الحرب، وإن انتهت، لا تنتهي حقاً بالنسبة الى الاشخاص الذين عاشوها وشهدوا نتائجها الأليمة، اذ تظل الذكريات الموجعة والكوابيس المروعة تقض مضاجعهم. الروائي اللبناني ربيع جابر نشأ خلال الحرب الاهلية، وهو يحكي عنها في روايته هذه حكايةً كابوسية. وبلغته المعروفة بكثافتها وشاعريتها، يلحّ على قرّائه بأن لا ينسوا مآسي الحرب.
الروائي اللبناني ربيع جابر هو واحد من تلك الفئة القليلة بلا ريب وأحد ممثليها البارزين. روايته الأولى (سيد العتمة) التي نشرها سنة 1992 وهو في العشرين من عمره فازت بجائزة الناقد للرواية ذلك العام. نشر سبع عشرة رواية ما بين 1992 و2009 أي بمعدل رواية واحدة كل عام. بطبيعة الحال ليست غزارة الإنتاج وحدها هي ما يلفت في كتاباته بل جودتها وغناها وتنوع أجوائها ومشاربها وأساليب كتابتها التي يعرفها من قرأوا أعماله الروائية أو بعضها.
"كان ولداً لم يتجاوز العاشرة خطفوه وقتلوه ورموه ممزق الثياب علي الطريق .." ومن هنا تبدأ الحكاية:(
حكاية مارون.. أو نقدر نقول بديل مارون.. ذلك الطفل الذي قتل المسلحون كل عائلته في أحداث الحرب الأهلية اللبنانية و ذهب ليعيش مع عائلة مارون الحقيقي كبديل لإبنهم الذي قُتل كونه يشبهه كثيراً وأعطوه إسم إبنهم الميت..
يكبر مارون ويعرف حكايته ..يحاول أن يتذكر أي شئ عن حياته السابقة ..عن أمه ..عن أبوه..عن أخواته.. "كنت أجاهد كي أتذكر إسمي الأول..كنت أجاهد كي أتذكر من أكون..الذاكرة خزان فظيع.. بئر عميقة..طبقات علي طبقات علي طبقات .."
يحاول أن يعيش..يحاول أن يتأقلم ..ولكن مين ممكن يتأقلم لو كان في مكانه؟ "أري نفسي اثنين.. كأنني إنشطرت إلي مخلوقين.. كأنني لست انساناً.."
بإسلوب سرد بارع و مختلف ...سلس لكن عميق ومحتاج مزاج في القراءة..بياخدنا ربيع جابر في ١٤٠ صفحة ،هي عبارة عن إعترافات لمارون بيوصف فيها الحرب في لبنان وتأثيرها عليه وعلي عائلته الجديدة ..بيحكي عن مشاعره وذكرياته ..عن صراعه مع نفسه ومع اللي حواليه والتمزق الذي يشعر به .. كلامه مش دايماً مرتب ولكنك حتحس بيه حقيقي جداً و طالع من القلب..كإنه قاعد قدامنا ،بيحكيلك و بيحكيلي...
رواية مؤلمة..مختلفة..رائعة..😍
ثاني لقاء مع ربيع جابر بعد دروز بلغراد اللي معجبتنيش أوي بس أعتقد إن قلم هذا الرجل محتاج قراءة متأنية لأعماله عشان نستمتع بيها وفي الغالب كدة حتحتاج مني قراءة ثانية قريباً..
أعتدنا أن نقرأ روايات عن الحروب مليئة بالصخب والدماء وأصوات العنف والأعمال الشنيعة التي ترتكب و و و غيرها من مآسي الحروب والقتال..
ولكن هذه الرواية ليست كذلك،، نعم رغم أنها تتحدث عن الحرب ولكنها ليست كذلك ببساطة...
لم أشعر منذ مدة بالهدوء التام وأنا أقرء رواية كما حدث لي مع هذه الرواية .. رغم أنها عن مكتوبة عن الحرب.. ولكنها هادئة إنسانية عميقة تثير الذكريات في النفوس ذكريات حزينة تارة وأخرى رقيقة كنسيم البحر،، تعبر عن الجانب الآخر للحروب، الجانب الإنساني ربما أقول الجانب النفسي والإجتماعي، ذلك الطرف من ذاكرتنا البعيد جداً عن الصخب في فترة الحرب..
هذه القراءة الثانية لي لـ " ربيع جابر " وهي رواية راقية ولذيذة كالعادة أشعر معها بروح الأدب وإمتزاجه بالكلمات.. هذا الأديب يكتب بلغة بسيطة جداً ولكن تظهر تفاصيل ممتعة وراء تلك الكلمات تحتاج فقط أن تركز مع تلك الكلمات..
هذه الرواية تتحدث عن الحرب اللبنانية حيث قصة ذلك الصبي الذي ينقذه المسلحون من براثن الموت بعد قتل أفراد عائلته حيث يعيش مع عائلة أخرى وهو يتصور أنهم عائلته الحقيقية ،ويصور ربيع جابر تلك العلاقة مع العائلة الجديدة وأندامجه معهم .. لا يعلم حقيقة عائلته إلا في نهاية الرواية تقريباً ويحاول أن يتأقلم مع المعرفة الصادمة عن حقيقته وكينونته..
يقول في بداية الرواية (وهي طبعاً أكثر جملة مؤثرة وحزينة طبعاً) : " أنا لست أنا، وحياتي ليست هي حياتي وأبي ليس أبي " شعرت بألم حقيقة كبير وأنا أقرأ تلك الكلمات أحسست بما يمكن أن يشعر به شخص يمر بلك المحنة..
A boy talks about his father who is actually not his real father, set against the back drop of the Lebanese Civil War. The summary they give for the book kind of gives away the whole plot but I'm not sure my own summation does any better. It's not really about much else though, the whole book is literally about that though so. I understand that the book is trying to show the horrors of the war and deal with the complexity of family and grief and I can appreciate that but I didn't really get much out of it. I just read it and felt like so? Not sure just couldn't connect with it and not particularly impressed.
- يمكننا تلخيص هذه الرواية بجملة واحدة: انتصار الحب والرحمة على الوحشية والخوف والقتل
- ان يقتل ابن لك، وتبدأ بالانتقام من "الآخر" بعشوائية، ومن ثم ان يرق قلبك لطفل "آخر" لشبه بينه وبين ابنك المقتول، ومن ثم تربيه وتلبسه ثيابه وتناديه بإس��ه و..... هذه قمة الإنسانية في خضم حرب ضروس قطعت اوصار الوطن ولا زالت فاعلة بعد 27 سنة من انتهائها.
ربيع جابر يكتب عن جنون وعبثية الحرب سرد بارع وكأنه يوثق به أحداث الحرب في بلده, بداية من الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 ويعرض ما بعدها من حروب بدون الدخول في التفاصيل في أقل من 150 صفحة استطاع أن يرسم صورة واضحة لأثر الحرب على حياة ونفسية وهوية الإنسان من خلال اعترافات وذكريات الراوي لغة جميلة وسرد قوي وسلس حتى النهاية
أبي كان يخطف الناس ويقتلهم! هكذا ببساطة يبدأ الراوي في سرد تلك الرواية الغريبة رواية من الماضي، من أدغال الذكريات رواية من أعماق الوجع ونزيف القلب رواية صغيرة تتحدث عن حياة أحدهم في وقت الحرب الأهلية اللبنانية كيف تمزق الحروب الأطفال، كيف تُنتزع منهم عائلاتهم ليجدوا أنفسهم بين مصيرين إما يُلقون في الشوارع والملاجئ، وإما تنقذهم أحدى العائلات الحنونة من المصير الأول كان مصير البطل هو المصير الثاني، لكنه أصبح ممزق بين عائلتين بين ذاكرتين إحداهما تسعى إليه حتى بتفاصيلها الصغيرة التي يتعجب كيف يتذكرها والأخرى يسعى هو إليها ويريد اللحاق بها يريد أن يمسك بتلابيبها ليفك طلاسم تلك الرؤى التي يراها ولا يفهم منها شيئًا ولا يستطيع أن يحدد ماهيتها أين رآها؟ متى مرّ بها؟ ومن هؤلاء؟ يظل يُفكر ويُفكر حتى يطن رأسه وتنزف أذنه! هذيان وحالة انفصام في الشخصية واضح حتى في طريقة سرد الذكريات وأعتقد أن هذا هو أكثر ما أبدع فيه الكاتب، فحتى مع التخبط في السرد وعدم ترتيب الأحداث بترتيبها الزمني وقفزك معه بين السطور ومحاولة تركيب الأحداث في ذهنك بترتيبها الزمني لتكون قطعة البازل كما هي إلا إن أكثر ما كان يجذبك هو قدرته على التعبير عن تمزق البطل ما بين شخصيتين وتساؤلاته الحائرة وردوده على نفسه بحالة لا وصف لها من الهذيان اللغة فريدة، جيدة وغريبة لا أعلم إذا كان بها مزج بالعامية اللبنانية أم لغة الكاتب هي ذاتها فريدة لكنها في كل الأحوال جميلة
أنتظر أن اقرأ المزيد لربيع جابر في أعمال أكبر وأغزر وأتمنى أن تكون أفضل أيضًا
When I try to tell you now about what happened back then, the memories merge with what I imagine to be memories.
Confessions is a tight novella that deals with the distorted memory of a stolen childhood spent in a war zone of ever shifting frontlines which, inhabiting the city and dividing it in two, just like Aleppo today, invade the homes and schools and public places, trapping innocent people in a quagmire of violence from which there's no escape. But this is different in a positive way from stock novels, especially from Africa and the Middle East, that tend to be heavy on political stuff, keen to show the unbridled violence whilst relegating characters to the background, to the detriment of literary quality.
But here, however, Lebanese civil war (1975-1990), probably the most chronicled postcolonial conflict in Middle Eastern literature, only serves as a background for the very personal story of Maroun, our narrator, who is suffering from a real loss of identity. His family is killed in a crossfire incident when he was a boy. The killer spares him, brings him home, and raises him like a son as a replacement for his own son who was killed earlier in yet another bout of violence. That's not a spoiler as this is established pretty early on.
The only tangible facts we know is that Maroun is raised in the house of a Phalangist militant, a Christian militia and one of the parties of the civil war, and since he came from the other side of the demarcation line, he belonged to a Muslim family to which he's now completely lost. But I find it refreshing that the writer does not dwell on the metaphysics of religious affiliations and its political consequences for Maroun. This fact does not play a role in shaping his crisis of identity.
A true and personal existential angst overtakes him as he grows up to understand the full scope of his tragedy. He's renamed by the family that raised him after their own boy, thus changing him into a living surrogate of a dead child, a ghastly alter ego, which defines his struggle to find his own self and abandon the identity imposed on him by the killers of his real family.
But is it possible to relinquish his whole life as Maroun so he might go back to reinvent it when he was only six or seven and live himself from there again?
Two people were struggling in my chest, I didn't know who they were, I didn't know how it would all end.
This is the question to which Maroun has no answer.
لم يكن لدي سوى التمسك ولو بغصن شجرة امام هذا النهر الجارف للذكريات الذي التقيته هاهنا، تأملت تلك الذكريات التي تطفو على سطح النهر وتلك التي طمرت بقاعه والتى انزلقت الى طبقاته المتراكمة، وبالنهاية وجدتني مع دفق النه�� كما لو كنت جزء من الحكايات، لا يمكنك ان تفلت من سطوتها ... أتدرون لو ثمة اعتراف لابد من الاقرار به ، فهو إنه يُخيل للمرء إن باستطاعته الإحاطة بالمحتوى الثقيل لوجوده.. هنا ليس بانتظارك حكايات وفقاً للتسلسل الزمني ولا طبعة منمقة ببراعة بل مزيجاً من الحكايات والمنامات ، احتمالات الذاكرة وتحريفاتها، وأكثر اللحظات تفجراً بالحقيقة.. انه يروي الحكايات وبحاجة لمن ينصت الي قلبه اليتيم وتوقه الحزين لمعرفة اسمه؟! ...ترى ماذا كان اسمه ؟؟... عندما كان نائما ، غمرته الدماء إثر سقوط أسرته قتيلة برصاصات الحرب الأهلية، كان هو الناجي الوحيد ولكن فى حقيقة الأمر لم يكن كذلك ابداً....
أفضل الروايات و أجودها تلك التي تثير في نفسك زوبعة من التساؤلات والخواطر المحتدمة ، و هذه الرواية من تلك الخامة ..
فالانطباع الأولي الذي تكونه عنها هو المرارة التي تستدعيها أي ذكرى للحرب ، ببشاعتها و ظلمها و أساها و جراحها التي لا تندمل ، بالأخص حين تغرز أنيابها في قلب الطفولة .
لكن بالغرق قليلاً في القصة تتبدى لك فيها قضية أخرى ، أعقد و أثقل و أكثر التصاقاً بكيان الإنسان ، حيث كان للخط الذي رسمته الحرب الأهلية للفصل بين بيروت الشرقية والغربية أثراً قاطعاً في حياة بطل الرواية ، الذي قذفته يد الحرب في طفولته من (الغربية) ذات الأكثرية المسلمة إلى (الشرقية) ذات الغالبية المسيحية ، فغطّت نشأته الجديدة على كل ذكرياته السابقة و كتمتها ، و كبُر فرداً من عائلة مسيحية ، لا يعي شيئاً من حياته غير انتمائه للشرقية و أيامه فيها ، و وجوهاً ضبابية تزوره في منامه لأشخاص لا يعرفهم .
حينئذٍ ، تدور القصة في مدار الانتماء و الوجود ، هل الإنسان هو أصل أم نشأة؟ اكتساب أم موروث؟ هل نحن ما نعرفه عن أنفسنا أم ما يعرفه عنا الآخرون؟ بالأخص ما حدث للبطل - قبل أن يعرف أصله - حين تقدم لخطبة حبيبته المسيحية و التي كان والدها على دراية بحكايته و منشأه ، فرفضه برغم كل المديح كاله للأسرة التي ربّته كواحدٍ منها .
و الصراع الذي أجاد الكاتب رسم تفاصيله لم يقتصر فقط على الانتماء والاغتراب النفسي ، بل أيضاً انقسام الذاكرة بين ما هو حقيقي و مُتخيّل ، بين التفاصيل النقية و تلك التي تنقشها المخيّلة على سطح الحكاية ، كان هذا الجزء من السرد يُبهرني و يُجبرني على الإشادة بقلم ربيع جابر الذي لم أتصادق معه في لقائنا الأول .
الذاكرة خزان فظيع، بئر عميقة، طبقات على طبقات على طبقات، ماذا تطمر وماذا لا تطمر؟
ما دامت الحرب في الذاكرة فإنها لا تصبح ماضياً أبداً، حروبنا الدائمة هي هويتنا التي نحملها وتحملنا، أنا معجب بلغة ربيع جابر الحميمة كالشعر والقارسة كالريح والمدببة كالرمح، وقليلة الروايات العربية المعاصرة التي قرأتها لغيره
القراءة لربيع جابر منهكة، تخترق عشرات الصفحات من الوصف المفصل لكل ما يدب ويتحرك في الرواية، بينما القصة كلها تدور حول حدث أو فكرة وحيدة، هكذا... تبدو روايات جابر كأفكار جميلة كتبت على عجل !!
ربما موضوع الرواية، وحقيقة أن أحداثها تدور أثناء حرب لبنان، وهو الموضوع الذي أقدر أنه يفتن الكثيرين، ويستثير لديهم الرغبة في فهم ذلكم الصراع الجنوني الذي دمر البلد، هذا ربما ما جعلني أقاوم، وأتحمل الملل الكثيف، وأواصل القراءة، لأرسو كالعادة – مع جابر – على بر غريب، وموحش.
الرواية عن مارون، الشاب اللبناني الذي يتكشف له – ولنا بالطبع -ماضيه، وهو ماضٍ صنعته الحرب وظروفه القاسية، الفكرة جميلة كما قلت، ولها إمكانيات هائلة، ولكنها للأسف كتبت بسرعة، وكأنما الوصف المكثف يصنع كتاباً !! وللحقيقة... هو فقط يزيد الصفحات، ويجعل الكتب تبدو ثقيلة وهي ليست كذلك.
"أعرف أن كُل واحد يظن حياته فريدة ولا تُشبه حياة أخرى. وأعرف أن كُل حياة ثمينة وتختلف تماماً عن كل حياة أخرى. أعرف كُل هذا. لكنني أقول لك: حياتي حقاً مُختلفة."
رواية "الاعترافات" هي التجربة الاولى لي مع "ربيع جابر" رواية صغيرة الحجم لا تتعدى المائة وخمسين صفحة.. تحكي عن الحرب الأهلية التي دارات في لبنان عام 1982.. من وجهة نظر شخص واحد وهو "مارون" -سأكتفي بذكر هذا الاسم حتى لا أحرق أي تفاصيل تخص الأحداث- يحكي مارون حكايته ببساطة وبسرد مُذهل كأنه أمامك.. لا أعلم لماذا شعرت أنه على فراش الموت ويحكي لنفسه لأنه لا يمتلك أحداً.. يهذي رُبما.. الذكريات تختلط وتتداخل.. يتذكر ذكرى قديمة ثم ذكرى حديثة وهكذا دواليك.. فالذاكرة شيء صعب أن تتحكم فيه أن تتطوعه وتنتقي منه ما تُريد وتنسى ما تُريد.. كُل الذكريات التي ظننتها مدفونة ستجدها فجأة وبدون أي مُقدمات ظهرت على سطح عقلك. ذكريات تُعاقبك وذكريات تُسعدك وذكريات تُبكيك لأصحابها الذي لم يعودوا موجودين.. سواء ذهبوا إلى باطن الأرض.. أو إلى مكان أخر في الأرض لا تعلمه.. ولكن مارون يمتلك ذكريات مُثيرة للاهتمام.. مُبكية وحزينة للغاية.. فذكرياته مُرتبطة بالحرب.
"أردت أن أصرخ. كان الألم لا يُحتمل. أعرف وأنت تعرف أن الواحد لا يقدر أن يُخبر ألمه."
الذي زاد من جمال هذه الرواية والذكريات والاعترافات هي الحيرة والربكة التي تمتلكت الراوي وهو يتذكر.. فهو فعلاً اختلط عليه الأمر.. هو فعلاً لا يدري من هو وما ذكرياته الحقيقية وأيهما خيال.. أتلك من حياته الأولى أم من حياته الحالية.. تلك الحيرة هي ما أربكتني وجعلتني ألمس ما يُريد أن يقوله.. أن روحه تائهة.. ويحتاج إلى من يُريح روحه.. وأتمنى أن يكون وجدها في آخر صفحات الرواية وتلك السكينة التي كانت حولها.
رواية رائعة يُنصح بها ولن تكون التجربة الأخيرة لي مع "ربيع جابر" إن شاء الله.
كان الأولى ان يسميها ذكريات لا اعترافات روايه مؤلمه(فعلا انسب وصف) تحكى عن مرحله سوداء فى التاريخ اللبنانى الجميل ربيع جابر كاتب مؤثر ومبدع فعلا استطاع فى الروايه ان ينقل معاناة الحرب بصدق للدرجه الى تشعر فيها انك موجود فى نفس المكان ونفس الزمان روايه جيده
تجربتي الثانية مع ربيع جابر بعد رائعة دروز بلغراد. ربيع جابر يُشبع فضولي الأدبي واللغوي. أتحمّس وأنا أطالع روايته. في الاعترافات يجعلك ربيع جابر لا ترتاب من الذكريات لأنّك ستشعر أنّها جزء منك. هي رواية الحرب، الزمن الأوّل للحرب، الزمن غير المفهوم. مارون... الطفل الصغير، الناج الوحيد من عملية قتل داخل سيّارة ميرسيدس بيضاء تجتاز بيروت الغربيّة نحو بيروت الشرقيّة، هناك عند خطوط التماس قُتلت عائلته ونشأ في عائلة من قتل طفولته. إنّها مفارقات الحرب المزعجة المتمرّدة على مطرقة الواقع وسندان المواريث البشريّة. أن تنشأ طفلًا صغيرًا في كنف عائلة، أن تأكل من خيرها، تتكمّش بها هربًا من الخوف لتكتشف لاحقًا أنّك كبرت في جلباب من خنق عائلتك بوابل رصاص الحرب الأهليّة التي مزّقت حجاب هيكل لبنان. إنّها رواية الذكريات المخيفة. رواية لمن عاصر الحرب الأهليّة جسدًا وربّما عاصر قصصها المروية على لسان من امتهن القتل، ليس بالضرورة قاتلًا، قد يكون قتيلًا. مارون الطفل يريد أن يحكي قصّته، ومارون الكبير يرفض الحديث، يريد أن يُسكت مارون الطفل وألّا يُفتح له فم. هذه الرواية ستقهرك، ستضربك بالأرض مرّات، ستدوس عليك. ستتركك على الأرض، فوق سريرك أو أريكتك وأنت لا تفهم ماذا تقرأ وماذا تتذكّر ولماذا تبكي وترتبك وتغضب وتحنّ وتسأم. حيّرتني هذه الصفحات، ضمّتني وغبتُ في أوراقها الحارّة. شعرتُ أنّها تلفظ اسمي مع كلّ بصقة حبر، تحضن ذكرياتي وتتشمّمها. ربيع لا يكتب الكلمات، بل يقولها، حبره يشع صوتًا. هذه الرواية عبارة عن ذكريات مارون مع والده ووالدته المريضة وشقيقه إيليّا الذي ينخرط والسلاح ظلّه في جبهات مسلّحة تقتل الأخضر واليابس في بلدٍ اجتاحته الفوضى تحت شعار الحرب الأهليّة، ما جعلني أفكّر... هل ثمّة مشجب يربط الأهل بالحرب؟ كيف للحرب أن تكون أهليّة؟ ذكريات مارون تستدعي بقجًا أخرى من الذكريات، ما إن يربّت عليها حتّى تتطاير، كوسادة من ريش نعام. أتممت الرواية، أغمضت عيني وأنا أقدر أن أراني إثنين، كأنّني انشطرتُ إلى مخلوقين، أنا ومارون. رواية عظيمة.
(الاعترافات) اعترافات من؟ هل هي اعترافات مارون أو البطل أو شخص آخر؟ وجدتها اعترافات شعب بأكمله بما خلفته لهم الحروب، كتبها ربيع جابر بأسلوب بسيط جدًا دون اي فذلكة لغوية، وكتبها بدون اي تفاصيل دموية وتفاصيل عن الحرب وسببها وغيرها.
هي قصة مارون أو أي شخص عانى وكان ضحية في تلك الحرب الأهلية أو حتى اي حرب حول العالم جرى عليها مئات السنين أو مازالت تجري.
وجدت بساطة الأسلوب وتنقله الزمني والبعثرة كلها أمور هدمت الرواية فمن خلالها عشنا مع مارون نقف عند صورة مارون نحاول أن ننبش الذاكرة، ونتخبط في ذكرياته دون اي ضياع.
حاول مارون وحاول حتى يعرف اسمه ولكنه لم ينجح حتى نهاية الرواية، فأقتنع بما حصل وجرى له كما حدث مع معظم ضحايا الحروب، فقسم الكيكة نصفين كيكة وكأنه يقول نحن ما قبل الحرب مختلفون عن ما بعد الحرب ولكن كان مذاق الكيكة من أجمل ما ذاق في حياته، وكأنه يقول كل ما حدث ليي جعلني أعيش حياة جميلة ورائعة فهو عاش وكأنه مارون الصغير، وعامله الجميع كأخ وابن.
تعرفت اليوم على قلم مبهر وسلس وهو قلم ربيع جابر، لما تأخرنا كثيرًا حتى نقرأ له، وكم سنحتاج من العمر حتى نكتشف العديد من الكُتاب المبهرين والمبدعين.
مارون..هو لبناني مسيحي( ماروني) نشأ في فترة الحرب الأهلية اللبنانية التي ابتدأت منذ منتصف السبيعينيات وامتدت حتى مطلع التسعينات... يحكي بارتباك محيّر قصته، قصة طفولته الموجعة في تلك الفترة.. توحي كلماته المرتبكة وعباراته المتكررة والتشكيكية الملحقة -غالباً- بسؤال استفهام، بانفصامٍ مزمن في الشخصية! يحاول استرجاع ذاكرته قبل ما يزيد عن الثلاثين سنة، عن والده الذي " لم يعد والده" بعد اندلاع الحرب الأهلية هذه..عن أخيه الصغير " مارون" -يحملان نفس الإسم-الذي لا يذكره! والذي اختطفه العدو في سن التاسعة وعثر عليه مقتولاً. هذا " الأخ الصغير" الذي تقبع صورته الملفوفة بشريط أسود قي قلب حائط الصالون.. لا يعرف إلا أنه أخوه الصغير الذي سيبقى كذلك لأنه لن يكبر أبداً! عن أمه المريضة بالقلب وإخوته الآخرين..عن تلك النظرة من الجميع التي تركز في الفراغ القابع خلف عينيه البريئتين. في هذه الرواية، لا يروي لنا ربيع جابر مساوئ الحرب وأسبابها وسياساتها، بقدر ما يروي عن الإنسان في أتُونها.. فمارون الصغير، والمراهق وكذلك الرجل، رمز للإنسان! بل لمئات اللبنانيين الذين خلفت الحرب آثاراً نفسية لم تمحها السنوات اللاحقة من السلم.. الرواية مثيرة للغاية وفي صفحاتها المعدودة الأولى ستكتشف صدمة في حقيقة مارون لا أريد إحراقها، بعد ذلك ستأخذ الأحداث شكلاً تصاعدياً لا ينتهي إلا بانتهاء الرواية.. لامستني بشكل ما..
أمسكني ربيع من كَتفي،هزني عنيفًا،مرددًا إيايَ بين الماضي والحاضر،الواقع..الحلم..الخيال، والذاكرة يكتب ربيع لي فقط،كما يكتب صديق لصديق،هكذا كنت أشعر ،وهذا ما انا مُتأكدٌ منه بعد ثلاثة أعمال...
يذوب قلبي حين أشاهد التفاصيل التي يحشدها في أعماله،وخصوصًا مشهد مارون وهو يأكل الفول مع النعنع وقطع البندورة ولون مخلل اللفت المميز،تأخذ الاشياء الهامشية دورًا اكبر،لتعطي صورًا حية،نابضة بالحياة وتثير القشعريرة
حكاية كابوسية،الحرب..مآسيها وماتفعله بالبشر فهي و ان انتهت حقًا فلا تنتهي بالنسبة للأشخاصِ الذين عاشوها وشهدوا آثارها الأليمة،ستظل الذكريات الموجعة والكوابيس والظلال تقض مضاجعهم
جاءت الحرب ثم ذهبت،مثل الأخبار وسجلات المفقودين،احترقت أو ضاعت اوفُقدت أو سُرقت او دُمرت ولم ينتبه لها احد أو يُعِرها أحدٌ أدنى اهتمام..
لن اجد ابلغ من العواطف التي كانت تنتابني وانا أقرأ لأعبّر عن مدى حُبّي لهذا العمل وتفاصيله،والشعور الطاغي الذي استمر على مدار مئة وخمسين صفحة،شعور مزيج من الفرح والحسد والغبطة،نقطة ارتكازه يمكن تلخيصها في جملةٍ واحدة "يا ليتني انا من كتبتُ هذه الرواية!!"
"أبي كان يخطف النّاس ويَقتلهم،أخي يقول إنّه رأى أبي يتحول في" الحرب من شخص يعرفه إلى شخص لا يعرفه!"
" أبي كان يخطف الناس ويقتلهم , أخي يقول إنّه رأى أبي يتحوّل في الحرب من شخصٍ يعرف إلى شخصٍ لا يعرفه .
هذا أخي الكبير . أخي الصغير لم أعرفه , أعرف صورته , أعرف وجهه , يشبهني في الصور –كان يشبهني – أكثر مما يشبه أخي الكبير .
أسميه أخي الصغير وكنّا كلنا في البيت نسميه – في رؤوسنا نسميه , حتى من دون أن نذكره ونحن نحكي , كانت صوره تملأ البيت –
ماذا كنتُ أقول ؟ أسميه أخي الصغير ولم يكن أخي الصغير ولكنّه الصغير لأنّه ظل صغيراً , لأنه لم يكبر , لأنهم قتلوه وهو صغير . "
بهذا المقطع .. يفتتح ربيع جاب�� - الروائي الذي أقرؤه للمرةِ الأولى - الاعترافات !
الرواية ذات الغلاف الأسود الذي يناسب تماماً ثيمة الرواية , تحدثت عن الحرب الأهلية في لبنان / حرب السنتين , الراوي يحكي للكاتب حياته / أثناء الحرب , وما بعدها ..
الحكايةُ ليست في الحرب وحدها .. هذا الشخص – مارون - .. مختلف أيضاً ونسيج وحده .
الرواية جميلة , ولغتها سلسلة لينة , ليست بكائية كما يفعل كتّاب المآسي كعادتهم على الورق , بل كان الراوي هادئاً في تفجعه , مؤلماً دون أن يكون بالضرورةِ دموياً .
أقرأُ وكأن الكلام سيرةٌ تحكى لي وحدي , أشعر بحميمية التواصل مع مارون .. ,
أخافُ عندما يغضبُ إيليا, أقفز من سور المدرسة إلى الملعب الذي تتجمع فيه الكثير من الكرات المثقوبة - الملعب المفتوح على جهة النار - و ألمس بانتصار الكرةَ الوحيدة السليمة من رصاص القناصة , أتذوق الفول بمزاجٍ صباحيّ , وأرى شجرة الكرز المزهرة كأنها مزروعةٌ في بيتي .
هكذا أمسكَ ربيع بتلابيب شتاتي ولملمني على روايته . سأقول .. شكراً لهُ لأنه أضاءَ عامي بكتابةٍ سوداء .
كبفَ تستغرق مني رواية عدد صفحاتها 144 صفحة كل هذا الوقت ، تتشابكت أحداث الرواية وتساؤلات البطل مع كل ما يجري من جولنا من حروب وسرده لكثير من وقائع الحرب جعلني أقف طويلا أمام جمل وقصص بعينها لفترات طويلة .
الرواية ليست عن الحرب - الحرب الأهلية اللبنانية بحد ذاتها بقدر ما هي عن مارون - الشخصية التي تروي لنا الأحداث - والذي يحاول البحث عن ذات مفقودة منذ أكثر من 30 سنة وربما أكثر ، عبر أسئلة كثيرة وحياة حافلة . سنوات طويلة قضاها بين أفراد عائلة - خالها عائلته . الأم المريضة والأب الغريب ، والذي كما جاء على لسان مارون ، تتغير شخصيته بشكل مستمر ..وأخ وثلاث شقيقات عاشوا معا أيام الحرب .ليفاجأ مارون بعد أكثر من 20 عاما : أنه في الحقيقة ليس ابن هذه العائلة بل ابن عائلة أخرى و من منطقة أخرى .. تأثرت بالقصص التي رواها ، عن الحرب خاصة وطفولته .. وصفه لمشاعره ، خاصة لحظات الحنين التي تثيرها رائحة ما أو حدث ما ، حنين لشيء لا يعرفه أو لا يستوعبه ، كانت لحظات مليئة بالحزن .. برع الكاتب في وصفها .
كتتبت هذه الرواية بشكل مختلف عن باقي الروايات التي قرأتها للكاتب ..
يسافر الراوي إلى ذكرياته وأحلامه عله يجد نفسه أو على الأقل إسمه. تتقاذفه صور وذكريات الماضي وتجرده من إحساسه بكيانه وهويته الهشة. يصبح بلا انتماء، غريب أينما حل؛ وحيد في بيت يضج بساكنيه. يجد نفسه بين الغرباء في السكن الداخلي. بيروت التي تحتضن كل اللهجات والأطياف، أي كل الغرباء، تحن على قاطنيها ببحرها وشوارعها ومقاهيها ومكتباتها وجامعاتها. تجمعهم وتعطيهم طمأنينة حتى حين تكتظ بروادها أو حين تحرمهم من حقوق بسيطة كالمياه والكهرباء. أحببت كثيرا الشق حين يتحدث عن أيامه الجامعية. أسلوب الرواية على قدر عال من السلاسة ورهافة الاحساس. يبوح الراوي بقصته بطريقة مؤثرة جدا فتشعر كأنك تسمع حشرجة صوت ألمه وضياعه. هذا الراوي الكسير يبوح باعترافاته بأسلوب الstream of consciousness وهذا أسلوب عشقته في روايته 'شاي أسود'. أنهيت الرواية في يوم واحد. على الرغم من حساسية المواضيع والمواقف والأفكار في الرواية، لم أستطع أن أهملها بل أردت أن أقرأ المزيد. هي من الروايات التي لم أرد أن تنتهي. لا زلت أود الغوص في عالمها مع أنها أيقظت في نفسي ذكريات قديمة وأجبرتني على مواجهة حنقي وقهري الأزلي تجاه ماضي لبنان الأسود في الاقتتال. "لا أعرف كيف مرت تلك السنوات علي، أشعر أن قطعا كاملة منها سقطت خارج ذاكرتي من دون أن أنتبه: كأنها وقعت في الضباب الكثيف، وأنا بينما أسير إلى أمام وأحاول أن ألتفت وأرى أين وقعت، أنا بينما أحاول أن أظل موجودا، فقدت تلك القطع، ولعل هذا هو كل ما أقدر عليه. الآن إذا سألتني ما الحقيقي وما المزور من ذكرياتي، أشعر بالخوف: أخاف ألا أميز، أخاف أن أضيع بين شخصين."
أن تظل جالساً طوال ساعتين فقط لتكمل رواية من 144 صفحة ..رواية تتحدث عن الحرب الأهلية اللبنانية و إعترافات مارون ذلك الطفل الذي مات على خط التماس وولد على خط التماس ايضاً ،اعترفاته بلغة بسيطة ولكن معقدة سلسلة لأبعد حد. أن تتمنى لو أن عيناك لا تطرفان حتى لاتتوقف عن التهام الكلمات ..تعمد الكاتب تكرير العبارات ليشعرك بحالة الضياع التي تسكن مارون ...أن تظل تتساءل بعد كل جملة هل حدثت على ارض الواقع ام أن ذكريات مارون خدعتهُ وخدعتنا ..أن تُدرك أن أثر الحروب لا يمكن بشكل من الأشكال أن تختفي فما بالك إن كانت تلك الحروب بين الأخوة ..أن تُدرك أن الحرب الأهليه تجعلنا غرباء و إن كنا شعب واحد ..لا يعرفون من الوطن الا بيروت الشرقية أو الغربية ..
رواية الحرب .. بامتياز، كيف تؤثر وتغيَّر في الشخصية، بكل توتراتها النفسية والعاطفية، استخدم "ربيع جابر" هنا أسلوب "الاعترافات" أو الرسالة الطويلة ذات التفاصيل التي تنهمر من وعي البطل تلقائيًا، ليستعرض فيها حياته كلها في لحظة فارقة .. رواية جيدة إلى حد بعيد . تحتاج ربما لقراءة أخرى
أُحِب لبنان يكتبه ربيع جابر بفوضويته ، بشتاته، بحروبه الكثيرة المُتعِبة . في "الاعترافات" يحكي " ربيع " ذكريات لبنان الدامية في حرب السنتين 1975-1976 ، وذكريات مارون الأخ البديل لعائلة فُجِعت باختطاف ابنها الأصغر ومن ثم قتله ، فوجدت في " مارون " ،الناجي من إطلاق ناري ميداني، عَزائها.
"أبي كان يخطف الناس ويقتلهم. أخي يقول إنه رأى أبي يتحول في الحرب من شخص يعرفه إلى شخص لا يعرفه."
يغوص "مارون" في دهاليز ذاكرته ليُخرج هذه الاعترافات، يستعيد ذكرياته عن الحرب اللبنانية وما قاساه هو وأسرته الصغيرة وقتها، وكيف تحول أبيه منذ اختطاف ابنه الصغير وقتله إلى شخص آخر، فقد عقله أثناء الحرب وأصبح يختطف الناس ويقتلهم!
إنها الحرب وما تتركه من آلام في نفوسنا حتى بعد انتهائها.
تخيل أنك استيقظت يوماً ما ، ووجدت جسدك مُغطى بالجروح والكدمات وتحاول جاهداً أن تتذكر كيف أُصِبت بكل هذه الجروح وكيف تشوّه جسدك بهذا الشكل تخيلت هذا الشعور ؟، أن تشعر أن جسدك تم انتهاكه ولا تتذكر كيف ؟ حسناً ، هنا .. في هذه الرواية ، حدث الأمر ذاته ولكن بدلا ًمن جروح الجسد ، ستجد جروح الروح !!روحك تم انتهاكها
هنا حرب قائمة ، ونفوس شاردة ، ودمار يشمل كل شيء
يأخذنا الكاتب في رحلة داخل عقل " مارون " منذ طفولته إل أن يصير رجلاً في الأربعين من عمره ، يسرد لك العالم الذي كان يعيش فيه بكل أبعاده ، بأدق أدق تفاصيله ، متعرضاً بشكل أساسي لحياته مع أسرته ، وفي الخلفية تدور رَحَى الحرب الأهلية اللبنانية بلا رحمة . يحاول جاهدًا أن يتذكر، يتذكر ماذا ؟ ، لا أعلم ، ولا هو يعلم ، لأنه لايتذكر ! ، تخونه ذاكرته في تذكر تفاصيل هامة من حياته كانت سبباً في تغيير مسارها بينما تتذكر رائحة طعامٍ ما أو شكل بيت أو غرفة أو شكل امرأة لايعلم عنها شيئاً .. إلى آخره من التفاصيل الجانبية الغير هامة بالنسبة له ، ولكن أهي حقاً تفاصيل غير هامة ؟ ، سؤال يسأله لنفسه أيضاً ولا يجد له جواب ، الذاكرة خائنة حقاً
أشد ما أعجبني في هذه الرواية ، طريقة السرد الرواية كلها تدور على لسان "مارون" ، وكأنه جالس أمامك ، يتحدث عن ذكرياته - التي لايتذكرها بالكامل- وأنت تستمع فقط ولا تستطيع أن تعلق بشيئ ، فقط تستمع ،وببراعة يستطيع الكاتب أن يفصل بين مايقوله " مارون " بصوت مسموع لكي يسمعه من يجلس أمامه ، أي القاريء ، و الكلام أو المونولوج الداخلي الغير منطوق الذي يدور في عقل مارون .وببراعة أيضاً يجعلك الكاتب تتأمل تعبيرات وجه مارون في مخيلتك وهو يحكي ، وتشعر بتوهانه في عقله كأنك هو بالضبط ، وكل ذلك لأن الكاتب برع في تقنية السرد التي اختارها من الأساس انتقادي للرواية هو نفس انتقادي لرواية " دروز بلغراد " ، أن الرواية بها الكثير والكثير من التفاصيل ، رغم ما فيها من ألم ، ورغم أنك تعيش مع البطل حالته ، إلا أنك تصاب بالملل رغماً عنك أحياناً بسببها وبخلاف التفاصيل ، هناك كلام عن معارك وحروب وأماكن لن يعرفها سوى اللبنانيين في الغالب ، وبالتالي القاريء الغير لبناني يتعذر عليه تصور هذه الأماكن وينتهي به المطاف معترفأ بعدم فهمه أو عدم تخيله لما يدور
وأول ما تصفحت الرواية حسبت بأن بطل القصة يتحدث مع طبيب نفساني! وكما قرأت ذات مرة ان الذاكرة هي كالبصلة، لا بد ان تبدأ بفتحها طبقة طبقة، وبالطبع توجد في البصلات طبقات البصلة نفسها وأخرى شفافة عندما تريد ان تزيلها لا بد من الحدر لأننا قد نخدش رقتها، ولكن الدماغ كما البصله به ذاكرة قريبة وذاكرة بعيدة والبعيدة هي التي سيخدمها الطبيب وربما لن يستطيع ان يعرف تلك الذاكرة، تختلط الذكريات، أحيانا نربط بين العديد منها لأنها تتناسب مع بعضها، ربما نتذكر حفلا، ولكن هذا الحفل به أشخاص قد حضروا عيد ميلادا واخرون حضروا عرساً وربما هم نفس الأشخاص ولكن الحدثين قد تشابكوا؛ هذا في وقت السلام، ولكن في أوقات الحرب تكون البصلة قد فُرمت، ولن نستطيع ان نعرف هل هذه الذكرى قريبة أو بعيدة، نصبح كالمهلوسين.
لذا عندما قرأت الرواية استطعت ان اؤمن ان الذكرة الإنسانية التي واجهت حربا تختلف عن ذاكرة الإنسان الذي عاش بدون ان يرى دماء أو قتل أو أرهاب ، إذ إنها مفروضة فاختلطت بطريقة لا تعرف ان كانت قادمة أو ذاهبة. لا يوجد مقارنة هنا ولكن ذكرتني القصة بالشاب في قصة "وداعاً أيها السلاح " وكيف كان يتحدث كالهذيان،
هل أستطيع مقارنة القصتين?
أما عن لبنان، وحروبها الدامية، بين مجاميع البشر واختلافاتهم (مذهبية، طائفية ، احتلالية، سنية، شيعية، مارونية، مسيح، أقباط، ووووو وحدث بلا حرج) بلد صغير وجميل ولكن القتال فيه مستمر، ماذا يحدث هنا؟ هل ارادت جهة مجهولة ان تستعمر لبنان فقضت عليه بالمشاكل الدينية؟ لا اعرف! ولكن ما حدث وما لا يزال يحدث سوف يجعلنا مرضى نفسيين
اقتباسات: أتخيل؟ وكيف أعرف الفارق بين الاثنين؟ الذاكرة خزان فظيع،بئر عميقة،طبقات على طبقات، ماذا تطمر وماذا لا تطمر؟
لماذا أخبرك هذه القصة ؟ كيس مملوء عيوناً بشرية! لماذا أخبرك هذه القصة؟ لأنها جزء مني.
في الجامعة وأنا أدرس هيراقليطس استغربت هذه الجملة: "شخصية الإنسان قدره"• ماذا يقصد؟ أليس العكس صحيح أيضا؟ ألا يصنع القدر شخصية الإنسان؟ كل تلك الصدف التي تقع لنا في مجرى الحياة ألا تشكلنا؟ شعرت أن نوافذ لم أعرف بها تتفتح داخلي. شعرت أن أشياء لم أعرفها، أشياء سرية، توشك على الظهور
الآن أعرف أن هذا تذكر وتخيل معا، لكن كيف نفصل بين الاثنين؟
الآن إذا سألتني ما الحقيقي وما المزور من ذكرياتي، أشعر بالخوف::أخاف ألا أميّز، أخاف أن أضيع بين شخصين!
ذكريات محددة تستدعي ذكريات محددة، تترابط بحبال لا نراها لكنها حقيقية
يكتب ربيع جابر من أجلي فقط. أو أنني أقرأ حتى ألتقي بربيع ونصوصه فقط. سيّد النقاط، عدوّ الفواصل. تتجمّع نقاطه مثل جبل على صدري، يخنقني، ويمنعني عن التنفس. لا أشك أبدا في حبّي لربيع. هذه الاعترافات برهنت لي من جديد -بعد عملين أو ثلاثة- أننا أصدقاء، أكثر من اللازم.
لا يمكن لشيءٍ أن يكون أقسى من الحرب. بكيت حين قرأته يصف حقيبة نجوى الأخيرة وهي مفتوحة، تجمّع أشعة الشمس. يذوب قلبي وأنا أفكر في الجمل التي يصنعها! كيف يصف الروائح والصور، ونظرات العيون. كلّ شيء في المشهد يؤثّر -على صغره- بأكبر عنصر. في الأدب تأخذ الأشياء أدوارًا مختلفة. ينقلب كل شيء. الهامشيّ هنا أهم من كل الأحداث الكبيرة. كيف تسقط ورقة خريفية في حين تنطلق رصاصة قنّاص، أقسى من إخبارك أن أحدًا لا يعرفه أيّ أحد قد مات برصاصة.
هذه مهمة الأدب، أن يصنع المشاعر. في الحقيقة ليس الأدب فحسب، بل الفنون على حد سواء. لكن الأدب أولى به أن يفعل هذا، لأن أدواته كثيرة، وقديمة، ومتمكّنة. تعلمت الاستعارة من ربيع. كما علّمني كيف أمنح للنقطة سطوتها، وأصنع جملةً حادة، تجرح.
جاءت الحرب، ثمّ انصرفت. مثل أيّ فصلِ شتاء يمرّ بقرية. ولم ينتبه أحد.
-- أنا مارون . أنا الصبيّ الذي خطفوه. هي الحياة و المعاناة من عين طفل خُطِف بعد قتل أهله ليعيش مع أسرة من خطفوه ، و يلاقي ويلات الذاكرة ، طفل يركّز مع أدقّ التفاصيل ، ذكريات جليّة و أخرى باهتة ، أبدع "ربيع جابر" في وصف معاناة الطفل . -- اللغة السرديّة راقية جدًا . -- الأديب الكبير تستطيع الحكم عليه وتذوّق طعم كلماته من كلمات قليلة يسطّرها ، و هو ما حدث معي عند قرائتي الثانية لابن بيروت. -- شعرت بغصّة في حلقي أثناء القراءة ، و زفرت بارتياح بعد الانتهاء منها . -- كتابات ربيع مُرهِقة ، بكلمات كثيرة جديدة عليّ استمتعت بالبحث عنها في المعجم. -- ثاني قراءاتي بعد"دروز بلغراد" و لن تكون الأخيرة بإذن الله.
" هذه الرواية من نسج الخيال ، وأي شبه بين أشخاصها وأحداثها وأماكنها مع أشخاص حقيقيين وأحداث وأماكن حقيقة هو محض مصادفة من الغرائب ومجرد عن أي قصد "
بهذه العبارة يبتدئ ربيع جابر كتابه .. ولكن .. خلف كل خيال هناك واقع والعكس صحيح ..
قبل أن تبدأ بهذا الكتاب يفضل أن تقرأ قليلا عن حرب السنتين وحرب المئة يوم بلبنان .. طبعا أنا قرأت عنها بعد ما خلصت وحسيت اني جمعت بعض الخيوط التي كانت تنقصني .. حيث ان هذه الرواية تأخذنا في رحلة لطفل نشأ في أجواء تلك الفترة العصيبة ...ليس هذا فحسب بل عانى نزاعا نفسيا " وكأنه انقسم لنصفين " وستعرف عندما تقرأ الرواية ماذا أعنى =))
الرواية تحتوي على أربع منعطفات تأثرت أكثر بنهاية المنعطف الأول وبداية المنعطف الرابع
بعض الاقتباسات :
~" أسميه أخي الصغير ولم يكن أخي الصغير ولكنّه الصغير لأنّه ظل صغيراً , لأنه لم يكبر , لأنهم قتلوه وهو صغير . "
~ " كيف تفهم شخصا يبني الحيطان حوله بلا توقف ؟ "
~ "" الألم هكذا غير قابل للوصف ! "
~ "" الذاكرة تغش الانسان ! "
~ " هناك شخص في داخلي يريد أن يحكي و يحكي و يحكي .. هناك شخص آخر يريدني أن أسكت .. أن أسكت أبديا و ألّا أفتح فمي مرة أخرى "
~ أرى وجوها أعرفها وأرى وجوها غائمة ، كأنها تهرب وراء الضباب ،،! ______ اسلوب الرواية سلس .. أعجبني تسلسل الأحداث ومحاولته في استرجاع تفاصيل الذاكرة النهاية لم تقنعني ولكن لا بأس بها أو ربما أنا لم أفهم .. كتاب خفيف ويصلح للتغيير من الكتب الدسمة ..