النيل والفرات: "تشتاق أيار نفوس الورى/وإنما الشوق إلى ورده. هذا البيت البسيط الواضح الذي يبدو أبعد ما يكون عن العمق أو الفلسفة يضع المتأمل أمام أسئلة عميقة تدخل في صميم الفلسفة. ترى لماذا نحب الأشياء التي نحبها؟ لماذا نحب المدن التي نحبها؟ لماذا نحب الأشخاص الذين نحبهم؟". ويبقى معين العطاء الأدبي ثرّاً لا ينضب، ومعين العطاء القصيبي لا يقف عند حدود، ولا يرتهن لشكل متداول في المجال الأدبي. فها هو أديبنا يتخذ من أبيات شعرية مطية إلى عالم لطيف بديع تنطلق عبره إيحاءات الأديب حول بيت معين، مستدرجة سيّالات فكرية أدبية تاريخية فلسفية وشعرية، جميلة هي بعباراتها ومعانيها وأسلوبها، والأجمل من ذلك كله ذاك الغلاف الإنساني الشفاف المتسربلة فيه تلك النصوص.
He was a Saudi Arabian politician, diplomat, technocrat, poet, and novelist. He was an intellectual and a member of the Al Gosaibi family that is one of the oldest and richest trading families of Saudi Arabia and Bahrain. Al Gosaibi was considered among Saudi Arabia's topmost technocrats since the mid-1970s. The Majalla called him the "Godfather of Renovation".
ثاني تجربة لي مع كتابات غازي القصيبي رحمه الله ... ويالها من تجربة
أحاول منذ سنوات التصالح مع الشعر وقرائته في غير إطار الدراسة ... حاولت معه بالفصحى وبالعامية المصرية ... ودائما ما كنت أصل لنفس النتيجة ... ليس كل ما اقرأه أستسيغه ولا كل ما يعجب الآخرين يعجبني ويحدث في نفس انبهارهم ... وقد تعجبني بعض أبيات من قصيدة كبيرة وأشعر بالحاجة لإبراز تلك الأبيات وتجاهل باقي القصيدة ... ولكنني دائما أبدا لا أصرح بذلك وطوال الوقت أشعر بالغربة عن الشعر ومحبي الشعر
جاء كتاب "بيت" ليكون بمثابة يد الأب الحانية التي تربت علي وتخبرني أن الشعر لابد ان نتذوقه بطرق مختلفة ونحكم عليه أيضا بناء على ما أحدثه فينا من أثر ... ثم يأخذ بيدي ليجعلني أتجول في رحاب الشعر مع شعراء سمعت أشعارهم وقرأتها وآخرين لم أسمع بهم أبدا، وجولة قصيرة مع الأشعار المترجمة وأبيات لشعراء مجهولين
كل صفحة ونصف تجد بيتا ... إختاره لنا الدكتور غازي القصيبي بعناية ...إما ليحكي قصة البيت أو قصة القصيدة بأكملها، وربما ليحكي عن معارك فكرية ودية دارت بينه وبين أصدقائه حول مدى الحب أو الكره للبيت المذكور... وربما وليبدي عدم اعجابه بهذا البيت أو لمجرد التعريف بالشاعر وسبب كتابة القصيدة التي ورد بها بيت الشعر المختار
كانت هناك بعض الحكايات الإنسانية المصاحبة للأبيات كأن يتكلم عن حسن حظ أحمد شوقي بين الشعراء في مقابل من اعتبره منافسا حقيقيا له وهو حافظ إبراهيم واعتباره لهما كـ " فرسي رهان " ينطلق أحدهما فجأة في نهاية السباق... وهناك الشاعر الخجول والشاعر الذي ابعدته أيديولوجيته عن من صحبه من شعراء فظلم شعره ولم يسلط عليه الضوء لهذا السبب ... كما كان يعلق وينقد بشكل ساخر محبب في أكثر من موضع
استوقفتني بعض الأبيات سواء لكلماتها أو شرح دكتور غازي القصيبي لها أو لرأيه بها ... وأحب أن أستعرضها هنا
هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا من قبله... فتمنى فسحة الأجل الطغرائي
إذا ما أتى يوم يفرق بيننا بموت ... فكن أنت الذي تتاخر الأقرع بن حابس
وفي شرح البيت الأول يقول أنها تجربة إنسانية مؤلمة أن يتمنى المرء أن يطول بقاؤه، وتتحقق الأمنية، ويموت أصحابه ورفاقه، ويبقى وحيدا، وتعود أمنيته القديمة وبالا عليه
كنت اقرأ هذا البيت والذي بدأ به كتابه ففكرت تلقائيا في حكمة المصطلح الدارج عند اخواننا من لبنان وسوريا "تقبرني" و"تقبر قلبي" وأتذكر انني مرة سمعت هذا القول فأبديت إعجابي به ونهرتني أمي عن ترديده فجادلتها بأن هذا قمة الحب والوفاء لمن نحب
إلا أن الكاتب الجميل قد جاء بملاحظة مشابهة حينما قال في شرح البيت الثاني: " في بلاد الشام تقول الأم لطفلها المدلل "تقبرني"! ورغم ان اللفظ يفتقر إلى الجمال إلا أن المعنى يفيض بالحب.وفي منطقة الجزيرة العربية والخليج تقول الأم – أو الحبيبة – للطفل – أو الحبيب – "فديتك"! " وفي كل الأحوال فإن من يحب صديق أو حبيب أو زوج أو فرد من الأهل فإنه يتمنى بصدق ألا يعاني مرارة تجربة فقده
************************ فيا للناس ! كيف غلبت نفسي على شيئ ... ويكرهه ضميري ؟! عروة بن الورد
************************ يا ويـلـه ... مـن لم يـحـب كل الزمان حول قلبه شتاء أحمد عبد المعطي حجازي
************************ أواه لوعرف الشباب .. وآه لو قدر المشيب إسماعيل صبري
ومن جديد يطل علي طيف صديقتي من زمن آخر مي زيادة ... ففي حديثه عن هذا البيت يقول الدكتورغازي: " كان إسماعيل صبري من المعجبين جدا بمي زيادة، شانه شأن كل أدباء جيله، والسؤال الذي يراودني كلما قرأت هذا البيت هو: ترى هل شعر إسماعيل صبري بعجز الشيوخ عندما رأى نفسه أمام الصبية الجميلة التي لا تعرف ... (كم يحبها)؟ " الفضول الآن ياكلني
لم أستطع ان أنه قراءة البيت السابق إلا وعيني دامعة، حزنا على كل ام فقدت ولدا في أحداث الثورات التي شهدها وطننا العربي والأحداث الدامية التي لازلنا نعيشها، وخوفا من مستقبل قد يجعل هذا الإحساس بالمحنة شيئا عاديا في بيوت كثيرة ... اللهم ارحمنا وأولادنا وألطف بنا ولا تمتحننا في أبنائنا
*************************** وليس يشفيني سوى نهشة من قطعة ... من كبد بواب ابن الحجاج
أعجبني الإسقاط على مدراء مكاتب الوزراء وأصحاب النفوذ من الشخصيات .. فهؤلاء يلعبون دور الحاجب :))وأعجبني اقتراحه بتعليق هذا البيت في مكاتبهم حتى لا يؤخروا حاجة محتاج خوفا على مصير اكبادهم:)) ... رحم الله كاتبنا الجميل
*************************** لا تصدق النائم أحلامه إذا أحس الشوك في المرقد حسين سرحان
والمقصود أن الأحلام لا تستطيع تجاوز الواقع الحزين، والسرير المفروش بالأشواك لا يمكن أن يكون ملعبا لأحلام سعيدة
**************************** أعمى من يقود بصيرا ... لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان تهديه بشار بن برد
على الرغم من ان بشار كان يتحدث عن عمى البصر إلا ان الدكتور غازي قد انصرف لعمي البصيرة، إلا أن القاعدة التي تنطبق على التي تنطبق على المبصرين الذين يتبعونهم واحدة لا تتغير : "وقد ضل من كانت العميان تهديه" وفي رأيي المتواضع أن هؤلاء يضلون ويفسدون بضلالهم فرص عديدة لإصلاح أحوالهم بعمى بصيرتهم ومن يتبعون
**************************** أأهرب منك ... وأنت نصيبي من الأرض والشمس والقمر المتلألئ عبد العزيز المقالح
***************************** عندما رأى العصفور ذيل الطاووس أشفق عليه من عبء حمله طاغور
***************************** فوا شوقــي إلى نـاد خلي لعلي بإسم من أهوى أنادي علية بنت المهدي
لعلي أعجبت بالبيت إلا ان حديث الدكتورعن التناقضات بشأن كاتبته وعن القول بأنها "إذا طهرت لزمت المحراب وقرأت القرآن" ثم الحديث عن مخاطبتها لخادمين بالشعر وتغيير اسم احدهما واستبداله بإسم أنثى، قد أثار فضولي وكان مما جعلني أتعجب ما قرأته عنها بعد البحث عن سيرتها في انها "إذا حاضت شربت النبيذ وقالت الشعر وغنت وإذا طهرت لزمت المحراب وقرأت القرآن" وهو في رأيي شأن عجيب ... وهي أخت هارون الرشيد ... ثم هذا الحديث عن خدمها يضع علامات اسنفهام كثيرة ... أعجز عن فهم ما اقرأ من تناقضات هذا الزمان البعيد ولا شكل الإسلام به
هذا البيت للسخرية من العقلية التي ترغب في القضاء على ما تراه قبيحا من وجهة نظرها التي قد لا تتفق مع آراء الآخرين ... والقبح كما ذكر الدكتور غازي نسبي
***************************** يستطيع الرذاذ أن يحول الرايات إلــى خــرق مبـللـة جوليس سوبرفيل - فرنسا
"الشمس تطلع دون أن تفرح لميلاد طاغية، وتغرب دون ان تذرف دمعة على غياب طاغية. والفراشات تلعب في الحقول، لا يعنيها في شيئ أن الديكتاتور رقم 1 حشد مليون جندي على حدود الديكتاتور رقم 2، أو أن الديكتاتور رقم 3 انتصر على الدكتاتور رقم 4......إن أضعف ما في الطبيعة أقوى من كل الطغاة والفاتحين والأباطرة. ألا يكفي ان قطرات الرذاذ تستطيع أن تحول أعلام الطغاة والفاتحين والأباطرة إلى خرق مبلله؟ "
في صفحات الكتاب الكثير والكثير مما يثير العقل وكلام ممتع لقارئه ولعل ما اوردت في مراجعتي ما رغبت في أن يظهر أكثر من غيره ... أعجبتني فكرة الكتاب السهلة الممتعة ... وفتح الكتاب لي آفاقا مختلفة وعرفني بشعراء أحب أن اقرأ لهم في المستقبل وصالحني أخيرا على الشعر وبث في بعض من الثقة
يعيب الكتاب الأخطاءالمطبعية للأسف كشأن أغلب الكتب التي اقرأها مؤخرا
وأخيرا، أعتقد أنني سأعيد قراءة هذا الكتاب حتى أستمتع به أكثر ربما بعدما اقرأ أشعارا أكثر
ستظل القراءة للقصيبي لا مثيل لها. كلي إيمان أن الاسلوب القصيبي لم يأت قبله ولن يأتي بعده، كم هو جميل أن يترك الكاتب بصمة ابداعه وروح احساسه في كتاباته حتى ليميزه بها محبوه. وكما اعتدنا من القصيبي خفة ظله، ورقي حسه، في هذا الكتاب تقهقه، تبتسم، تخشع وتتأمل. هنا ننطلق معه في رحلة مع الشعر، تستوقف بنا عند محطات شعرية من ازمان غابرة ومعاصرة، من الشرق ومن الغرب، ومع كل بيت يستحث القصيبي حسّنا النقدي لكشف جماله المتواري حين، وليروي لنا قصة من ذاكرته حين، وليمرر لنا شيء من قناعاته حين، وينتقد انتقاداً لاذعاً حيناً أخر. ودائماً في هكذا رحالات مع القصيبي يعرفنا بأناساً لا أظن أن تؤاتي الفرص دائماً لمعرفتهم. * * * ثقافة واسعة، حس أدبي، أسلوب خفيف الظل، والأهم النكهة القصيبية كلها تجعل منه كتاب ممتع للغاية أنصح به بقوة * * * أبيات راقت لي هذا جزاء امرئ اقرانه درجوا من قبله فتمنى فسحة الأجل // فياللناس كيف غلبت نفسي على شيء يكرهه ضميري // وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم // ألا ليت البلاد لها قلوب كما للناس، تنفطر التياعا // لم يبق للجور في أيامهم أثر إلا الذي في عيون الغيد من حور // أوّه لو عرف الشباب آه لو قدر المشيب // لكن فينا وإن شيب بدا وطر وليس فيكن بعد الشيب من وطر // وافتضاحي فيه ما أطيبه كان ما كان ويدري من درى // وكنت وأياها سحابة ممحل رجاها فلما جاوزته استهلت // وياليت أن الله إذ لم ألاقها قضى بين كل اثنين ألا تلاقيا // كم مر بي فيك عيش لست أذكره كم مر بي فيك عيش لست أنساه // تشتاق أيار نفوس الورى وإنما الشوق إلى ورده // لو كنت أعلم أن آخر عهدكم يوم الرحيل، فعلت ما لم أفعل // إذا ما أتى يوم يفرق بيننا بموت فكن أنت الذي تتأخر // اسكتي قد حززت بالدمع قلبي لطالما حز دمعكن القلوبا // يا بني آدم تعالوا ننادي أنما نحن للنساء عبيد // أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان ت��ديه // بربك! هل ضممت إليك ليلى قبيل الصبح ، أوقبلت فاها // وأين التعلثم عند اللقاء وأين التحرق عند البعاد // خلت أني في القفر أصبحت وحدي فإذا كل الناس كلهم في ثي��بي // إني له عند دمي المسفوك معتذرا أقول: حملته في سفكه تعبا // وتكلموا في أمر كل عظيمة لو كنت حاضرهم بها لم ينبسوا // فقلت سقا الله الحمى ديم الحيا فقلن سقاك الله بالسم منقعا // لا بارك الله في الغواني فما يصبحن إلا لهن مطلب // فواشوقي إلى ناد خلي لعلي باسم من أهوى أنادي // فأمطرت لؤلؤ من نرجس وسقت ورداً وعضّت على العناب بالبرد
منذُ زمان طويل عن غازي القصيبي -رحمه الله- وأفكاره المُتميزة نحتاجُ كثيرًا إلى متذوقي شعر فصيحٍ في هذه الأيام يخرجون لنا النفيس والدُرر فشعر عومًا (ديوان العرب ) .
كنتُ في حسابي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أستخرج مايُناسبنا نحن الجيل الجديد دون شرح أو ماشابه كي لا يكون هُنكا نقاش بأن مالئ الدنيا وشاغل الناس أفضل من الصوفي صفي الدين الحلي ..!
أستخرجتُ قليلاً من دُرر وقارنوها بما استخرجه غازي في كتابه هذا : ما كلُ معتزلٍ يقاسي غربتَه فلربما وجد النعيم وجنّتَه فإذا رأيت المرء يجلسُ واحداً لاتنتهك يا ابن الأكارم خلوتَه *
حيّ الخميسَ إذا أتاكَ وأقبلَ حتّى إذا بالكرفِ كان محَـمّلا
وقائل هل عمل صالح أعددتُه ينفعُ عند الكرب ؟ فقلتُ:حسبي سنةُ المُصطفى وحبه والمرءُ مع من أحب
لَئن حكَمَتْ بفُرقَتِنا اللّيالي، وراعَتنا ببُعدٍ بَعدَ قُربِ فشَخصُكَ لا يَزالُ جَليسَ عيني وذكرُكَ لا يزالُ أنيسَ قلبي
إن الزمان الذي مازال يُضحِكنُا أُنسَا بُقربهمُ قد عاد يُبكينا لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لَكُم رأيًا ولم نتلقد غَيرةُ دينًا
كبِّر وعلِّ الصّوتَ بالتكبيرِ لا تتَصِفْ بالشّٰحِّ والتقتير كبِّر وكن لله مِطواعًا فَطن: الله أكبر فوقَ كُلِّ كبير ..
مضى العامُ وانطوى كطّي الصحائف وعامُ جديد حل يحمل خوافيا
كُلُّ ما في الأرضِ مِنْ فَلْسَفَةٍ .. لا يُعَزّي فاقِدًا عَمَّنْ فَقَدْ ايليا ابو ماضي
أذا سألتَ فسلْ مَنْ فيهِ مكرمـةٌ .. لا تطلبِ الماءَ إلا من مجاريهِ البهاء زُهير
عودْ لسانكَ قولَ الخيرِ تنجُ بهِ من زَلّة ِاللّفظِ بل من زَلّة ِ القَدَمِ واحرِزْ كَلامَكَ من خِلٍّ تُنادِمُه، إنّ النّديمَ لمُشتَقٌّ منَ النّدَمِ -صفي الدين الحلي
ما حلتِ الأيامُ موثقَ حبهِ عندي، ولا حالَتْ عهودُ وَفائِهِ ودليلُ قلبي قلبهُ، فودادهُ كوَدادِهِ، وصَفاؤهُ كصَفائِهِ -صفي الدين الحلي
القصيبي .. مثقف رائع، يمتاز بذائقة أدبية عالية + كتيب فكرته تقوم على الأبيات التي أعجبته، متبوعة بتعليقاته وتعقيباته = إذن النتيجة ستكون جبارة!
هذا ما قلته قبل اقتناء الكتاب -أو قل الكتيب مراعاة لحجمه-، وهذا ما بسببه قمت بتأجيل قراءته مرارا وتكرارا خوفا من فوات المتعة بقراءته، وإبقاء مني لباعث يعيدني للقراءة إن خَفت الهم وقل الدافع .. حتى أتى موسم الامتحانات، موسم الإنجاز والإتمام والانتهاء من كل أمر يعنيك أو لا يعنيك سوى مذاكراتك! فكانت الفرصة المناسبة للتهرب من دسامة المواد وثقل العلوم، إلى فسحة الأدب ودوحة الشجون، فما كان للاختيار إلا أن يقع على هذا الكتيب اللطيف.
طيب ماذا عن تقييمي للكتاب؟ الكتاب ككتاب .. لطيف، لذيذ، ماتع. استمتعت بقرءاته وسأقتنيه مرة أخرى لو لم أفعل. ماذا عن توقعاتي هل صابت أم خابت؟ كان أقل من توقعاتي من حيث التعقيبات، التعقيبات سلسلة وعفوية جدا لدرجة أشك فيها أن الكاتب لم يراجعها أو يحاول إظهارها بصورة أجمل، هو فقط ترك المداد يعبر عما في خاطره دون محاولات تجميل أو “مكيجة”، وقد أجد في حسابات غير معروفة، ولأشخاص غير مشهورين أدبيا وثقافيا لو كتبت إحدى تلك الأبيات التي علق عليها القصيبي في منتدياتنا الأدبية تعليقات مذهلة، وتحليلات عبقرية تفوق عبقريتها تحليلات القصيبي -رحمه الله- بل ولا يقاربها كذلك. الذي أعنيه ويهمني إيصاله ليس التشكي أو عدم الإعجاب بالكتاب، لكن الموطن هنا موطن مراجعات تمثل القارئ والمقروء، لذا يعنيني أن تصل الصورة الحقيقية كاملة لك أيها القارئ المستقبلي، إذ في حقيقة الأمر توقعت أثقل مما قرأت بكثير، لا سيما من شخص يحمل خلفية أدبية جيدة كغازي -رحمه الله- وظننت أن اختياراته تلك وتعقيباته ستكون نتاج محصلة طويلة من مرور تلك الأبيات عليه تكرارا، وتقليبها في فكره مرارا، فلعل هذا ما قلل من انبهاري .. ربما. طيب هذا فيما يخص تعليقاته، ماذا عن اختياراته؟ اختياراته جميلة، بحق أغلبها إن لم يكن جلها تستحق الإطراء والإشادة، وقد تبادله أنت كذلك نفس الإعجاب، لكن ماذا عني نورة؟ أنا وبرغم إعجابي بأغلب ما ذكر، لكن لا أظن أني لو ألفت كتابا سأضع فيه أهم أو أجمل ما مر علي من الأبيات فإنني سأكتفي بما ذكر، ناهيك عن اختلاف التعقيبات والنظرة الجمالية للبيت كذلك، وقبل أن أظلم غازي وأظلم نفسي معه، يجب أن أذكر نفسي وإياك أيها القارئ بأن غازي: رجل مهذب، مؤدب، خلوق، متزن، محترم، راقي، قد تصفه الكلمة الإنجليزية الشهيرة التي كلما ذكرناها تمثلت لنا شخصية دائما ما تكون هي المثل الأعلى فيها وهي “gentleman”! وهذه الشخصية المهذبة التي امتاز بها غازي رافقت كل أحرفه وبنيات أفكاره، فلم يكن يبيح لنفسه في الأدب ما لم يبحه في الإدارة والوزارة، بل كان شديد التهذيب في كل أموره ومجالات حياته. وهنا .. في تلك النقطة بالتحديد أحلق بعيدا عن الدكتور رفع الله قدره، فأنا امرأة بليت في الأدب بحب التطرف فيه، أعذب الشعر أكثره حدة وتطرفا ومجونا ولكاعة وسوداوية وبؤسا.. لا أحب أنصاف الحلول ولا التوسط والاتزان. أحب من شعر الحب أكثره احتراقا، والوصف أكثره مجونا، والحزن أكثره اكتئابا، والهجاء أكثره سلاطة .. لم يوجد الأدب عندي لكي نجامل ونكون مهذبين، بل الأدب عندي هو مساحة البشر للتحرر من قيود المجتمع وأغلال العادات وتسلط العقل، ولا مجال عندي لمقص الرقيب وعين الحسيب عليه. والقصيبي -تولاه المولى برحمته- كان مهذبا حتى لا يتقبل من الشعر ما كان فيه تسيد الفحول، ولا ما نال من الأنثى سوى وصف الجسد، ولا ما كان من الشعر هاجيا أو متعديا، تجد فيه من اللطافة ما يدعوه لقراءة البيت من ألطف زواياه.. وأنا أحب القوة والحدة والتلاعب والتحايل اللفظي والمعنوي الذي طالما مارسه ويمارسه الشعراء، وكان العذوبة التي طالما ميزنا بها الأدب عن أحاديثنا اليومية، لذا من هنا كان اختلافي معه، وهو اختلاف شخصيات ينطبع على الذوق وزوايا النظر، لا اختلاف أفكار لا سيما على أرض الواقع.
ومع ذا إن سألتني مرة أخرى هل لو عاد بي الزمن لاقتنيت الكتاب؟ لأجبتك نعم مرة واثنتين وثلاثا، وسأعيد تكرار قراءته في نفس الموسم .. موسم الاختبارات :)
وفارقتُ مقطوعةً ذهبيّة أخرى من نظمِ غازي، "بيت" هو أنموذج لمشروعٍ أتمنّى أن يلقى من الاهتمام و التنفيذ ما يستحقه انتقاء "ثمرات" و "عيون" الشّعر من أقاصي الدنيا و الوقوف أمامه بتحليلٍ يبتعد عن "الرصانة" العلمية و يقترب من "حديث النّفس" البشرية رحمك الله ياغازي و جعل مثواك الجنّة
يختار القصيبي في هذا الكتاب بيتا، ويعلق عليه فيما لا يزيد عن صفحتين، مقدما رؤية مختلفة عن النقد السائد. ليس كتابا نقديا دسما، بل كتاب ظريف، أشبه بنزهة شعرية-عقلية.
كتاب خفيف وبسيط جدا جدا يختار الكاتب بيتا ويعلق عليه بعيدا عن النقد الأدبي وحذلقة النقاد والبيت ليس بالضرورة أن يكون مما يعجب الكاتب بل ربما أنه يراه قدم صورة مستهجنة فهو يتنقد هذه الصورة ويعيب على الشاعر استخدامها, أرى أن مثل هذه الاختيارات تقدم صورة لشخصية المؤلف وما يعجبه ومايكرهه الكتاب ماتع فيه فوائد كثيرة مثل ذكر سبب الأبيات أو شيئ مختصر عن سيرة الشاعر أو الانتقادات التي وجهت للبيت أو للقصيدة وذكر شيئ من عادات ذلك الوقت خصوصا أن الكتاب لم يقتصر على ذكر أبيات من الشعر العربي فقط بل من أبيات جميع الثقافات الغربية منها والشرقية كتاب ماتع باختصار :)
كل كتاب لغازي مبهر ومختلف الفكرة والمضمون وفكرة هذا الكتاب جميلة جداً ، يذكر غازي القصيبي -رحمة الله عليه - بيت شعري وقصته ويشرحه بطريقته يأوله ويستنبط منه معان لاتظهر غالبا لقارئ الشعر. - تعرفت بسببه على شعراء لم أسمع بهم من قبل. كأنه هنا يشير للشعراء الذين لم يُعرفوا أو ظلموا ، أو لم يأخذ شعرهم الجميل حقه من الظهور ..
هذا الكتاب علمني تذوق الشعر رغم اني لا أميل له.. جمال في الفكرة والانتقاءات.. وجمال في التعليقات تلاحظ من خلالها عقلية القصيبي الراقية وروحه المرهفة والمرحة..
كثيرة هي الكتب التي أعجبتني، أحببتها وتفاعلتُ معها.. لكن قرب نهايتها كنت أشعر أنى قد اكتفيتُ من فيض الجمال.. أني "شبعتُ" إذا كانت الكلمة تشرح لك المعنى.. لكن نادرة جدًا هي الكتب التي أصل لفصلٍ ما فيها وأنتهي منه، فأقلب الصفحة لتصدمني كلمة "الفهرس" السخيفة.. أشعر بالغيظ، وذلك الإحساس بالضيق أنه " خلاص كده؟ الكتاب خلص؟ ".. حسنًا، هذا الكتاب بلا شك أحد هذي الكتب النادرة بلغة رائقة وعباراتٍ رشيقة يقدِّم لنا الكاتب الرائع القصيبي مجموعة من الأبيات الشهيرة أو المغمورة مصحوبة بتعليقه عليه.. من الشعر الجاهلي للإسلامي ومن الإنجليزي لبلاد اليابان.. ومع كل بيتٍ هناك تعليق لا يتجاوز الصفحتين.. متعة القراءة للقصيبي أنه كاتب مرح، بسيط، ومتواضع جدًا على مكانته المرموقة.. وفي هذا الكتاب تجلّى ذاك لي كثيرًا حتى أحببته.. الكتاب جميل حقًا وأمدّني بأبياتٍ وشعراء لم أكن أعرف عنهم شيئًا، فضلًا عن الأهم أنه علّمني كيف أتذوق الشعر.. كيف أرى ما بين المعاني الظاهرة، وأعرف أن الشعر الحقيقي هو ما حوَتْ أبياته ألف معنىً متواريًا يحتاج لعينٍ خبيرة تشق لثامه.. خلف أبيات الحب يكمن التملّك. خلف الهجاء تستتر المرارة. تداري الأنانية قمم العشق. ومن بين هتافات الفخر والإعتزاز ثمّت من يقول خفية: أنا بائس جدًا.. شعرنا العربي عظيم وأسرار عظمته قد يكشفها لكم هذا الكتاب.. لمحبي الشعر العربي وللقصيبي رحمه الله أرشحه بقوة 11.08.2016
لا أحد يشبه "غازي"، في أسلوبه خفة وعمق في ذات اللحظة، لا أنسى له فضله في أنه زرع بي حب القراءة والأدب، فقد كان البوابة التي ولجت من خلالها إلى عالم الرواية ومن ثم عودت نفسي على حب القراءة في كل المجالات التي تستهويني، لقد كان "غازي" بمؤلفاته ولطافة أسلوبه وطريقته في الكتابة التهكمية والساخرة والنقدية صديق أمسياتي في مرحلة مبكرة من تجربتي مع القراءة، واليوم وأنا أعود لأقرأ له من جديد أشعر كم أنا أفتقد حضوره على أرفف مكتبتي بنتاج جديد، فقد خلّف برحيله فراغاً كبيراً في زاوية قلوبنا كعاشقين ومغرمين بحرفه، رحمه الله عليه.
في هذا الكتاب الخفيف واللطيف.. كعادة "غازي" في مؤلفاته التحليلية والنقدية، يقتبس "غازي" من ألوان الشعر وبحوره بيتاً مجتزأ من أكثر من نص شعري ونثري، ويقدم تحليلاً وتفسيراً لمعاني البيت على طريقته، وحسب فهمه.. محاولاً عكس مفهوم هذا البيت على الواقع المعاش لتقريب الفهم للمعنى المستتر وراء البيت. وكما هي مؤلفات "غازي" التي تأتي على هذة الصيغة فقد كان ممتعاً ومثرياً في نفس الوقت. قراءة خفيفة وممتعه، وضربت على وتر الحنين لحرف "القصيبي" وأدبياته.
حسناً.. بيتٌ من قصيدة.. من ديوانٍ ما يجد مكانه هنا في أعلى صفحات هذا الكتاب.. ليبدأ غازي القصيبي باضفاء نقده الرائع والذي تارة يطلق قهقهة من أعماق أعماقك.. وتارةً أخرى يستهويك بسحر الكلام الذي يلامس شغاف القلوب ويداعب أطراف الأحاسيس لا أود أن أقول أكثر من أنني .. أحببته :)
حبي للشعر ليس في قوة حبي للرواية والقصة القصيرة، ولكن بسبب تكثيفه الشديد، اتأثر بشدة عند سماعي بيت قوي العاطفة سهل العبارة. وكلمة سهل العبارة هنا مهمة جدا فسبب كبير من ضعف حبي للشعر هو صعوبة المعاني في الشعراء القدامى. فكثيرا ما أبحث في المعجم عن معاني الكلمات في شعر المتنبي (أحب الشعراء إلى قلبي) حتى أستطيع فهم القصيدة.. لكن ما ان فهمت الكلمات حتى تظهر مشكلة فهم التشبيهات والاستعارات الغريبة (مثل: تمشي الوجي الوحل) .. وما ان فهمت التشبيهات حتى تظهر مشكلة فهم السياق التاريخي ولكن رويدا رويدا، ابدأ في تذوق الشعر وحفظ أبيات هنا وهناك
يختار القصيبي بعض أبيات الشعر التي أثرث في نفسه سواء بالايجاب أو السلب. معظم الاختيارات جيدة جدا وتعليق القصيبي عليها كعادته جميل وذكي وخفيف الروح
وتأثرا به سأكتب عن أبيات شعر أثرت بي:ـ 1- لو أنت لم تشرب مرارا على القذى .. ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه بشار بن برد القذى : الشوائب والتراب
حفظت هذا البيت وأنا في الجامعة وكنت أردده على نفسي في أوقات مذاكرة المواد السمجة. وبعد تخرجي، ضحكت من فرط سذاجتي، فالقذي الذي كان في قعر كوب الماء أيام الدراسة أصبح وأنت في الوظيفة وفي صراعات الحياة اليومية يملأ الكوب كله والماء شحيح
2- هجرت بعض أحبتي طوعاً لأنني ،، رأيت قلوبهم تهوى فراقي نعم أشتاق ؛ ولكن وضعت كرامتي فوق اشتياقي أرغب في وصلهم دوماً ولكن ،، طريق الذل لا تهواه ساقي
أحمد شوقي
العلاقة بين الأصدقاء في أيام الصبا تكون أقوى بكثير قبل الانتهاء من الدراسة وحياة العمل والكفاح. كنت أردد هذا البيت عندما تضعف العلاقة بين أحد أصدقائي. فانشغالهم عني أقابله باهمال لهم ولكني قرأت نصا جميلا لأنيس منصور يقول أنه في فترة السجن إذا قطهت علاقتك بكل صديق لا يزورك في السجن أو يسأل عنك لخرجت من السجن بلا صديق فأصبحت أكثر عذرا وتفهما للأصدقاء وخاصة المهاجرين منهم . وتجاهلت هذا البيت تماما وبدأت في صلة أصدقائي أكثر
بدأت قراءته بحماسٍ لما وجدته من تقييمه وكثرة المراجعات الإيجابية عنه، لكني لم أجده كما توقعت :3 لكُلٍ ذوقه ورأيه على أية حال، ولا أعني أنه سيء أو لا يستحق هذه المراجعات والتقييمات، فخلال قراءتي له تعرفت على أبيات جديدة -بالنسبة لي-، وشعراء كثر. مررت بأبيات كنت ابتسم من رقّتها وعذوبتها وجمال التعليق عليها وفهم الكاتب وتحليله لها. وأبيات أخرى بما لحقها من تعليق الكاتب ضحكت وأنا أقرأها، إما لطرافة التعبير، وإما لعكس ذلك. وبعض الأبيات لم تعجبني لا هي ولا التعليق عليها، وأبيات أخرى لم أفهمها.
في العموم، كتاب ظريف وخفيف، يمكن أن يكون فاصلًا بين القراءات أو في استراحات ما بين المهام والأشغال عامةً.
أعتقد أن أغلب الذين لا يحبون الشعر يظنون أنه مجرد كلام مرتب .. ولم يعلموا أكثر من ذلك إنه لغز إذا حللته فهمت القصة.. ومن جميل الشعر أن تختلف المفاهيم حوله فكلن يفهم على طريقته ويظل الفهم الصحيح كما يقولون ( في بطن الشاعر )
نصيحة لي : إذا مرَرت بقصيدة وأحببتها لا تقرأها وتحفظها فقط بل تخيل مالذي دفع الكاتب لأنه يكتبها ومالقصة وراءها
رحم الله غازي القصيبي وأسكنه فسيح جنانه كانت حكاوي ممتعه
كتاب خفيف يتناول فيه الراحل غازي القصيبي شرح لأبيات شعر عربيه وعالميه مشهوره ويترك للقارئ فرصة تخيل وجهة نظر خاصه لها يذكر فيها الراحل ايضاً بعض المواقف اللتي جمعته بكتاب الابيات برغم من بساطة الاسلوب وقلة صفحاته الا انني تعلمت منه دروساً في النقد والتحليل الأدبي وايضاً جمال روح الراحل كانت طاغيه ربما لأن الكتاب كان تعبيراً لوجهات نظره :)
الكتاب جميل وسلس ورائع .. انتقى غازي القصيبي أبياتاً شعرية من مختلف الأشعار العالمية وةضع على كل بيت تعليقاً قصصياً أو شرحياً أو فكرياً أو نقدياً بأسلوب القصيبي الرائع
أعجبتني الكثير من الأبيات التي نقلها مثل :
ياويله من لم يحبّ .. كل الزمان حول قلبهِ شتاء " أحمد حجازي
******** آه ياقبلة أقدامي إذا شكت الأقدام أشواك الطريق " إبراهيم ناجي ******** كلانا ناظرٌ قمراً .. ولكن رأيت بعينها ورأت بعيني " القاضي عياض ******** وياليت أن الله إذ لم ألاقها قضى بين كلّ اثنين ألا تلاقيا "العليمي ******** كم مرّ بي فيك عيشٌ لست أذكره ومرّ بي فيكَ عيشٌ لست انسا " شوقي
على الرغم من أنني ميّالةٌ للشعر إلا أنني لم أفكر مسبقاً في قراءة شروحٍ له . إذ أنها عادةً ما تكون مسهبة و طويلة بطريقة مجرد التفكير في احتمالية قراءتها يُصيبني بالضجر . و عندما وجدت كتاب "بيت" في أحد أرفف المكتبة لم أستطع مقاومة ابتياعه خاصة و أن أسلوب غازي القصيبي - رحمه الله - دائماً ما يشدني. عرض الكتاب أبيات عدة من قصائد مختلفة و تحدث عنها الكاتب سواءً حكى قصة ما متعلقة بها ، أو شرح البيت بطريقة مختلفة عن المعتاد و مخالفة للمعنى الواضح . أو ببساطة ذمّ البيت و أوضح أسباب ذمه .
صدقاِ استمتعت بكل لحظة قراءة أمضيتها مع هذا الكتاب ، جعلني أنظر إلى الأبيات و شعرائها بطريقة مغايرة . جزى الله كاتبه خير الجزاء لأنه جعلني أستمتع ولو لمرةٍ بشرحٍ شعري .