ساعة يسحب من بيننا رقم اقصد سجينا موعودا براحة ابدية يسقط كورقة خريف يابسة كرهت بقاءها معلقة دون جدوى وبلا نضارة أو حتى روح تمارس كينونتها طبيعيا. ونحنلا نعلم إلى أين يوخذ؟ أو أي مصير مجهول ينتظره؟
كثيراً ما لفت الدكتور محمد المزيني نظري في مقالاته الصحفيه و تغريداته،و استدعي مني الاهتمام،ولذا فرحت بان اقتني له روايه،انفرادي،ما ان فرغت من الصفحات المية الاولي من الرواية حتي عرفت انني امام كاتب متدفق السرد خصب الخيال شاهق اللغة،ينحت من الألفاظ العربية مشتقات غير مألوفة تنم عن تذوق لغوي و قدرة فريدة، و هكذا وعدت نفسي برواية مميزة،كيف لا وقد بدا رسم شخصية بطل حرم الأمومة و قست عليه زوجة أب مرتين،مرة بالمعاملة العنيفة و اخري بفجورها في غيبة ابيه،ثم حرمته الحياة من ابيه الحنون الذي سجن في حادث قتل ثارا لكرامته،ثم حرمته الحياة من عطف أمه الثانية ثلاث مرات ،الاولي بانتقالها و عائلتها الي مدينة اخري،و الثانية بغضب ابنها حين وجده قد اقتني سيارة من عمله في حسابات مطعم ،و الثالثة بالموت،ثم يقع في حب رومانسي شفاف ،حب بينه -الطفل و الشاب الذي تغتصبه احداث الحياة-،و فتاة ثرية المشاعر و التطلعات نالت نصيبها من التعنيف الجنسي المنزلي علي يد خالها،و هكذا يجتمع ضحيتان للمجتمع،تحفز شيماء حبيبها ليلتحق بالعمل ،و حيث تصبح البلد معنية بتحرير الكويت من صدام ،يجد فرصته صحفيا،و ينجح بسهولة،ليجد يوما نفسه و قد حصل علي ملف سري خلال تغطيته لحادث تدمير قاعدة أمريكية ،و الملف يتحدث عن مخططات أمريكية لحكم المنطقة،و التخطيط لمستقبلها،و تظل هناك إشارة ما ترافقه عبر الرواية الي ما في هذا الملف من مخططات تتحقق يوما بعد يوم،و هكذا يجد البطل نفسه سجينا سياسيا بالتزوير،فمن ترجم له الملف أرسل الي مجلة الحزب الشيوعي اللبناني مقالا باسم صاحبنا ساقه الي سجن مرعب هدم نفسه،و اكل ذاته،و بعد خروجه من السجن نفهم ان المخابرات الامريكية تطارده لاستعادة الملف، هنا ينتهي ثلث لرواية، و هل مثل هذه الأحداث الا قمينة بإخراج رواية عظيمة،لكن...... يخرج البطل من السجن مشتتا،و يعاد للعمل في الصحافة في موقع لا يعد بالتفوق و النجوميه،و هنا يدخل الموءلف أحداثا اقحام معظمها غير منطقي،يتحدث عن الخمر في كل مكان يصل اليه البطل و كذلك فتيات الرذيلة الهاويات و المحترفات،فعم احمد صانع الشاي في الدمام الرجل الطيب بيته بار للخمور،و رئيس تحرير صحيفته في الرياض يمتلك مع بعض الزملاء قبوا للرذيلة الفاخرة و للخمر الفاخر،و التركي بايع الكباب مسوق للخمر الردييء و بيته في سهرات الخميس يصبح مزارا لفتيات من أبناء البلد يردن الجنس مع غير السعوديين،و زميله الصحفي السوداني الذي ياخذه الي جلسات الجاليه السودانية،فيجد نفسه بعدها علي الأقل مرتين في بيوت فقيرة لبعض أبناء الجالية يتاح فيها ممارسة الجنس بحضور الازواج،في جلسات عهر لا تنتهي،... و هكذا تمضي عشر سنوات لم نر فيها شيئا من تطور الأحداث الاولي، الا فقدانه للحبيبة الذي زاد تدمير روحه ،و شعور غريب من اهتمام العمة...... صاحبة القصر به الذي يدفعها لكي يصبح صديقا لقوادها الذي ياتي اليها بفحول الرجال... و فجًّاة ... ترسله الجريدة الي لبنان ليرأس تحرير جريد للفضائح و الموضه، جريده تهرب من الرقابه في السعوديه الي حرية لبنان و تستهدف الجمهور في السعوديه،و هنا يجد صاحبنا التفوق الذي ما فهمنا مؤهلاته ، و يمتع نفسه بسهرات بيروت و صلاته بوجوهها الاجتماعية و بسهوله تعرفه علي كريس التي تتفنن في إغواءه و ترمم فراغ نفسه بما يغرقه في متعها ،و لا ينبه القاريء الي انها طعم المخابرات الامريكيه الباحثة عن الملف له الا السهولة التي تعرف بها عليها،رغم ان مجلته تهدف كما يقول لاستخراج فساد الفنانين بقصد الإصلاح،و هذا يجعلها مجالا خصبا لاصطياد زبونات مثلها،ثم نكتشف ان الصحفيه نجلاء التي توءدي خدماتها لرئيس التحرير لكنها عجزت عن إغواءه انما هي صحفية سعودية تبحث عن حريتها و ما ان تلتحق بجريدة بيروت حتي تجد لها زوجا من مسيحي لبنان تترك معه أسر ريس التحرير،ثم طفرة روائية هائلة ،فشيماء الحبيب الاول هي نفسها العمة التي تبحث لجسدها عن فحول الرجال،جاءت لتنقذه من حبل مشنقة المخابرات الامريكية،التي تديرها الحب الثاني كريس و اخوها المزعوم، و يعطي الكاتب ان لهذه الخلية الاستخباراتية علاقة بمقتل الحريري..... الخ خاب املي في كل الثلثين الذين تليا الثلث الاول فمن بداية مميزة تعد برواية ثرية،جعلنا ننتقل الي مشهيات جنسية حرفية ليس لها مبرر،و اذا كان المقصود ان نقول ان عنوان الطهر المرفوع ليس الا تزويرا في عنوان مبغي فما كان هذا يحتاج الي ان تغادر الرواية تطورها الطبيعي لتصبح مجموعة من الطفرات البذيئة . و رغم ذلك فإنني اري الموءلف يتمتع بطاقة بليغة و تصويرية بارعة جعلت سرده حين يتحدث عن ابطاله و يعبر عن خلجات نفوسهم و تأملاتهم في الطبيعة و الحياة سردا بديعا شاهقا. و اخيرا... وضع الموءلف عنوانا جانبيا....محاولة فهم ما لا يحدث..... ��ل في النهايه ضحك الموءلف علي و أراد بعدم تناسق تطور روايته ان يقول ان كل ما يشاع عن مؤامرات أمريكية تصنع حاضرنا و مستقبلنا انما هو شيء غير منطقي ... مثل احداث روايته؟ ربما .... و هنا يكون الكاتب قد كسب الجولة،لكنني أشك انني ساتحمس لقراءة رواية اخري له.... علي الأقل في وقت قريب