالم النسيان.
أخذت قافلة أيامي تسير ببطء شديد ،ووجعي أخذ يزداد مع مرور أيام سوداء
عشتها وحيدا ً أتخبّط فيها مع وحدتي وألمي.
« لقد آلمني خبر وفاة الشيخ إبراهيم ،وفجعني كما فجعك ،فعند اهلل
نحتسبه ،وإ ّنا هلل وإ ّنا إليه راجعون.
حبيبي..
ّ
وجل أن يغفر له ،وأن يرحمه ،وأن يسكنه فسيح جناته ،ويلهمك أرجو اهلل ع ّز
الصبر والسلوان.
وبعد..
202
القصة
ّ بعد
The aftermath
يسعدني أن أعلمك بأني وبعد عودتي إلى أميركا ،ا ّتخذت قراري بعد تفكير
طويل بكلماتك ،بإعادة ابني جاد للعيش معي ،ولكن بعد تنفيذ القرار ،ورغم
يسده
ّ انشغالي بالمباشرة في المشروع ،واهتمامي بجاد ،أشعر بفراغ كبير ال
إال وجودك معي.
لن أطلب منك العودة ،ولكني أقول لك إنني بانتظارك في أي وقت تشتاق فيه
إلي.
ّ
جوليا»
ولم تكن جوليا على علم بأني حين استلمت رسالتها كنت في طريق العودة
إليها لقضاء ليلة رأس السنة ولبداية حياة جديدة معها.
تمت
ّ
203
السجن لل ّتعرّف على شخصيّات
ساقني القدر لزيارة ّ
من المساجين ع َّلني أجد ضالتي أو على األقل أجدُ
قصة جديدة مختلفة عن خيط ًا صغيراً أنسج به ّ
القصص النمطيّة الرائجة.
الصفعة!
وكانت ّ
204