يضم هذا الكتاب بين دفتيه كل ما وصل إلينا من شعر (الإمام الشافعي) هذا الشعر الذي يتسم بالسمة الأخلاقية؛ ولا غرابة في ذلك فهو العالم الفقيه الحافظ المحدث؛ الذي شغلته العلوم القرآنية والدينية عن سواها إلا ما جاء صاباً في الناحية الخلقية أو جانب الدعاء والابتهال أو مورداً حكمة أو مثلاً. وهكذا فإن شعر الشافعي ذو طعم ورائحة يختلفان عن شعر الشعراء الآخرين التقليديين... إنه شعر رجل الدين الذي يقول الشعر ناصحاً موجهاً مؤدباً، ولذا فقد قال الشعر مفتخراً بمقدرته على القريض غير أن الشعر في نظره يزرى بالعلم. ومع ذلك فقد جاء شعر الشافعي في أغراض متعددة تنبع من أفكاره، الداعية إلى الله جلّ جلاه، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد وسمت قصائده بسمة السهولة والبساطة في التعبير والأسلوب.
أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، فقيه وإمام من أئمة أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل أنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض علماً». ولد الشافعي بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو ابن دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي). عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.
كثيرا ما نستشهد بشعر الإمام الشافعى العذب و نحن لا نعلم 01 ضاقت فلما إستحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج 02 ارحل بنفسك من أرض تضام بها ولا تكن من فراق الأهل في حرق فالعنبر الخام روث في مواطنــه وفي التغرب محمول على العنـق والكحل نوع من الأحجار تنظـره في أرضه وهو مرمي على الطرق لما تغرب حاز الفضل أجمعــه فصار يحمل بين الجفن والحـدق 03 سهـري لتنقيـح العلوم ألذُ لي من وصل غانية وطيب عنــاق وصرير أقلامي على صفحاتها أحلى مـن الدّوْكـاء والعشــاق وألذ من نقر الفتـاة لدفهــا نقري لألقي الـرمل عـن أوراقي وتمايلي طربـا لحل عويصـة في الدرس أشهى من مدامة ساق أأبيت سهـران الدجى وتبيته نومـا وتبغي بعـد ذاك لحــاقي 04 إذا المرء أفشى سره بلسانـه ولام عليه غـيـره فهو أحمــق إذا ضاق صدرالمرء عن سر نفسه فصدْرُ الذي يستودع السر أضيق 05 لو كنت بالعقل تعطى ما تريد إذن لما ظفرت من الدنيا بمرزوق رزقت مالا على جهل فعشت بـه فلست أول مجنـون ومرزوق 06 ما حك جلدك مثل ظفرك فتـول أنت جميع أمرك وإذا قصدت لحـاجــة فاقصد لمعترف بفضلك 07 إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا فلا يكن لك في ابوابهم ظــل ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا فاستعن بالله عن ابوابهم كرمـا إن الوقوف على أبوابهــم ذل 08 يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له 09 ثلاث هن مهلكة الأنـام وداعية الصحيح إلى السقام دوام مُدامة ودوام وطء وإدخال الطعام على الطعـام.
- يمتاز شعر الإمام الشافعي بسهولته، قصره (عدم وجود قصائد طويلة)، طرقه للهدف بشكل مباشر، عدم الإطالة والحشو الفارغ وتركيزه بشكل كبير على الأخلاق. وبذلك يصح ان يقال ان شعر الشافعي هو شعر الحكم والنصح، حيث يدل الناس على الصفات الحميدة ويشحذ هممهم على الحق والخير ويعظهم بطريقة سلسة وقريبة لهم!
- بالنسبة لي، شعر الإمام مدرسة بحد ذاتها، اذا ما درست أشعاره فستسغني عن الف كتاب "تربية" من تلك الكتب التي حشوا رؤوسنا فيها!
- مشكلة الديوان في جمعه، فرغم الهوامش التي تحدثت عن بعض القصائد التي من الممكن ان تكون نسبت للشافعي، كان يجب ان يتم التحقيق بشكل اعمق قبل طرح الديوان، خصوصاً ان عدة قصائد واضحة بأنها لا تنتمي للشافعي اسلوباً ومضموناً (من يَزْنِ يُزْنَ به ولو بجداره *** إن كنت يا هذا لبيباً فافهم).
يا الله جمال لا يفوقه أي جمال رضي الله تعالى عن مولانا الإمام الشافعي هذا رجل لا يوجد مثله ولم يوجد مثله أبدًا ما أبلغ ما كتب أعتقد أن ديوانه قد يعين قارئه كثيرًا لمراجعة قواعد اللغة هو مرجع في ذلك لا شك اضطررت أن أراجع معجمي أكثر من مرة أثناء قراءة الديوان تشعر وكأن كلامه درر من الذهب أعتقد أن لا أحد قد يداني عليّ - عليه السلام - في بلاغته، مثلما يدانيه الإمام الشافعي رضي الله عنه ديوان أكثر من رائع، ومن أفضل ما قرأت يومًا من أدب بليغ فصيح موزون. الديوان كله يستحق الاقتباس، ولكني اكتفيت بقصيدة وحيدة في وصف حال الناس، أراها من أبلغ ما قيل في ذلك يقول رضي الله عنه : الناسُ داءٌ دفينٌ لا دواءَ لهم والعقلُ قد حارَ فيهم و هو منذهلُ إنْ كنتَ منبسطاً سمّوك مسخرةً أو كنتَ مُنقبِضاً، قالوا به ثِقَلُ و إنْ سألتهم ماعونَهُم منعوا وإنْ تعففتَ قالوا: قد طغى الرّجلُ وإن تُخالطهم قالوا: بهِ طمعٌ وإنْ تُجبهم قالوا: بهِ مللُ وإنْ تعريتَ قالوا: لا جمالَ له وإنْ تلَبَّستَ قالوا: قد زها الرجلُ وإنْ تصوَّفتَ قالوا: فيه منقصةٌ وإن تزهَّدتَ قالوا: كلّها حِيَـلُ و إنْ تعَفَفتَ عن أموالهم كرماً قالوا: غنيٌّ، و إن سألتَهم بَخِلُوا لقد تحيَّرتُ في أمري و أمرهم لا باركَ اللهُ فيهم كلُّهم سُفلُ
إذا حار أمرك في معنيين * ولم تدر حيث الخطا والصواب
فخالف هواك فإن الهوى * يقود النفس إلى ما يعاب
********
إذا سبني نذل تزايدت رفعة * وما العيب إلا أن أكون مساببه
ولو لم تكن نفسي عليّ عزيزة * لمكنتها من كل نذل تحاربه
ولو أنني أسعى لنفسي وجدتني * كثير التواني للذي أنا طالبه
ولكنني اسع لأنفع صاحبي * وعار على الشبعان إن جاع صاحبه
*******
ما في المقام لذي عقل وذي أدب * من راحة فدع الأوطان واغترب سافر تجد عوضا عمن تفارقه * وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب إني رأيت ركود الماء يفسده * إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب والأسد لولا فراق الغاب ما افترست * والسهم لولا فراق القوس لم يصب والشمس لو وقفت في الفلك دائمة * لملَّها الناس من عجم ومن عرب والتِّبرُ كالتُّرب مُلقى في أماكنه * والعود في أرضه نوع من الحطب فإن تغرّب هذا عزّ مطلبه * وإن تغرب ذاك عزّ كالذهب
*******
لما عفوت ولم أحقد على أحد * أرحت نفسي من هم العداوات إني أحيّي عدوي عند رؤيته * لأدفع الشر عني بالتحيات وأظهر البشر لإنسان أبغضه * كما إن قد حشا قلبي محبات الناس داء ،وداء الناس قربهم *وفي اعتزالهم قطع المودات
*******
إن كنت تغدو في الذنوب جليدا * وتخاف في يوم المعاد وعيدا فلقد أتاك من المهيمن عفوه * وأفاض من نعم عليك مزيدا لا تيأسن من لطف ربك في الحشا * في بطن أمك مضغة ووليدا لو شاء أن تصلى جهنم خالدا * ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيدا
***** مع اختلافي او اتفاقي حوالين بعض النقاط والقضايا اللي ناقشتها اشعار ديوان الشافعي .. الا اني حقيقي بهرت واتاخدت من الجمال دا .. الديوان خطف روحي ابتديت في قراءته الصبح ماعرفتش اسيب الكتاب من ايدي بعدها طول اليوم .. في الشارع .. في المواصلات .. كنت ماشيه اخبط في الناس :) ماعرفتش اسيبه الا لما خلصته وحابه اقراه تاني وتالت وعاشر من جديد <3
كلما أرى حكمة من حكم الإمام الشافعي أو من أبياته أتمنى لو عرفتها كلها فهاهي تأتي ب"ريكومينديشن" مرتبة :D
وكلما أقرأ بيتاً يعجبني أدعو أختي أو كل من أراه بقربي كي يستمع .. كلام بليغ .. مسجّى .. يصلح لكل زمان ومكان ويفيد في تقويم السلوك وتغيير المعتقدات والأفكار عن بعض الأمور يدخل في باب الوصايا الخفيفة النافعة
ولكن وجدت أني عندما أقرأ له حكمة عن طريق المصادفة أتمعن فيها أكثر من كونها مجموعة في ديوان كامل وكتاب :) لإنها تأتي لوحدها وليس مع مجموعة كي لا نزهد .
رحمة الله على أحد أئمة الإسلام وأحد المفكرين الأفذاذ الإمام الشافعى صاحب السيرة العطرة والعلم النافع ديوان رائع ستنتهى منه فى جلسة واحدة لا محالة ليس لصغر حجمه ولكن لعلو قيمته وجمال كلماته وعذوبة ألفاظه ولن اقتبس هنا شيئاً فالكتاب سهل يسير تستطيع أن تنهيه فى أقل من ساعة بمجرد أن تقرأ هذه المراجعة المتواضعة عن كتاب رائع وشعر عذب وسلس. القراءة القادمة ستكون الكتاب الأم لا محالة إذا كان فى العمر بقية.
شعر الشافعي: السهل الممتنع، المنيع المحكم، الحكيم الممتع ❤️ وقد سبق وقرأت له، فليست هذه القراءة الأولى، ولا جديد في مدى إعجابي برصانة شعره، وجمال أبياته، وحكمة معانيه، ولطافة عباراته، لكنها التجربة الأولى للقراءة المصاحبة للشرح، وتفسير الأبيات، وذكر مناسبتها، وتوضيح مفرداتها، وما زادني هذا إلا إيمانا بقناعتي في أن الشعر كالطرائف يجب ألا تفسر كي لا "تمسخ" :/! بالنسبة لشرح الأستاذ. محمد إبراهيم سليم وتعليقاته وتعقيباته، فقد كان أسلوبه بسيطا جدا، وكأنه يخاطب طلاب المرحلة المتوسطة، وقد ذكرني بمادة الأدب حينما كنت أدرسها آنذاك، وإن كان من ميزة لذلك فهي سهولة الأسلوب وتناسبه مع جميع الفئات، لكنه لم يعجبني. مما استفدته من شرحه وتعقيباته، هو توضيح بعض المفردات الغريبة، وإن كانت قليلة، وذلك أن الشافعي رحمه الله كان من القلة التي استطاعت الجمع بين البلاغة في الشعر، مع وضوح المعنى دون إسفاف أو غرابة في المفردات، وكذلك توضيح بعض مناسبات الأبيات، كان ذلك من الإضافات الجيدة التي أضافها. رحم الله الشافعي، فكل ما أتمناه حين أقرأ له، أنني أملك ذاكرة جيدة، تحوي أشعاره وحكمه، لا سيما أن أبياته مما تتميز -إضافة لجمالها ولطافة عباراتها- باختزالها لحكم الحياة ودروسها في عدة أشطر، ولا شك أنك ممن ستصطدم في طريق الحياة بمواقف تحيلك مباشرة لأبيات الشافعي، وتتمنى وقتها لو كنت تحفظ أبياته للاستشهاد والتغني بها، لكن هيهات حالت ذنوبي بيني وبين حفظها، كما أشار بذلك الشافعي في البيت المشهور: شكوت إلى وكيع سوء حفظي ** فأرشدني إلى ترك المعاصي. أخيرا أختم بأبيات عذبة، وابتهالات رقراقة، أوردها الشافعي في مناجاته لله، فيقول: بموقف ذلي دون عزتك العظمى ** بخفي سر لا أحيط به علما بإطراق رأسي باعترافي بذلتي ** بمد يدي أستمطر الجود والرحما بعهد قديم من ألست بربكم ** بمن كان مجهولاً فعلمته الأسما بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها ** لعزتها يستغرق النثر والنظما أذقنا شراب الأنس يامن إذا سقى ** محباً شراباً لايضام ولا يظما
شعر رائع يحمل في طياته حكما جميلة لاحظت تأثرالشافعي كثيرا بالصداقة حيث كان معظم شعره يدور في هذا المعنى ،أيضا نجد أبيات كثيرة تتحدث عن الهم والعلم والرضا بالقضاء والقدر
:من شعره سـهرت أعين ونامت عيون فــي أمور تكون أولا تكون فادرأ الهم مااستطعت عن النفس فحملانك الهموم جنون إن ربا كفاك بالأمس ماكان سيــــكفيك في غد مايكون
وليس كثيرا ألف خل لواحد وإن عدوا واحــــــدا لكثير
وجـــدت سكوتي متجرا فلزمته إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر وماالصمت إلا في الرجال متاجر وتاجـــره يعلو على كل تاجر
تميزت أبيات الشافعي بالحكمة، قوة العقيدة، النصيحة الصادقة .. بخبرات من تجارب عدة بين مخالطة الناس والتأثر بهم والإنعزال عنهم. كذلك ��ي أبيات متفرقة من كل جانب وليست قصائد طويلة. إلا أنها في الغالب ذات عبارات سلسة وكلمات مفهومة لا تحتاج شرح مفصل .. فهي بليغة جداً في الوصف والتعبير.
. .~ إن الحروف لن تساع أن اكتب في هذه الديوان ما يوفيه حقه انه عذب الكلام ومسك المعاني وطيب المقصد و حسن النيه الحكمه تنساب منه مثل قطرات المطر علي ازهار لم تذق طعم المياه منذ سنين يترك في نفسك اثر طيبا ويفتح عينيك علي كثير من الامور الدينيه والدنياويه رحم الله الشافعي بقدر ما اسداه الينا من تجارب وما قدمه في ديوانه من خبرات ونصائح غاااليه لا تقدر بثمن
هذه بعض الورود من بستان الديوان . . نعيب زماننا والعيب فينا
"ولـولا الشعر بالشعراء يزري *** لكنت اليوم أَشعَرَ من لبيد"
صدق، الحمد لله الذي أبدله خيرًا من الشعر ونفعنا بعلمه.. كنت أرغب في رؤية ماذا ينتج عن الفقيه حين يكتب الشعر؟ فوجدت أنه إنسان يكتب الشعر في مواضيع يكتب فيها غيره، لكن سمتها الحكمة، والتركيز، والدعوة إلى الفضيلة، والغربة في طلب العلم، وعزة النفس، وتقدير الصداقة، وبغض الغدر والتلوُّن وغيرهما من المذمومات. لو اقتبست هنا ما أعجبني سأكتب الكثير 21/5/2020 تحديث القراءة الثانية: كان الهدف من هذه القراءة أن أحاول انتقاء بعض الأبيات التي شدتني جدًا في القراءة الأولى ولم أنشط لنقلها هنا أو في أوراقي، لكن هذه المرة وجدت أن الأسهل لي أن اكتب ما لم يَحُز اهتمامي، ولعلي لو فعلتها أعجب به! انتبهت أكثر أيضا إلى تعليقات أ/محمد إبراهيم سليم، كانت جيدة ومتقنة. 16/7/2020
شِعر الإمام الشافعي في نظري منهج حياة، يشمل الكثير مما يحتاجه المرء ليسمو بنفسه، دِينيّا ودُنيويّا. فجُلّ أبياته تندرج تحت خانة الحِكم والنصح والإرشاد، محاولةً دفع الإنسان إلى تغيير حياته نحو الأفضل. وكل هذا نُظمَ ببلاغة مع سهولة الكلمات، وحُسن سَبْكٍ مع وضوح العبارات، متعمدا الإيجاز، وخلو اللفظ من التكلّف والتعقيد، كي يستوعب شعره ويستفيد منه الجميع.
حدّث ابن خزيمة قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: كان الشافعي إذا أخذ في العربية؛ قلت: هو بذا أعلم. وإذا تكلم في الشعر وإنشاده؛ قلت: هو بذا أعلم. وإذا تكلم في الفقه؛ قلت: هو بذا أعلم.
يضم الديوان العديد من الأبيات الشعرية للإمام الشافعي وبعض منها منسوبة إليه، إذ لا يوجد ديوان كامل للشافعي، وكان هذا باجتهاد من بعض المؤلفين.
يسهل جداً أن تعرف أبيات الإمام الشافعي من غيرها، هي تحمل طابع الحكمه وتدعو إلى العلم والزهد والرقي بالنفس وعلو الهمه. أحببت هذا الديوان لأنني اكتشفت أنه يضم جميع الأشعار والاقتباسات التي كنت أجمعها في صغري، ولم أكن أعلم من قائلها،الجميل فيها أنها تتميز بسلاسه العبارة ووضوح المعنى وجمعها لقليل الكلام في بضع حروف. اقتبست الكثير منها ولايتسع المجال هنا لذكرها، لأن هذا الكتاب بأكمله تحفه فنية ومصدر حكمة لاتخبو مهما طال الزمن
بعيداً عن المراجعات التقليدية، دعوني أصدع رؤوسكم بقصتي المملة مع أشعار الإمام الشافعي : حسناً، مالذي شدّني لقراءة ديوان الإمام الشافعي؟ .. أول التقاء لي مع شعر الشافعي - وربما مع اسمه - كان في المرحلة المتوسطة، وكان ذلك من خلال قصيدته عن القدر (وطب نفساً إذا ما حكم القضاء)، ولسبب ما، من بين جميع المحفوظات والنصوص التي حشيت رأسي بها في ذلك الوقت -لكي اجتاز الدراسة طبعاً لا أكثر ولا أقل- كانت تلك القصيدة هي التي بقيت في رأسي منذ ذلك الحين، أما البقية الباقية فقد ذهبت مع الريح غير مأسوفاً عليها. لم تكن الصورة الذهنية التي أملكها عن الشافعي حينها، هي نفس الصورة التي أملكها اليوم، أقصد صورة الفقيه، الإمام، الذي يُعد مؤسس أحد أهم العلوم الإسلامية : علم أصول الفقه، هذا الإمام الذي كان يقول شعراً جميلاً، وتستشف بأنه يقول هذا الشعر متوجساً وعلى مضض، عندما تقرأ بيته المعروف: "ولولا الشعر بالعلماء يـزري لكنت اليوم اشعـر مـن لبيـد"، لا، لم تكن هذه هي الصورة التي كونتها عنه عندما قرأت قصيدته يومها، بل كانت صورتي عنه، تلك الصورة النمطية للحكيم : لحية بيضاء طويلة، وجلباب مُخرّق يُعرب عن أن صاحبه طلق الدنيا بالثلاث، وعصا بنية مدببة في أحد أطرافها، هذا الحكيم الذي عاش منذ دهور وأزمان سحيقة، والذي كان يتفوه بشعر حكيم، بسيط العبارة، وعميق المعنى في نفس الوقت، ومع أنني لم أكن أحب الشعر العربي الذي يملك مفردات صعبة تحس وكأنها من لغة أخرى، هذه المفردات التي يجب أن تشرح معانيها في صفحة بحيالها، إلا أن هذه القصيدة كانت استثناءً لحد بعيد؛ فحتى وإن فاتتك بعض معاني المفردات، فمن السهل أن تفهم المعنى العام الذي يرمي إليه الشاعر، كلمات تشكل في أذنك ذاك اللحن الجميل لقافية الشعر العربي التقليدي، وفي نفس الوقت ذات معاني جميلة وعميقة، هذا الارتباط العاطفي هو الذي شدّني إلى أن أقرأ ديوان الإمام الشافعي كاملاً ،ولحسن الحظ، لم تكن تلك القصيدة هي الوحيدة التي أعجبتني من قصائد هذا الديوان .
إذا رمت أن تـحيا سليماً من الردى ودينك موفـور وعرضـك صيـن فلا ينطقن منـك اللسـان بسـوأةٍ فكلـك سـوؤات وللنـاس السـن وعينـاك إن أبـدت إليـك معايبـاً فدعها وقل يا عين للنـاس أعيـن وعاشر بمعروفٍ وسامح مـن اعتدى ودافع ولكن بالتـي هـي أحسـن
*****************************
مرض الحبيب الحبيب فعدتُـه فمرضتُ من حذرى عليـه وأتــى الحبي�� يعُودنــى فبـرئتُ من نظــرى إليــه
*****************************
إذا امتلأت أيدى اللئيم من الغنى تزايــد كالمرحـاض فـاح وأنتنـا وأما كريم الأصل كالغصــن كلمــــا تحمل من الخير , تزايد وانثنى
*****************************
لَذُل السؤال وهول الممات كُــلاً وجدنــاه طعمــا وبِيــلا فإذا كان لابـد إحـداهـــما فمشياً إلى الموت مشياً جميلاً
*****************************
رأيت القناعة رأس الغِنى فصرت بأذيالها مُمتسِــك فلا ذا يرانى على بابــــه ولا ذا يرانى به منهمــــك فصرت غنيـا بلا درهـــــــم أمُرّ على الناس شِبه الملك
*****************************
أحب الصالحين ولستُ منهم لعلى أن أنال بهـم شفاعــه وأكره من تجارته المعاصــى ولو كنا سواء فى البضاعـــه
*****************************
تبغى النجاة ولم تسلك طريقتــــها إن السفينة لا تجرى على اليَبَس ركوبك النعش ينسيك الركوب على ما كنت تركبه من بغل ومن فرس يــوم القيـامة لا مــال ولا ولــد وضمة القبر تُنسى ليلة العــرس
****************************
أُسلّــم لو أراد الله أمــراً فأترك ما أريد لما يريد. وما لإرادتى وجه , إذا ما أراد الله لى مالا أريد.
هناك سؤال راودني طوال مدة قراءتي هذا الديوان .. لماذا لم آخذ شيئا من شعره حتى الآن وأنا في السنة الرابعة من تخصص اللغة العربية ..؟؟ إن لم نكن نحن خريجي اللغة العربية أخذنا شيئا من شعره فمن أحق منا بذلك ؟؟ غالبا هذه المشكلة ليست مطردة ..ولكن في خطة التخصص بجامعتي شعر الشافعي غير موجود أبدا .. وهنا أتساءل حقا ..إذا كانت الجامعة كذلك لمَ الأساتذة لا يتغنون بشعره كما يتغنى بعضهم بنزار قباني ليل نهار ..!!!
ربما هذا يفتح أعيننا على نهج ينتهجه واضعوا المناهج والخطط وهو أن أي شخص سواء أكان شاعرا أو روائيا،وألقى بظلال إيمانه على أعماله يحاولون دائما إبعاده عن معرفتنا وعن دراساتنا ...وأي عالم في مجال الطب أو الفيزياء أو في مجال الفلسفة أو في أي مجال دائما يختفي ذكر العلماء المسلمين ليبدأوا بالافتخار والتشدق بعلماء الغرب ! والله المستعان ..
✨ أما عن الديوان ... فهذا هو :)
"والشعر هو نبضة قلب قبل أن يكون لمعة فكر ، وهو خفقة حياة قبل أن يكون فكرة ذهن ، وهو حالة نفسية قبل أن يكون قضية فكرية ، وهو ظلال إنسان قبل أن يكون التماع أفكار ، ووسوسة أفئدة قبل أن يكون رنين ألفاظ" - سيد قطب
✨ بعض الاقتباسات::
-"ففي أي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحمن رزق الخلائق"
-"لذل السؤال وهول الممات كلا وجدناه طعما وبيلا فإن كان لا بد إحداهما فمشيا إلى الموت مشيا جميلا"
-"خَفِ الله وارجوه لكل عظيمة ولا تطع النفس اللجوج فتندما وكن بين هاتين من الخوف والرجا وابشر بعفو الله إن كنت مسلما"
-"ولا تأس في الدنيا على فائت وعندك الإسلام والعافية إن فات أمر كنت تسعى له ففهيما من فائت كافيه"