What do you think?
Rate this book
714 pages, Paperback
First published October 5, 2016
*** ملاحظات هامة عن الشخصيات ***
"هل يملك المسلمون الإسكندرية فعلا؟ ثم ندت منه ابتسامة المستغرب لما تذكر جبلة وابن ملجم وكنانة وابن عديس: كيف يتحمل هؤلاء سطوة هذه المدينة؟ جبلة لن يري إلا نساءها سبايا محتملات، وابن ملجم لن يراها إلا صروح كفار، وكنانة لن يري إلا غنائمها وأموالها، لكن ابن عديس سيتمني قصرا فيها"
"هل هرقل الذي يريد أن يجمع المذاهب المسيحية المختلفة المتصارعة الممزقة للمسيحيين في أركان الأرض، وينهي خلافاتهم اللاهوتية الفارغة وتنافس رهبانهم وقساوستهم بثرثرات وتقولات وهرطقات ونزف دم وحروب شعوب، ويصنع مذه��ا واحدا جامعا موحدا يؤمن به كل مسيحي علي وجه الأرض، يصبح في نظر هؤلاء الحمقي كافرا؟
ومن يحكم عليه بالكفر؟ مجموعات اهلة وجوقات الفلاحين والصيادين والنجارين في بلد لا يقدر شعبه علي البقاء يوما في حياته دون ان يحتله أجنبي! نسي هؤلاء من منكري الفضل وناكري الجميل بكاهنهم الأناني أن هرقل أنقذهم من حكم الفرس الذين اذلوهم واهانوهم وحاربوا دينهم وقهروا كنائسهم وهدموا اديرتهم. فانتشلهم ملك الروم من وحل الكفرة المحتلين، وحرر بلدهم من دنس نجس، فإذا بهم يردون علي صنيعته برفض مذهبه الذي جمع له كل قساوسة الأرض فاقروه وقرروه، لكن المصريين يعتبرونه كفرا"
"لو جئت هنا بكل صيادي الاسكندرية ومثلوا أمامي واحدا بعد الآخر فسألتهم ماذا تعرف عن الفرق بين مذهب المونوفيسي، ولاحظ انه مذهبهم القبطي يا أبا مريم، وبين ما أدعوهم إليه من المونوثيلي، فلن يعرفوا فرقا واحدا، ولن يجيبوا بكلمة واحدة، فهم جهلة بينيامين المؤمنين، إنهم فقط يرفضون دين الغريب الأجنبي، ما يأتي من الروم كفر ونحن المصريين الذين نفهم في الدين ونؤمن بالمسيح. طيب يا مغفل أنت وهو وما الذي يبدو فارقا بين مذهبينا؟ لا يجيبك. فإن قلت لهم هذا يكاد يكون ذات المذهب، يبتسم الصياد الخبيث ويقول بكل لؤم: إذن دعنا في مذهبنا طالما هو ذات المذهب"
"لما رأي الفسطاطيين وقد ملأوا نواحي بيوتهم بالنساء والولد لم يحس إلا بأنهم باعوا آخرتهم بدنياهم، لكن الدنيا كانت تجهز له خديعتها لتختبره، فقد سافر للارتباع كما يفعل الجميع ليتنزهوا ويمرحوا في الحقول وبيوت الصيف الرطبة الشرحة البرحة، لكنه كان قد نجح في امتحانات لا تطوي أسئلتها أبداً، فهو يذهب لينغص عليهم رفاهتهم، فما يصح للمسلم في بلد جهاد إلا أن يجاهد، فكان يجلس على رؤوسهم وسط مشارب العصائر والتنعم بهواء النيل فيلقي موعظة عن الموت أو يقرأ آيات عن عذاب جهنم"
"نظر عثمان فى الوجوه المشرئبة فعرف حاجة الزحام من الناس كي يطمئنوا. رأي هؤلاء الذين قدم لهم ما يحبون فسمع منهم ما يكره، شهدوا معه الشهد فأنكروه، فتح لهم الدنيا فسدوها في وجهه، أكرمهم بالمال فبخلوا عليه بالطاعة. عرف أنهم قد تشوشوا بالمشائين بين الناس والهمازين الذين أفسدوهم عليه، لكنهم وهم كثير وجميع، يجعلون قلبه وحيدا، حزينا بهم، وحزينا عليهم، ولكنهم يؤرقون ضميره، لعله أخطأ فعلا علي غير ما يعتقد، ولعله ظلم فعلا علي غير ما يؤمن، فما ضره في أن يتوب إلي الله أمامهم كما قال له علي، كلنا خطاءون وهو بشر لا عصمة لديه ولا قداسة. وهؤلاء أصحاب محمد كما أنه صاحبه، وهؤلاء المهاجرون كما هاجر وهؤلاء أنصاره. آه، أين تلك الأيام التي لم تكن فيها يا عثمان مس��ولا أمام ربك إلا عن صلاتك وقيامك وما تنفقه في سبيل الله"
*** ملاحظات عن المشاهد ***
"-افتح يا ابن النابغة
كان صوت مسلمة بن مخلد
صرخ ابن عديس:
-الله أكبر "
"حين نحكي ضباب ذكرياتنا عن تلك الكنائس السكندرية وهي تقرع بأجراسها مع هدير البحر، ووالدي يلفني في معطف صوف ثقيل ويجر أخي الأكبر بيده، وأمي تضع أختي فوق صدرها،ونشتري تلك المشروبات الساخنة والثمار المشوية من الباعة أمام الكنيسة، ونعبر المياه التي تملأ الساحة، ونقفز فوق البرك التي صنعتها الأمطار، ونتفادي الأرض الزلقة، وندخل باب الكنيسة الشاهق فنجد دفء الشموع وشعلات النار المطقطقة في أقماع الحديد المثبتة في أعمدة الكنيسة، والأنفاس الدافئة التي تغمر المكان. الإسكندرية توسم أبناءها يا أبا مريم"
"لم يكن يحب الإسكندرية، قصره فيها منيف مهيب، لو كان ابن أبي سفيان قد رآه ما تركه ولا ترك هذه المدينة، لكنها أستعصت علي قلبه، انتصر فيها ابن العاص مرتين وباتت أمام قومه مدينة لا يقدر عليها ابن أبي سرح، بروجها وحصونها ورومها وقبطها ورملها وعمارتها وبحرها وسفنها وبحارتها وكنائسها وقساوستها وأعمدتها وحدائقها ومصابيحها ومطرها ونواتها أقوي من أن يقدر علي حكمها
يدخلها زائرا كالضيف وهو أميرها، ويخرج منها ملهوفا علي مغادرتها"
"هذا مال لا تستحقه، وعطية فضل من عثمان تغفر خستك ونذالتك معه، وقد أرسلت له بكل ما تفعل وبكذب ما تزعم، لكنه عثمان، أب وأنت عاق، هو طيب وأنت شرير، هو صاف وأنت عكر، هو حكيم وأنت نزق، هو مؤمن وأنت عاص، هو خليفة وأنت أسوأ الرعية"
"لا شيء يجرح نعثل ويدمي قلبه هذه الأيام إلا هؤلاء الذين يتقولون علي خليفة المسلمين ويسمونه بنعثل، هذا الرجل الصالح ما لاقاني يوما إلا ولاطفني وداعبني بشبهه وما تركني يوما بدون معونة ورزق، ويصرف لي راتبا من بيت المال ويرسل لي طعاما وقمحا ولحما أنا وفقراء المدينة مسلمين وأهل كتاب، ما كنا نعيش ونهنأ إلا بكرم وجود وعدل هذا الخليفة"
"ما كان يحق أبداً لهؤلاء أن يجلبوني وسط رجالهم يتضاحكون ويتسامرون ويشيرون علي لحيتي هازئين ويهتفون: ها هو الخليفة نعثل قد حضر"
"أنت لا تري فقراء ينقمون علي عثمان ولا أهل حاجة ولا مسلمين ينشغلون في أعمالهم وصلاتهم، بل كل دخن يخرج من أفواه شبعة نهمة، وكل دخان ينفث من بيوت عز وقصور المدينة الجديدة"
"لكنه لم يقل لابن حمق مايقوله في نفسه، فابن حمق كما ابن عديس وكل هؤلاء الصحابة، يعتبرون أنهم وحدهم من يحددون مسار السيف وجهة الرمح، وليس فيهم من يرغب في مكاشفة أصحابه بأنهم كفرة كخليفتهم عثمان. لماذا لا نطلب منهم أن يبرأوا من عثمان وفعله حتي يتوبوا عن ردتهم ويعودوا إلي حظيرة إسلامهم ولا نتركهم ينهشون في المسلمين كما فعلوا مع عثمان؟"
*** وملاحظة أخيرة عن أسلوب السرد ***
"كانت وجوه الناس تتبدل وتتغير وتتحير وتستفهم وتستغرب وتستنكر وتندهش وتنذهل وتصدم وتخاف وتفزع وتغتاظ وترفض وتأبي وتألم وتحمر وتشحب وتنتفض وتتخشب، وكانت الحناجر تهمس وتهمهم وتتمتم وتصيح وتصرخ وتتحشرج وتعصي وتتوعد وترغي وتزبد
ثم أشار مروان لحراسه أن يرفعوا سيوفهم معه فرفعوها، بينما الناس يتفرق جمعهم، فبعضهم يجري وبعضهم يتردد وبعضهم يتفرق وبعضهم يعند، وجميعهم يصيح
-لنذهب إلي علي"
"استل ابن ابي بكر خنجرا مسنونا مدببا من حزامه وشهره عاليا وتقدم به مندفعا ناحية عثمان يمعن في عينيه، يريد أن يري ذعره فرأي وجه أبيه: أبو بكر وعثمان يقتربان لباب المسجد في نهار صيف قائظ يحثان الخطي لظل سقيفة الجامع، عثمان يقدم تمرا لكف محمد وهو جالس بجوار أبيه أبي بكر قبل صلاة المغرب، وأبو بكر يخبر عثمان بأن محمدا أصغر من صام في أبنائه، فيمنحه عثمان تمره إضافية ومسحة علي الرأس، جنازة أبيه وعثمان بين تماسك الرجال وصلابة المشيعين وحده يبكي دمعا يبلل هذه اللحية"
"-لا حاجة لي في أمركم، أنا معكم، فمن اخترتم فقد رضيت به فاختاروا
قالها مسرعا ومبتعدا، وسمعهم مستغربين متهامسين
-والله لا نختار غيرك
لكنهم قد اختاروا غيره من قبل، فلماذا هذه المرة؟ ولكن أليست هذه المرة الخطرة الأخطر؟ حين يشتد الشد والجذب وينشق الضلع في القلب ألا يكون الأمر في حاجة إلي من يفلق الصبح بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين الحلال والحرام؟ ومن له ذو الفقار غيرك يا علي؟"