إن غلبة الجديد على القديم لا تتمّ فقد بحدّ السيف وإنما أيضاً بجاذبية الحضارة الجديدة، مادياً وفكرياً وروحياً. فإذا كان الغرب اليوم يُمثّل القيم الإنسانية-نظرياً على الأقل-وإذا كان هذا الغرب يعني العلم والفكر العميق والفن وكذلك التكنولوجيا، فالمسألةُ ليست كما قيل من قبلُ مسألة أخذ ما يصلح لنا، أو مسألة استرجاع قوتنا القديمة كما كانت زمن الخلافة، بل مسألة بقاء في الوجود التاريخي.
إن كل إشكالية الهوية والحداثة والتراث والقومية والإسلام السياسي لا قيمة لها من وجهة الفكر الصحيح. فهي مُنبئة عن عجز في طرح المشاكل وحسم الأمور في الواقع. وهذا مُعطى من التاريخ الحديث، أي من قرون من التأخر طال العالم الإسلامي كله منذ عام 1700 إلى حدود عام 1920 حيث برزت نهضةٌ في مجالات عديدة، إلاّ في مجال الثقافة العليا المبدعة.. فهذه الثقافة العُليا لم تعد إسلامية بالمعنى الدقيق، بل هي ماتت حوالى العام 1500 في رافديها الديني والدنيوي كليهما. ولم يكن هذا بفعل الغرب، ولكن بمفعول انحطاط الطموح الداخلي لهذه الثقافة الذي يجب البحث عن مصدره، ولم يحصل هذا بعد.
ولا يمكن أبداً للعرب والمسلمين أن يلجوا باب الحداثة والمشاركة في العالم المعاصر، إلاّ إذا كوّنوا لأنفسهم طموحاً عالياً في مجالات الفكر والمعرفة والعلم والفن والأدب، وقرّروا بصفة جدية الأخذ عن الغير، وما أبدعته الحداثة في كل هذه الميادين. ______ مقال تركي علي الربيعو عن الكتاب http://www.maaber.org/issue_october04...
زاول هشام جعيط تعليمه الثانوي بالمدرسة الصادقية ثم وفي سنة 1962 تحصل على الإجازة في تاريخ. تخصص في التاريخ الإسلامي وقام بنشر العديد من الأعمال صدرت سواء في العالم العربي أو أوروبا. أحرز سنة 1981 على شهادة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة باريس. وظل حتى آخر حياته أستاذا شرفيا بجامعة تونس، أستاذ زائر بكل من جامعة ماك غيل (مونتريال) وجامعة كاليفورنيا، بركلي وبمعهد فرنسا.
هشام جعيط يعالج مواضيع الثقافة والحداثة والإسلام والعروبة من مواقع مغايرة للسائد النقدي العربي، أشد ما يميز الكتاب هي فصول الفكر الصيني والياباني، أبدع فيها الكاتب. وعدا ذلك يبقى له تميزه في تحليله للنهضة والحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي. أبهرني بعمق رؤيته للحركة الوهابية ولتطور الصوفية في المغرب العربي، ونقده للحركات الإسلامية الذي يبقى الأشد إرباكا لي في كل ما قرأت. هذا الكتاب، كنص شعري، يصلح لقراءات متعدّدة ومتباعدة في الزّمن، لأن ما يطرحه عميق ومربك لكل الوثوقيات، ولايبقى لك إلا أن تحترمه وبعمق مهما إختلفت معه في النتائج التي وصل إليها ..
الجزء الذي تحدّث فيه عن الفكر الياباني و الفكر الصيني كان الأكثر فائدة و متعة بالنسبة لي , الفصول الأخرى لم تكن خلوا من الفائدة و المتعة كذلك , هشام جعيط يقدّك لك زاوية و تفاصيل أخرى خاصة بالنسبة للإسلام في المغرب و علاقتنا بالحداثة , و كذلك في حديثه عن النهضويين و الإصلاحيين , حتى إن اختلفت معه لا تملك إلّا أن تحترم عمق أطروحاته .... منذ زمن كنت أنوي قراءة " الفتنة " و لكن كان القدر في صفّ هذا الكتاب
على الرغم من تحيزه الواضح لفكر الحداثة أبدى المؤلف تعاطفا منقطع النظير وتفهما عميقا لطبيعة المجتمع الإسلامي في صراعه نحو/ضد التحديث كما أن أسلوبه في تلخيص المواضيع والقاء الأحكام الاكثر تعميما يغري بالاقتباس
من الجيد الاستفادة من نقاط مناقشة الكاتب لأمور ووجهات نظر عمومية وذات أثر على الصورة الكبيرة .. أما بخصوص دقائق الأمور وبعض التركيبات المعيّنة .. لربما بعد الزمن أثر عليها وأصبحت خارج نطاق الخدمة الفكرية.
يتحدث الكاتب بإجادة حول نقاط مهمة كالإسلام والسياسة والحداثة .. والنظرة نحو الغرب والشرق .. والتطور الشرقي المخفي .. والتعلّق الغربي .. وحتى يولي للمغرب العربي جزءاً لا بأس به.